تفاصيل الخبر

قواعد " التسوية" تشمل اسمي رئيسي الجمهورية والحكومة والخيار بات محصورا بين ميقاتي وتمام سلام للعودة الى السراي

26/04/2023
قواعد " التسوية" تشمل اسمي رئيسي الجمهورية والحكومة  والخيار بات محصورا بين ميقاتي وتمام سلام للعودة الى السراي

الرئيس نجيب ميقاتي

 

تتابع الاوساط السياسية مسار البحث في الاستحقاق الرئاسي وهوية الرئيس العتيد، وترصد خصوصا ردود الفعل الدولية والاقليمية في انتظار ان ترسو سفينة الرئاسة على بر الامان، وهو امر  قد يمتد الى شهر حزيران ( يونيو) المقبل وربما اكثر اذا ظلت المواقف التي تصدر عن القيادات السياسية على حالها من التشنج والتجاذب والتباعد وسط غياب مؤشرات جدية على الالتقاء ولو على قواسم مشتركة تسهل وصول الرئيس الرابع عشر الى قصر بعبدا. وفي حمأة الحديث عن هوية الرئيس العتيد، تتردد في الاندية السياسية ان " التسوية" التي يعمل عليها تشمل اسم رئيس الجمهورية وكذلك اسم رئيس الحكومة المقبل الذي يفترض ان يكون على تجانس مع الرئيس المقبل مع ضرورة قيام توازن تعمل السعودية على تحقيقه للمحافظة على اتفاق الطائف نصا وروحا وللتقيد بالصلاحيات المحددة فيه لكل من رئيسي الجمهورية والحكومة بعد الخلل الذي ساد هذه العلاقات في عهد الرئيس العماد ميشال عون سواء مع الرئيس سعد الحريري او الرئيس نجيب ميقاتي، والذي يتوقع ان يقوى هذا الخلل اذا ما استمر الرئيس الحريري " مبعدا" عن لبنان وعن العمل السياسي، وعدم التمكن من انتاج زعيم سني يلتف حوله السنة في لبنان بنسبة كبيرة جدا كما كان في ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، او بنسبة جيدة كما كان الحال مع الرئيس سعد الحريري. لذلك كانت المبادرة الفرنسية قد ركزت على "تسوية" تشمل  الاتفاق على رئيسي الجمهورية والحكومة، ومن ثم الانتقال الى التفاهم المسبق على منصبي حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش بحيث تكون " التسوية" حققت ترضية للجميع وفق المعادلة الاتية: الرئيس يرضي خط الممانعة وحلفائه، رئيس الحكومة يكون خيارا سعوديا بامتياز،  حاكم مصرف لبنان من حصة الرضا الفرنسية، قائد الجيش من حصة الرضا الاميركي. وعليه تعتبر مصادر متابعة ان الوصول الى تأمين رضى الاطراف الاربعة على الاشخاص الذين سوف يشغلون المواقف الاربعة، سيأخذ وقتا ويحتاج الى الكثير من الاتصالات والتحركات " وجوائز الترضية" وغير ذلك، ولن يكون ممكنا، اذا تسهلت الامور، الوصول الى توافق شامل قبل شهر حزيران ( يونيو) المقبل... هذا اذا سارت الامور وفق ما تشتهي سفن " التسوية".

