تفاصيل الخبر

" ثمار" اعتصام النواب" التغييريين" لم تنضج بعد مع غياب مؤازرة رفاقهم والمقاربة المشتركة للاستحقاق الرئاسي

08/02/2023
" ثمار" اعتصام النواب" التغييريين" لم تنضج بعد  مع غياب مؤازرة رفاقهم والمقاربة المشتركة للاستحقاق الرئاسي

نائبا قوى التغيير المعتصمان ملحم خلف ونجاة صليبا

 

منذ ان اعلن النائب ملحم خلف، والنائبة نجاة صليبا الاعتصام في القاعة العامة لمجلس النواب حتى انتخاب رئيس الجمهورية، راهن كثيرون على نجاح هذه الخطوة من خلال انضمام نواب من " التغييريين" الى المعتصمين ومشاركة نواب من " المعارضة" الذين لطالما رفعوا شعارات عريضة لم يتحقق منها شيئا.... حتى الان، لكن المفاجأة ان خلف وصليبا ظلا وحيدين في المبيت في مجلس النواب، وكان ينضم اليهما خلال النهار عدد من نواب "  التغيير" والكتائب في خطوات ظلت استعراضية اكثر منها تضامنية، في وقت كانت تتوالى مواقف نيابية وغير نيابية تقول بان لا فائدة من استمرار الاعتصام لان لا تجاوب من رئيس مجلس النواب نبيه بري مع هذه الخطوة لانه التزم عدم تحديد موعد لجلسة نيابية قبل حصول تقدم على صعيد توضيح خيارات الكتل النيابية لئلا تستمر هذه " المسرحية" كل يوم خميس وقد باتت هزلية. هذا " التراجع" في حماسة النواب، دفع بالنائبين المعتصمين الى عقد مؤتمر صحافي شارك فيه ثلاثة نواب " تغييريين" من اصل 11 هم بولا يعقوبيان وابراهيم منيمنة وفراس حمدان وكرروا ما سبق ان اعلنوه من ان خطواتهم تنطلق من الدستور وتفسير بعض مواده المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، رافضين اي شيء آخر قبل انجاز هذا الاستحقاق بما في ذلك التشريع للضرورة وغير الضرورة، وداعين الى حوار متواصل خلال الجلسات المفتوحة تحت قبة البرلمان الى حين التمكن من انتخاب الرئيس.

واذا كان المؤتمر الصحافي لم يحمل جديدا، فانه كان مناسبة لاعلام من يجب ان يعلم ان الاعتصام مستمر وان لا تراجع فيه مهما خفّ بريقه وتراجعت نسبة التضامن معه سواء على صعيد الكتل النيابية او على الصعيد الشعبي حيث تخف تدريجا التجمعات " الداعمة" للمعتصمين خارج البرلمان. اما الاعلام فلم يعد يولي الحركة الاعتصامية  اهتماما كما كان يفعل في بدايات انطلاقتها، ما دفع النائب صليبا الى توجيه انتقاد علني الى وسائل الاعلام اللبنانية ترك صدى سلبيا في صفوف اهل الاعلام. ولا يخفي المعتصدون انزعاجهم من ردود فعل عدد من النواب مما كان يفترض ان يدعموا هذا الاعتصام ويشاركون فيه، وهذا العتب الذي وصل الى حد الانتقاد احيانا، ردده كل من النائب خلف والنائب صليبا على مسمع قلة من زملائهم في كتل " التغيير" الذين بدا دعمهم شكليا واستعراضا اكثر منه التزاما وتضامنا فعليا، حتى ان منهم من قال ان الاعتصام استنفد مفاعيله وان الوقت حان لطوي صفحته والتفتيش عن بديل.

