تفاصيل الخبر

لماذا يمتنع ميقاتي عن توقيع مراسيم استعادة  565 مغتربا لبنانيا جنسيتهم الاصلية؟

22/03/2023
لماذا يمتنع ميقاتي عن توقيع مراسيم  استعادة  565 مغتربا لبنانيا جنسيتهم الاصلية؟

الرئيس نجيب  ميقاتي مع النائب جبران  باسيل في لقاء سابق

 

في الوقت الذي اعلن فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن زيارته الى الفاتيكان ولقائه البابا" فرنسيس"  وكبار المسؤولين في الكرسي الرسولي، خرج " تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل بتغريدة طلب فيها من ميقاتي، قبل ان يزور الفاتيكان ويبحث مع البابا في مواضيع تهم لبنان عموما، والمسيحيين خصوصا، عليه توقيع 565 مرسوما لمغتربين طلبوا استرجاع جنسيتهم عملا بالقانون الذي اقره مجلس النواب في 12\11\2015  بهدف تمكين المغتربين والمتحدرين من اصل لبناني من استعادة جنسيتهم وفق الشروط المحددة في القانون. لم يرد مكتب ميقاتي مباشرة على النائب باسيل بل اتى رده شاملا من دون الاشارة الى المراسيم الـــ 565 القابعة في جوارير الامانة العامة لمجلس الوزراء في السراي  الكبير منذ ما يزيد عن سنة ونصف السنة، علما ان اكثرية هؤلاء هــــم من المسيحيين الذي قــــال باسيل ان ميقــــاتي" اعترف بعضمة لسانه انه رفض التوقيع لهذا السبب". فما هي قصة هذه المراسيم، واين الحقيقة في كلام باسيل ورد رئيس الحكومة؟

بداية لا بد من الاشارة الى ان الخلاف بين ميقاتي والنائب باسيل بلغ في الآونة الاخيرة حدّ اللارجوع منذ ما قبل انتهاء عهد الرئيس ميشال عون وفي مرحلة الشغور الرئاسي، ولم يترك باسيل اي وسيلة الا واستعملها للهجوم على ميقاتي سياسيا واعلاميا، فنشأ على اثــــر ذلك " سجال" شبه يومي بين السراي وميرنا الشالوحي استعملت فيه كل الاسلحة المضادة التي "اغنت" وسائل الاعلام بالكثير من " الدرر" اللاذعة التي تبادلها الطرفان. ولم يكن في الامكان القيام باي دور وسيط بين الرجلين على رغم محاولات عدد من الاصدقاء المشتركين التوسط لوقف  الردح" بين الموقعين الذي سقطت فيه " محرمات" كثيرة. الامر الثاني الذي يجب الاضاءة عليه هو ان الالتباس الذي وقع فيه الكثيرون بين" تجنيس" اجانب و" استعادة لبنانيين جنسيتهم" مرده الى عدم فقه بعض السياسيين والاعلاميين في الفارق بين الامرين. فالتجنيس يصدر بمرسوم ويشمل اشخاص غير لبنانيين يسعون لكسب الجنسية اللبنانية عن حق او عن غير حق، فيما استعادة الجنسية اللبنانية تتم بموجب قانون اقره مجلس النواب في اطار تعزيز التلاحم بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، وتمكين اللبنانيين الراغبين باستعادة جنسيتهم الاصلية ان يحصلوا عليها وفقا للقانون ومن دون اي استنساب.

