بقلم علي الحسيني
حصل لبنان واللبنانيون نهاية الأسبوع الماضي، على فُسحة واسعة من الأمل والتفاؤل بمُستقبل يُبشّر بـ"الغاز" وربما نهاية العد العكسي لجمع الأزمات التي أحاطت بهذا البلد على رأسها الأزمة الإقتصادية وذلك بعد حطّت السفيرة الأميركية في لبنان" دوروثي شيا "رحالها في قصر "بعبدا" لتسلّم الرئيس ميشال عون، رسالة خطية من الوسيط" الأميركي اموس هوكشتاين"، حول الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وهو الأمر الذي فسّرته جهات داخلية وخارجية، على أنه خطوة بارزة في عملية الترسيم تسبق الإتفاق الأخير الذي سيوقعه الطرفان اللبناني والإسرائيلي ولو على أوراق مُنفصلة.
"شيا "تحمل للرؤساء الثلاثة أخر مسوّدة" هوكشتاين"
فقد جالت السفيرة " شيا "نهاية الأسبوع الماضي على الرؤساء الثلاثة حيث نقلت إليهم أخر مسوّدة متعلّقة بعملية الترسيم البحري والمفاوضات التي يُجريها " هوكشتاين" بين لبنان وإسرائيل، فبعد أن زارت الرئيس عون في بعبدا، إتصل الأخير على الفور برئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وتشاور معهما في العرض الذي قدمه هوكشتاين، وفي كيفية المتابعة لإعطاء ردّ لبناني في أسرع وقت ممكن. واللافت أنه في اليوم نفسه، زارت شيا كُل من بري وميقاتي وسلمتهما نُسخة عن إقتراح الإتفاق النهائي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية لدرسه والاجابة عليه.
أبرز كلام للرؤساء الثلاثة حول المسوّدة، كان جاء على لسان برّي الذي أوضح أن مسودة الاتفاق النهائي حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل إيجابية وتلبي مبدئياً المطالب اللبنانية التي ترفض إعطاء أي تأثير اللاتفاق البحري على الحدود البرية. وعما إذا كان المضمون "قمحة أو شعيرة"، قال بري "مبدئيا قمحة". وكان رأى بري بعد لقائه "شيا"، إن الاتفاق مؤلف من 10 صفحات وباللغة الإنكليزية ويستلزم درسا قبل إعطاء الرد النهائي عليه، مشيرا إلى أنه ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يدرسون مع مساعديهم المضمون لتحديد الملاحظات عليه إن وُجدت على أن يتم بعدها التشاور بينهم قبل تقديم الرد.
وجزم بري بأن الاتفاق سوف يتم توقيعه عند حصوله في الناقورة عند نقطة الحدود وفقا لاتفاق الإطار الذي كان توصل إليه مع الأميركيين العام الماضي.
ما بعد الإتفاق!
يُشير تقرير أميركي إلى أن إتمام صفقة مرتقبة حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قد يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة إمدادات الغاز الطبيعي، في خطوة من شأنها أن تكون بارقة أمل للدول الأوروبية التي تسعى للاستقلال عن الغاز الروسي، لافتاً إلى أن حقول الغاز البحرية في البحر المتوسط قد تصبح أحد مصادر الطاقة الجديدة، من بين مصادر أخرى، للعديد من الدول الأوروبية المتعطشة للطاقة، والتي تستعد لشتاء هو الأصعب في ظل شح إمدادات الغاز الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال التقرير: بالرغم من أن إسرائيل ولبنان في حالة حرب من الناحية السياسية منذ عام 1948، إلا أنهما قريبان من اتفاقية يمكن أن تزيد من إنتاج الغاز الطبيعي، حيث قال مسؤولون من البلدين إنهم على وشك حل النزاعات حول حدودهم البحرية، مما سيسمح لشركات الطاقة ببدء عمليات استخراج الوقود الأحفوري من الحقول.
في السياق، ترى مصادر مواكبة لعملية الترسيم وملف إستخراج الغاز، أنه على شركة "توتال" أن تُعيد دراستها بشأن قانا وأن تتفق مع اسرائيل لأن من الضرورة معرفة مساحة حقل قانا لمعرفة التكلفة والربح لكي لا يقع لبنان بخسارة بالإضافة إلى معرفة المحطات التي يُمكنها تغذية لبنان بالكهرباء سواء محطتي دير عمار والزهراني. كما سألت المصادر: هل بإمكان لبنان استخدام الخط العربي لتزويد أوروبا بالغاز أم ان عليه بناء أنابيب لهذا التصريف وبالتالي من سيدفع كلفة هذه الأنابيب؟. لذلك ما زال من المُبكر حسم مجموعة أمور ما يعني أن العملية قد تطول أولاً بسبب الخلافات السياسية، ثانياً في ظل غياب التحضير الفعلي في مسألة التقنيات المطلوبة للبدء بعملية الإستخراج.
مواقف إسرائيل و"حزب الله"
في إسرائيل، كشفت إستطلاعات للرأي أن 43% من الإسرائيليين يؤيدون توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، في حين اعرب 16% منهم اعتراضهم على توقيع الاتفاق، فيما قال 41% إنهم لم يكوّنوا رأيا بعد، أو أنهم لا يعلمون البته بشأن الاتفاق المتبلور. كما قال 61% من ناخبي أحزاب اليسار في إسرائيل إنهم يؤيديون الاتفاق، فيما تراجعت النسبة إلى 29% بين ناخبي اليمين الإسرائيلي.
من جهته أشار رئيس الإستخبارات الإسرائيلي السابق" آموس يادلين" إلى أنه لم يتم نشر معايير الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية، لا في إسرائيل ولا في لبنان. وما هو أقرب للحقيقة أن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله حصل على كل ما يريد وبالتالي يشعر بالرضا، معتبراً أن خطاب نصرالله بدا لي وكأنه شخص يعرف الاتفاق، ويعرضه على الجمهور في لبنان على أنه إنجاز له.
وكان نصرالله أوضح أن موضوع الحدود البحرية وكاريش والنفط والغاز والحقوق لا علاقة له بالاتفاق النووي من قريب أو بعيد، سواء وقع الاتفاق النووي او لم يوقع وإذا جاء الوسيط الاميركي واعطى للدولة اللبنانية ما تطالب به فنحن ذاهبون للهدوء واذا لم يعط للدولة ما تطالب به نحن ذاهبون الى تصعيد. وأضاف نصرالله: العين يجب ان تكون على كاريش والحدود اللبنانية والجنوب اللبناني وشمال الكيان، العين على الوسيط الاميركي الذي الى الان يضيع الوقت ووقته قد ضاق.