في الاوساط الديبلوماسية العربية والدولية في لبنان، سؤال واحد يشكل الشغل الشاغل، مفاده: لماذا لا تتفق كتل المعارضة على مرشح واحد تواجه فيها مرشح " الثنائي الشيعي" زعيم تيار " المردة" سليمان فرنجية؟ ذلك ان الاستمرار في غياب مرشح ثان يمكن ان يجعل اللعبة الديموقراطية تأخذ مداها فتعود الحياة الى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية في ساحة النجمة، ويصبح التنافس ديمقراطيا ما يدفع بالكتل النيابية الى تحديد موقفها، وكذلك بالنسبة الى النواب المستقلين والمترددين. فهل هذا الامر ممكنا خصوصا انه اصبح مطلبا واسعا قد يكون من الصعب تجاهله؟
من خلال تتبع حركة الوسطاء واصحاب المبادرات، يبدو جليا ان هذا الهدف هو الاساس في تحركهم بعدما وصلت الامور الى طريق مسدود، لكن التحرك لا يعني بالضرورة الوصول الى نتيجة. فالمرشح الجدي الوحيد سليمان فرنجية ليس في وارد التراجع عن ترشيحه في الوقت الراهن على الاقل، وربما لن يفعل مهما اشتدت الضغوط. في المقابل لا يبدو ان زعيم " حركة الاستقلال" النائب ميشـــال معوض يحظى بدعــــم الكتل المعارضة والمستقلين و" التغييريين" حتى انه بات عمليا خارج السباق، وهو ما بدأ معوض" يقتنع" به بعدما كان لاسابيع خلت رافضا للفكرة وان كان اشترط للموافقة عليها، توافر اجماع لدى كل معارضي ترشيح فرنجية على اسم واحد يمكنه الحصول على 65 صوتا في جلسة يتوافر فيها النصاب القانوني اي غالبية الثلثين( 86 نائبا من اصل 128).
ولعل وجود اسماء عدة قيد التداول مع تنّوع المؤيدين لهذا الاسم او ذاك، يجعل من الصعب اقناع المعنيين بالتوصل الى اسم واحد وهذا ما لمسه نائب البقاع الغربي الدكتور غسان سكاف من خلال جولاته على الكتل النيابية والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حيث يعمل سكاف على امكانية التوصل الى ثلاثة اسماء قال انها تحظى باوسع تأييد متوافر، على ان يصار لاحقا باعتماد اسم واحد يواجه فرنجية وهو امر يعتقد سكاف كما غيره بانه ليس سهلا في المرحلة الراهنة على الاقل، لكنه يصبح ممكنا في مرحلة لاحقة اذا وجد المعارضون ان وحدة موقفهم ضرورية لتحقيق نصر سياسي مهم مثل انتخاب رئيس جمهورية تكون لهم اليد الطولى بوصوله الى قصر بعبدا. لكن الوصول الى اتفاق على اسم واحد من ضمن الاسماء الثلاثة دونه سلسلة "معطيات" قد يقع فيها الساعون الى مبادرات رئاسية لعل اصعبها عدم وجود رغبة لدى معظم الكتل بتقديم تنازلات معينة تساعد في الوصول الى حل مقبول من الجميع. وينقل عن عاملين على خط تقريب وجهات النظر رئاسيا، ان السفيرة الاميركية في بيروت" دوروثي شيا "ابلغت الرئيس نبيه بري خلال زيارتها له الاسبوع الماضي ان الوقت يسير بسرعة وانه لا بد من الاتفاق على مرشح ينتخبه مجلس النواب قبل شهر تموز ( يوليو) المقبل لان المجتمع الدولي ليس في وارد انتظار المزيد. وقد تزامن كلام السفيرة "شيا"، مع عودة " نغمة" العقوبات الى التداول في الاندية السياسية كوسيلة ضغط على السياسيين للاسراع في حسم خياراتهم بانفسهم وعدم الاتكال على الخارج، لان الدول المعنية وضعت مواصفات وليست في وارد الدخول بالاسماء.
مثل كلام السفيرة يرد ايضا على السنة ديبلوماسيين عربا واجانب ويظهر في الرسائل التي ترد من الخارج وعلى اكثر من مستوى، وهو ما شكل دافعا للمعـــارضة، كتلا ومستقلين و" تغييريين" الى التشاور في ما بينها على اسم او اسمين. وقد برز في هذا السياق اسم الوزير السابق زياد بارود الذي ارتفعت اسهمه من جديد بعدما كان انخفض منسوبها قبل مدة. ولعل الحراك البعيد عن الاضواء الذي يقوم به بارود اثمر عودة اسمه الى مقدمة الاسماء التي تتجه المعارضة الى تبنيه، علما ان في الجهة المقابلة لا اعتراضاً اساسيا على بارود المشهود له بالكفاءة والخبرة والعلاقات والوسعة، فضلا عن الصيت الحسن والسمعة الطيبة والكفاءة الوطنية. اما اسم الوزير السابق جهاد ازعور فقد تراجع في الاسبوع الماضي، ليتقدم ولو بخطى قليلة مرشح مستقل آخر تتكتم الجهات المعنية عن ذكر اسمه حتى " لا تحرقه" لانه لم يكن قيد التداول على نطاق واسع منذ بدء المعركة الرئاسية.
وفي المعلومات ان " تسويق" اسم بارود يتولاه اكثر من طرف وهو على تواصل مع الكتل المعارضة والموالية على حد سواء، لكن لن يكون ممكنا تحديد موعد بالاتفاق على اسم واحد لان ثمة من ينصح باستكمال كل الاتصالات حتى لا يصبح الوزير السابق بارود ضحية خلافات المسيحيين قبل غيرهم. ولا يخفي النائب سكاف انه سمع مع الذين التقاهم كلاما ايجابيا يشجع على المضي في محاولة توحيد مرشح المعارضة فكيف اذا كان وسطيا ويحظى بتأييد المعارضة الجديدة وقادرا على ادارة البلاد في زمن اللاحلول للازمات الاقليمية التي يتأثر فيها لبنان، وفي مقدمها ازمتي سوريا واليمن وصولا الى الحرب المستمرة في السودان.