تفاصيل الخبر

الشغور الرئاسي يدق باب الشهر الثالث فيما البحث جار عن تسوية مزدوجة رئاسية وحكومية

21/12/2022
الشغور الرئاسي يدق باب الشهر الثالث فيما البحث جار عن تسوية مزدوجة رئاسية وحكومية

القصر الجمهوري في ظل الفراغ

 

مع نهاية السنة الجارية، بعد ايام، يدخل الشغور الرئاسي شهره الثالث مع اطلالة السنة الجديدة من دون ان يلوح في الافق اي مؤشر يمكن الركون اليه للاعتقاد بان انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية بات قريبا على رغم المواعيد التي تعطى تارة خلال شهر شباط ( فبراير) المقبل، وتارة اخرى قبل حلول الربيع، وغيرها من التواريخ التي لا تستند الا على تحليلات صحافية او" تنظيرات" باتت تتجاوز حدود المعقول والواقع. ولعل الصورة القاتمة للاستحقاق الرئاسي تزداد غموضا يوما بعد يوم بعد تعذر الاتفاق على رئيس ترضى به الكتل النيابية المؤثرة في مجلس النواب، فظلت الجلسات الاسبوعية تنتج مشهدا متكررا يبدأ من التصويت الى الفرز وصولا الى النتائج بحيث ظلت " الورقة البيضاء" نجمة الاقتراع وبقي النائب ميشال معوض الاسم الذي ينال اكثرية الاصوات من بين اسماء عدة، لكنها لا تلامس حتى نصف المجلس زائدا واحدا، علما ان عدد الاصوات التي تقترع لمعوض تتراجع جلسة بعد جلسة. وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة ان سقوط الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتعثر الحوار الذي يفترض ان يدعو اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مع القيادات المسيحية، يجعلان من غير المنطقي الوصول الى تسوية تؤدي الى انتخاب الرئيس، لاسيما مع تمسك كل طرف بموقفه واستمرار تعطيل النصاب بعد الدورة الاولى من كل جلسة انتخابية.

 

ولانه لا يوجد اي امل بتحرك فاعل قبل نهاية السنة الجارية، فان كل المعطيات تدل بان الملف الرئاسي سيظل مفتوحا من دون نتيجة تذكر، في وقت يتزايد فيه الحديث عن ان الاتصالات الاقليمية والدولية الجارية في عدد من الدول لم تصل الى مرحلة متقدمة يمكن من خلالها توقع انفراج على الصعيد الرئاسي، علما ان " بورصة" الاسماء في ارتفاع وهبوط تبعا للجهة التي تتحرك في هذه الدولة او تلك، خصوصا ان بعض المعنيين بالاستحقاق يتولون الترويج لاسماء والتشكيك باخرى في دول باتت على بينة مما يجري على الساحة اللبنانية من " الاعيب" تستهدف الاستحقاق الرئاسي وتداعياته. لكن الثابت، وفق مصادر متابعة، ان التعقيدات التي يواجهها انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا تتوقف على اسم الرئيس المقبل او شخصيته، بل هي تعقيدات تطاول سلة حل متكامل تشمل انتخاب الرئيس والاتفاق على هوية رئيس الحكومة الذي سيتولى تشكيل الحكومة الاولى في العهد المقبل، اضافة الى تفاهم مسبق على عناوين برنامج عمل الحكومة لاسيما في مجال الاصلاحات. وقد بدا واضحا من خلال البيانات التي تصدر عن الاجتماعات واللقاءات الدولية او الاقليمية ان النقاط التي ترد فيها في ما خص الاستحقاق الرئاسي، تتحدث بشكل لافت عن الاصلاحات من جهة، وعن بسط سلطة الدولة من جهة ثانية من خلال تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي، وغيرها من النقاط التي تتفرع من عنوان عريض هو احترام الدستور والقرارات الدولية وغيرها من النقاط التي لا يتوافر اجماع لبناني عليها بعد. وفي رأي المصادر نفسها ان التأثير الدولي يبقى محدودا ما لم يتوافر له توافق داخلي على " السلة" المتكاملة التي تحقق انتخاب الرئيس والاتفاق على رئيس الحكومة وعناوين عملها. ولان هذا التوافق لا يبدو متوافرا في المرحلة الراهنة في ظل مجلس نيابي يفتقر الى اكثرية، فان انتخاب الرئيس العتيد سيبقى مؤجلا.

