تفاصيل الخبر

احتمال الطعن بقرارات حكومة ميقاتي وارد.... لكن لمجلس الشورى قرارات سابقة اسقطت مثيلاتها

14/12/2022
احتمال الطعن بقرارات حكومة ميقاتي وارد.... لكن لمجلس الشورى قرارات سابقة اسقطت مثيلاتها

مجلس الوزراء مجتمعا

 

الى الاشكالات السياسية التي طرحها انعقاد مجلس الوزراء قبل اسبوعين في غياب ثمانية وزراء يمثلون فريق الرئيس السابق ميشال عون ورئيس " التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، برزت مشكلة قانونية ودستورية تتعلق بالقرارات التي صدرت عن تلك الجلسة والتي اقترنت بمراسيم وقعها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مرتين، الاولى بصفته رئيسا للحكومة الذي يمثل مجلس الوزراء في الدستور، والثانية بكونه ممثلا عن مجلس الوزراء الذي اجتمع وكالة عن رئيس الجمهورية واخذ قرارا بالموافقة على اصدار المراسيم وارفق التوقيع المزدوج للرئيس ميقاتي بتوقيع وزير المال يوسف خليل( في المراسيم التي تحتاج الى موافقة وزير المال) والوزير المختص او الوزراء المختصين. وقد اثارت هذه المسألة اعتراض وزراء فريق عون- باسيل الذين عهدوا الى وزير العدل هنري خوري اعداد دراسة حول امكانية الطعن بهذه المراسيم امام مجلس شورى الدولة استنادا الى سابقة كرستها حكومة الرئيس تمام سلام خلال توليها صلاحيات رئيس الجمهورية في الشغور الذي تلا انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، حين كان يوقع على المراسيم الوزراء الذين تألفت منهم حكومته... ويعتزم الفريق الوزاري المعترض ان يقدم الطعن امام مجلس شورى الدولة على رغم ان ثمة من لفت انتباه الوزراء المعترضين والنائب باسيل انه من غير المتوقع ان يوافق مجلس الشورى على الطعن اذ سبق للمجلس ان بت في طعون مماثلة رفعت امامه والمرتبطة بشكل ادق بالقرارات والمراسيم التي كان اصدرها الرئيس عون يوم كان رئيسا للحكومة الانتقالية التي شكلها الرئيس امين الجميل قبل ربع ساعة من انتهاء ولايته الدستورية، وقد ابقى مجلس الشورى في حينه على كل المراسيم التي صدرت قبل انتخاب الرئيس الياس الهراوي رئيسا للجمهورية على رغم عدم وجود تواقيع كافة الوزراء الذين تشكلت منهم حكومة الرئيس عون آنذاك بعد استقالة الوزراء المسلمين الثلاثة منها بحيث بقي فيها الرئيس عون والوزير ادغار معلوف والوزير عصام ابو جمرا. ورأى مجلس الشورى في حينه، كما مجلس القضايا ( وهو اعلى مرجع اداري) عدم وجوب ان تحظى المراسيم الصادرة عن الحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الشغور، بتواقيع الوزراء كافة، معتبرا ان توقيع جميع الاعضاء يعد ضربا لقاعدة الاكثرية والاقلية في المجلس ويساهم في تقييد عمل مجلس الوزراء، وهذا ما دفع مجلس الشورى الى رد الطعن المقدم امامه كالمراسيم الصادرة عن حكومة الرئيس عون الانتقالية والتأكيد يومها على قانونيتها. وقد صدرت في اوقات لاحقة قرارات عدة لمجلس الشؤون استنادا الى الاعتبارات التي وردت في الطعون التي قدمت ضد قرارات حكومة العماد عون في 1988 و 1989.

 

قرارات مجلس الوزراء قانونية

ويلتقي الوزير السابق ونقيب المحامين السابق رمزي جريج مع القائلين بوجوب ان تأخذ المراسيم التي يقررها مجلس الوزراء مجتمعا طريقها الى الصدور بتوقيع مجلس الوزراء الذي حل محل رئيس الجمهورية بسبب الشغور الرئاسي، لكنه يتحدث عن رأيين في شأن التوقيع، الاول يذهب الى ان المراسيم التي ستصدر ستحمل تواقيع رئيس الحكومة مع الوزير المختص ووزير المال عندما تنطوي على التزامات مالية، في حين يقتضي، وفق الرأي الثاني، ان توقّع المراسيم من أكثرية ثلثي أعضاء مجلس الوزراء الذين تأمّن حضورهم، وإلا لما كان انعقد مجلس الوزراء بنصاب بأقل من ثلثي الوزراء حتى في غياب الوزير المختص المعنية وزارته بالمرسوم المنوي إصداره. ومن وجهة نظر النقيب جريج ان ثمة استحالة للكلام على فراغ رئاسي كون الصلاحيات تنتقل الى مجلس الوزراء عند خلو سدة الرئاسة. ويعتبر ان لرئيس الحكومة سبيلين للإجتماع مع الوزراء عند استنكاف عدد من الوزراء عن الحضور، على ألّا يتخذ هذا الإجتماع سمة إجتماع مجلس الوزراء إنما يتسم باجتماع وزاري، لغاية مناقشة مسائل تتصل بوزاراتهم. كما يمكن ان يجتمع بشكل مجلس وزراء وهو في حالة تصريف الأعمال في الحالات الإستثنائية عندما تدعو الضرورة الى ذلك. اما عندما تطول أزمة الفراغ والشغور فلا يجب ان يتطور مفهوم تصريف الأعمال لأن هذا المفهوم مطاط ، إنما تستعيد الحكومة المستقيلة بعض صلاحيات الحكومة العادية من أجل تأمين حاجات البلد، ولاسيما إن طرأت ازمات كبرى كجائحة كوفيد 19 والكوليرا، لأنه إذاك الضرورات تبيح المحظورات ويتوسع مفهوم تصريف الأعمال. وعندما انعقد مجلس الوزراء مؤخرا إستدعى اجتماعه وجود بعض المشكلات منها ما يتعلق بصحة المواطنين وأدوات مرضى السرطان ومستلزمات طبية لا يمكن ان تنتظر أشهرا في غياب بوادر انتخاب رئيس جديد للجمهورية قريبا، الا ان جريج اعترض على طرح جدول اعمال فضفاض، ويقول: "هذا لا يجوز. ينبغي ان ينحصر جدول الأعمال بما يسمى الأمور الضرورية الملحّة والمستعجلة". ويصف اجتماع مجلس الوزراء بالدستوري مع تأمين حضور ثلثي الوزراء من كل المكونات لتلبية حاجات ضرورية للمواطنين.

