بقلم وردية بطرس
الاختصاصي في أمراض الدم والأورام الدكتور "شيراج شاه": يؤثر التورّم في الأنشطة اليومية بين الناجيات من سرطان الثدي أو يزيد من خطر الاصابة بالعدوى
الوذمة اللمفاوية "Lymphedema"هي تراكم للسائل اللمفي في النسج مما يؤدي الى تورمها. وعندما تتعرض الأوعية اللمفاوية للاصابة أو الانسداد فقد لا يجري تصريف السائل اللمفي بشكل صحيح، وبالتالي فانه يتراكم في النسج مسبباً تورمها. ويمكن للأربطة الضاغطة أو الجوارب الهوائية أن تساعد على تخفيف التورّم. فالعُقد اللمفاوية هي أعضاء صغيرة تأخذ شكل حبة البازيلا، وتقوم بتصفية السائل اللمفي. وتتموضع العُقد اللمفاوية في جميع أنحاء الجسم، الا أنها تكون موجودة بشكل رئيسي تحت الجلد في الرقبة وتحت الذراعين، وفي أعلى الفخذ. وتُعد العُقد اللمفاوية جزءاً من الجهاز اللمفي، والذي يعد احدى الآليات الدفاعية في الجسم ضد انتشار العدوى والسرطان.
واللمف هو سائل يتكون من الماء، وكريات الدم البيضاء، والبروتينات، والدهون التي ارتشحت من الدم باتجاه المسافات بين الخلايا. يجري امتصاص بعض هذه السوائل عن طريق الدم، الا أن الجزء المتبقي يدخل الى الأوعية اللمفاوية. وبعد ذلك يمر السائل اللمفي من خلال العُقد اللمفية، وهي نقاط تجميع يجري فيها تصفية الخلايا المتضررة، والكائنات المُعدية، والخلايا السرطانية من السائل اللمفي، ومن ثم تدميرها. واذا تواجدت كميات كبيرة من الكائنات المُعدية أو الخلايا السرطانية في العقدة اللمفاوية فانها تتورّم. يمكن في بعض الأحيان أن تسبب الكائنات المُعدية عدوى في العقدة اللمفية نفسها.
وتشير الوذمة اللمفاوية الى تورّم الأنسجة نتيجة تراكم سائل غني بالبروتينات يُصرف عادة عبر الجهاز اللمفاوي في الجسم. ويشيع تأثير هذه الحالة عادة على الذراعين أو الساقين، لكنها قد تصيب جدار الصدر أو البطن أو الرقبة أو الأعضاء التناسلية.
وتمثل العُقد اللمفاوية جزءاً مهماً في الجهاز اللمفاوي. وقد تحدث الوذمة اللمفاوية بسبب علاجات السرطان التي تقتضي استئصال العُقد اللمفاوية أو تلحق بها ضرراً. كما قد تنتج الوذمة اللمفاوية عن أي نوع من المشكلات التي تعيق تصريف السائل اللمفي... وقد تؤثر حالات الوذمة اللمفاوية الخطيرة في القدرة على تحريك الطرف المصاب، وقد تزيد من مخاطر الاصابة بالتهابات الجلد ، كما يمكن أن تؤدي الى تغيرات في الجلد وتحلله. وقد يشمل العلاج استعمال الضمادات الضاغطة والتدليك واستخدام الجوارب الضاغطة والضخ الهوائي التتابعي والعناية الدقيقة بالبشرة، وفي حالات نادرة تُستخدم الجراحة لازالة الأنسجة المتورمة أو عمل مسارات تصريف جديدة.
أما أسباب حدوث الوذمة اللمفاوية فهي: عندما لا تؤدي الأوعية اللمفاوية والعُقد اللمفاوية وظيفتها بشكل ملائم تقوم العُقد اللمفاوية بفلترة الدم. وتحتوي العُقد اللمفاوية على أجسام مضادة وعلى خلايا الدم البيضاء التي تكافح السرطان وأنواع العدوى المختلفة في الجسم. ويؤدي الخلل الذي يصيب الجهاز اللمفاوي الى وذمة لمفاوية، ويحدث هذا الخلل لعوامل عدة: تتضمن علاجات السرطان العلاج الاشعاعي وهو ما قد يؤثر على الوظيفة الطبيعية للجهاز اللمفاوي. ما بعد علاج استئصال الثدي تؤدي جراحة استئصال الثدي الى الاصابة بوذمة لمفاوية في الذراع في الجانب نفسه الذي أُجريت فيه الجراحة. كما يمكن للأورام كذلك أن تسد الأوعية اللمفاوية وتوقف تدفق اللمف الطبيعي عير الجهاز اللمفاوي. يمكن للعدوى مثل الالتهاب الحلوي أن تسبب في تلف الأنسجة اللينة المجاورة للأوعية اللمفاوية وهو ما يزيد خطر الاصابة بالوذمة اللمفاوية. وتُعد الطفيليات المجهرية أيضاً سبباً رئيسياً في حدوث هذا الاضطراب، فتلك الطفيليات الشبيهة بالخيط تسبب انسداد الأوعية الدموية مما يؤدي الى حدوث الاضطراب اللمفاوي. الجراحة التجميلية فبعد بعض الجراحات مثل شفط الدهون ستنشأ وذمة لمفاوية.
