تفاصيل الخبر

القاسم المشترك لزيارتي "غولدريتش" و"هيل" لبيروت: على اللبنانيين ان يختاروا هم رئيسهم وليس الخارج!

29/12/2022
القاسم المشترك لزيارتي "غولدريتش" و"هيل" لبيروت: على اللبنانيين ان يختاروا هم رئيسهم وليس الخارج!

السفير" ايثان غولدريتش" : لبنان يحتاج إلى رئيس نزيه

  

في توقيت زمني واحد، تواجد على الارض اللبنانية مسؤولان اميركيان، الاول مسؤول حالي هو مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى" ايثان غولدريتش"، والثاني هو سلفه السفير" ديفيد هيل "الذي تقاعد من وزارة الخارجية الاميركية ليشغل منصب الباحث في مركز ويلسون للدراسات الذي يعتبر من ابرز مراكز الابحاث السياسية الاميركية ذات التاثير في قرارات الادارة الاميركية لاسيما في الشؤون الخارجية. المسؤول الحالي، اي السفير "غولدريتش "لازم مقر السفارة الاميركية في عوكر حيث كانت له لقاءات ظلت بعيدة عن الاضواء ولبى دعوة للعشاء في منزل احد النواب المقربين من السفارة الاميركية. والمسؤول السابق اي السفير "هيل" صال وجال من مقر رسمي الى آخر سياسي الى ديبلوماسي، ناهيك عن دعوات الغداء والعشاء التي لباها والتي وجهت اليه من سياسيين لبنانيين تربطه بهم علاقات صداقة منذ كان سفيرا لبلاده في لبنان، ثم عاد اليه مرارا كمساعد لوزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ومنها الملف اللبناني. اما القاسم المشترك بين الزيارتين فكان " الاستطلاع" و" جمع الافكار" و" النقاش المعمق"، لان الادارة الاميركية كما قال السفير "غولدريتش" تريد ان توفر لها معطيات كاملة تمكنها من تحديد موقفها من التطورات السياسية المطروحة وابرزها الاستحقاق الرئاسي. وليس من قبيل الصدفة ان يلتقي المسؤولان، الحالي والسابق،  شخصيات لبنانية معنية بالاستحقاق الرئاسي، والتحاور معها في جملة قضايا تستشرف المستقبل القريب وتضيء على جوانب من الازمات التي تعيشها دول الشرق الاوسط، لا تزال حتى الساعة " مظلمـــة".

 

