تفاصيل الخبر

الفراغ يقيم من جديد في قصر بعبدا والتوافق على رئيس جديد على البارد" .... صعب!

03/11/2022
الفراغ يقيم من جديد في قصر بعبدا والتوافق على رئيس جديد على البارد" .... صعب!

اقفال القصر الجمهوري يوم الثلاثاء  الماضي

 

اما وقد سكن الفراغ قصر بعبدا للمرة الثالثة بعد اتفاق الطائف بعدما غادر الرئيس ميشال عون الى دارته في الرابية من دون ان يسلم رئيسا يخلفه، ويكون الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، فان الانظار تتجه من جديد الى مجلس النواب الذي سيدعي مرات ومرات للانعقاد لانتخاب رئيس جديد للبنان، لكنه سيتعذر عليه انجاز هذه الخطوة اذا ما ظلت المعادلات السياسية الراهنة قائمة ولم يحصل اي تبدل على ارض الواقع لان الكتل النيابية متباعدة بعضها عن البعض الاخر، ولا قواسم مشتركة تجمعها راهنا ولا مؤشرات تدل على امكانية توافق هذه الكتل على مرشح يدخل قصر بعبدا الذي اقفل يوم الثلاثاء الماضي واطفئت الانوار فيه وتوقفت نافورة المياه عن العمل وانزل العلم على سطح ومن على ساريته في الباحة الخارجية. كل المعطيات تشير الى ان مسيرة الوصول الى رئيس جديد ستكون طويلة اذا ما استمرت مقاربتها " على البارد" اذ لن يتنازل اي مرشح " محتمل" او " طبيعي" للاخر. اما اذا صارت المقاربة " على السخن" فيمكن اذ ذاك القول بامكانية الاتفاق على مرشح على قاعدة " مرغم اخاك لا بطل". في الداخل لن تكون هناك امكانية للوصول الى تفاهم، وهذا امر مفروغ منه، لاسيما بين الافرقاء السياسيين الذين باتت لغة التخاطب بين بعضهم البعض " لغة سوقية" فيها الكثير من العبارات المقززة التي لا تليق بقائليها، والعجيب ان هؤلاء يتنافسون على اعلى مركز في الدولة، رئاسة الجمهورية. وطاولة الحوار التي سعى الرئيس نبيه بري الى عقدها وعلى جدول اعمالها بند واحد هو انتخاب الرئيس العتيد، سقطت قبل ان يعقد جلسة واحدة على الاقل من اجل " الصورة" التي لن تتكرر حتما . من هنا يبدو ان الاستحقاق الرئاسي سوف يدخل في نفق مجهول بات معلوما تاريخ بدايته لكن من غير الممكن تحديد تاريخ نهايته....

كل اللقاءات التي عقدت خلال الاسبوع الماضي، لم تؤشر الى اي تقدم يذكر في الملف الرئاسي والكل باق " على سلاحه" في انتظار " ترياق" قد يأتي من الخارج وقد لا يأتي لاسيما وان الدول الغربية الصديقة للبنان منهمكة بتداعيات حرب روسيا- اوكرانيا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مع تزايد موجة النزوح من اوكرانيا الى الدول الاوروبية المجاورة والتي تتوالى عليها ازمات التموين والمحروقات والتدفئة وتزداد معها النقمة الشعبية التي بدأت تترجم في تظاهرات  شعبية حاشدة في عدد من الدول الاوروبية. ولعل اهم لقاء عقد في الايام الماضية على الصعيد الداخلي، كان بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس " التيار الوطني الحر" جبران باسيل والذي امتد ساعات بهدف الوصول الى نتائج معينة تبدد الضباب الذي يلف المشهد الانتخابي الرئاسي وذلك نظرا للدور المهم الذي يلعبه السيد نصر الله في مثل هذه الظروف، ولان مواقف باسيل لا تسهل كثيرا على الاعتقاد بان الامور تتجه في مسارها الصحيح. والذين قدر لهم ان يطلعوا على ما دار في الاجتماع- وهم قلة قليلة- خرجوا بانطباع واحد هو عدم حصول اي تقدم  يجعل من الاستحقاق الرئاسي امكانية واردة في المدى المنظور.

 

لقاء غير مثمر بين نصرالله وباسيل

ويعود هذا الانطباع السلبي الى ان السيد نصر الله الذي صارح باسيل بالواقع السياسي الراهن دعاه الى المساهمة في " حلحلة" العقد من دون ان " يضغط " عليه خصوصا ان " السيد" مشهور بدماثة خلقه واسلوبه الراقي في التعاطي مع المواضيع المطروحة. لكن باسيل المعروف في المقابل بعدم وضوح مواقفه او بالاحرى باعتماد الكتمان واطلاق العنان للتأويلات والتفسيرات، لم يتزحزح عن موقفه قيد انملة. صحيح ان باسيل قال في المقابلة التلفزيونية على محطة " الجديد" ان اللقاء مع السيد نصر الله لم يتناول اي اسم مرشح للانتخابات الرئاسية بمن فيهم الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، لكن ما قاله للزميل سامي كليب كان واضحا في رفضه تأييد فرنجية او قائد الجيش العماد جوزف عون ما يعني ان البحث لا بد ان يكون عن مرشح ثالث يمكن ان تلتقي عليه القيادات السياسية ويضع النواب اسمه في صندوقة الاقتراع.