في مقابل هذه " النكسة" التي اصابت النواب  المعتصمون، بالجملة والمفرق، يتحدث معارضو" التغييريين" عن ان زملاءهم صعدوا الى الشجرة ولا يعرفون كيف ينزلون منها، ويطلق هؤلاء اوصافا على الاعتصام اقلها انه بات استعراضيا وارتجاليا وصولا الى حد الفولكلور احيانا. ويرى  المعارضون ان التمثل بما يحدث في عدد من برلمانات الخارج في ممارسات شبيهة، لا يستقيم في لبنان حيث الحسابات السياسية مختلفة ومواقف الكتل التقليدية لا تنسجم مع مثل هذه الافكار " الثورية"، وهي بالتالي لن تعطي نتيجة عملية باستثناء لقاءات اعلامية من حين الى آخر، ومؤتمرات صحافية لن تكون سببا في دعوة المجلس الى الانعقاد ما لم تحصل تطورات ايجابية على صعيد التفاهم على انتخاب الرئيس العتيد. ويتحدث نواب من غير المؤيدين لحركة الاعتصام ان ثمة ملاحظات تتعلق باداء النواب" التغييريين" منها عجزهم على اختيار مرشح موحد للرئاسة وقد ظهر ذلك جليا من خلال عدم اتفاقهم على اسم واحد يصوتون له في صندوق الاقتراع. اضافة الى ان فكرة الاعتصام لم تناقش اصلا بين جميع نواب الكتل التغييرين وهي ولدت في ظروف غير واضحة المعالم فلاقت استحسانا من البعض ورفضا من البعض الاخر وتحفظا من البعض الثالث. ولا بد من التوقف عند ردود بعض النواب" التغييريين" مثل الياس جرادي وميشال دويهي وموقفهما من ضرورة استمرار الجلسات المفتوحة الى حين انتخاب الرئيس، لكنهما لا يتشاركان مع المعتصمين في مسائل عدة منها التصويت للمرشح الذين يصوتون له، في حين ان النواب نجاة صليبا ومارك ضو ووضاح الصادق اختاروا رئاسيا المرشح ميشال معوض. كذلك يبرز الخلاف بين النواب " التغييريين" والمعارضة لجهة رفض بعض " التغييريين" الالتحاق بالمعارضين التقليديين لان ذلك ينزع عنهم صفة " التغيير".

الرئيس نبيه بري يترأس الجلسة الاخيرة لمجلس النواب لانتخاب الرئيس

تحرك لم تنضج ثماره بعد

في اي حال، استمرار النائبين خلف وصليبا في اعتصامهما داخل قاعة المجلس تحت شعار" تحريك الاستحقاق الرئاسي والمساهمة في حركة المشاورات الناشطة في هذا الشأن في اتجاه الدفع نحو حسم الخيارات والخروج من حالة الجمود والمراوحة"، يقابله " تصويب" من مصادر نيابية تتحدث  عن ان الاتصالات والمشاورات خارج المجلس بدأت قبل الاعتصام وارتفعت وتيرتها تدريجا بفعل جهود مراجع وقيادات سياسية ابرزها الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والمواقف التي صدرت عن رئيس تكتل " لبنان القوي" النائب جبران باسيل. وتضيف " ان فكرة الحوار التي اطلقها الرئيس بري هي المبتدأ والخبر لما نشهده من تزخيم لحركة المشاورات،"، مشيرة الى انه اذا كان المعتصمون يعتبرون انهم نجحوا في تحريك المياه الراكدة لهذه الحركة فهذا امر جيد، لكنه لا يتلاءم مع فكرتهم جعل الجلسات المفتوحة ندوات نقاش لانتخاب الرئيس، فمثل هذا الطرح غير موضوعي في كل الاحوال. وفي تقويمها للاعتصام تقول المصادر ان " التغيريين" لم يتمكنوا من تحقيق عدد من الامور التي كانوا يتوخونها منها: عدم نجاح دعوتهم الى توسيع رقعة الاعتصام، خصوصا ان الكتل التي اعلنت تضامنها معهم في الايام الاولى ما لبثت ان ابتعدت تدريجيا لانها غير مقتنعة اصلا بجدوى هذه الخطوة، عدم كسب الاعتصام منذ اليوم الاول مؤازرة شعبية واحداث حركة تضامن معه في الشارع. ولم يشارك في التجمع الذي حصل لايام قليلة معدودة عند احد المداخل المؤدية الى المجلس سوى عشرات من الناشطين. كذلك لم ينجح المعتصمون التغييريون في خلق مناخ خارج الاصطفاف السياسي التقليدي الذي سجل خلال جلسات الانتخاب، الامر الذي وضع الاعتصام امام طريق مسدود. هذا عدا ان فكرة عقد جلسات مفتوحة الى حين انتخاب الرئيس كانت سقطت قبل الاعتصام.

من هنا، فان مفاعيل استمرار الاعتصام لن تكون كبيرة، لكنها ميزت عملا نيابيا  غير مسبوق اذ خرج من الاطار  التقليدي الى اطار جديد وان لم تنضج ثماره بعد!