بقلم وردية بطرس
هشاشة العظام هو مرض يصيب عظام الجسم، ويتميز بانخفاض الكتلة العظمية وتآكل أنسجة العظم مما يعرّض المصاب لارتفاع نسبة اصابته بالكسور عند أداء حركات بسيطة أو تقليدية مثل الانحناء، بل تصل أحياناً لتعرّض عظام القفص الصدري للكسر عند السعال في الحالات المتقدمة.
لا تسبب هشاشة العظام عادة ألم للمصابين بها حتى يعرضوا للكسر. فما أن تُصاب احد العظام بالتمزق يبدأ المريض في المعاناة من آلام شديدة طويلة الأمد، لعل أكثرها شدة الآلام الناتجة عن كسر في العمود الفقري. فهذا المرض قد يعاني من آلام متفاوتة الشدة بين طفيف ومبرح نتيجة ضغط فقرات الظهر على جذور الأعصاب الصادرة من الحبل الشوكي.
ويُعد فقدان العظام لكثافتها أمراً طبيعياً يصاحب التقدم في السن، لكن يحدث لدى بعض الأشخاص أن يكون هذا التأثر بمعدل أسرع من المعتاد، فيعاني من هشاشة العظام ورقتها فتكون أسهل في الكسر. وتصيب هشاشة العظام السيدات والرجال بل والأطفال كذلك، لكن ربما تكون السيدات أكثر عرضة لذلك خصوصاً عند انقطاع الطمث في سن مبكر أو خضوع السيدة الى جراحة استئصال المبيضين. هناك بعض عوامل الخطورة التي من شأنها زيادة نسبة تعرض الفرد للاصابة بهشاشة العظام مثل عوامل تتعلق باضطراب الهرمونات، زيادة افراظ هرمونات الغدة الدرقية، خلل الغدة الكظرية، انخفاض مستوى الهرمونات الجنسية مثل "التستوستيرون" أو "الأستروجين" و خلل الغدة النخامية.
الدكتور فيليب يونس والكسور والفئة الأكثر عرضة للاصابة بهشاشة العظام
فلماذا تزداد نسبة الاصابة بهشاشة العظام خصوصاً لدى النساء؟ وما هي الأعراض والعلاجات؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الدكتور الجرّاح في الدماغ والأعصاب والعمود الفقري الدكتور فيليب يونس ونسأله:
* لماذا تزداد نسبة الاصابة بهشاشة العظام لدى اللبنانيين والنساء خصوصاً؟
- تحدث مشكلة هشاشة العظام بنسبة كبيرة في لبنان وأيضاً على المستوى العالمي. وأكثر سبب يجعلنا نرى ازدياد نسبة الاصابة بهشاشة العظام هو التقدم في السن، لأنه كلما ارتفع معدل عمر الانسان كلما أصبح معرضاً للاصابة بذلك أكثر. ومن المعروف ان هشاشة العظام تصيب النساء أكثر من الرجال خصوصاً بعد انقطاع العادة الشهرية عند المرأة عندها تُصاب بهشاشة العظام، وأيضاً بسبب الهرمونات عند النساء اذ تصبحن معرضات للاصابة بهشاشة العظام أكثر. ولهذا اذا كشفنا عن حالات الكسور عند النساء نجد ان هناك دائماً فرقاً من حيث الاصابة بين الرجال والنساء، ومتى يجب اجراء فحص الصورة للظهر والقدمين والورك للكشف عما اذا كان هناك كسور، حيث تُجرى فحص صورة مخصصة لهشاشة العظام. وعند النساء نقوم باحتياطات قبل الرجال بعشر سنوات، اي انها معرضة للاصابة بهذه المشكلة أكثر من الرجال وذلك وفقاً للدراسات التي تُجرى على المستوى العالمي، وطبعاً بعد تجاوز سن الخمسين تصبح المرأة معرضة للاصابة بهشاشة العظام. وطبعاً هناك أمور تؤثر حيث لدينا لائحة لمن هم معرضون للاصابة بهشاشة العظام ومنها على سبيل المثال اذا كانت هناك مشاكل في الغدة، أو الأشخاص الذين يتناولون دواء "الكورتيزون" او لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الهرمونات او الفيتامينات وبالتالي هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بهشاشة العظام، لهذا نخضع هؤلاء الأشخاص للكشف المبكر وفحص الصورة ونعالج هشاشة العظام بطريقة جدية.
* وهل من أعراض معينة عند الاصابة بهشاشة العظام؟
- لا يشعر الشخص بأية أعراض لأن الاصابة بهشاشة العظام لا تسبب ألماً بالنسبة للمصاب بها، ولهذا من المهم التوعية في هذا الخصوص، حيث يهمنا ان يحمي الناس أنفسهم من الكسور، فكما تعلمين ان الانسان عندما يتقدم في السن اذا أصيب بكسور في الورك فذلك سيؤثر عليه من الناحية الصحية، حيث تتدهور صحته كثيراً ويصبح معرضاً لمشاكل صحية لأنه يلازم الفراش لوقت طويل وبالتالي هو معرض لمضاعفات. من هذا المنطلق التوعية أمر مهم وان تكون هناك علاجات مبكرة والمضاعفات التي تحدث.
