تفاصيل الخبر

فيما التباعد يزداد اتساعا بين فرنجية وباسيل بوادر تقارب لم يكتمل بعد بين الجميل وجعجع

23/11/2022
فيما التباعد يزداد اتساعا بين فرنجية وباسيل بوادر تقارب لم يكتمل بعد بين الجميل وجعجع

لقطة تجمع بين الناب سامي الجميل والدكتور سمير جعجع

 

في كل مرة يدق الاستحقاق الرئاسي، ابواب الساسة الموارنة خصوصا، والمسيحيين عموما، يظهر الانقسام على حدته بين الاقطاب الموارنة الاربعة الاساسيين، اي رؤساء احزاب الكتائب " والتيار الوطني الحر" و" المردة" " والقوات اللبنانية"، وتصبح عيون هؤلاء شاخصة صوب قصر بعبدا لمعرفة من سيصل اليه اولا من هؤلاء القادة، ويرتفع هنا منسوب الخلاف بين الزعماء الموارنة وتكثر حملات التجريح والتشكيك واحيانا كثيرة يتم " نبش" القبور وفتح دفاتر الماضي ولا تعود تنفع الدعوات الى عدم التصادم الكلامي لئلا  يجر الى صدام في الشارع بين انصار حزبيين يدورون عمليا في فلك واحد من العناوين السيادية والوطنية. ومع بلوغ الاستحقاق الرئاسي هذه السنة، عمليا مع بدء الشغور في قصر بعبدا، اتجهت الانظار الى بكركي  مجددا على امل ان تعيد جمع الاقطاب الموارنة الاربعة رؤساء الاحزاب المسيحية، وتحاول ايجاد قاسم مشترك في ما بينهم، الا ان سيد بكركي الذي يدرك حقيقة الخلافات المارونية على كرسي بعبدا وعمقها، نأى بنفسه عن جمع كل من رئيس " التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ورئيس " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ورئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية المرشح الاكثر جدية بين القادة الموارنة الاربعة. من هنا نشطت محاولات البعض ممن يستسيغون القيام بادوار سياسية، من اجل توليد مهمة جمع الشمل بالنيابة عن البطريرك الراعي، وتم التحرك على اكثر من اتجاه لتصل المعطيات التي توافرت الى خلاصة اولية مفادها تعذر جمع النائب باسيل بالوزير السابق فرنجية اقله في المرحلة الراهنة حيث " افاض" باسيل في توجيه الانتقادات لحليفه السابق فرنجية رافضا فكرة دعمه للاستحقاق الرئاسي على رغم وجود حليف قوي للرجلين هو الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي قال ذات يوم من قبل ست سنوات عن علاقته مع العماد ميشاال عون ( آنذاك) وفرنجية: " هيدي عيني وهيدي عيني" وهو يحرص على تطابق هذا التوصيف  على كل من باسيل وفرنجية  في الوقت الحاضر.

 

وحيال تعذر الوصول الى نتيجة عملية على خط بنشعي- ميرنا الشالوحــــي مع استمرار " الرشقات" الباسيلية المصوبة الى فرنجية، كان لا بد من مقاربة امكانية حصول تلاق بين حزبي " القوات اللبنانية" والكتائب لاسيما وان انصار هذين الحزبين ينتميان عمليا الى قاعدة واحدة ومدرسة واحدة وحزب " القوات" هو عمليا ابن حزب الكتائب شاء من شاء وابى من ابى... والواقع ان  ما من احد الطرفين رفض الفكرة التلاقي بهدف " ترميم" العلاقة بين الحزبين خصوصا ان الشغور الرئاسي افسح في المجال كي يأخذ كل فريق وقته في تحضير الاجواء المناسبة لالتقاء القيادتين، لاسيما وان لا حاجة لاي جهد استثنائي لالتقاء القاعدتين لان ثمة تناغم قائم منذ فترة. ويرى متابعون ان التقاطع بين الحزبين حول الانتخابات الرئاسية ساهم في بدء عملية " الترميم" بعد تباعد استمر منذ العام 2016 مع انتخاب الرئيس عون رئيسا للجمهورية، لان حزب الكتائب  رفض التسوية السياسية التي تمت بين عون وجعجع، وساهم اداء الفريق المعاون للرئيس عون وفي مقدمهم النائب باسيل في زيادة الشرخ بين بعبدا والصيفي بعد استبعاد الكتائب عن الحكومات كلها التي ولدت في عهد الرئيس عون، اضافة الى تباعد متصاعد في المواقف. في اي حال، العلاقة تدهورت، كما اشرنا، بين الكتائب و" القوات" بعد التسوية الرئاسية العام 2016 لتشهد في حالات كثيرة سجالات مباشرة وحادة بين القيادات والمحازبين الذين خاضوا الكثير من المعارف السياسية والحيوانية سويا منذ حرب العام 1975 حين كان اصل الحزبيين واحدا، وهو حزب الكتائب.

 

التباعد يتلاشى....

