عاد الجدل من جديد الى مسألة النصاب الدستوري لإنتخاب رئيس الجمهورية بعد مطالبة شخصيات معارضة لاسيما رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بإعتماد نصاب النصف زائداً واحداً حضوراً لإنتخاب الرئيس ، وذلك خلال الجلسة الخامسة للانتخاب التي جرت يوم الخميس ما قبل الماضي ، ما دفع رئيس المجلس نبيه بري للرد عليه والتأكيد ان نصاب الثلثين الزامي ، لا بل قال من باب السخرية والتهكم رداً على سؤال الجميل عن المادة التي تشير الى ذلك ان هذه المادة هي "مادّي إجرها من الشباك" ،على قاعدة "الجرم المشهود" ولا يحتاج الامر إلى تفسير المادة الدستورية أو القانونية.فالسوابق معروفة ومشهودة ولم يسبق للمجلس النيابي أن انتخب رئيسا للجمهورية بأقل من نصاب الثلثين.وهذا ما ستشهده الجلسات المقبلة لانتخاب رئيس الدولة.
والجدل القائم في هذا المجال يستند إلى نص المادة 49 من الدستور التي تقول:
"ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي".
واستناداً الى هذا النص ينتخب رئيس الجمهورية بنصاب الثلثين وبنفس الغالبية في دورة الاقتراع الأولى، على ان يفوز اذا نال ثلثي الأصوات(86 نائباً) في الدورة الأولى،لكن في الدورات التي تلي يفوز بالأكثرية المطلقة (65 نائباً)، وهذا ما درج عليه العرف منذ ما قبل الاستقلال وما بيعده حتى يومنا هذا ، واعتمدته كل المجلس النيابية لا بل حسم رئيس المجلس السابق وأبو اتفاق الطائف الرئيس حسين الحسيني المسألة بالقول : حتماً نصاب الثلثين هو نصاب انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في كل الدورات.
واذا عدنا الى الوراء وتلمسنا تاريخ انتخاب الرؤساء وانعقاد المجلس لهذه الغاية بدءاً من العام 1926 نجد ان المجلس لم ينعقد ولو لمرة واحدة بدون نصاب الثلثين ، وكانت هناك محطات تنتظر اكتمال عقد الثلثين حتى ان بعض النواب اقيدوا قسرا على متن الدبابات الإسرائيلية لتأمين النصاب عند انتخاب بشير الجميل رئيسا في 23 اب ( أغسطس ) من عالام 1982 بعدما تقرر اعتماد نصاب الثلثين من الاحياء وهو 62 من اصل 94 نائباً بعد وفاة 5 نواب وانتخب بـشير بـ 57 صوتاً.
وعلى أي حال فنصاب الثلثين ممر الزامي لانتخاب الرئيس ، وهو يحمي المسيحيين اساساً ،حيث يمنع ان يتفق 64 نائباً مسلما مع نائب مسيحي واحد ويتم انتخاب الرئيس .وسبق للناب سامي الجميل منذ سنوات ان اقر بوجوب اعتماد نصاب الثلثين في جلسة انتخاب الرئيس، فيما رفض البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير انتخــاب رئيس دون نصاب الثـــلثين يناقض الدستور. واستدرك قائلا: أنا لست ضالعا في الدستور لكن الدستور واضح وهو ان النصاب يجب ان يكون ثلثي عدد النواب واذا اجتمع المجلس وتأمن نصاب الثلثين فبامكانهم ان يباشروا بالانتخاب فربما يجمع المنتخب الثلثين واذا لم يجمع ينتخب بالنصف زائد واحد، وانا ارى الوضع متأزما، واذا ظل الفريقان متشبثين كل بموقفه فلن نصل الى نتيجة او قد نصل الى نتيجة كارثية.