تفاصيل الخبر

السفير البابوي الجديد يتحرك لتسهيل الاستحقاق الرئاسي وتوافق فرنسي- فاتيكاني على خارطة طريق للملف اللبناني

09/11/2022
السفير البابوي الجديد يتحرك لتسهيل الاستحقاق الرئاسي وتوافق فرنسي- فاتيكاني على خارطة طريق للملف اللبناني

السفير البابوي الجديد" باولو بورجا "

 

بعيدا عن الاضواء والاعلام باشر السفير البابوي الجديد في لبنان المونسنيور" باولو بورجا " لقاءات في دار السفارة البابوية في حريصا مع شخصيات رسمية وسياسية واجتماعية بهدف استمزاجها رأيها في مستقبل الاحداث في لبنان، بدءا بالاستحقاق الرئاسي ومواصفات الرئيس العتيد، مرورا بمستقبل النظام في لبنان بعد سنوات من تجربته، وصولا الى سبل معالجة الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية بعد التدهور الخطير الذي وصلت اليه. اللقاءات كانت بدأت قبل حصول الشغور الرئاسي وكان من بين الاسئلة التي طرحها  القاصد الرسولي ما يتعلق بالتركيبة الحكومية المتوقعة. الا ان انتهاء عهد الرئيس العماد ميشال عون جعل موضوع التشكيلة الحكومية موضوعا ساقطا، ليقتصر النقاش على المواضيع الاخرى. من شارك في هذه اللقاءات خرج بانطباع خلاصته ان السفير البابوي، وهو خبير في الشأن اللبناني منذ كان قائما بالاعمال خلال ولاية السفير البابوي السابق المونسنيور" كاتشا"، اراد من لقاءاته معرفة نبض الوسط السياسي والشعبي حيال الاستحقاقات المرتقبة، تمهيدا لرفع تقرير الى الكرسي الرسولي يتضمن خلاصات واقتراحات يقرر على ضوئها القيمون على الملف اللبناني في حاضرة الفاتيكان الخطوات التالية بالتنسيق مع الدول التي يعمل الكرسي الرسولي معها في ما خص الملف اللبناني. كثيرة هي الاسئلة التي يطرحها السفير البابوي  ويستمع الى الاجوبة من دون ان يعرض هو وجهة نظره، او يكشف عن التوجهات التي لدى الكرسي الرسولي. لكنه في سياق الاحاديث، يستوقف محدثيه لاستيضاحهم فكرة وردت او اقتراح طرح. باختصار لا يريد السفير البابوي ان يوحي لمحدثيه ما سيكون عليه موقف الفاتيكان من الاحداث المرتقبة ولاسيما الاستحقاق الرئاسي، خصوصا بعدما حاولت شخصيات لبنانية تزور الكرسي الرسولي من حين الى آخر الايحاء بانها تعرف القرار البابوي وتشيع معطيات لا تأتلف مع الواقع، لكنها تحدث " بلبلة" في الساحة السياسية اللبنانية على اساس انها مواقف بابوية.... وهي عمليا غير ذلك!.

 

بنود الاتفاق الفرنسي – البابوي

وفيما لقاءات السفير البابوي في بيروت تتوالى من دون اي اعلان مسبق عنها، لا تزال اصداء لقاء "البابا فرنسيس" مع الرئيس الفرنسي" ايمانويل ماكرون" قبل اسبوعين، تتردد في الاوساط السياسية والروحية اللبنانية التي اشارت الى ان الملف اللبناني كان في صلب هذا اللقاء على رغم ان الحرب الروسية الاوكرانية اخذت حيزا كبيرا من البحث، لكن الرئيس الفرنسي شاء ان يكون تحركه في ما خص لبنان منسقا مع الدوائر الفاتيكانية وذلك استكمالا لما كان يحصل سابقا خلال الازمات التي توالت على لبنان ولاسيما منها خلال مؤتمر الطائف الذي احيا اللبنانيون ذكرى مرور 33 عاما على ولادته. وقالت مصادر روحية على صلة وثيقة بالكرسي الرسولي ان" البابا "والرئيس "ماكرون" التقيا على جملة نقاط تشكل خارطة طريق في التحرك الفرنسي- الفاتيكاني، ابرزها الاتي:

أولاً: ضرورة الحفاظ على الصيغة اللبنانية وعدم الذهاب في الوقت الحالي إلى تغيير النظام. وذلك في اشارة واضحة الى ان الظروف الراهنة التي يعيشها لبنان تتطلب استقرارا بحيث لا يؤدي اي بحث في تعديل النظام او تغييره الى اي جدل يمكن ان يؤذي الاستقرار الذي تعيشه البلاد منذ العام 2016  بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

 

ثانياً: الحفاظ على الدور المسيحي حالياً وصونه مستقبلاً من ضمن آليات الحكم المتّبعة لأن لبنان يُعتبر آخر دول الشرق التي يتمتع فيها المكوّن المسيحي بحضور سياسي وازن. ومثل هذا التوجه اكد عليه" البابا فرنسيس" في لقاءاته مع القيادات الروحية الاسلامية وكان آخرها في مملكة البحرين.

