تفاصيل الخبر

ولادات السوريين تفوق اللبنانيين والزلزال رفع اعداد النازحين الى اكثر من مليوني نازح!

29/03/2023
ولادات السوريين تفوق اللبنانيين والزلزال  رفع اعداد النازحين الى اكثر من مليوني نازح!

أولاد سوريون يلعبون خارج احد المخيمات

 

منذ نهاية عهد الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي تراجع الحديث عن مسألة النازحين السوريين في لبنان وضرورة عودتهم الى بلادهم وعدم توطينهم في لبنان وصار هذا الموضوع يرد عرضا وبشكل خجول على شفاه المسؤولين اللبنانيين في لقاءاتهم مع زوار اجانب يأتون الى بيروت للبحث في مصير الاستحقاق الرئاسي وخطة النهوض الاقتصادي ومطالب صندوق النقد الدولي. وزاد في تراجع موضوع النازحين انتهاء ولاية المدير العام السابق للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان تولى البحث مع المسؤولين السوريين في استئناف تنظيم رحلات العودة الطوعية للنازحين السوريين الى بلادهم، وتجمدت هذه الرحلات بعد ترك اللواء ابراهيم للامن العام، ولم يعد موضوع النازحين في اولويات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تتعثر يوما بعد يوم ويظهر عجزها عن القيام بدورها في ادارة شؤون البلاد ولو على مستوى تصريف الاعمال. الا ان موضوع النازحين برز فجأة من جديد بعد الاعلان عن نتيجة مسح ميداني اجراه اتحاد بلديات دير الاحمر في البقاع الشمالي بالتعاون مع فريق احصائي، كشف عن تزايد كبير في نسبة الولادات داخل مخيمات النازحين ضمن نطاق الاتحاد، حيث تجاوزت الارقام المتداولة عن واقع النزوح السوري في المنطقة كل التوقعات واعتبر هذا المسح نموذجا لحالات مماثلة في مختلف المناطق اللبنانية حيث ينتشر النازحون بكثافة متفاوتة تبعا لكل بلدة.

وشملت الدراسة عينة احصائية لــــ  655 خيمة للنازحين ضمن دير الاحمر، بلغ عدد النازحين فيها 3728 نازحا، من ضمنهم 1782 نازحا ما دون الـــ 15 عاما، مما يشكل نسبة 48% وهذا يعد اكثر بكثير من الاسر اللبنانية. ووفق ارقام الدارسة، ان بين هؤلاء النازحين ايضا 237 شخصا ما بين 15 و 18 عاما، و 670 ما بين 18 و 30 عاما، و 386 ما بين 30 و 60 عاما، و 32 فوق الستين، من بينهم 1830 ذكورا و 1898 اناثا، 866 عاملا، و 655 اسرة.

واوضح رئيس اتحاد بلديات دير الاحمر جان فخري ان لبنان يتجه نحو انفجار سكاني، وفق تحليل هذه الارقام التي تثير الهلع في الزيادة المتسارعة لعدد النازحين خلال السنوات المقبلة، خصوصا ان هذه الدراسة شملت عيّنة من 655 خيمة ضمن نطاق الاتحاد وليس في لبنان، ولا تأتي ضمن سياسة التحريض على السوريين كما تتهم غالبا، وهذا العدد يزيد مع الوقت نظرا الى الزخم الديموغرافي، ويجب تسليط الضوء على المسألة بعيدا من العنصرية، فهي اعمق من ارقام لارتباطها بالتركيبة السكانية وتغيير ديموغراففي للبنان وهويته ضمن هذا الدمج المقنع للنازحين". كما لفت الى ان تقديمات المنظمات الدولية المغرية للنازحين، شجعت على الانجاب، وان " الامم" تغطي تكاليف الطبابة، وتخصص لكل فرد في العائلة مساعدة مالية وحصة غذائية، فضلا عن تأمين مستلزمات الطفل، حيث وصل عدد افراد بعض الخيم الى اكثر من عشرة نازحين. وشدد فخري على " ضرورة التأكيد انه لا يمكن حسم عدد ولادات النازحين السوريين، اذ ان عددا كبيرا منهم غير مسجلين في لوائح المفوضية، مما ينتج عشوائية في احصاء الولادات وعدد النازحين عموما".

هذه الدراسة اعادت الى الاذهان ملف النازحين السوريين في لبنان الذين تقدر الدراسات الرسمية اعدادهم بنحو مليوني نازح وكان سبق اللواء ابراهيم ان قدّر العدد بمليونين و 80 الف نازح، علما ان اعداد النازحين المسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تصل الى نصف مليون نازح وعدد الاسر التي تستفيد من المساعدات التي تقدمها المفوضية هو 234 الف اسرة وذلك بعد شطب 35 الف اسرة بسبب العجز المالي لدى المفوضية، وفي حال كان متوسط عدد الاسرى خمسة افراد فان اعداد المسجلين رسميا لدى المنظمة الاممية لا يتجاوز المليون نازح، ما يعني نصف الذين يستضيفهم لبنان. ويشير تقرير وضع حول اوضاع النازحين الى ان اعدادا لا بأس بها من السوريين يزورون بلادهم بشكل دوري، اي انهم يغادرون لبنان ويعودون اليه ساعة يشاؤون ومن بين هؤلاء من يحمل صفة نازح واعداد هؤلاء تفوق العشرة الاف سنويا حسب الاحصاءات المتوافرة، وقد تصل الى 15 الف خلال فترات الاعياد ما يفترض، حسب متتبعي هذا الملف، شطب هذه الاعداد من جدول النازحين طالما ان اسباب النزوح قد سقطت وكذلك سقطت ذرائع عدم الامان وعدم وجود مكان للسكن في سوريا. ويكشف اكثر من مسؤول لبناني عن وجود اعداد من السوريين يغادرون لبنان ويعودون آخر كل شهر لتسلم المساعدات من مفوضية اللاجئين وهؤلاء لا يفقدون صفة النازح وبالتالي تزيد الاعباء على لبنان، ويضيف هؤلاء المسؤولين ان عدد النازحين السوريين تزايد مؤخرا بعد الزلزال الذي ضرب سوريا من دون ان تتمكن القوى الامنية من منع عبورهم بشكل كامل، فضلا عن وجود بعض التقاعس في هذا المجال. كذلك يشكو المسؤولون في لبنان من عدم اكتراث المنظمات الدولية، للدعوات المتكررة التي وجهت اليها للحد من الانعكاسات السلبية لبقاء النازحين السوريين في لبنان، وبات الامر خارج اولويات هذه المنظمات. ولعل ما يزيد تفاقم هذا الامر عدم اعتماد لبنان على العودة القسرية بل العودة الطوعية الامنة لهؤلاء فكيف الحال واذا رفض هؤلاء النازحين العودة متذرعين بحجج مختلفة.