" فيتوات" متضاربة واسئلة لا اجوبة عليها راهنا

وانطلاقا من ان الخلافات لا تزال في اوجها بين القيادات السياسية خصوصا حيال المرشحين الاكثر وضوحا حتى الان، اي زعيم تيار " المردة" سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، فان البحث عن اسماء جديدة لمرشحين محتملين والتسويق لها، مسألة غير كافية لان هؤلاء " المرشحين" سوف يواجهون بفيتوات متضاربة من الذين يديرون اللعبة السياسية اللبنانية. لذا فان المصادر المتابعة تطرح سلسلة اسئلة منها كيف يمكن التوصل الى توافق في الظروف الحالية بين الفريق الواحد ومنع التخبط بين اطرافه في ظل الانقسام العمودي بينهم؟ وكيف يمكن اليوم التوصل الى انتخاب رئيس يستعيد ثقة العالم، في ظل عدم وجود رغبة دولية واقليمية للضغط على الاطراف في الداخل؟  من هنا تعتبر المصادر ان الحل لا يمكن إلا ان يكون داخليا، اي ينبع من مجلس النواب بتوافق داخلي يحتاج الى موافقة احدى القوتين المسيحيتين على الاقل. وقد يشمل انتخاب رئيس للجمهورية التوافق على رئيس للحكومة وعلى بيانها الوزاري واعتماد برنامج انقاذي ضمن المعايير التي حددها صندوق النقد الدولي للخروج من الازمة وتحمّل مجلس النواب مسؤوليته من خلال التوافق على الحلول، اي تفصيل البدلة للرئيس الجديد والحكومة التي يعود اليها تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها.وتلاحظ المصادر ان المواضيع الخلافية والتباينات بين الأفرقاء متعددة، ومنها الخلاف حول سلاح المقاومة. فهل يمكن التوصل الى تسوية تحمي السلاح في انتظار سياسة دفاعية واضحة، والعلاقات مع الدول العربية في ظل الخلافات والتباينات السعودية - الايرانية، والتوافق حول الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي واقرارها، والعلاقات الخارجية وموقف لبنان منها. وهذا التوافق يعزز مكانة الرئيس المنتخب ويكون عامل اطمئنان للاطراف التي ستقترع له، ويستعيد ثقة العالم بلبنان وتنفذ الحكومة الاصلاحات المرجوة.وقد تستغرق هذه العملية وقتا لكنها ضرورية لتتمكن الدولة من استرجاع دورها الذي تتقاسمه اليوم مع الاحزاب والمصالح الشخصية، لان الطريق الالزامي لبداية العمل من اجل انقاذ لبنان هو التوافق على الاصلاحات وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، لان عكس ذلك سيبقي البلد في حالة "مكانك راوح"، وكل يوم يمضي تزداد المخاوف على مستقبل لبنان حتى لو تم انتخاب رئيس سيكون دوره ادارة الازمة. وتتحدث المصادر عن ان لبنان لم يعد كما في السابق على الرادارات الدولية لان القوى الداعمة له سئمت الطبقة السياسية الحاكمة، ولن تضغط لحل مشكلة الرئاسة. ومثال على ذلك عدول الرئيس الفرنسي"ايمانويل ماكرون "الذي يعدّ من اكبر الداعمين للبنان، عن المشاركة في الاحتفال مع القوات الفرنسية العاملة في جنوب لبنان في اطار "اليونيفيل"، باعياد آخر السنة كما كان متوقعا واستبدالها بزيارة لحاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" التي تناور في البحر الاحمر.

 

في اي حال، كل الاجاء تشير الى ان الفراغ الرئاسي مستمر الى امد غير قصير، فيما تسوية انتخاب الرئيس والاتفاق على رئيس للحكومة باقية في دائرة الاخذ والرد الى حين حدوث تطورات  توفر دفعا حقيقيا للحل بنزول الافرقاء اللبنانيين  عن " الشجرة" التي تسلقوها وراحوا يرفعون الصوت ومنسوب الشروط ومنها شروط تعجيزية لن تحقق اي تقدم في الاستحقاق الرئاسي.