بقلم وردية بطرس
سرطان الدم أو "اللوكيميا" هو نوع من سرطان خلايا الدم والأنسجة التي تنتج خلايا الدم مثل نخاع العظم. في الوضع الصحي الطبيعي تنشأ خلايا الدم في نخاع العظم كخلايا جذعية، وتنضج لاحقاً لتشكل أنواعاً مختلفة من خلايا الدم (خلايا دم حمراء أو خلايا دم بيضاء)، وتنتقل الى مجرى الدم. أما من يعاني من سرطان الدم فيبدأ نخاع العظم لديه بانتاج خلايا الدم البيضاء غير الطبيعية التي تدخل الى مجرى الدم وتبدأ بمنافسة خلايا الدم الطبيعية السليمة، وتمنعها من القيام بوظائفها بالشكل الصحيح. بالنسبة لأنواع سرطان الدم "اللوكيميا" فهي: سرطان الدم الحاد ينمو ويتفاقم بسرعة كبيرة جداً، وقد يهدد الحياة. في هذا النوع يبدأ نخاع العظم بانتاج أعداد كبيرة من خلايا الدم البيضاء غير الناضجة تُسمى Blasts والتي تدخل الى مجرى الدم. هذه الخلايا غير الناضجة تعمل بسرعة على منافسة الخلايا الطبيعية في مجرى الدم، ولا تقوم بوظيفتها في محاربة العدوى أو ايقاف النزيف أو منح حدوث فقر الدم ما يجعل الجسم ضعيفاً جداً. أما النوعان الأكثر شيوعاً لسرطان الحاد فهما: سرطان الدم الليمفاوي الحاد، وسرطان الدم النقياني الحاد.
وأيلول "سبتمبر" هو شهر التوعية بسرطان الدم اللوكيميا.
العلاج الجيني الجديد
ويوضح خبيران من "كليفلاند كلينيك" كيف يساعد العلاج الجيني الجديد القائم على الخلايا المرضى الذين يعانون من أنواع معينة من مرض سرطان الدم، مع استمرار البحث في الحالات المحتملة التي يمكن فيها تطبيق استخدام العلاج على نطاق أوسع.
وبمناسبة اليوم العالمي لمرض سرطان الدم "اللوكيميا" الذي يصادف في شهر أيلول "سبتمبر" من كل عام، يعمل خبراء من "كليفلاند كلينيك" منظومة الرعاية الصحية العالمية على تطوير علاجات مناعية جديدة لأنواع معينة من مرض سرطان الدم مثل "اللوكيميا" الى جانب توسيع خيارات هذا العلاج لمنح الأمل للمرضى الذين فشلت العلاجات الأخرى في احراز تقدم على صعيد علاج المرض لديهم.
ويشير مصطلح "اللوكيميا" الى مجموعة من الأورام الخبيثة التي تتصف بالنمو السريع وغير المنضبط لخلايا الدم غير الطبيعية التي تسمى خلايا "اللوكيميا"، ووفقاً للصندوق العالمي لأبحاث السرطان، يمكن أن يصيب هذا المرض الأطفال والبالغين، كما أنه يحتل المرتبة 13 بين أكثر أنواع مرض السرطان شيوعاً على مستوى العالم.
الدكتور "جان ميلينهورست" والعلاج بالخلايا التائية
بداية يعتبر الاختصاصي في المناعة المتعدية ومدير برنامج العلاج الخلوي والهندسة المناعية الذي تم انشاؤه مؤخراً في "كليفلاند كلينيك" الدكتور "جان جوزف ميلينهورست" (وهو يشغل أيضاً منصب نائب رئيس مركز العلاج المناعي وعلم الأورام المناعي الدقيق في المستشفى) أن العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية يساهم في احداث تحول ملحوظ في المشهد العام للعلاج، حيث يمنح العديد من المرضى المصابين بسرطان الدم مثل "اللوكيميا" أمل الشفاء بصورة دائمة من المرض ويقول:
- يعدّ العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية علاجاً متخصصاً يقوم على استخدام الخلايا التائية من المريض ذاته والخلايا التائية هي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تشكل جزءاً من جهاز المناعة. ويتم خلال برنامج العلاج استخراج الخلايا التائية وتعديلها وراثياً حتى تتمكن من التعرف الى الخلايا السرطانية وتدميرها قبل أن تتكاثر وتعود الى مجرى الدم.
الآثار الجانبية
وعن الآثار الجانبية يشرح الدكتور "ميلينهورست":
- في حين أن العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية قد منح العديد من المرضى أملاً جديداً بالشفاء، الا أنه لا تزال هناك الكثير من التحديات التي يجب التغلب عليها في ادارة العلاج ولا سيما فيما يتعلق بتكلفته التي ربما تكون أعلى مقارنة بالعلاجات الأخرى. بالاضافة الى ذلك من المحتمل أن تكون لهذا النوع من العلاجات آثار جانبية خطيرة. وقد يحد ذلك من امكانية الوصول الى العلاج، لذا يجب أن يُعطى للمرضى الداخليين ضمن مركز متخصص يمكن فيه ادارة الآثار الجانبية التي قد يعاني منها المريض. نحن نعمل مع جامعة "كيس ويسترن ريزيرف" في "كليفلاند" اضافة الى جهات أخرى ونتعاون مع العديد من الشركات المصنعة لايجاد حلول للكثير من المسائل مثل امكانية الوصول والسلامة والتكاليف. أعمل وفريقي أيضاً على تحسين فعالية العلاجات الحالية بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية، اضافة الى تطوير أشكال جديدة لمجموعة واسعة من أنواع سرطان الدم وأمراض أخرى من السرطان.
