... واخيرا انفجر الخلاف الصامت بين وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود بعد طول مماحكات دارت بين الوزير ورئيس مجلس القضاء محورها المقاربات التي اعتمدها مجلس القضاء، وتحديدا رئيسه، في ما خص ملف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت ومصير الموقوفين الذين مضى عليهم اكثر من سنتين وبضعة اشهر من دون ان يبت في وضعهم، علما ان اقصى تهمة يمكن ان توجه اليهم في هذه الجريمة هي الاهمال في الوظيفة، وعقوبة هذه الادانة لا تتجاوز الحبس سنة او نصف السنة حسب درجة المسؤولية. واذا كان الظاهر هو خلاف بين وزير العدل ورئيس مجلس القضاء، فان الباطن هو ان ما يحصل هو خلاف رئيس السلطة القضائية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اختار هو انهاء خدمات الرئيس السابق لمجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد والاتيان بالقاضي عبود رئيسا، لكن سرعان ما وقع الخلاف بين " الرئيسين " على خلفية التشكيلات التي اعدها مجلس القضاء ورفض الرئيس عون التوقيع عليها لانها لم تكن حسب رئيس الجمهورية- متوازنة واستهدفت بعض القضاة القريبين من بعبدا وابرزهم المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون وغيرها .
وفي هذا السياق يقول المتابعون لهذا الملف ان الرئيس عون اعتبر من خلال مشروع مرسوم التشكيلات القضائية الذي وصله، ان القاضي عبود اعتمد اسلوب " الصيف والشتاء على سطح واحد" فابقى عددا من القضاة القريبين من مرجعيات سياسية مثل رئيس مجلس النواب، في مواقعهم من دون ان يحدث أي تبديل فيها، فيما " ازاح" معظم القريبين من الرئيس عون من مواقعهم مقترحا نقلهم الى وظائف قضائية اخرى بعضها اقل اهمية من الوظائف التي كانوا يشغلونها. كذلك لم يتشاور القاضي عبود مع رئيس الجمهورية في الاسماء التي يفترض ان تشغل مناصب قضائية حساسة، لاسيما وان التقليد يقضي باخذ رأي رئيس الجمهورية كونه " القاضي الاول" وفقا للتقاليد والاعراف.
محور المقاربات التي اعتمدها مجلس القضاء، وتحديدا رئيسه، في ما حصل ملف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت ومصير الموقوفين الذين مضى عليهم اكثر من سنتين وبضعة اشهر من دون ان يبت في وضعهم، علما ان اقصى تهمة يمكن ان توجه اليهم في هذه الجريمة هي الاهمال في الوظيفة، وعقوبة هذه الادانة لا تتجاوز الحبس سنة او نصف السنة حسب درجة المسؤولية. واذا كان الظاهر هو خلاف بين وزير العدل ورئيس مجلس القضاء، فان الباطن هو ان ما يحصل هو خلاف رئيس السلطة القضائية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اختار هو انهاء خدمات الرئيس السابق لمجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد والاتيان بالقاضي عبود رئيسا، لكن سرعان مع وقع الخلاف بين " الرئيسين" على خلفية التشكيلات التي اعدها مجلس القضاء ورفض الرئيس عون التوقيع عليها لانها لم تكن- حسب رئيس الجمهورية- متوازنة واستهدفت بعض القضاة القريبين من بعبدا وابرزهم المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون وغيرها.
وفي هذا السياق يقول المتابعون لهذا الملف ان الرئيس عون اعتبر من خلال مشروع مرسوم التشكيلات القضائية الذي وصله، ان القاضي عبود اعتمد اسلوب " الصيف والشتاء على سطح واحد" فابقى عددا من القضاة القريبين من مرجعيات سياسية مثل رئيس مجلس النواب في مواقعهم من دون ان يحدث اي تبديل فيها، فيما " ازاح" معظم القريبين من الرئيس عون من مواقعهم مقترحا نقلهم الى وظائف قضائية اخرى بعضها اقل اهمية من الوظائف التي كانوا يشغلونها. كذلك لم يتشاور القاضي عبود مع رئيس الجمهورية في الاسماء التي يفترض ان تشغل مناصب قضائية حساسة، لاسيما وان التقليد يقضي باخذ رأي رئيس الجمهورية كونه " القاضي الاول" وفقا للتقاليد والاعراف.