 

ارقام المنظمات الدولية غير دقيقة

في المقابل، تتحدث المنظمات الدولية عن ان اكثر من 10000 نازح يغادرون لبنان سنويا في اتجاه بلد ثالث ما يزيد عن اعداد العائدين طوعيا الى سوريا، لكن تلك المنظمات لا تأخذ في الحسبان ان اعداد الولادات السورية تزداد على نحو يفوق اعداد الولادات اللبنانية. وتشير بعض الاحصاءات الى ان الولادات السورية تفوق بمرتين الولادات اللبنانية، عدا ان بعضها يتم خارج المستشفيات. تلك الوتيرة تشي بان اعداد السوريين ستفوق اعداد اللبنانيين خلال 20 سنة في حال استمرت الهجرة اللبنانية على حالها، وكذلك استمرار تراجع نسبة الولادات اللبنانية وعدم عودة النازحين الى بلادهم. وفي هذا السياق، تشير الارقام الصادرة عن الوكالات الدولية الى انه منذ العام 2011 دعم المجتمع الدولي، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، لبنان بمبلغ 13،2 مليار دولار كمساعدات إنسانية وتنموية. تلك المساعدات استهدفت ليس السوريين حصراً وانما المجتمعات المحلية من خلال 655 مشروع دعم مجتمعي بما في ذلك تحديث البنى التحتية في بلدات عدة، وكذلك مساعدة وزارات الصحة، والطاقة، والبيئة، والشؤون الاجتماعية. اما الناطقة باسم المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا ابو خالد تقول إن "الأزمة المتعددة الأوجه في لبنان ادت إلى تفاقم وضع كل من اللبنانيين واللاجئين، وسنوياً تحدد الحكومة اللبنانية، جنبًا إلى جنب مع مجتمع الإغاثة، أولويات إستراتيجية رئيسية للحاجات التنموية والإنسانية في البلاد وتضع خططًا إستراتيجية تغطي حاجات جميع المجتمعات في لبنان، بما في ذلك اللبنانيون واللاجئون والمهاجرون. وبالتالي، يتم إطلاق نداء تمويل سنوي يطالب الجهات المانحة بالمساهمة في تلبية متطلبات التمويل".فالمفوضية كانت تدعم المجتمعات اللبنانية منذ عام 2011، وكثفت إيصال المساعدات الإنسانية في السنوات الأخيرة للوصول إلى مزيد من اللبنانيين المحتاجين، على المستويين المجتمعي والمؤسسي، كما من خلال المساعدة المباشرة.وتلفت ابو خالد الى انه منذ عام 2011 ، دعم المجتمع الدولي (بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية) لبنان بمبلغ 13.2 مليار دولار أميركي في شكل مساعدات إنسانية وتنموية. وكذلك استثمرت المفوضية 377.89 مليون دولار لدعم المؤسسات والمجتمعات اللبنانية، بما في ذلك 177.43 مليون دولار لـ 655 مشروع دعم مجتمعي لتحديث البنية التحتية العامة في البلدات والقرى في جميع أنحاء لبنان،و 200.46 مليون دولار لدعم المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك وزارات الصحة العامة والطاقة والمياه والبيئة والشؤون الاجتماعية.اما في العام 2021، فدعمت المفوضية المجتمعات والمؤسسات المضيفة بمبلغ 20.4 مليون دولار.وتخلص ابو خالد الى ان المفوضية وشركاءها استثمرت في العام الفائت 21.5 مليون دولار في مشاريع تساهم في حل أزمة الطاقة في لبنان من خلال 74 مشروعًا لدعم المجتمع. واستفاد منها أكثر من 1.5 مليون شخص في أكثر من 84 قرية في جميع أنحاء البلاد.في الحصيلة يقدم المجتمع الدولي دعماً انسانياً وتنموياً لرفع الاعباء عن لبنان ولتخفيف التوتر، وذلك ليس كافياً على الاطلاق. واللافت كان وقف المساعدات الاممية العام الفائت عن نحو 35 ألف اسرة سورية، ما يعني ان موارد المنظمات الاممية في تراجع مستمر وان المساعدات للمجتمعات المضيفة في تراجع ايضا، وبالتالي سيترتب المزيد من الاعباء على لبنان المنهك اصلاً والذي بات في مرحلة الانهيار.