فجّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي" جوزيب بوريل"، خلال مؤتمر "بروكسل 7" لدعم سوريا الذي عقد في الأسبوع الماضي، قنبلة من العيار الثقيل عندما اكد أن الاتحاد الأوروبي لن يدعم عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ما لم تكن عودة طوعية وآمنة وخاضعة لمراقبة مجموعات دولية، مؤكداً الإبقاء على العقوبات الأوروبية على سوريا، وقال إن الاتحاد لن يبدأ إعادة الإعمار حتى يبدأ انتقال سياسي حقيقي وكامل، والحال ليست كذلك حالياً ، معتبراً أن الظروف غير مؤاتية ليغيّر الاتحاد الأوروبي سياسته بشأن سوريا. وليس هذا فحسب بل عمد الى الغاء اجتماع بين الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية بسبب عودة سوريا الى الجامعة، ما جعل وزير الخارجية المصري سامح شكري يصف هذا القرار بالامر المؤسف.
وقوبلت تصريحات"بوريل "باستنكار لبناني واسع ، حيث اعتبر الكثيرون ان هذه السياسة تهدف الى دمج النازحين في المجتمع اللبناني، الذي يعاني أصلا من شبح توطين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين على ارضه منذ نكبة فلسطين عام 1948 ويصل عددهم الى 500 الف نسمة ، وكل ذلك للحؤول دون هجرة النازحين من دول الجوار العربي وتدفقهم الى القارة العجوز ، لدرجة ان الرئيس التونسي قيس سعد قال خلال لقائه وفود أوروبية رفيعة المستوى ان تونس لن نقبل بتوطين اللاجئين على أراضيها ، ولن يكون التونسيون حُرّاس حدود لأوروبا التي تتسبّب سياساتها بالهجرة من أفريقيا وترمي نتائجها في بلادنا، فكيف بالحري بلبنان الذي حلَّ ثانياً عالميا بعد أوروبا في عدد اللاجئين نسبةً الى عدد سكانه بمعدّل لاجئ لكلّ 7 مواطنين؟
وخلافا ًللرغبة الأوروبية فقد اكد نائب السكرتير المساعد في وزارة الخارجية الأميركية" سكوت تيرنر " بعد لاقائه وزيبر الخارجية عبد الله بو حبيب يوم الأربعاء الماضي "دعم بلاده للجهود التي يبذلها لبنان من خلال استضافته للنازحين السوريين وتداعيات وجودهم على المجتمع اللبناني واقتصاده".
وكان مجلس الوزراء وافق على خطة وزير المهجّرين عصام شرف الدين ، قبل أن يوقّع تفاهماً مع وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف ووزير الداخلية اللواء محمد رحمون. وبحسب المعلومات، فإن الجانب السوري وافق على عودة الـ 180 ألف نازح في الدفعة الأولى، على أن تليها دفعات من 15 ألف نازح كل شهر إلى القرى والبلدات التي تحسّنت فيها البنية التحتية اللازمة من الطبابة والتعليم والصرف الصحي والنقل، مع توفير 480 مركز إيواء لتأمين الخطة، إلّا أن الحكومة اللبنانية تحوّلت إلى حكومة تصريف الأعمال، ما حال دون متابعة العمل على التفاهم. ومن المتوقّع خلال زيارة شرف الدين، إجراء بعض التعديلات على التفاهم تمهيداً للاتفاق خلال زيارة اللجنة الوزارية.
وتوالت الأصوات المنددة بما قاله "بوريل" ، حيث أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري من الإتحاد الاوروبي المبادرة الى مساعدة لبنان في إيجاد حل سريع لهذه المسألة الإنسانية التي بلغت من الخطورة لم يعد بإستطاعة لبنان تحملها ، مؤكدا انه لم يعد جائزاً لا أخلاقياً ولا إنسانياً ولا قانونياً تجاهل التداعيات الناجمه عن أزمة النازحين السوريين على لبنان والتي يجب أن تحل بعودة طوعية الى وطنهم الأم ومساعدتهم هناك .
