تفاصيل الخبر

التقارب السعودي ـ السوري.. مظلّة أمان إقليمية ولبنانية!

05/04/2023
التقارب السعودي ـ السوري.. مظلّة أمان إقليمية ولبنانية!

الشيخ محمد بن زايد والرئيس السوري بشار الأسد .. استعادة  العلاقات  العربية من البوابة الإماراتية

 

بقلم علي الحسيني

 

يسير إنفتاح الدول العربيّة على سوريا بوتيرة مُتسارعة بخلاف التوقّعات والتحليلات التي تحدثت في الفترات الماضية عن وجود صعوبة كبيرة لانطلاق هذا الإنفتاح في ظل غياب تعهّدات للرئيس السوري بشّار الأسد بالعمل على تصحيح المسار السياسي الذي كان سلكه مُنذ ما قبل الحرب السوريّة وتحديداً لجهة العلاقة مع إيران و"حزب الله". ويبدو أن المشهد المُتبدّل اليوم على الساحة العربيّة خصوصاً الخطوات التي تُنبئ بعودة سوريا إلى الحضن العربي، سيكون قابلاً للتطوّر بحيث يُمكن أن تؤدي هذه العلاقات إلى اتخاذ خطوات مُرتبطة بالعودة إلى إحياء موضوع الدفاع العربي المُشترك لمواجهة الاخطار التي تواجه المنطقة العربية بأكملها.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية

على خط متواز بين تصحيح العلاقة مع الدول العربية وتحديداً الخليجية وضبط الخلافات مع الجانب التركي، بدأت تستعيد سوريا جزءاً من مكانتها بين الدول العربية بعد عزلة سياسية إمتدت لنحو 12 عاماً، وذلك من خلال زيارات سياسية ودبلوماسية مُتبادلة، أدّت في نهاية الأمر إلى دعوة رسمية ستوجها المملكة العربية السعودية إلى الرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة في القمة العربية المقرر عقدها في الرياض في الـ19 من شهر أيّار(مايو) المقبل، بحيث سيتوجه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لنقل دعوة رسمية للأسد لحضور القمة المقررة. وكان لافتاً أن الدعوة هذه، كانت سبقتها خطوة دبلوماسية بين الدولتين تمثّلت بافتتاح القنصلية السعودية في دمشق.

أيضاً، إستكمالاً للإنفتاح العربي على سوريا، فقد التقى خلال الأيّام الماضية وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مع نظيره المصري سامح شكري في زيارة رسمية إلى القاهرة هي الأولى منذ 11 عاما، وسط أنباء تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الدولية عن لقاء محتمل بين الرئيسين السوري بشار الأسد والمصري عبد الفتاح السيسي أواخر الشهر الجاري.

دوافع خليجية لإستعادة سوريا إلى الحضن العربي!

تُشير مصادر سياسية بارزة إلى أن هناك دوافع عدّة وراء إصرار دول الخليج المختلفة لاستعادة سوريا إلى الحضن العربي، أبرزها سحب البساط السوري من تحت أقدام إيران التي تُهيمن على السياسة السورية من بداية الحرب في عام 2011 والتي كان فيها دور كبير لعدد من الدول العربية على رأسها السعودية وقطر اللتان ساندتا يومها المُعارضة السورية في مواجهة النظام السوري. وما يحفّز الدول العربية هو تقديرهم بأن الحرب انتهت وأن سوريا بحاجة إلى معاودة الاندماج في المنطقة لمنع سيناريو الدولة الفاشلة أو أي تداعيات أخرى مزعزعة للاستقرار نتيجة الحرب الأهلية.

وتُضيف المصادر: في ظل المساعي التي بذلتها السعودية لإصلاح العلاقات مع أنقرة خلال الأشهر الأخيرة، تبدو حاليًا أقل قلقًا حيال النفوذ التركي في سوريا،  إلا أن المسؤولين السعوديين لديهم مخاوف بشأن قبضة إيران القوية على السلطة والمؤسسات وصنع القرار في سوريا، وهذا يساعد على تبرير الخطوات المبدئية التي اتخذتها السعودية نحو استئناف العلاقات مع الحكومة السورية. وقد أفيد أن المسؤولين السعوديين ناقشوا هذه المسألة مع المسؤولين الأمريكيين لإقناعهم بأن معاودة التعامل مع نظام الأسد قد تقنع سوريا بتقليل اعتمادها على إيران.