واذا كان باسيل نفى ان يكون مرشحا رئاسي " في الوقت الحاضر"، فان ذلك لا يمنع ان يصبح كذلك في اي لحظة، ولذلك لا يعطي وعدا او موقفا وهو ضمنا يوحي للسياسيين والنواب والمراقبين بانه " مرشح طبيعي" لكنه ليس في وارد الكشف عن موقفه النهائي، علما ان ثمة من يتحدث عن وقت طويل سيبقى الشغور في قصر بعبدا. ويرى مطلعون على موقف باسيل ان مسألة عدم ترشيحه غير  محسومة حتى الان ولا تزال الفكرة قائمة بشكل قوي، لان المطلعين على موقف باسيل يقولون انه ينطلق في ترشحه " غير المعلن" من ان تمديد امد الشغور قد يؤدي الى اعادة خلط الاوراق وصولا الى تبدد ما في المنطقة. ولان " الحبيب يعرف مكانه... فتدلل"، فان باسيل يتصرف مع حليفه حزب الله على قاعدة تلامس الى حد ما " الابتزاز" لانه يعرف ان الحزب ليس في وارد اغضابه او التخلي عنه لان لا دعم مسيحيا وازن للحزب الا من خلال باسيل وقاعدة " التيار" وهو- اي الحزب- لن يغامر في التخلي عن هذا الدعم، ولو تأخر الاستحقاق الرئاسي طويلا، علما ان مثل هذا الموقف اعتمده الحزب عامين ونصف تقريبا حتى ضمن ايصال " الجنرال" ميشال عون الى قصر بعبدا ليصبح " فخامة الرئيس". وعليه، فان وسائل الضغط التي يمتلكها الحزب يبدو ان قرارا اتخذ بتجميدهـــــا لانه " فالج لا تعالج" اقله في الوقت الراهن، فلا هو مستعد لتأييد فرنجية الذي يؤيده حزب الله والرئيس نبيه بري على الصعيد الشيعي، ولا هو جاهز الان للقبول بالعماد جوزف عون رئيسا للجمهورية وهو لذلك يقول علنا بعدم تأييده، علما ان العماد عون لم يعلن رغبته بالترشح لانه يقف الان على رأس المؤسسة العسكرية لحفظ الامن وحماية السلم الاهلي، وهي- اي المؤسسة العسكرية- ترمز مع شقيقاتها من المؤسسات الامنية، على ما تبقى من معالم الدولة التي لم تنهار بعد. ولان لا مرشحين جديين بعد غير باسيل وفرنجية والعماد عون، فان الامور ستبقى على حالها حتى اشعار آخر، واول مظاهرها ان الرئيس عون سلم البلاد، كما تسلمها، اي من خلال الفراغ الذي اعتاد عليه قصر بعبدا، قبل  الطائف وبعده.

 

تاريخ الفراغ الرئاسي

وفي جردة لسنوات الفراغ يتضح ان الفراغ الاول كان لمدة 4 أيام، من 18 إلى 22  أيلول(سبتمبر)1952، وهو الأقصر في التاريخ، وأتى بعد استقالة الرئيس بشارة الخوري، حيث شُكلت حكومة عسكرية برئاسة فؤاد شهاب تولت صلاحيات الرئيس لمدة 4 أيام حتى انتخاب كميل شمعون رئيساً. أما الفراغ الثاني، فقد حصل مع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل وتعذر انتخاب خلف له، وامتد الفراغ من 23 أيلول(سبتمبر) عام 1988 إلى 5 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1989. وأتى الفراغ الثالث قسرياً، بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض في 22 تشرين الثاني (نوفمبر)1989، وانتهى بعد 3 أيام بانتخاب الرئيس إلياس الهراوي في 25 من الشهر نفسه . أما الفراغ الرابع، فقد كان بداية الفراغات المتواصلة، فمنذ نهاية عهد الرئيس إميل لحود لم يسلم رئيس للرئيس الذي يخلفه. وامتد الفراغ الرابع من 23 تشرين الثاني(نوفمبر) 2007 إلى 25 ايار (مايو)2008، وذلك بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود وتعذر انتخاب خلف له، فتولت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة صلاحيات رئيس الجمهورية حتى انتخاب الرئيس ميشال سليمان. ومع نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان، أتى الفراغ الخامس الذي كان الأطول عمراً، وامتد 889 يوماً (سنتين وخمسة أشهر وتسعة أيام)؛ إذ أقفل حزب الله وحلفاؤه البرلمان لمنع انتخاب رئيس جديد للبلاد، متمسكين بمرشحهم ميشال عون. وبين 24 أيار(مايو) 2014 و31 تشرين الأول (أكتوبر)2016، عقد البرلمان 45 جلسة لم يكتمل نصاب معظمها حتى تم التوافق على عون رئيساً.