تفاصيل الخبر

اليوم العالمي للأمراض النادرة لزيادة الوعي وتحسين امكانية الحصول على العلاج

01/03/2023
اليوم العالمي للأمراض النادرة لزيادة الوعي وتحسين امكانية الحصول على العلاج

شعار اليوم العالمي  للامراض النادرة

 

بقلم وردية بطرس

 

الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي لدى الاطفال الدكتور هشام منصور: من أسباب الاصابة بالأمراض النادرة زواج الأقارب

 

يعد المرض نادراً اذا أصاب واحداً من كل 2000 شخص من السكان، فكثير من هذه الأمراض النادرة أمراض وراثية وتظهر منذ الولادة، وبالرغم من ذلك فبعض الأمراض الوراثية لا تظهر الا في وقت متأخر. هذه الأمراض مجتمعة تشكل عبئاً ثقيلاً وتؤثر في المجتمعات بشكل كبير وواضح. والأمراض النادرة غالباً ما تكون مزمنة وتتطور ويزداد المرض مع مرور الوقت وتحدث للمريض انتكاسات صحية متكررة. كما أن الأمراض النادرة تعطل حياة المرضى في كثير من الأحيان،  وتسبب الألم والمعاناة للمريض وعائلته.

ويُقام احتفال في اليوم الأخير من شهر شباط (فبراير) اليوم العالمي للأمراض النادرة لزيادة الوعي بالأمراض النادرة وتحسين امكانية الحصول على العلاج والتمثيل الطبي للأفراد الذين يعانون من أمراض نادرة...

 

الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي لدى الأطفال الدكتور هشام منصور والاصابة بالأمراض النادرة

 

فما هي الأمراض النادرة؟ وما هي مضاعفاتها وكيفية علاجها؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الافكار" على الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي لدى الأطفال وأيضاً اختصاصي في الأمراض الاستقلابية لدى الأطفال وأمراض الاعاقة الدكتور هشام منصور، وهو متطوع في مؤسسة"سيسوبيل" حيث يعيش معاناة الأطفال مع هذه الأمراض. كما أن الدكتور منصور استاذ ملحق في جامعة البلمند ونسأله:

ما أهمية القاء الضوء على الأمراض النادرة حيث يُقام اليوم العالمي للأمراض النادرة في اليوم الأخير من شهر شباط (فبراير)؟

- المرض النادر أو ما يُسمى بالانكليزية

"Orphan disease"

أو المرض اليتيم، فالتعريب كان خاطئاً لأن

"Rare disease"

هو اسم ديبلوماسين  ولنستعمل

"Orphan disease and orphan drug"

 ما يعني المرض اليتيم ودواؤه اليتيم، ونحن نسميه الأمراض النادرة فكل مرض يصيب أقل من  1 على 200 ألف شخص في العالم. وحالياً يعد 7000 مرض يتيم مكتشف ومثبت علمياً. وما يحصل بهذا المرض أن الشخص يصل الى اعاقة. وفي لبنان لدينا استعداد أكثر من غيرنا للاصابة بالأمراض اليتيمة والنادرة لأننا مجتمع يكثر فيه زواج القربى، ومن هنا أهمية القاء الضوء على هذه الحالة لأنه لدينا أقله أربعة أضعاف من المجتمعات الغربية لأنه عندنا يحصل زواج بين الأقارب بشكل كبير ، حيث لا يزال أبناء قرى يزوجون الشاب من ابنة خالته وعمته وبالعكس، وبالتالي يبقى المرض ضمن العائلة لا بل تزيد حدته أكثر. ومن خلال معاينتي للحالات كوني متخصصاً بالأمراض الاستقلابية والوراثية لدي فكرة عن الوضع في لبنان بهذا الموضوع،  فمثلاً هناك قرى معروفة ما هي أمراضها نظراً لكثرة زواج القربى بين أهلها، وهذا الأمر خطير. فتخيلي أنه يكفي أن يأتيني مريض من قرية معينة ومن عائلة معينة حتى أعرف تشخيص تلك الحالة، وهذه الأمراض لا يمكن التغاضي عنها، فمثلاً اذا حددنا وجود مرض يتيم ضمن عائلة معينة نقدر بكل سهولة أن نتفادى تكرار الحالة حتى لو كان أهل الطفل حاملين السمة الجينية عن طريق العلاجات الجينية.