هل يحق لوزير الامتناع عن توقيع الرسوم

وترى مصادر قانونية ان غياب الوزراء عن حضور الجلسة قرار خاطىء وغير قانوني لانهم عمليا امتنعوا عن القيام بوظيفتهم على رغم وجود ظروف حتمت دعوتهم الى الاجتماع، لان المنطق يقول – في رأي هذه المصادر ان على الوزراء متابعة اعمال الدولة بشكل مستمر، وعليهم بالتالي الحضور الى الجلسة، والمعارضة من ضمن مجلس الوزراء واذا لم تتم الاستجابة لاعتراضه يمكنه ان يستقيل،  لكنه من غير الجائز ان يعطل قرارات السلطة التنفيذية في ظروف غير طبيعية تمر بها البلاد. اما بالنسبة الى رفض الوزير المختص الذي غاب عن الجلسة، توقيع مرسوم يتعلق بوزارته نشأ عن قرار لمجلس الوزراء اتخذ في غيابه، تقول المصادر ان رفض الوزير المعني يؤخر  صدور المرسوم واستطرادا يعيق تنفيذ مفاعيله. وفي هذه الحالة اما ان يتمكن رئيس الحكومة من اقناع الوزير بالتوقيع، واما يعتبر عدم حضوره الجلسة غيابا وعند ذاك يحل محله الوزير بالوكالة لانه كما هو معلوم ثمة مرسوم صدر بعيد تشكيل حكومة ميقاتي يحدد الوزراء الذين يشغلون الوزارات وكالة عند غياب الوزير الاصيل. وفي هذا السياق، يقول الوزير السابق رشيد درباس الذي كان عضوا في حكومة الرئيس تمام سلام في فترة الشغور بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان انه في زمن تلك الحكومة كان رئيسها تمام سلام يرتاح الى توفير توقيع جميع وزرائها، ، وان مراسيم كثيرة لم يصدرها جميع الوزراء، "في حين ان القرارات التي كنا نتخذها وتحتاج الى نصاب الثلثين لم يكن الرئيس سلام ينشرها قبل توقيعها من الثلثين، أما تلك التي لم تكن تحتاج الى نصاب الثلثين فكانت توقع من الأكثرية إنما كان يرغب في توقيع الوزراء عليها. وفي المبدأ، يركز الوزير درباس، هي لا تحتاج الى توقيع الوزراء لأن مجلس الوزراء يجتمع بصفته يمثل رئيس الجمهورية، ما يعني ان توقيع الأخير هو ضمناً إضافة الى توقيع رئيس الحكومة والوزراء المختصين. وقد اعتُبرت قراراتها ناجزة في غياب وزراء عن الجلسة، إنما المرسوم يحتاج صدوره أيضا الى توقيع الوزير المختص وإلا لا يصدر. ويعتبر درباس ان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل تسرّع في عرض نسخة عن مراسيم صادرة في حكومة تصريف اعمال برئاسة الرئيس سلام تحمل تواقيع الوزراء. ويقول إنها حصلت مرة واحدة لكن في المقابل شهدت حينذاك ان اتفق الرئيس سلام ورئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل على التشكيلات القضائية، وعندما استفسرت من رئيس الحكومة عن عدم نشرها أجابني انه يريد ان يوقع عليها الوزير رقم 18. وحصل ان سحب الوزير في حينه نهاد المشنوق توقيعه فطوي موضوعها ولم يتم نشرها ولم تصدر.

في اي حال، اشكالية صدور المراسيم وتوقيعها ستكون مادة جديدة للجدال الذي يحمل ابعادا سياسية وليس قانونية او دستورية لانه من هاتين الناحيتين لا شوائب تذكر، ذلك ان الدستور يرعى مثل هذه الحالات واذا ما نشأ اي اشكال يمكن مناقشته وليس رفض المسائل بالمطلق!.