لكن حال التباعد سرعان ما تلاشى تدريجيا اذ انه ومنذ الصيف الماضي، تشهد هذه العلاقة عملية ترميم مع استعادة ملامح اصطفافي 8 و14 آذار في مقاربة الملف الرئاسي،  إذ تتكتل منذ مطلع أيلول ( سبتمبر) ( الماضي)   (تاريخ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد) قوى المعارضة، أي "القوات"، "الكتائب"، "الحزب التقدمي الاشتراكي" وعدد من النواب المستقلين، خلف مرشح رئاسي واحد هو رئيس" حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض، مقابل تكتل  حزب الله  وحلفائه خلف "الورقة البيضاء" في ظل الانقسام والخلاف المتمادي بينهم حول المرشح الواجب اعتماده.واللافت أن خوض القيادتين في معراب والصيفي معركة الرئاسة يداً بيد، لم تسبقه أي مصالحة بينهما أو حتى انعقاد لقاء بين جعجع والجميل.ويقول النائب عن "القوات اللبنانية"، عضو تكتل "الجمهورية القوية" ملحم الرياشي، إن "ليس من داعٍ لمصالحة كتائبية - قواتية، فاختلاف الرأي طبيعي ومشروع، وصولاً إلى المنافسة في مجالات مختلفة"، لافتاً إلى "وجود لجنة تواصل لها طابع الاستدامة قوامها النائبان جورج عدوان عن (القوات) وسليم الصايغ عن (الكتائب).ويؤكد الرياشي أن "هناك أكثر من ملف يمكن أن نلتقي به معاً"، مضيفاً: "نعمل على الاستمرار سوياً في خوض المعركة الرئاسية". من جهته، يصف عضو كتلة "الكتائب اللبنانية"، النائب سليم الصايغ، الموكل بالتنسيق مع "معراب"، العلاقة الحالية مع "القوات" بعلاقة "شراكة في معركة استعادة الدولة"، مؤكداً أن "ما يجمع الطرفين اليوم ليس عملية سياسية ظرفية إنما علاقة تتخذ بعداً كيانياً حول هوية لبنان والوجهة والدور الذي يجب أن يلعبه".وعن سبب عدم حصول مصالحة قواتية - كتائبية ولقاء بين جعجع والجميل حتى الساعة، يقول الصايغ "نحن اليوم في حال طوارئ وطنية، والخطر الداهم وحجم الكارثة فرضا أن نسير بخط سريع لترتيب أوراقنا وتموضعنا"، مضيفاً: "المصالحة حتمية، خصوصاً أن لدينا تصوراً واحداً لمستقبل لبنان ومقاربة مشتركة لكيفية العمل السياسي وصولاً لانتخاب رئيس. ولا شك أن الحوار مع (القوات) سيتعمق أكثر لترتيب قضايا الماضي، وتوضيح كل الأمور، وهذا يتم أولاً من خلال تعميم جو الثقة وعلى البارد".ويشدد الصايغ على أن "أهمية التوافق مع حزب (القوات) وغيره من القوى على مرشح رئاسي واحد هو ميشال معوض، تكمن بإيصال رسالة أننا قادرون على تثبيت التوازنات في البلد، والانطلاق في عملية استعادة الدولة ما يعطي دفعاً لكل أصدقاء لبنان كي لا يتركوه ويتخلوا عنه، لأن الهدف بنهاية المطاف ليس إيصال رئيس حصراً، إنما مواكبة مهمته، والتأكد من تحقيق الأهداف التي انتخبناه لأجلها".

ويعد مواكبون لملف العلاقة القواتية - الكتائبية أن "التقدم بها يسير ببطء، وأن التركيز اليوم ينصب على التنسيق بالملف الرئاسي لاعتبار معراب والصيفي أن الانتخابات الرئاسية الحالية قد تكون الأهم منذ اتفاق الطائف، فإما يتحول لبنان على أثر نتائجها إلى دولة فوضى أو دولة قانون"، ويشير هؤلاء إلى أنه "ورغم ذلك تبقى هناك محاولات وطموحات لكل من جعجع والجميل لقيادة المعارضة ما يهدد بعودة الأمور بينهما إلى نقطة الصفر في أي لحظة، خصوصاً أن استعادة العلاقة بينهما لم تشهد أي مصالحة أو مصارحة".

في اي حال، قد يكون من المبكر الحديث عن " ثنائي ماروني"- كما يحلو للبعض ان يقول- بين " القوات" والكتائب مماثل لــ " الثنائي الشيعي" لان لا مجال للمقارنة من جهة، ولان التمثيل الماروني خصوصا والمسيحي عموما، ليس محصورا على الساحة  المسيحية بحزبين فقط ، كما هو الحال بالنسبة الى التمثيل الشيعي حيث من الصعب احداث اي اختراق في الوقت الحاضر بين هاتين القوتين، اضافة الى ان " القوات" لها مقاربتها في نقاط كثيرة تختلف عمليا عن مقاربة الكتائب. لكن يبقى ان التقاء جعجع- الجميل ذات يوم يمكن ان يعيد الحرارة اكثر الى العلاقة بين الحزبين، ذلك ان التواصل الشخصي يبقى اكثر فعالية من التواصل عبر الوسطاء، او جماعة الصف الثاني!.