 

* ولماذا لم يسبق القاء الضوء على هذه الأمراض النادرة التي تهدد صحة الأطفال خصوصاً ضمن العائلات التي يتم فيها زواج القربى؟

- بحكم صعوبة تشخيص هذه الأمراض وندرتها فلا يهتمون كثيراً بالدخول في هذا المجال، يعني أتحدث هنا عن أمراض نادرة،  فالمصابون بها طبعاً يعانون من وضع مادي صعب جداً حيث لا يغطي التأمين الصحي تكاليفها وما شابه، ولسوء الحظ مع التوجه المادي حالياً بكل الاختصاصات بما فيها الطب فهناك هرب من الاختصاصات المزعجة هذا سبب. والسبب الثاني أنه الحمدلله لا تزال أمراض نادرة.

 الدكتور هشام منصور: على الاهل اجراء فحص الوراثة لأطفالهم عند الولادة لتفادي الاصابة باعاقة أو مشاكل أخرى

الأعراض الطبية الى جانب العامل الوراثي

 

* هل من عوامل أو أسباب تؤدي للاصابة بالأمراض النادرة عدا عن عامل الوراثة؟

- بالاجمال اذا لم تكن هناك صلة قرابة فنرتكز على الأعراض الطبية مثلاً هناك أولاً برنامج استقصاء سريري للأطفال حديثي الولادة،  فهنا فنقوم بفحص الدم وهو عبارة عن أخذ دم من قدم الطفل، ويُفحص خلال اسبوعين من ولادته فاذا تبين أنه وراثي نبدأ بالعلاج ونتفادى اصابة الطفل باعاقة ويصبح طفلاً سليماً، الا أن هذا الفحص لسوء الحظ يُجرى على نفقة الأهل، فوزارة الصحة لا تغطي هذا الفحص، مع العلم أن هذا الفحص ينقذ حياة الطفل، كما أن الفحص ليس مكلفاً. ولدينا في لبنان مختبران يجريان هذا الفحص ولكن ما يحصل في المستشفيات الجامعية يعرضونها على الأهل وبدورهم لديهم الحرية باجراء الفحص أم لا، أما المستشفيات الصغيرة فلا تعرضه حتى أمام الأهل. كما  لدينا برنامج "سكرينغ" في مختبرين في لبنان ولكنه ليس معمماً وغير ملزم من الوزارة لكل مريض لأنه ليست هناك تغطية رسمية له، ولهذا يصل الأطفال الينا بعدما يتم تشخيصهم متأخراً ويصبحون بحالة شبه ميتة،  مع العلم أنه بهكذا حالات كان يكفي اعطاء الطفل نظاماً غذائياً خاص أو دواء خاصاً ليعيش حياة طبيعية وطويلة.اً

 

الأعراض

 

* ماذا عن الأعراض؟

- هناك 7000 مرض ، فالأعراض متشعبة جداً ولكن أغلبها  من الممكن أن تحدث على شكل ضمور عضلي أو على شكل ارتخاء عصبي أو على شكل توحد أو على شكل تأخر ذهني،  وبالتالي هذه هي الأعراض الأربعة التي نراها، الى جانب  أنواع أخرى تسبب فشلاً في أعضاء معينة ، ولكن أكثر شيء يكون هناك طفل لا يمشي بالوقت المناسب من عمره على سبيل المثال، بل ان  الطفل يبدأ بالمشي بعمر السنة ولكنه يمشي بعمر الأربع سنوات  مثلاً، وبالتالي الطفل الذي لا يتكلم بعمر السنة أو يمشي بعامه الأول يجب أن يُدق ناقوس الخطر هنا وعلى الأهل البحث عن السبب لعله شيء يتم علاجه، لأن التأخر لا يفيد.

 

توعية الأهل والتشخيص

 

* اذا يجب توعية الأهل بهذا الخصوص؟

- طبعاً يجب توعية الأهل والمجتمع الطبي لأنه لا يزال هناك أطباء يقولون للأهل يمكن للطفل أن يمشي او يتكلم  بسن الثالثة ، بينما الطفل يجب أن يتكلم ويمشي بعامه الأول،  وبالتالي لا يتم تشخيص حالة الطفل بشكل واضح،  لذا يجب أن نفكر بحالة الاستقلابية الوراثية أو المرض اليتيم أو النادر. والمشكلة أيضاً عبر الضخ الاعلامي الخاطىء عن موضوع التوّحد،  فمع أي مشكلة يُصاب بها الطفل يقولون لأهله أنه مرض التوّحد. وحالياً  هناك 70 في المئة من الأمراض التي كانت مسماة خطأ بالتوحد نجد تشخيصها،  فالبعض منها يُعالج والبعض منها نحدد ما هي الجينة لتفادي تكرار الحالة، يعني هناك ضخ اعلامي مخيف باطلاق كلمة توّحد لأي حالة بدون معرفة تشخيص الحالة، لذا لا يجوز للمجتمع الطبي أن يخفي عن الأهل هذا التشخيص بل يجب اعلام الأهل أن لدى طفلهم تأخراً في التواصل وأنا كطبيب أجهل السبب،  وأقول له أنه مرض التوّحد وأخفي عنه الحالة الاستقلابية الوراثية وهذه معلومات مغلوطة، وبالتالي اجراء الفحص اللازم لمعرفة عما اذا الطفل مصاباً بالمرض النادر وعلى أساسه نعالجه بعدما يتم تشخيصه بالشكل الصحيح، خصوصاً في لبنان فان احتمال حدوث مرض نادر يفوق المجتمعات الغربية، لأننا لا نزال نتزوج من أقاربنا بعكس المجتمعات الغربية .