 وفي معرض الحديث عن رئيس الحكومة الذي سيحل في السراي  مع بداية العهد العتيد، كتر ترداد اسم السفير السابق والقاضي الحالي في المحكمة الجنائية الدولية نواف سلام، واسم الرئيس تمام سلام، وكتب الكثير من السيناريوات التي تعزز هذه التسريبات التي لم تجد من يؤكدها، ذلك ان القيادات السياسية المسيحية تلتقي- رغم تباعدها- على التأكيد بان احدا من الوسطاء الذين يتحركون على خط الاستحقاق الرئاسي، لم يفاتحها بالنسبة الى اسم رئيس الحكومة العتيد، وبالتالي يبقى " رمي" الاسماء في الصحف ووسائل الاعلام من باب الاستنتاج او التحليل او ..... الحرق كما حصل مع السفير سلام الذي احدث تكرار اسمه ردة فعل سلبية لدى " الثنائي الشيعي" وتحديدا لدى حزب الله الذي تحفظ عليه منذ ان طرح في عهد الرئيس عون لتشكيل اول حكومة تلت اخر حكومات الرئيس سعد الحريري في العهد العوني. ويبدو ان " عدوى" هذا التحفظ انتقلت الى اطراف اخرى مثل " القوات اللبنانية" و" التيار الوطني الحر" وعدد من النواب المستقلين، ما جعل اسم السفير سلام ينكفىء ليحل محله اسم الرئيس تمام سلام الذي تربطه بسائر الاطراف السياسية علاقات جيدة وهو سبق ان خاض التجربة الحكومية واستطاع ان يشكل توازنا بين سائر القوى السياسية  المتصارعة والتي تزال هي هي في المرحلة الراهنة. وفي معلومات المصادر المتابعة لهذا الملف ان الرئيس تمام  لا يلقى معارضة من تنوع احزاب المكون المسيحي، كما لا يشكل حساسية لــ  " الثنائي الشيعي" او للمكون الدرزي، وبالتالي يمكن ان يمرر المرحلة المقبلة مع بدايات العهد الجديد بــ " التي هي احسن"، الى ان يتمكن الرئيس المقبل من ان يطلق العجلة بالتعاون مع سلام الذي لا يعتبر شخصية استفزازية بل على العكس،  شخصية حوارية من الطراز الاول وهو مجرب في هذا الاتجاه ومن نادي رؤساء الحكومات الذي مالت الدفة الى ان يكون رئيس الحكومة العتيد من اعضائه.

 

حصة ميقاتي وازنة للعودة الى السراي

وترى مصادر متابعة ان حصر البحث باسم الرئيس سلام ليس واقعيا، ذلك ان اسم الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال في مقدمة الاسماء المقترحة لرئاسة الحكومة انطلاقا من خبرته وعلاقاته الدولية التي  سوف يحتاج اليها لبنان في المرحلة المقبلة، ناهيك عن علاقاته الداخلية التي لم تضطرب الا مع " التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل الذي يضع " فيتو" على عودة ميقاتي الى السراي ، الامر الذي زاد من التفاف بقية الاطراف حول ميقاتي كرد فعل طبيعية على موقف باسيل الذي ناصر العداء لميقاتي وتواجه معه سياسيا واعلاميا واجتماعيا خلال عهد الرئيس عون واشتد وطيس المواجهة في ظل الشغور الرئاسي. ولا شك بان العلاقة المتينة بين ميقاتي والرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" والادارة الاميركية سيكون لها الاثر المهم في تمكين ميقاتي من مواكبة انطلاقة العهد لاسيما في ما خص دقائق تنفيذ خطة النهوض الاقتصادي والعلاقة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتضيف هذه المصادر ان علاقة ميقاتي مع السعودية ليست متينة بشكل كاف، لكنها ليست مقطوعة وهي تحسنت جدا خلال الاشهر الماضية وتزدتاد متانة لاسيما مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وفريق عمله وهذا ما يؤشر الى عدم اعتراض المملكة عودة ميقاتي الى السراي  ضمن " التسوية" التي سوف تبرمج سلفا كافة الاستحقاقات المقبلة حتى لا يحصل اي صدام بين رئيسي الجمهورية والحكومة. اما في الداخل اللبناني فان حضور ميقاتي في الساحة السنية بات حضورا عريضا من دون ان يصل الى حد " الزعامة السنية" التي لم يسع اليها ميقاتي منذ ان قرر عدم الترشح الى الانتخابات النيابية في طرابلس على رغم ان فوزه مع الكثير من اعضاء لائحته ( لو شكلها) كان مضمونا. ولعل هذه المسألة تعطي لميقاتي قيمة مضافة لا يجوز تجاهلها في معرض البحث عن مواصفات رئيس الحكومة المقبل، خصوصا ان ميقاتي ليس معنيا بالازمة الاقتصادية التي ضربت البلاد منذ العام 2019، بل سعى الى معالجتها لكن العصي وضعت في دواليب مسيرته خلال عهد الرئيس عون من النائب باسيل خصوصا الذي يحمله ميقاتي مسؤولية الفتور الذي ساد العلاقات بينه وبين الرئيس السابق للجمهورية خصوصا في مرحلة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية الذي يقول ميقاتي ان باسيل كان وراء " فركشة " كل الاتفاقات التي كانت تتم بينه وبين الرئيس عون.