 

ثالثاً: الدعوة السريعة لانتخاب رئيس جمهورية جديد وعدم إطالة أمد الشغور في الموقع الأول في الدولة، لأنّ نتائج هذا الشغور ستكون كارثية.

رابعاً: مساعدة باريس والفاتيكان على تسهيل إجراء الإستحقاق الرئاسي عبر تنشيط الإتصالات الدولية.

خامساً: محاولة المساعدة قدر الإمكان من خلال إجراء إتصالات داخلية لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء المتخاصمين على الساحة اللبنانية.

سادساً: حضّ المسؤولين اللبنانيين على القيام بالإصلاحات الضرورية لوقف الفساد والإستجابة لمناشدات الرأي العام.

سابعاً: الإستمرار بتقديم المساعدات الإنسانية إمّا عبر الدول أو الجهات المانحة وعدم ترك الشعب اللبناني يواجه وحيداً الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعصف به والتي تعتبر من أخطر الأزمات التي تضرب الدول.

ثامناً: التأكيد على دور لبنان في محيطه وحضّ الأطراف كافة على الوقوف إلى جانبه وتجنيبه إرتدادات صراعات المنطقة وحروبها.

 

وتأتي هذه البنود أو التفاهمات الفرنسية - الفاتيكانية حول الأزمة اللبنانية لتؤكد وجود اهتمام أوروبي ودولي بلبنان، وبالإستحقاق الرئاسي على وجه خاص، لكن هذا الإهتمام لن تتفرّع منه لائحة بأسماء مرشحين رئاسيين أو محاولة تسويق أي مرشح، لأن تجارب الرئيس الفرنسي السابقة تثبت أنّ الوحول اللبنانية قد تغرقه مجدداً، لذلك لن يُقدم على خطوة غير مدروسة. ومن جهة ثانية، فإن الإليزيه يستكمل إتصالاته مع الدول الفاعلة بالملف اللبناني، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وإيران والسعودية من أجل خلق أجواء مؤاتية لإتمام الإستحقاق الرئاسي وعدم إطالة أمد الشغور الذي  بات أمراً واقعاً المجلس النيابي  من إنتخاب رئيس جمهورية قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول ( اكتوبر) الماضي ، لذلك فإن المساعي ستتكثف على رغم أنّ الجو التشاؤمي هو الغالب.

وفي هذا السياق، كشف مصدر ديبلوماسي فرنسي ان باريس ابلغت اطرافا لبنانيين وعربا انها قلقة من حصول اي خلل في تركيبة الحكم اللبناني وفي هرمية المؤسسات لان ذلك يؤدي حكما الى مزيد من الانهيارات لذلك كان تركيز العاصمة الفرنسية على ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي، وفي كل اللقاءات التي عقدت مع مرشحين محتملين او " طبيعيين" الذين زاروا فرنسا تباعا كان الموقف الفرنسي واضحا لجهة ان انتخاب رئيس جديد مهمة دقيقة وضرورية في آن، وبعدما كان التركيز على تشكيل حكومة جديدة، غدت الاولوية لانتخاب رئيس جديد، على رغم ان باريس " مرتاحة" للتعامل مع الرئيس نجيب ميقاتي نظرا للدور المميز الذي لعبه منذ تشكيل الحكومة الحالية على رغم الازمات التي تناسلت خلال الاشهر الماضية، وهي- اي باريس- لا تزال تراهن على دور مستقبلي للرئيس ميقاتي الذي نجح في " تطويع" الملفات الحساسة التي عالجتها حكومته التي تعتبر الادارة الفرنسية انها حكومة قادرة، ولو كانت في مرحلة تصريف الاعمال، ان تستمر في لعب هذا الدور  مع الرئيس العتيد اذا قدر له ان يدخل قصر بعبدا بعد انتهاء الشغور الرئاسي. ويقول المصدر نفسه ان باريس عملت وتستمر في العمل من اجل تجنيب البلاد خضات قد تبدأ سياسيا وتنتهي امنيا!.