تفاصيل الخبر

الجيش يُنقذ الشمال من فتنة مارونية ـ سُنيّة

12/07/2023
الجيش يُنقذ الشمال من فتنة مارونية ـ سُنيّة

القرنة السوداء

 

بقلم علي الحسيني

 

بدأ الجيش العمل على إستدال الستارة على مسرح جريمة "القُرنة السوداء" التي كادت أن تُدخل البلاد في فتنة طائفيّة بعدما أودت بحياة الشابين هيثم ومالك طوق من منطقة بشري في جرود "القرنة" المتنازع على ملكيتها العقارية بين بشري وبقاعصفرين. وقد وضعت قيادة الجيش ثقلها في هذا الملف منعاً للفتنة من خلال قيامها بتوقيف أكثر من ثلاثين شخصاً بينهم سبعة أشخاص من بلدة بشرّي كانوا اصطدموا مع قوّة من الجيش لحظة تبلّغهم بمقتل هيثم طوق ليعود ويُطلق الجيش سراحهم بعد تدخّل من نائب المنطقة وليام طوق.

الجيش يطوي صفحة الفتنة

مُنذ اللحظة الأولى لسقوط الشاب هيثم طوق، عمل الجيش على منع ذهاب الأمور نحو مواجهات مُسلّحة بين بلدتي بشرّي وبقاعصفرين من خلال وضع قوّة مؤلّلة بين المساحات المُتنازع عليها بين البلديتين مما أوقع القوّة بين فكّي كمّاشة اضطر خلالها للرد على مُطلقي النار باتجاه الموقع الذي كانت انتشرت فيه. كما كشفت مصادر أمنية أن قيادة الجيش أجرت مجموعة إتصالات بنوّاب وبرؤساء أحزاب من أجل حثّهم على التهدائة السياسية منعاً للإنعكاسات السلبيّة التي خلّفتها بعض التصريحات خصوصاً من جهة حزب "القوّات اللبنانية" الذي التزم بالقرارات التي صدرت عن رئيس الحزب سمير جعجع بلزوم التهدئة والإبتعاد عن التصاريح المُتشنّجة.

وكشفت المصادر الأمنية نفسها أن رئيس جهاز أمنيّ معنيّ بالتحقيقات عمل شخصيّاً على التهدئة حيث تمنّى خلاله على جميع الجهات التزام التهدئة لأن التحريض المُستمرّ سوف يؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء وأن الوضع الطائفي وتحديداً الماروني ـ السُنّي في هاتين البلدتين بدأ يتجه نحو الأخذ بالثأر وسط تخوّف من أن تذهب الأمور نحو مواجهات مُسلحة قد تأخذ لبنان إلى حرب أهلية. كما أوضح المسؤول الأمني أن التحقيقات تسير في الطريق الصحيح وأن قرارات ستُصدر في هذا السياق، لكن المطلوب مواكبة سياسية لتفعيل نتائج التحقيقات التي ستصدر خلال الأيّام المُقبلة.

 الجيش يتدخل

 

لا مصلحة لأي طرف بالتصعيد

في السياق، تُشير مصادر سياسية مواكبة لملف "القُرنة السوداء" إلى أن لا مصلحة على الإطلاق لأي جهة سياسية بالتصعيد وتحديداً "القوّات اللبنانية" والذهاب إلى مواجهة مع الطائفة السُنيّة في شمال لبنان خصوصاً وأنرئيس حزب القوات سمير جعجع يرى في نفسه الشخصيّة المسيحيّة الأكثر قبولاً لدى شريحة واسعة من أبناء هذه الطائفة، بالإضافة إلى أن جعجع يتجنّب إحراج عدد من حُلفاءه من الطائفة السُنيّة، هلى رأسهم النائب أشرف ريفي، وأيضاً لإدراكه بأن "حزب الله" وحُلفاءه، هم اكثر المُستفيدين من هكذا نزاع. كما كان لافتاً، الخطوة التي قام بها رئيس بلدية بقاعصفرين الضنيّة بلال زود الذي أعلن تضامنه مع أهالي بشرّي من خلال إعلان الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق واغلاق المؤسّسات الرسميّة في البلدة.

كما كان للنائبة ستريدا جعجع، موقفا  لافتاً أعلنت فيه حرص بشرّي على القانون لكن يهمّنا معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت. وعن الموقوفين من بشري قالت: اتصلت بقائد الجيش جوزف عون وأبلغني أنه لا يزال هناك حاجة لإبقاء الموقوفين من بشري لبعض الوقت إلى حين اتضاح الصورة، واضافت: سنتابع الموضوع حتى النهاية للوصول إلى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون، وتوجّهت بالشكر إلى مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان على اتصاله واستنكاره الحادث الكبير كما رئيس الحكومة والنواب ومَن جاء من مناطق بعيدة للوقوف إلى جانبنا وعلى رأسهم البطريرك بشارة بطرس الراعي.