وأشار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال لقائه بعثة بلدان المشرق في البرلمان الأوروبي، إلى أنّ المشكلة الأساس في لبنان حاليًا إلى جانب الأزمات السياسية المعروفة تتمثل بأزمة النازحين السوريين، الذين استقبلناهم بكل ترحاب منذ 11 عامًا لكن وجودهم بدأ يُثقل على اللبنانيين، وقال: أننا في حوار متواصل مع مختلف الدول الاوروبية ومفوضية شؤون اللاجئين ونشرح لهم هذا الواقع، وبأن لبنان لم يعد في استطاعته تحمّل هذا النزوح خاصة في غياب اي خارطة دولية لعودتهم ، مؤكدًا أننا في صدد اعداد خطة عرضها وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب قبل ايام أمام "مؤتمر دعم سوريا والدول المضيفة للاجئين ، ونأمل أن يصار الى التجاوب بشأنها .
وذكر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون أنّ " بوريل" لا يريد التطبيع مع النظام السوري، وهذا شأنه، أما حديثه عن إبقاء النازحين في الدول المضيفة وربط عودتهم بالحل السياسي فهذا شأننا ومصير وطننا، ونرفضه جملة وتفصيلاً، ونرفض ان يدفع لبنان ثمن الحرب التي شُنَّت على سوريا، لافتاً في بيان إلى أنّ مشروع دمج النازحين في المجتمع اللبناني هو تدمير ممنهج للبنان؛ وأسئلة مشروعة لا بد وأن تُطرح حول دور فرنسا وألمانيا في هذا الشأن: من منحهما حق التلاعب بمصير لبنان؟ لأجل ماذا؟ ولمصلحة من؟ وأي مستقبل لسوريا ولبنان تريدون دعمه وانتم تسعون لتخريب نسيج البلدين وضرب مقومات وجودهما؟.
وأكّد عون أنّ مشروع الدمج يلغي عودة السوريين الى بلادهم وأرضهم مع ما يحمل ذلك من تداعيات على لبنان وعلى سوريا على مختلف الصعد. هو قرار يقوّض المجتمعين اللبناني والسوري معًا، وعليهما رفضه ومقاومته مهما كلّف الأمر، والتنسيق بين الدولتين ضرورة من أجل تحقيق العودة الكريمة والآمنة .
كما أوضح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال هكتور حجار أن ما قاله "بوريل" خطير جداً، وعلينا العمل على صعيد الدولتين لمصلحة النازحين والشعب اللبناني .
وكشف الوزير بو حبيب، في تصريح لشبكة "رووداو"، على هامش مؤتمر بروكسل ، أنّ عدد النّازحين السّوريّين في لبنان يتراوح بين 1,5 مليون ومليونين، مبيّنًا عدم وجود إحصاء رسمي حتّى الآن لأعدادهم، ومركّزًا على وجود عدم تعاون" للمفوضيّة السامية لشؤون اللّاجئين مع لبنان بهذا الصّدد.
وبالنّسبة لعدد العائدين إلى سوريا شرعيًّا، كشف بو حبيب أنّ عددهم يتراوح بين 120 و150 ألفًا شهريًّا . وعن الأنباء عن وجود تضييق من قبل السّلطات اللّبنانيّة لإجبار النّازحين على العودة إلى بلدهم، نفى تلك الأنباء، مشدّدًا على أنّ لبنان لا يتعامل مع السّوريّين بهذه الطّريقة. كما يتصرّف الغربيّون، نحن من حقّنا إرجاع أيّ شخص لا يحمل إقامة ، مرحّبًا بأيّ سوري يحمل إقامة لجوء أو إقامة عمل، معتبراً ان خطوات لجنة مجلس وزراء العرب بشأن سوريا ستساهم في حلّ المشاكل بين دمشق والاتحاد الأوروبي ، موضحًا إمكانية ذلك من خلال تحصيل تجاوب سوري يتبعه رفع للعقوبات، وإعادة تعيين سفراء دول غربيّة وغيرها في دمشق مجدّدًا .
و جدد وزير الثقافة محمد وسام المرتضى رفض بلاده توطين النازحين السوريين، وقال في تصريح إن موقف السيد" بوريل" مريب.. لكنه يلزمه وحده"، معتبراً أنه بالنسبة لأصحاب مخططات توطين النازحين السوريين في لبنان المتزامنة مع مساعي دفع اللبنانيين للهجرة، نقول لهم إن مخططاتكم واهية.