"غولدريتش": نساعد ولا نتدخل رئاسيا

الذين التقوا السفير" غولدريتش" لاحظوا من خلال اسئلته " نهم" لمعرفة المزيد حتى انه دخل في التفاصيل خصوصا عندما كان يقارن بين بيروت " المعتمة" في الوقت الحاضر، وبيروت " المشعة" في الاعوام السابقة لاسيما وانه سبق له ان زار العاصمة اللبنانية منذ خمس سنوات. قال انه حزن لرؤية العاصمة في وضع كالتي تمر به حاليا، لكنه لم يعد بالمساعدة لرفع الظلام عن بيروت وكل لبنان على اساس ان الكرة في الملعب اللبناني من خلال اقرار الاصلاحات التي  طلبها البنك الدولي للمضي في عملية تمويل استجرار الكهرباء والغاز من مصر والاردن، وهي عملية متوقعة، حسب المسؤول الاميركي، ليس بسبب العقوبات الاميركية على سوريا، بل بسبب عدم تجاوب لبنان مع ما طلبه البنك الدولي منذ شهور من اصلاحات لم يتحقق منها الا القليل، ومتى اقرت القوانين الاصلاحية المطلوبة، فان عملية التمويل ستتم بسرعة ولا يعود لها اي مبرر للتأخير، لكن في  نظر الديبلوماسي الاميركي ان البنك الدولي لن يتحرك عمليا الا اذا فعلت الحكومة اللبنانية ما هو مطلوب منها، وبعد ذلك يمكن للولايات المتحدة الاميرية ان تتدخل للمساعدة بالتنسيق مع البنك الدولي. غير ان الاهتمام الذي ابداه "غولدريتش" بملف الكهرباء كان على هامش تركيزه على الملف الرئاسي لكنه ذهب الى ابعد من انتخاب الرئيس، اذ اعتبر  ان لبنان يحتاج إلى استكمال عملية اختيار رئيس للجمهورية، ورئيس للوزراء، ومجلس وزراء. فمع وجود حكومة كاملة في مكانها، يمكن إكمال الإصلاحات، خصوصا تلك التي حددها صندوق النقد الدولي، والإصلاحات الأخرى التي حددها البنك الدولي". واكد "نحن نقدم الكثير من المساعدة للتأكد من أن صفقة الطاقة مع مصر واتفاقية الطاقة مع الأردن في نهاية المطاف تلبي متطلبات البنك الدولي. ووزارة الخزانة الأميركية تتابع العملية"، مشددا على ان " لدينا دورا مهما في المساعدة ولكن الدور الاهم هو للبنانيين انفسهم". وقال عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية " ليس من واجبنا اختيار رئيس لبنان. هذا هو دور مجلس النواب اللبناني الذي يسترشد بمطالب الشعب اللبناني" مضيفا "ان لبنان يحتاج إلى رئيس نزيه ورئيس يمكنه توحيد البلاد ورئيس يمكنه إدارة الحكومة وتنفيذ الإصلاحات. ونعتقد ان اللبنانيين أنفسهم سيكتشفون من هو هذا الشخص ويجب أن يعمل هذا الشخص من أجل شعب لبنان". واذا ما قيل لـ"غولدريتش "ان وجوده في بيروت خلال البحث في الاستحقاق الرئاسي ما يمكن ان يفسر على انه تدخل اميركي في ملف سياسي داخلي، ينفض المسؤول الاميركي ويبلغ محدثيه انه ليس هناك تدخلا، ليضيف أنا هنا لأنني أريد أن أفهم بشكل أفضل ما هو الوضع في لبنان وأيضًا أن يفهم الشعب اللبناني كيف ترى حكومتنا ذلك. انجز لبنان في الاونة الاخيرة اتفاقًا بحريًا تاريخيًا وأظهر أنه يمكنه ان يأخذ مشكلة معقدة والعمل عليها لحلها. وأنا أعلم أن لديكم مشاكل معقدة أخرى هنا ولكني على ثقة بانه وبالطريقة نفسها التي تمكن بها لبنان من الوصول إلى حل لترسيم الحدود البحرية، يمكنه الحصول على حلول للمسائل الأخرى. وهذا هو سبب وجودي هنا". ولا تغيب مسألة الاصلاحات عن تفكير غولدريتش الذي يعتقد انه لكي يكون لبنان قادرًا على إنجاز الإصلاحات التي يحتاجها حقًا ، هو في حاجة إلى قيادات تشغل مواقعها ويمكنها توجيه البلد من اجل للقيام بذلك. نعتقد أن لبنان في حاجة إلى استكمال عملية اختيار رئيس للجمهورية ، ورئيس للوزراء ، ومجلس وزراء. فمع وجود حكومة كاملة في مكانها، يمكن بعد ذلك إكمال الإصلاحات، خصوصا تلك التي حددها صندوق النقد الدولي ، والإصلاحات الأخرى التي حددها البنك الدولي. مع وجود القيادة في موقعها، من المرجح أن يكون لبنان قادرًا على إكمال الإصلاحات. الرسالة من حكومة الولايات المتحدة هي أن لبنان يجب أن يظل مركزًا على استكمال عمليات الاختيار هذه، ويجب أن يظل مركزًا على الإصلاحات التي تم تحديدها. نعلم أن بعضها مكتمل جزئيًا، وبعضها مكتمل، والعديد منها في حاجة إلى عمل. في كل هذه الأمور، فإن موقف حكومتي هو تشجيع لبنان على استكمال العمل على الإصلاحات واستكمال اختيار الحكومة التي يحتاجها" .  لقد بدا واضحا مما قاله " غولدريتش "امام من التقاهم بعيدا عن الاعلام ان رسالة بلاده تعطي الاولوية للبنانيين باختيار قادتهم وعدم انتظار الولايات المتحدة او غيرها من الدول، فالعمل، في رأي المسؤول الاميركي، يجب ان يأتي من داخل لبنان وعلى اللبنانيين أن يختاروا حكومتهم. وعلى البرلمان أن يختار الرئيس. يجب اتخاذ القرار بشأن رؤساء الوزراء والوزراء. هذه كلها قرارات لبنانية يجب اتخاذها. ودورنا من الولايات المتحدة هو الاستمرار في تذكير الناس بأنك إذا لم تفعل هذه الأشياء، فأنت تجعل الأمر أكثر صعوبة للمضي قدمًا في كل شيء آخر. ويتمثل دورنا أيضًا في الإشارة إلى أهمية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والأهمية الجوهرية للإصلاحات لتغيير الطريقة التي تتم بها الأمور في لبنان. وفي النهاية الاهمية لهذه التغييرات من اجل اصلاح الأزمة الحالية. لدينا دور مهم. لكن الدور الأهم، في اعتقادي، هو للبنانيين أنفسهم. لكن إذا لم يتمكن اللبنانيون من حل المشكلة في لبنان، فلن يتمكن بقية العالم من القدوم والقيام بذلك نيابة عنهم. يجب أن يكون اللبنانيون في الصدارة في حل مشاكلهم". واستنادا الى هذا المعيار، دعا" غولدريتيش "من التقاهم الى العمل لتحقيق اختيار مجلس النواب لرئيس يريده الشعب اللبناني، اي رئيس نزيه يمكنه من توحيد البلاد، ورئيس يمكنه من ادارة الحكومة وتنفيذ الاصلاحات، وعلى اللبنانيين ان يكتشفوا من هو هذا الشخص الذي عليه ان يعمل من اجل شعب لبنان.