 حملات اليوم العالمي للامراض النادرة

من مضاعفاته عدم القدرة على المشي وفشل الكبد

 

* هل من مضاعفات؟

- الأمراض الوراثية النادرة في حال لم يحظ  بعلاجها فيلحقها تدهور بالحالة وتراجع سريري يعني هناك اشخاص لا يقدروا أن يمشوا وهناك أشخاص يُصابون بالكهرباء وفشل الكبد،  انما لو تم تشخيصه ومعالجته لما وصل الى هذه الحالة. فعلى سبيل المثال هناك مرض "فينيل كيتونوريا"، إذ يُكتب على لوح الشوكولا هذا المنتج لا يحتوي على مادة "فينيل" فهذه حالة عندما يُولد الطفل بدون مشكةل ولم يُعالج لكن في عمر الأربعة أشهر يُصاب بالكهرباء وبعمر الثمانية أشهر بالتأخر تاذهني، لكن اذا أُعطي للطفل نظام غذائي خالي من "فينيل" من وقت الولادة فيعيش حياة طبيعية ويدرس ويتزوج ويعمل، ولكن لسوء الحظ تأخر أهله باجراء فحص الوراثة عند الولادة فشخصوا الحالة بأنه توّحد للحالة قبل سن الخمس سنوات وعندها يكون قد حصل الضرر. ولهذا ننصح الأهل عند ولادة طفلهم أن يطالبوا باجراء فحص الوراثة عند الولادة، وعندما يقولون لهم أن حالة طفلهم هي توّحد بدون تشخيصه ويجب أن يطالبوا بالتشخيص الجيني فهنا دور الأهل والمجتمع الطبي أيضاً لحماية الطفل.فالفحص السريري أمر ضروري فعلى الطبيب أن يفحصه كل شهر ويراقبه، كما لدى الأهل الدفتر الصحي وبكل عمر مكتوب يجب أن يقوم بها الطفل فعليهم أن يطلعوا على الدفتر فعند حصول أي مشكلة يجب التواصل مع الطبيب لمتابعة حالة الطفل.

 

العلاجات متوفرة

 

* هل العلاجات متوفرة في لبنان وهل يحصل المريض عليها؟

- حالياً العلاجات متوفرة بصعوبة كبيرة في لبنان، ففي السابق كان الدواء متوافراً مجاناً لحاملي هذه الأمراض عن طريق الوزارة حيث توفر لهم الدواء. وحتى العلاجات الجينية كانت الوزارة توفرها ولكن للأسف توقفت، لا شك أن تكلفة الدواء كبيرة ودورنا أن نقف الى جانب المريض.

 

* النتيجة تكون أفضل عند الحصول على العلاج بشكل مبكر؟

- طبعاً تكون النتيجة أفضل، فمثلاً الأطفال الذين يأخذون الحليب عن طريق وزارة الصحة لأنهم \لا يستطيعون شراءه ا، مع العلم أن الوزارة كانت توفر الحليب ، يعيش الطفل بشكل طبيعي، وهناك أطفال يموتون بسبب النظام الغذائي بما يتعلق بالانزيم، وبالتالي  نحن هنا نتحدث عن نظام غذائي مخصص لتلك الحالة حيث يكون الحليب مخصص لكي يعيش الطفل بشكل طبيعي. فعلى أهالي المرضى أن يجتمعوا لتوعية زملائهم واخوتهم في المجتمع  ، ونحن في النهاية  نغيش في مجتمع بشري وحتى لو أن مجتمعنا اللبناني اليوم مسروق ومنهوب فلا يعني أننا لا نهتم ببعضنا البعض. فأحد منافع هذه التوعية أن نعرف بأن هناك أشخاصاً في المجتمع ليست لديهم القدرة لتحمل تكاليف الدواء والعلاجات، ومن واجبنا أن نساندهم بأي طريقة وأن نتعاون فيما بيننا.