بالعودة الى موقف رئيس مجلس القضاء الذي اعلنه في بيان مكتوب خلافا للعادة، فقد اتضح انه لا يرغب في ترؤس اجتماع المجلس الذي كان سيصوت على تعيين القاضية سمرندا نصار محققا عدليا رديفا للمحقق العدلي الاساسي القاضي طارق البيطار كي تتولى البت في عدد من الطلبات المجمدة بسبب توقف القاضي البيطار عن ممارسة مهماته نتيجة طلبات الرد التي قدمت بحقه والتي كان يفترض ان تفصل فيها هيئة محكمة التمييز، لكن تشكيل هذه الهيئة لم يتم بعد لان مرسوم التعيين لم يقترن بتوقيع وزير المال يوسف الخليل، فاعد وزير العدل سحبه لتعديله، لكن القضاء اصرّ على موقفه وعلى الاسماء التي اقترحها. ويقول الوزير خوري انه قدم اكثر من اقتراح لمجلس القضاء لكن القاضي عبود اصر على موقفه بابقاء عدد اعضاء الهيئة عشرة بمن فيهم هو كرئيس اعلى، في حين ان احد المخارج الذي استند الى القانون كان يقضي باضافة رئيس محكمة بحيث يصبح العدد 12، أي 6 مسيحيين و 6 مسلمين بمن فيهم الرئيس الاول. وحيال هذا الامر الذي جمد امكانية تعيين رئيس واعضاء هيئة محاكم التمييز، عمد الوزير خوري الى اقتراح تعيين قاض رديف للقاضي البيطار للبت في طلبات اخلاء السبيل المقدمة من وكلاء الموقوفين، فدرس مجلس القضاء الاقتراح ووافق عليه، الا انه عندما طرحت اسماء القضاة المرشحين لتولي هذه الوظيفة، توالى اعتذار القضاة حتى بلغ عددهم ستة. عن ذاك اقترح وزير العدل اسم القاضية نصار التي وافقت على تولي هذه المسؤولية. وهنا وقع الاشكال، ذلك ان القاضي عبود لا يريد تعيين القاضية نصار، في حين ان اعضاء المجلس وافقوا على ذلك. وحاول في المرة الاولى " تطيير" النصاب، ثم رفض بعد موافقة اعضاء المجلس فتح محضر بالجلسة والتصديق على خيار اعضاء مجلس القضاء ولم يعد يدعو الى جلسات. وحيال هذا الواقع وجه وزر العدل طلبا رسميا، استنادا الى صلاحياته القانونية، بانعقاد اجتماع لمجلس القضاء للبت في موضوعين، الاول يتعلق بتعين رؤساء محاكم التمييز لتكتمل الهيئة، والثاني لاتخاذ قرار سلبا او ايجابا بتعيين القاضية نصار في منصب القاضي الرديف.
عبود يحبط تعيين المحقق الرديف
وتضيف مصادر قضائية مطلعة، ان اعضاء مجلس القضاء كانوا يتجهون الى تأكيد موقفهم بتعيين القاضية نصار، لكن القاضي عبود لم يكن موافقا، فاصدر بيانه بعدم حضور الجلسة " التزاما بقسمه وايمانا منه باستقلالية عمل المجلس" على حد تعبيره، مضيفا انه غير راغب بتكريس ما يمس هذه الاستقلالية وذهب القاضي عبود بعيدا في الحديث عن " تدخلات سياسية في القضاء حاصلة من جهات ومراجع مختلفة، صراحة او ضمنا، سكوتا او تجاهلا ساهمت وتساهم في ضرب الثقة بالاداء القضائي وهي ظهرت من خلال ما سمي " تسوية" بخصوص عدد الغرف لدى محكمة التمييز وبما اثير بصددها لناحية عدم التوازن والميثاقية في حين انهما مؤمنان منذ فترة طويلة بموجب التشكيلات القضائية المتعاقبة المقررة من عدة مجالس للقضاء". واعتبر القاضي عبود ان " التدخل السياسي" الذي شكا منه، ظهر من خلال دعوة الوزير خوري ووضعه جدول اعمال مجلس القضاء الاعلى ، معتبرا انها " سابقة لها مبرراتها السياسية لا القضائية، ولو استندت في ظاهرها الى واقع قانوني( المادة 6 من قانون القضاء العدلي)، ولم يطبق ولم يعمل به سابقا لعدم ائتلافه مع مبدأ الفصل بين السلطات ومع مبدأ استقلالية السلطة القضائية المكرسين في الدستور ومع موجب احترام هذه الاستقلالية، وفيما ختم عبود رسالته بالاعلان عن عدم حضوره الجلسة دعا باسلوب مباشر اعضاء المجلس الى اعتماد الموقف نفسه الذي اتخذه.