 

مصادر متابعة: يمكن تجاوز احباط ميقاتي

لكن السؤال الاساسي يبقى: هل يريد ميقاتي العودة فعلا الى السراي ؟ في هذا الاطار نقل عضو في وفد زار ميقاتي مؤخرا في السراي  الكبير انه لا يعرف متى ستحل الازمة السياسية الراهنة لاسيما وان الرهان على الاتفاق السعودي- الايراني قد لا يعطي نتائج سريعة لان الاهتمامات الابرز لدى الطرفين ليس لبنان في اولوياتها لان الاساس هو تأمين مصالح كل من الرياض وطهران. فضلا عن ان ولي العهد السعودي الذي التقاه ميقاتي مرتين لا يعطي اولوية حاليا للملف اللبناني على رغم ان الرياض ليست في وارد التخلي عن لبنان، لكن الاولوية السعودية ليست راهنا لبنانية، علما ان نجاح الاتفاق السعودي- الايراني سيريح الوضع اللبناني عموما اذا كان لن يحل المشاكل اللبنانية الحالية، وهو- اي الاتفاق السعودي- الايراني قد يصيب بعض الخير من لبنان فاذا ارتاح الخليج امنيا يمكن اذ ذاك ان يرتفع  منسوب الاهتمام الخليجي عموما والسعودي خصوصا بلبنان، لكن المشكلة، يقول عضو الوفد الزائر للسراي  ، ان لدى ميقاتي نوعا من " الاحباط والقرف" مما آلت اليه الاوضاع الداخلية وطريقة تعاطي الافرقاء اللبنانيين بعضهم مع البعض الاخر، وهو في هذا السياق لا يخفي تشاؤمه في ما يتعلق بالوصول الى حل قريب في ملف الانتخابات الرئاسية اذا ان لا احد- يقول ميقاتي- يريد ان يتنازل، ولا احد يريد ان انتخاب رئيس من خارج صفوفه. لا يخفي ميقاتي عتبه على بعض المرجعيات السياسية والروحية من طريقة تعاطيها مع مسألة تقديم الساعة واعتماد التوقيت الصيفي او الشتوي على رغم انه كان حصل على ضمانات في هذا الاتجاه خصوصا من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ثم بدلا رأيهما ما جعله يتساءل اذا على موضوع توحيد التوقيت لم تتفق القيادات السياسية والروحية فعلى ماذا سنتفق؟ ويقر ميقاتي ان البلاد امام مرحلة صعبة خصوصا على الصعيد الاقتصادي بعد " تفشيل" كل الجهود التي بذلت لمعالجته، وهو لا يخفي امام زواره رغبته في " الانكفاء" بعد انتخاب رئيس الجمهورية العتيد وهو ينقل عنه : " عملت نائبا ووزيرا ورئيس حكومة اكثر من مرة ولم تعد هذه الالقاب تهمني وليس هناك ما يشجع على تكرار التجربة وسط نفس المعطيات وذهنية التفكير... وانا للاسف اشعر بالقرف مما آلت اليه الاوضاع والعلاقات بين القيادات السياسية".

في اي حال، شعور ميقاتي الذي قد يكون محقا ومبررا، لا يلغي ان ثمة جهات فاعلة في الداخل والخارج تريد عودته الى السراي  في مقابل ضمانات لعل اهمها تمكينه من ممارسات صلاحياته كرئيس للوزراء بصورة كاملة لانه جرّب نصف الحلول وآن الاوان للحلول " الكاملة والمتكاملة"!.