الدكتور "شيراج شاه" وزيادة الوعي في شهر (أكتوبر)
وضمن اطار الجهود المبذولة عالمياً لزيادة الوعي حول مرض سرطان الثدي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) قدّم مدير الأبحاث السريرية في قسم علاج الأورام بالاشعاع في معهد "كليفلاند كلينيك توسيج للسرطان" الدكتور "شيراج شاه" مجموعة من التوصيات والارشادات حول كيفية الحد من تأثير الوذمة اللمفاوية وهي احدى الآثار الجانبية المحتملة الرئيسة الناجمة عن علاج الاصابة بسرطان الثدي، والتي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي كبير على جودة حياة الناجيات من المرض. والدكتور "شيراج شاه" كان أحد المشاركين في الدراسة التقييمية "PREVENT" أكبر دراسة لتقييم الوقاية من الوذمة اللمفاوية العشوائية والتي نُشرت نتائجها في وقت سابق من هذا العام.
الآثار السلبية
وعن الآثار السلبية يشرح الدكتور "شاه":
تعدّ الوذمة اللمفاوية عبارة عن تورّم ينتج عن تراكم السائل الليمفاوي في أنسجة الجسم ويؤثر بشكل شائع على الذراعين، ولكن يمكن أن تشمل آثاره السلبية أيضاً تورّم اليدين والثديين والصدر والكتف أو جزء من الظهر وكذلك الأطراف السفلية. في الحالة الطبيعية يدور السائل الليمفاوي وينتقل عبر الجهاز اللمفاوي، الا أن الضرر الذي يلحق بالأوعية اللمفاوية نتيجة علاج سرطان الثدي الموضعي أو المنتشر في أنحاء أخرى من الجسم يعد الدافع الرئيسي وراء الاصابة بالوذمة اللمفاوية. ويمكن أن تتطور هذه الحالة بعد شهور أو حتى سنوات من علاج سرطان الثدي.
التدخل المبكر لعلاج سرطان الثدي
وعن أهمية التدخل المبكر لعلاج مرض سرطان الثدي والآثار الجانبية الناجمة عنه يقول:
كلما كان التدخل أبكر قلت احتمالية اصابة المريضة بالوذمة اللمفاوية المزمنة أو التي تستمر مدى الحياة. ولسوء الحظ تعد الوذمة الليمفاوية حالة شائعة نسبياً لدى السيدات الناجيات من مرضى سرطان الثدي، خصوصاً أولئك اللاتي عانين من المرض في مراحل متقدمة وتطلب برنامج علاجهن تشريح العقدة الليمفاوية والعلاج الاشعاعي أو العلاج الكيميائي. ويمكن أن تؤثر الوذمة اللمفاوية بشدة على نوعية وجودة حياة المرأة، ما يسبب لها صعوبة في ممارسة الأنشطة اليومية على نحو اعتيادي مثل: ارتداء الملابس والقيادة والعمل. كما يمكن أن تؤدي الوذمة اللمفاوية أيضاً الى حدوث عدوى أو الاصابة بتورّم شديد وتغيرات دائمة في الأنسجة تحت الجلد مثل السماكة والتندب في حال تُركت دون علاج.
استخدام منهجية التحليل الطيفي اللمفاوية
وعن استخدام منهجية التحليل الطيفي اللمفاوية يقول:
بينما أُستخدمت مقاسات شريط القياس تقليدياً لتقييم ما اذا كانت المريضة تعاني من الوذمة اللمفاوية، مستنداً الى نتائج دراسة "PREVENT" أوصي باستخدام منهجية التحليل الطيفي اللمفاوية والتي تتيح الكشف المبكر عن الوذمة اللمفاوية وبالتالي التدخل سريعاً لعلاجها حيث يتضمن التدخل القياسي مع هذه الطريقة استخدام لباس ضاغط في المنزل، الا أن منهجية التحليل الطيفي هي طريقة غير جراحية لقياس كمية السوائل في جسم المريض، اضافة الى السائل الموجود خارج الخلايا وداخلها بتيار كهربائي منخفض القوة لتحديد المرضى المعرضين للخطر بدقة.
انخفاض في معدلات الاصابة بالوذمة اللمفاوية
وعن انخفاض في معدلات الاصابة بالوذمة اللمفاوية المزمنة لدى النساء الخاضعات للدراسة يقول:
ان دراسة "PREVENT" وجدت أيضاً أن منهجية التحليل الطيفي ساهمت بانخافض ملحوظ ومطلق في معدلات الاصابة بالوذمة اللمفاوية المزمنة لدى النساء الخاضعات للدراسة، الى أنه تم تسجيل انخفاض مطلق بنسبة 11.3 في المئة في نسبة الميل لتطور الحالة الى الوذمة اللمفاوية المزمنة باستخدام العلاج الطبيعي المعقد لازالة الاحتقان كبديل مع استخدام مراقبة منهجية التحليل الطيفي الى جانب التدخل المبكر والملابس الضاغطة.
وختم قائلاً:
نؤكد على أهمية زيادة الوعي بين المرضى والأطباء حول الايجابيات التي توفرها منهجية التحليل الطيفي باعتبارها طريقة منخفضة التكلفة وغير جراحية للكشف عن الوذمة اللمفاوية والمساعدة في معالجة الحالات مبكراً، ما يساهم في تحسين جودة حياة الناجيات ويؤدي الى تحقيق أفضل النتائج الممكنة.