التشخيص والعلاجات
* وماذا عن التشخيص؟
- يتم التشخيص عبر اجراء فحص كثافة العظم، وهناك فحوصات دم خاصة تُجرى للعظام وعلى ضوءها نبدأ بمعالجة هشاشة العظام.
* هل هناك مراحل معينة يمر بها المصاب خلال العلاج؟ وبأي الحالات تستوجب اجراء العملية الجراحية؟
- اذا تحدثنا عن موضوع مركز معالجة العمود الفقري اي بما يخص علاج الكسور في العمود الفقري فان نسبة كبيرة من الناس تُحل المشكلة لديهم بشكل مؤقت بدون اجراء عملية جراحية، ولكن هناك أشخاصاً يستوجب اخضاعهم للعملية الجراحية ولكن نحاول ان نعالج المشكلة بدون عملية جراحية من خلال استخدام مشّد خصوصي يُوضع في منطقة الكسور ليمنع تطوره حيث يساعده بتلحيم الكسور، وفي الوقت نفسه ننصح كأطباء بضرورة معالجة هشاشة العظام اي نرسل الشخص لاجراء فحص كثافة العظم، وفي الوقت نفسه نعالج الكسور لأنه في حالة الكسور في العمود الفقري يكون معرضاً أكثر بأربع مرات للاصابة بكسور في الفقرة الثانية، والشخص الذي أصيب بكسور في الفقرة الثانية هو معرض ب 12 مرة احتمال للاصابة بهشاشة العظام، وبالتالي يجب معالجة هشاشة العظام. والجراحة طبعاً نأخذ أمور دقيقة بعين الاعتبار قبل اجراءها من خلال الفحص السريري، اذ وضع المريض يحدد عما اذا يستوجب اخضاعه لعملية جراحية ام لا، ولكن في معظم الحالات يتم معالجة المريض بدون عملية جراحية. طبعاً نحن لا نقول بأن كل شخص بلغ الخمسن من عمره او تجاوزه انه سيُصاب بهشاشة العظام، ولكن كما ذكرت انه كلما تقدم في السن يصبح عرضة للاصابة به.
* وهل يتم الشفاء بعد العملية الجراحية؟
- كما ذكرت في سياق الحديث ان العمل الجراحي لا يعالج هشاشة العظام، اذ لدينا مشكلتان مختلفتان: لدينا مشكلة سببها الرئيسي للاصابة بهشاشة العظام، ومشكلة هي نتيجته الا وهي الكسور. فالعملية الجراحية تساعد المريض للتخلص من الألم لكي يقدر ان يعيش حياته ولكن بعد العملية الجراحية لن ُيشفى المريض نهائياً، ولكن طبعاً معالجة هشاشة العظام أمر أساسي في هذه الحالة. وننصح دائماً بضرورة اجراء التشخيص المبكر. وطبعاً نعرف مدى أهمية الكالسيوم للحفاظ على العظام، والدور الأكبر هو بضرورة توعية المرضى في حال ظهور اي مؤشرات تدل انه مصاب بهشاشة العظام عليه ان يخضع للفحوصات.
أوجاع الظهر والرقبة
* ولماذا تزداد المشاكل في العمود الفقري في يومنا هذا؟
- لا شك ان مشاكل العمود الفقري هي مشاكل العصر فنجد أوجاع الظهر والرقبة خصوصاً مع انتشار الانترنت و
Smartphone"
"لهذا نجد حالات أوجاع الظهر والرقبة عند الناس والمراهقين أكثر من السابق نتيجة سوء استخدام للعضلات والعمود الفقري بطريقة مناسبة وصحيحة، وبالتالي سوء استخدام العمود الفقري سيؤدي الى مشاكل وأوجاع في الظهر فيُصاب بالديسك والتشنجات وكل المشاكل الناتجة عن الجلوس لساعات طويلة، ولهذا يجب ان نحمي العمود الفقري وان يمارس الناس التمارين الرياضية لحماية العمود الفقري. وهناك حالات يمكن معالجتها دون اللجوء الى خيار الجراحة سواء من خلال العلاجات الطبية، التحكم بالتوتر، العلاج الطبيعي واعادة التأهيل، تقويم العظام، العلاج النفسي. بالنسبة الينا كجراحين ليست هناك مشكلة باجراء العملية الجراحية ونرى حالات نجد فيها الناس يشتكون من الآم الظهر او انهم خضعوا للعملية الجراحية ولكنه لم يزل الألم. ولهذا يهمنا ان ينتبه الناس من حيث حماية العمود الفقري اذ هناك سوء استعمال للعمود الفقري او ناتجة عن تشنجات حاصلة بسبب ضغط الحياة او الهموم او الضغط النفسي.