مُحادثات واستئناف العلاقات ومواقف لبنانية

وفي سياق متصل، كشف مسؤول سعودي أن المحادثات مع إيران في بكين كانت أسفرت عما وصفها بالتزامات ملموسة بشأن اليمن وأن المملكة تجري محادثات مع الحوثيين لإحياء الهدنة التي انتهت في تشرين الأول ا(أكتوبر) لماضي، والدفع باتجاه تسوية سياسية تشمل جميع الأطراف اليمنية، مؤكداً أن إيران هي المورّد الرئيسي للأسلحة والتدريب والبرامج الدعائية للحوثيين، والسعودية هي الضحية الرئيسية لهذه الصواريخ والطائرات، لذا يمكن لإيران أن تفعل الكثير وتوقف إمداد الحوثيين بالسلاح. وفي نهاية الأسبوع المُنصرم، ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان الخطوات المقبلة في ضوء الاتفاق الثلاثي بين الرياض وطهران وبكين والذي سيؤدي إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين.

في الجهة المُقابلة، تُشير مصادر مُقربة من "حزب الله" إلى أن الإنفتاح على سوريا و"الهجمة" الخليجية على وجه التحديد لإستعادة العلاقة مع الدولة السورية، يؤكد أن جميع الرهانات السابقة لهذه الدول كانت خاطئة وان رهان المُقاومة والتصدي للإرهاب، كان خياراً صائباً اتخذته إيران وسوريا والحلفاء. ولذلك فإن على هذه الدول أيضاً أن تُمعن بشكل أكثر في نظرتها للملف اللبناني وعدم الوقوف وراء عمليات تعطيل عودة لبنان إلى سكته الإقتصادية والسياسية الصحيحة وعدم الرهان على أحداث أو تسويات أو حتّى جماعات داخلية لديها أطماع سياسية.

ويُذكر أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع كان علّق على الاتفاق الايراني- السعودي، بأن الواضح من الاتفاق، وليس ما يحاك حوله، ان عنوانه العريض اعادة العلاقات الى سابق عهدها مع كل ما تحمل من فرص جديدة للمنطقة، استنادا الى مبدأين اساسيين وردا على لسان

إنعكاسات التواصل على لبنان والمنطقة

يبدو أن عودة التواصل بين المملكة العربيّة السعودية والدولة السورية، ستكون له إنعكاسات إيجابية على الصعيدين العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص حيث من المنتظر التطرّق إلى الملف الرئاسي في لبنان والبحث بشكل جدّي لإخراجه من الأزمات السياسية والإقتصادية التي يُعاني منها والتي بلغت أشدّها خلال العامين الأخيرين. لكن بما يتعلّق بالملف اللبناني على وجه التحديد، فإن هذا الأمر لا يعني على الإطلاق حصول اتفاق قريب على كيفية إدارة الساحة اللبنانية، خصوصا أن أولويات الطرفين في أماكن أخرى، لكن حتماً فإن للبنان جزءاً مُهمّاً من الحوارات التي ستدور بين مسؤولي البلدين، لما في ذلك من مصلحة ثُنائية لكلاهما، خصوصاً وأن الصراع على أشدّه في لبنان بين الجناحين الإيراني والسعودي.

وفي السياق، تُشير مصادر سياسية لبنانية بارزة، إلى أن عودة الدفء للعلاقات السعودية- السورية هو مصلحة مشتركة، “في ظل نقاط تلاقي اليوم على أرضية الصمود الذي حققه الجيش والقيادة السورية وتوسع سيطرة الحكومة السورية على مساحات واسعة وانتهاء أحلام معظم الدول بإسقاط الدولة والجيش السوري وسقوط المشروعات التقسيمية، الأمر الذي يحتم على السعودية البناء من جديد على بدء مرحلة جديدة من العلاقات ضمن مصالح استراتيجية واسعة ومتبادلة.