غيّب الموت فجر الأربعاء الماضي رئيس مجلس النواب السابق الرئيس السيد حسين الحسيني عن عمر تجاوز الـ 85 عاما، إثر إصابته بإنفلونزا حادة استدعت نقله إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية لتلقي العلاج، منذ 3 الجاري، وشيع في مأتم رسمي وشعبي مهيب في بلدته شمسطار غربي بعلبك.
وبفقده فقد لبنان والعالم العربي قامة من قامات التشريع والإنسانية والدبلوماسية الراقية، وأحد أبرز صنّاع اتفاق الطائف الذي أخرج لبنان من دوامة العنف والحرب الأهلية.
والرئيس الراحل المواود عام 1937 حاصل على دبلوم في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة عام 1963، عمل مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في بعلبك، وكان رئيسا لبلدية شمسطار.
وقد دخل الرئيس الحسيني إلى الندوة البرلمانية عام 1972 نائبا عن بعلبك الهرمل، وترأس مجلس النواب منذ العام 1984 ولغاية 1992.
وشارك في تأسيس حركة "أمل" عام 1973، وتولى رئاستها بعد تغييب الإمام السيد موسى الصدر ما بين 1978 و1980.
كما شارك في تأسيس الهيئة الوطنية للمحافظة على الجنوب عام 1977، وانتخب عضواً في لجنتي المالية والأشغال.
ومثل بعلبك الهرمل في مجلس النواب خلال دورات 1972، 1992، 1996، 2000، و انتخابات دورة 2005، وتقدم باستقالته من البرلمان في آب (أغسطس) 2008.
ونعى السياسيون الحسيني، وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قال في بيان: "بمزيد من الرضى والتسليم بمشيئة الله سبحانه وتعالى، بإسم الشعب اللبناني أنعى الى اللبنانيين كبيراً من كبار لبنان، وقامة وطنية من قاماته التي ما بدلت تبديلاً، نذرت جل حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، جهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة. عنيت به رفيق الدرب دولة رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني والذي برحيله وإرتحاله الى جوار ربه نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانيه وتشريعية ونضالية لا تعوض"
وختم الرئيس بري: "إنني بإسمي الشخصي وبإسم الزملاء النواب أتقدم من أسرة الراحل وآل الحسيني ومن اهلنا في البقاع وبلاد جبيل ومن الشعب اللبناني بأحر التعازي سائلاً المولى العزيز القدير ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفسيح من جنانه وأن يلهمنا وإياهم عظيمه الصبر والسلوان
و نعاه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في بيان جاء فيه:
"فقد لبنان اليوم قامة وطنية ودستورية أصيلة هو دولة الرئيس حسين الحسيني. وبغيابه تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق.
لقد شكل حضور الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة.
وكان لدوره الرائد في حقبة مؤتمر "إتفاق الطائف"فضل كبير في اقرار "وثيقة الوفاق الوطني"التي أنهت الحرب اللبنانية. كما عرف، بحسه الوطني وادراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب اصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل وإستكمل تنفيذها.
بغياب الرئيس حسين الحسيني، نخسر انا وعائلتنا أخا وصديقا كان على الدوام خير ناصح ومتابع، وكنت افخر وأعتز بما كان يقوله بتواضع ، وبالنصح الذي كان يوجهه ، لكونه يكتنز كماً من الخبرات السياسية والوطنية".
وختم بالقول :" دولة الرئيس ..نودعك اليوم ، ولكنك باق ابدا في الوجدان وفي ذاكرتنا الوطنية، رجل دولة بامتياز ، لم يكن مروره عاديا بل ترك بصمات لا تمحى وسيسجلها التاريخ بتقدير واعتزاز."
واعلن الرئيس ميقاتي الحداد الرسمي لوفاة الرئيس الحسيني اعتبارا من يوم امس الاربعاء على ان تنكس خلالها الاعلام وتعدل برامج محطات الاذاعة والتلفزيون.