 

"هيل": العقوبات لم تؤثر على حزب الله

اما الذين التقوا السفير" هيل"، ومنهم من التقى ايضا "غولدريتش"، فقد سمعوا كلاما مماثلا حول مسؤولية اللبنانيين في اختيار رئيسهم، وهو ما ركز عليه في الابحاث التي قدمها او اشرف عليها في "مركز ويلسون" الذي لديه برنامجا خاصا للبنان، وما زيارته الى بيروت ولقاء " الجميع" الا في اطار تعزيز هذا البرنامج بمعطيات جديدة بالتزامن مع الاستحقاق الرئاسي اللبناني. قال" هيل" لمحدثيه " على اللبنانيين ان يعملوا لايجاد الرئيس المناسب وانا على ثقة بان التوتر سيخف في لبنان خصوصا بعد بدء عملية التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية". ويقر "هيل" بان الوضع صعب، ويحيل سائليه عن دور الولايات المتحدة لمساعدة لبنان الى العودة إلى بيان الدول الصديقة في نيويورك والذي يدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية واعتماد المعايير المناسبة التي يطلبها صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات كالبنك الدولي، وبدون إصلاحات الصندوق المطلوبة سيكون الانهيار. وطوال وجودي في لبنان أتفهم مدى تعويل اللبنانيين على ما يستطيع الخارج فعله، لكن ما يلزم هو ما يمكن اللبنانيين فعله. كل الحلول يجب أن تنبع من الداخل، لا تنظروا إلينا بل إلى مسؤوليكم لتجدوا الإجابات عن طريقة الخروج من الأزمة". وفي رأيه أن "فشل الحكومة والاستقرار سيفيدان "حزب الله، لهذا ندعم مؤسسات الدولة التي يريدها "حزب الله" ضعيفة"، نافياً أن "يكون سمع في لقاءاته مع المسؤولين أن الولايات المتحدة تريد أنهاء لبنان"، وقال :" لن يكون مفيدا لنا بل لـ"حزب الله". أضاف: "لبنان يشكل مرآة للشرق الأوسط، وما يحدث حوله له انعكاسات عليه. ولبنان كان حاضرا في كل لقاءاتي مع الأوروبيين والخليجيين". وعن قوله إنه توقع أن الفراغ الرئاسي سيمتد سنوات، رد: "لا أتذكر أني قلت هذه العبارة. واشنطن لا تريد أبداً أن يكون هناك فراغ، ويبدو ألا احد يريد أن يحترم الدستور والمهلة التي حددت لانتخاب رئيس". اما عن تقويمه للعقوبات على "حزب الله" وتجفيف موارده المصرفية، فيرى هيل ان  "العقوبات وضعت على أفراد في القطاع المصرفي، ولم تؤثر على "حزب الله" مالياً، للأسف".

وإذ شدد على "عودة طوعية للنازحين السوريين"، اعتبر أن "الضغط الملقى على كاهل لبنان من جراء النازحين السوريين كبير، وكل ما تقدمه المؤسسات الدولية ليس كافياً".وعن المواصفات الأميركية لرئيس الجمهورية قال: "لا أتوقع أن تدعم الولايات المتحدة أي مرشح".

 

لقد لاحظ الذين التقوا "هيل "انه في كل الجلسات التي عقدها في بيروت او في زغرتا او في اي مكان آخر، كان حريصا على عدم تبني اي موقف يحسب عليه، فاقتصر كلامه على العموميات، لكنه توسع كثيرا في الحديث عن "مركز ويلسون" للابحاث وعن تأثيره في القرار الاميركي لاسيما في السياسة الخارجية. ويبدو ان السفير" هيل "نجح في اقناع عدد ممن التقاهم في تأمين دعم للمركز كي يواصل ابحاثه لاسيما في برنامج لبنان، ما جعله يحصل على تبرعات وهبات مالية لصالح المركز عاد بها الى بلاده " مليء الوفاض"!.

 

 السفير "ديفيد هيل " : نريد دعم  الدولة