الدكتور "كريغ سوتر" والعلاج الكيميائي السام للخلايا
وعن العلاج الكيميائي السام للخلايا يقول الدكتور "كريغ سوتر" الاختصاصي في أمراض الدم ومدير زراعة الدم والنخاع في "كليفلاند كلينيك" الذي استخدم بنجاح العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية لمعالجة الكثير من مرضى "اللوكيميا" وأنواع أخرى من مرض سرطان الدم بعد فشل علاجات أخرى... ويبقى العلاج الكيميائي السام للخلايا بمثابة المعيار الرئيس للرعاية في العلاج الأولى للكثير من مرضى سرطان الدم الحاد أو "اللوكيميا" بهدف مساعدتهم على الشفاء. وفي الحالات التي فشل فيها العلاج الكيميائي من المستوى الأول او العلاجات الأخرى، فإن الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية توفر خياراً علاجياً محتملاً آخر للمرضى المصابين بمرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد للخلايا التائية. ووفقاً للمؤشرات التي حازت موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية، فقد أثبت هذا العلاج أنه أكثر فعالية من المعيار السابق، والذي كان عبارة عن جولة أخرى من العلاج الكيميائي.
المنتجات التجارية للعلاج بالخلايا التائية
وعن المنتجات التجارية للعلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية يقول:
- لقد وافقت ادارة الغذاء والدواء الأميركية على المنتجات التجارية للعلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية لأنواع كثيرة من مرض سرطان الدم بما في ذلك مرض ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد لدى المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاجات الأخرى أو الذين تعرضوا للانتكاس بعد فترة من شفائهم. وتجري مؤسسات طبية مثل "كليفلاند كلينيك" تجارب سريرية للعلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية لعلاج مرض ابيضاض الدم النخاعي الحاد.
ويتابع:
- يعد مرضا "ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد" و"ابيضاض الدم النخاعي الحاد" نوعين من أربعة أنواع رئيسة لمرض سرطان الدم. ويُصنف مرض سرطان الدم على أنه "حاد" أو "مزمن" بناءً على سرعة انتشار المرض في الجسم، وعلى أنه "نخاعي" أو "لمفاوي" اعتماداً على ما اذا كانت خلايا سرطان الدم تنشأ من الخلايا النخاعية، التي تتطور في نخاع العظام أو من الخلايا اللمفاوية والتي ترتبط بجهاز المناعة.
استخراج الخلايا اللميفاوية من المرضى
وعن استخراج الخلايا اللميفاوية من المرضى يشرح:
- الخطوة الأولى ضمن برنامج العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية تتمثل في استخراج الخلايا الليمفاوية من المرضى ومن ثم ادخال فيروس غير نشط يقدم تعليمات وراثية جديدة للخلايا التائية لبدء انتاج مستقبلات مستضدات خيمرية (وهمية) تستهدف البروتينات التي تعيش على الخلايا الخبيثة. وبعد ذلك يأخذ الباحثون مجموعة صغيرة من الخلايا التائية المعدلة حديثاً ويحفزونها على النمو والتكاثر حتى يكون هناك ما يكفي لاستهداف الخلايا السرطانية بشكل فعال. ويقوم بعد ذلك الأطباء بتجميد هذه الخلايا وتخزينها حتى يكون المريض جاهزاً لاستقبالها. ويتم خلال عملية التحضير للتسريب الوريدي للعلاج، اعطاء المريض شكلاً مخففاً من العلاج الكيميائي لمنع الجهاز المناعي من رفض الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية.
الآثار الجانبية
وعن التعامل مع أي آثار جانبية يشرح:
- ان معظم المرضى يحتاجون الى البقاء في المستشفى لمدة أسبوع الى أسبوعين حتى نتمكن من مراقبة استجابتهم للعلاج والتعامل مع أي آثار جانبية. وتعتبر متلازمة اطلاق "السيتوكين" والمشكلات العصبية مثل الصداع أو الارتباك أو صعوبة التحدث خلال فترة العلاج أكثر الآثار الجانبية شيوعاً للعلاج باستخدام الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية.
ويتابع:
- على الرغم من أن العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية لا يزال في مرحلة مبكرة، لكنني متفائل بحذر بشأن امكاناتنا. ربما في المستقبل ونتيجة المزيد من الأبحاث والدراسات التي تجري بعناية، تكون هناك فرصة لتحديد المجموعات المعرضة للخطر من المرضى والتي قد تستفيد من العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الوهمية بدلاً من العلاج الكيميائي في المراحل الأولى من برنامج العلاج. كما أن امكانية توسيع نطاق تطبيق هذا العلاج على أشكال أخرى من مرض السرطان تعد أمراً مثيراً للغاية.