وقال رئيس الجمهورية السابق العماد اميل لحود،: "برحيل الرئيس حسين الحسيني، خسر لبنان رجل دولة بامتياز، ليس فقط لأنه كان خبيرا دستوريا وقانونيا ورجل مؤسسات ووطنيا الى أقصى حد، بل هو امتلك صفة تكاد تصبح نادرة لدى الطبقة السياسية، وهي النزاهة والترفع، وقد شكل فقدانهما أساس خراب البلد، وكانت نتيجته ما نعيشه اليوم من أزمات وانهيار".
وقال الرئيس سليم الحص في بيان: "بوفاته يتكبد لبنان واللبنانيون خسارة لا تعوض في الانفتاح والحوار الوطني والتشريع والمعرفة في مجلس النواب. لبنان فقد اليوم قامة وطنية عالية وقيمة دستورية رفيعة وبغياب الرئيس الحسيني تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل الوطني والسياسي المشترك".
أضاف:" كان الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وهو الرائد الاساسي الذي اسهم في انجاز وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف ، بغيابه نخسر انا وعائلتي صديقا عزيزا مخلصا تشاركنا هموم الوطن في كثير من المحطات الوطنية".
وذكر رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أنّ بوفاة الحسيني "يكون لبنان قد خسر رجلاً كبيراً من رجال الطائف لطالما شكل الاعتدال نبراسه، والحوار طريقه والدستور كتابه، وتجديد الوفاق الوطني هدفه".
واعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، في بيان "أن لبنان خسر بوفاة الرئيس حسين الحسيني قامة وقيمة سياسية ووطنية كبيرة لا يمكن تعويضها"، وقال :" الرئيس حسين الحسيني الأخ والصديق المميز ورجل الدولة الحكيم والمتزن، الذي عمل من أجل لبنان واللبنانيين، وكان له الإسهام الكبير، في توصل المجلس النيابي اللبناني إلى إنجاز إقرار وثيقة الوفاق الوطني، والتي أعادت احياء الحياة الوطنية اللبنانية على اسس ومنطلقات حديثة خلاقة ومتوازنة، وكذلك بما كان له من دور كبير في الحفاظ والدفاع عن لبنان وطن الرسالة والعيش المشترك الإسلامي - المسيحي".
كما نعاه الرئيس تمام سلام في بيان ، وقال:" خسر لبنان اليوم قامة وطنية كبيرة بوفاة الرئيس حسين الحسيني بعد مسيرة طويلة من العمل السياسي والوطني بين اقرانه من قادة البلد الذين ساهموا في صيانة استقلال ووحدة وسيادة لبنان في اصعب الظروف وادق المراحل".
وختم : "كان دائما ساعيا الى المواقف البناءة والمرتكزة الى قناعات دستورية وقانونية شفافة من اجل تعزيز الوحدة الوطنية ومواكبة اللبنانيين في حفاظهم على وطنهم سيدا حرا مستقلا ".
من جهته، نعى الرئيس حسّان دياب الرئيس الراحل بكلمة قال فيها: "برحيل رجل الدولة الرئيس حسين الحسيني يخسر لبنان رجل حوار وانفتاح، وعلَماً من أعلام الدستور. لقد شكّل الرئيس الراحل عنواناً لاتفاق اللبنانيين في الطائف على دستورهم الجديد الذي أنهى الحرب، ووضع البلد على مسار السلم الأهلي. رحم الله الرئيس الحسيني وحفظ الله لبنان".
كذلك، نعاه النواب نعمة افرام، اللواء أشرف ، مارك ضو ، حسن مراد ، فؤاد مخزومي ، إيهاب مطر ، طوني فرنجيه ، غسان حاصباني ، وفيصل كرامي ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان والمجلس الشيعي الأعلى .
كما نعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الرئيس الحسيني وقال في بيان: "خسر لبنان والوطن العربي رمزا كبيراً وركناً سياسياً مرموقاً عريقا في وطنيته وعروبته، وترك بصمات تاريخية مشرقة ومشرفة بالمجلس النيابي رئاسة وعضوية".
واعرب نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي عن حزنه لغياب الرئيس الحسيني ، عراب اتفاق الطائف الذي ظل حتى الرمق الاخير يرى فيه أكثر من مجرد اتفاق: وثيقة وفاق وطني، ودافع عنه بدراسة معتبرا أن شيطنته من قبل البعض سببها عدم تنفيذ كامل بنوده.