 مغتربون يقترعون في سفارة لبنان في فرنسا

غموض السراي.... ومبررات باسيل

لا يعطي فريق رئيس الحكومة اجابات واضحة حول الاسباب التي تبرر عدم توقيع الرئيس ميقاتي على المراسيم المجمدة في الامانة العامة لمجلس الوزراء على رغم استيفائها كل الشروط المطلوبة المحددة في القانون الذي يرعى عملية استرجاع الجنسية، ويرفض الفريق الحكومي شرح الاسباب وعما اذا كانت لحسابات طائفية ومذهبية كون غالبية الذين تقدموا بطلبات لاستعادة جنسيتهم، من المغتربين المسيحيين، لكن غياب التبرير المنطقي والواقعي يفتح الباب امام قبول الاستنتاجات ولاسيما الشق الطائفي، وهذا ما يلمح اليه النائب باسيل على رغم ان مكتب ميقاتي يقول ان باسيل " يهوى هذا النوع من الحديث البعيد عن السلوكيات الوطنية والسياسية والاخلاقية ولا  يستسيغ الى اللغة الطائفية وتشويه الحقائق". اما فريق النائب باسيل فيرد بالوقائع انطلاقا من السؤال الذي كان وجهه باسيل الى الحـــــكومة في 19 كــــانون الثاني ( يناير) 2022، اي في زمن كان فيه الرئيس ميشال عون لا يزال في قصر بعبدا، واحيل الى الحكومة في 26 من الشهر نفسه، وجاء في السؤال يومها: لما كان المتحدرون من اللبنانيين المسجلين يرغبون بالحصول على الجنسية اللبنانية ولكنهم يصطدمون بعقبات وتعقيدات عدة بسبب تراكم الأجيال وتعدد المستندات المطلوبة وغالباً غير متوافرة، ولما كان الاغتراب اللبناني ثروة لبنان الكبرى ويستحق اهتمام المسؤولين على كل الأصعدة، ولمّا كان مجلس النواب أقرّ اقتراح قانون تحديد شروط استعادة الجنسية اللبنانية بتاريخ 12/11/2015، وعملياً لتمكين المغتربين والمتحدرين من أصل لبناني باستعادة الجنسية ولمّا كان القانون وضع آليّة مبسطة لاستقبال الطلبات والتعامل معها ضمن مهل محدّدة، ولمّا كانت الطلبات تحال من البعثات اللبنانية إلى الخارجية التي تحيلها إلى وزارة الداخلية ومنها إلى المديرية العامة للأمن العام التي تحقق فيها، كل ذلك ضمن مهل موجزة، ولمّا كان القرار يناط في نهاية المطاف بلجنة مصغرة مكونة من ثلاثة أشخاص أحدهم قاضٍ و ترفعه الى رئاسة المجلس الوزراء لإصدارها بمرسوم، ولمّا كانت المراسيم تصدر بانتظام منذ أيّار 2017 لغاية نيسان 2021، ولمّا كانت اللجنة المذكورة أعلاه قد رفعت 432 مرسوم الى رئاسة مجلس الوزراء للتوقيع عليهم، ولمّا كانت الحكومة لغاية اليوم لم تصدر هذه المراسيم، ولمّا كانت الجنسيّة حقّاً للمغتربين اللبنانيين في الخارج، من هنا نتوجّه الى الحكومة بالسؤال الآتي: ما الأسبا الموجبة لعدم إصدار المراسيم المتعلّقة باستعادة الجنسية؟".

وتقول مصادر " التيار الوطني الحر" ان المراسيم المطلوب توقيعها من صلاحية الحكومة ووزير الداخلية ولا ترتب اي اعباء مالية على الحكومة وهي مراسيم تنفيذية لقانون صادر عن مجلس النواب. وهؤلاء الاشخاص الـــ 565 يتحدرون من ام واب لبنانيين وبالتالي لهم الحق بالجنسية مئة بالمئة خصوصا ان طلباتهم استوفت كل الشروط المحددة بالقانون. لذلك، تضيف المصادر نفسها بان الرئيس ميقاتي  يمتنع عن التوقيع لاسباب طائفية تتناقض مع حق طالبي اكتساب الجنسية وفق القانون، فهل يمكن ان يعلق رئيس الحكومة تنفيذ القانون؟

لن يكون من السهل الحصول على جواب واضح في هذا المجال خصوصا اذا ما تمسك الرئيس ميقاتي في عدم ايضاح الاسباب، لكن من الواضح ان هذا الملف قد يأخذ بعدا طائفيا ومذهبيا، يضاف الى الابعاد التي تتزايد يوما بعد يوم، علما ان مسائل التجنيس مختلفة عن استعادة الجنسية، لكن مسألة التوازن الطائفي تبقى على المحك من جديد خصوصا في ما يتعلق بامور المسيحيين. صحيح ان هذه المراسيم المجمدة من دون مسوغ قانوني ليست وحدها المعلقة في الدولة اللبنانية مع وجود الكثير من القوانين التي تحتاج الى مراسيم تنظيمية،  لكن السؤال المشروع هنا ان قانون استعادة الجنسية بات نافذا وكانت المراسيم الخاصة باستعادة الجنسية تصدر بانتظام منذ ايار ( مايو) 2016 حتى نيسان ( ابريل) 2021 ومن ثم توقفت ولم تنفع المراجعات التي سجلت في هذا المجال، وربط البعض بين عدم التوقيع واشارة ميقاتي الى وجود دراسة تظهر ان نسبة المسيحيين في لبنان هي 19 في المئة. قد يكون من الاجدى استكمال اصدار المراسيم ومنح عائلات لبنانية تريد استعادة جنسيتها الاصلية، في وقت بدأ كثيرون يعملون على التخلي عن جنسيتهم اللبنانية التي اساء اليها الاقربون قبل الابعدين!.