الا ان اعضاء المجلس اجتمعوا برئاسة نائب الرئيس المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وسط اصرار اعضاء مجلس القضاء على تعيين القاضية نصار في الموقع المرشحة اليه، لكن المجلس اخفق في التجاوب مع الموضوع الاول المحدد في جدول الاعمال بسبب عدم الاتفاق على قاض لرئاسة احدى غرف محاكم التمييز خلفا للقاضية جمال الخوري التي احيلت الى التقاعد. ثم انسحب القاضي عويدات لدى طرح الموضوع الثاني المتعلق بتعيين قاض رديف لانه تنحى منذ البداية عن ملف انفجار مرفأ بيروت نتيجة وجود صلة قرابة بينه وبين النائب غازي زعيتر المدعى عليه في هذه القضية، ونتيجة هذا الانسحاب فقدت الجلسة النصاب القانوني لها وطار البحث في موضوع القاضي الرديف وبند اعضاء هيئة محاكم التمييز، الامر الذي جعل كل البحث في جريمة انفجار مرفأ بيروت معلقا حتى اشعار آخر من كل جوانبه سواء ما يتصل بوضع هيئة محاكم التمييز، او ما يتعلق بالبت بمصير الموقوفين منذ عامين ونصف العام من دون محاكمة لان يد المحقق العدلي مكفوفة ولا من يبت بمصير هؤلاء. وفيما يكثر الكلام عن " حسابات رئاسية" لدى القاضي عبود تدفعه الى اتخاذ مواقف عطلت عمليا مجلس القضاء الاعلى وحرمت اعضاءه من تعيين قاض رديف للمحقق العدلي القاضي البيطار، كما عطلت تعيين هيئة محاكم التمييز، ثمة معطيات توافرت عن ان القاضي عبود شجع على تنحي القاضي ناجي عيد الذي منع من البت في دعوى ضد القاضي البيطار بسبب دعوى مخاصمة الدولة قدمها عدد من الوزراء المدعى عليهم في القضية امام محاكم التمييز في حقه، وعين مكانه القاضي جان مارك عويس الذي بات بامكانه رد الدعوى ضد البيطار واعادته الى مهامه.
في أي حال، وأمام هذا الواقع يتجه ملف التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت إلى مزيد من التعقيد. أولاً بينَ وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وبينَ الأخير وأعضاء المجلس الذي يمنع عبّود من ممارسة صلاحياته مجتمعاً وفقاً للمادتين 4 و5 من قانون القضاء العدلي اللتين تنصّان على أن "يسهر مجلس القضاء الأعلى على حسن سير العمل في المحاكم، وأن ينظر مجلس القضاء في أي أمر خلافي للبت فيه ويتخذ قراره بأكثرية سبعة أعضاء ويكون قراره في هذا الشأن نهائياً وملزماً، ولا يملك أي عضو فيه أياً من الصلاحيات منفرداً ولا حتى التعبير عن رأي المجلس"، فضلاً عن أن التحركات التي يحضّر لها أهالي الموقوفين، في ظل معلومات تتحدث عن دعاوى تحضر ضد عبّود نفسه للمطالبة بتنحيته. وعليه فان سقوط السلطة القضائية وعجزها عن اداء دورها، يضاف الى سلسلة السقطات للسلطات الاخرى ما يؤشر الى ان تحلل الدولة يسير.... بنجاح كبير!.