عاد ملف النازحين السوريين الى الواجهة بقوة ، وطرحت علامات استفهام كثيرة حول التوقيت ، وربطه أصحاب النوايا السيئة بالاستحقاق الرئاسي وبخيارالتطبيع الرسمي مع النظام السوري، الا ان هذا الملف بات يشكل عبئاً كبيرا على لبنان على جميع الأصعدة ، وقد سبق لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ان اطلق الصرخة امام الموفدين الدوليين ، وقال بصريح العبارة انه لا يجوز أن يبقى الملف ورقة ضغط على لبنان ، معتبراً ان الأولوية في هذه المرحلة هي لإعادة النازحين السوريين تباعا إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في سوريا، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة خاصة بالتعاون لإنهاء أزمة النزوح السوري التي تضغط على لبنان على كافة الأصعدة، مشدداً على وجوب تنسيق مفوضية اللاجئين وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف .
والنزوح السوري ارخى بتداعياته السلبية على لبنان واللبنانيين وحصلت حوادث عدة بين لبنانيين وسوريين وظهر للأسف مصطلح "العنصرية" تجاه السوريين ، لكن هناك خوفاً يتملك مختلف الشرائح اللبنانية من خطورة النزوح خاصة اذا عادت نغمة اندماج النازحين في البيئات التي يعيشون فيها ما يعني عملياً التوطين المقنع ، خاصة وان الأجهزة اللبنانية اكتشفت ان هناك 38 الف سوري ذهبوا الى سوريا خلال الأعياد وعادوا الى لبنان بغية قبض الأموال من مفوضية اللاجئين لا اكثر، وان هناك شبكات ارهابية بين النازحين ، إضافة الى ارتفاع نسبة الجريمة في مخيمات ومناطق النزوح ووجود عصابات فيها تروح للممنوعات وتسارع وتيرة الولادات التي تسجل في لبنان.
وترأس ميقاتي في الشهر الماضي اجتماعاً مع المعنيين لبحث ملف النازحين ، وتقرر التأكيد اولاً على قرارات مجلس الوزراء السابقة المتعلقة بورقة سياسة النزوح السوري الى لبنان وبعرض وزارة الشؤون الاجتماعية لورقة السياسة العامة لعودة النازحين، كما والتأكيد على التدابير والإجراءات المتخذة تنفيذاً لقرار المجلس الاعلى للدفاع من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خصوصا لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية، وثانياً الاستمرار في متابعة العودة الطوعية للنازحين السوريين، مع مراعاة ما تفرضه الاتفاقيات والقوانين لناحية المحافظة على حقوق الانسان، وذلك تحت اشراف الوزارات والإدارات المختصة لاسيما وزارة الشؤون الاجتماعية والمديرية العامة للامن العام، وثالثاً الطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين، وضمن مهلة اقصاها أسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين السوريين على انواعها، على ان تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الاراضي اللبنانية، ورابعاً الطلب من الاجهزة الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية، وخامساً الطلب من وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية إجراء المقتضى القانوني لناحية تسجيل ولادات السوريين على الاراضي اللبنانية بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين، وسادساً الطلب من الدول الاجنبية المشاركة في تحمل اعباء النزوح السوري خصوصا مع تزايد اعداد النازحين في ضوء تفاقم الازمة الاقتصادية، وسابعاً الطلب من وزارة العمل، وبالتنسيق مع المديرية العامة للامن العام، التشدد في مراقبة العمالة ضمن القطاعات المسموح بها، وثامناً الطلب من وزير العدل البحث في امكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية، وتاسعاً تكليف وزيري الشؤون الاجتماعية والعمل والأمين العام المجلس الاعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام بالإنابة متابعة تنفيذ مقررات اللجنة والتنسيق بشأنها مع الجانب السوري ورفع تقارير دورية بهذا الخصوص إلى اللجنة الوزارية.
كما إجتمع الرئيس ميقاتي منذ أيام مع وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، الذي كشف ان هناك جلسة حكومية في 22 الجاري لبحث عودة النازحين كبند أساسي، وقال:مهما كان رأي السياسيين في لبنان، سواء كانوا معارضين او غير معارضين، فان مشروع العودة ستتم مناقشته على طاولة مجلس الوزراء، ونتمنى ان يكون هناك حضور من كامل الاطراف باعتباره موضوعا حساسا وحيويا، وابدى الرئيس ميقاتي كل التجاوب، وعبّر عن استعداده للذهاب الى سوريا، وهذا امر ايجابي جدا يبرهن عن جدية بالتعاطي في هذا الملف.
وفي مطلع الأسبوع الجاري أشار وزير الداخلية بسام مولوي الى ان لبنان بدأ يلتمس خطورة وضع النازحين السوريين على ارضه، وهو سيناقش الموضوع على طاولة المفاوضات الدولية، ونحن بحاجة لمعرفة عدد السوريين ونشاطاتهم، ويجب معرفة تسجيلهم ونسبة الولادات، كي نستطيع تامين الحماية للنازحين، ونحن لا نستطيع تامين الحماية بحال لم نكن نملك البيانات، مؤكداً انه لا يتم ترحيل اي سوري معرض للتهديد او سلامته بخطر، ولم يحدث اي اشكال مع اي سوري تمت اعادته الى سوريا، لكنه اكد في المقابل ان لبنان يريد تطبيق القوانين على الاراضي اللبناني لحفظ الامن والنظام، ولذلك يجب معرفة من هو موجود في لبنان وكيفية وجوده .
وكشفت مصادر حكومية ان الرئيس ميقاتي سيدعو الى اجتماع وزاري مع ممثلي منظمات الامم المتحدة للبحث في تنفيذ ما اتفق عليه في الاجتماع الماضي لجهة تسليم الداتا خلال اسبوع، وما زالت المماطلة مستمرة في موضوع التسليم، حتى ان مفوضية اللاجئين لم تنف تقديم مذكرة للامن العام تتضمن اعطاء اقامات مجانية لمليون و٦٠٠ الف نازح مقابل تسليم الداتا، هذا ما رفضته الحكومة اللبنانية، كما تصر مفوضية اللاجئين على الدمج الكامل بين الطلاب اللبنانيين والسوريين والغاء دوامات بعد الظهر وتسليم الجداول المالية عن الاعوام الماضية، كما طلبت المفوضية من النازحين الابلاغ عن اي اجراءات قد يتعرضون لها، واصدرت بيانا اعلنت فيه دعمها للعودة الطوعية.
وعليه فإن جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في 22 الجاري ستضع خارطة طريق لحل هذه الازمة بعد الاستماع الى مدير الأمن العام بالوكالة الياس البيسري الذي زار دمشق لبحث هذا الملف، مع التشديد على أهمية حصول لبنان على الداتا من مفوضية اللاجئين. ولم تستبعد المصادر التوصل الى تأليف لجنة وزارية لهذا الغرض حتى ان مصادر مواكبة لا تستبعد ان يزور ميقاتي دمشق خاصة بعد إعادة العلاقات السعودية السورية الى طبيعتها بهدف حل الازمة بشكل جذري حتى ان البعض يتحدث عن ىتوجه رسمي لبناني للتعاون والتنسيق مع النظام السوري في هذا الملف ، والعمل لاقناع شؤون اللاجئين بعدم دفع المساعدات والأموال للنازحين الا في سوريا من خلال توافق دولي ، وهذا ما قد يعول ان تضمنه القمة العربية المقررة في 19 الجاري التي ستتناول هذا الملف الذي تتأثر به دول عربية عديدة ولا يقتصر الامر على لبنان .