ومن جانبه، أكد رئيس "تيار الكرامة" النائب فيصل كرامي أن لا قلق على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي في ظل الوعي الذي يتحلى به الجميع الذين رفضوا الفتنة، ولجأوا إلى الأجهزة الأمنية والقضائية. وطالب الحكومة بـحل الخلافات العقارية في الجرود، منتقداً سياسة التمييع وسط تشديد منه على أنه لا يمكن المراهنة دائماً على وعي الشعب من دون تقديم الحلول وندعو إلى عدم استباق الأمور في انتظار التحقيقات، رافضاً الربط بين حادثة القرنة السوداء والملفات الخلافية بين بشري والضنية.

اقتراحات للحل

وفي المتابعة القضائية للملف، استدعت قاضية التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار التي تتولى التحقيق شخصياً في حادثة القرنة السوداء المدير الطبي لمستشفى بشري الحكومي ابراهيم مقدسي للتحقيق على خلفية التصريح الذي أدلى به عن إصابات القتيلين عن مسافة قريبة والذي من شأنه تضليل التحقيق ويُعتبر خرقاً لسريته. أما مجلس الأمن الفرعي في الشمال فقد انعقد برئاسة المحافظ رمزي نهرا وتمّ في خلاله طرح عدة اقتراحات لحل النزاعات القائمة بين الطرفين في بشري والضنية بقاعصفرين بشكل نهائي وابرزها:

أوّلاً: إحالة إلى رئاسة مجلس الوزراء اقتراح قانون انشاء محمية طبيعية في منطقة القرنة السوداء ومحيطها المتنازع عليها بعد تحديد مكانها من قبل القاضي العقاري المختص، بمعاونة مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني وتحديد الانتفاع بالري من قبل الوزارات المختصة أو تشكيل لجنة لإدارة الري.

ثانياً: الطلب من وزارة الطاقة والمياه انشاء برك للمياه في المناطق غير المتنازع عليها من الجهتين.

ثالثاً: الطلب من وزارة العدل الاسراع بالبت في النزاع القضائي حول ملكية الأراضي والاحالة إلى رئاسة مجلس الوزراء لاعتبار منطقة القرنة السوداء ومحيطها منطقة تدريب عسكرية. وقد شدد المجتمعون على وجوب المتابعة المستمرة لضبط الوضع الأمني في المنطقة المتنازع عليها، تفادياً لحصول أي إشكالات بين الطرفين مع التقدير لجهود فاعليات المنطقتين، لتهدئة النفوس والحفاظ على العيش المشترك.

 بشري والضحيتان هيثم ومالك طوق

قيادة الجيش

مساء السبت الماضي، صدر عن قيادة الجيش اللبناني بيان توضيحي حول التحقيقات في حادثتي القرنة السوداء، أشار فيه إلى انه على أثر الحادثة الأليمة التي وقعت بتاريخ 1 / 7 / 2023 في منطقة القرنة السوداء بين مواطنين من بلدتي بشري وبقاعصفرين ونتج عنها وفاة الشاب هيثم طوق، تدخلت وحدات من الجيش لتنفيذ تدابير أمنية وما لبثت أن تعرضت لإطلاق نار، فردّت بالمثل وأوقفت عددًا من الأشخاص، وقد تبين حينها إصابة المواطن مالك رومانوس الذي توفي لاحقًا متأثرًا بجراحه.

وتابع البيان: نتيجة لذلك، وبناء على إشارة النيابة العامة التمييزية، باشرت مديرية المخابرات إجراء تحقيق فوري وأوقفت عددًا من المتورطين الأساسيين. وعليه، بعد إنجاز التحقيقات، وبناء على إشارة النيابة العامة التمييزية، أطلِق سراح عدد من الموقوفين رهن التحقيق وأحيل 11 موقوفًا على القضاء المختص

أصل الخلاف! 

 في سياق الخلافات بين بلدتي بشرّي وبقاعصفرين، أكدت مصادر مواكبة للملف أن الإشكال ليس جديداً، ويعود إلى خلاف عقاري معطوف على نزاع حول مياه الري في الصيف التي تُروى منها مزروعات، ويُستفاد منها لسقي المواشي، لافتة إلى أن النزاع العقاري لم يُبتّ في المحكمة العقارية وبقي معلقاً. ولفتت المصادر إلى إشكال شبيه وقع فترة قصيرة، أدى إلى نفوق بعض رؤوس الماشية بإطلاق نار، مما دفع الجيش إلى إنشاء منطقة عازلة في المنطقة المتنازع عليها، وحوّلها معسكر تدريب له؛ بهدف وضع حدّ للخلافات بين الطرفين التي غالباً ما تتحول نزاعات مسلحة بين الفلاحين.