تفاصيل الخبر

ساعة رمضان كادت أن تُفجّر الوضع!

29/03/2023
ساعة رمضان كادت أن تُفجّر الوضع!

على توقيت بيروت

 

بقلم علي الحسيني

 

وكأنه لم يكن ينقص لبنان واللبنانيين، سوى الإنقسام الطائفي على خلفيّة توقيت الساعة التي تحوّلت بفعل فاعل إلى صراع كُشف من خلاله، أن هذا البلد هو في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت وأكثر البُلدان ذات التُربة الخصبة لذرع بذور الإقتتال الطائفي ووجود نوايا فعليّة لدى العديد من زُعمائه، للعودة إلى زمن الإنقسام والحرب. والسؤال الذي يتردّد إلى ذهن الجميع، إذا كان الإختلاف حول التوقيت يكاد أن يُشعل لبنان، فما هو حال الخلافات حول الإستحقاق الرئاسي والحكومي وأطماع السيطرة على البلد؟

لعنة الساعة

بغض النظر عن عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن قراره بالإبقاء على التوقيت الشتوي وإداركه مدى خطورته على الوضع ككل، إلّا أن توقيت الدخول في سجالات سياسية ودينية، كان توقيتاً خاطئاً جداً خصوصاً وأنه تزامن مع إستمرار إنهيار العملية الوطنية والدخول في مرحلة إقتصادية وإجتماعية خطرة بدأت ملامحها تطلّ من خلال عودة التحركّات في الشارع، والجميع يعلم أن قرار  ميقاتي بالتأجيل كان قُنبلة موقوته مربوطة بصاعق طائفي تفجيري من عيار تأجيل البدء بعمل التوقيت الصيفي، من دون أن  يُقيم  حسابات مُسبقة لما سيترتّب على هكذا قرار على الصعيد التقني والإقتصادي وعلى عملية تسيير الأمور في المرافق العامّة وخصوصاً بما يتعلّق بالترابط والتنسيق مع التوقيت الدولي وما سيُخلّفه هذا القرار من إرباك وخسائر وفوضى. واللافت أن الخطأ الذي ارتكبه ميقاتي، جاء بالتنسيق مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ضمن دردشة جرى بث مضمونها  عبر الإعلام من دون الإيضاح الأسباب الفعليّة التي دفعتهما إلى إتخاذ هكذا قرار وبهذا التوقيت على وجه التحديد.

في السياق، كان لافتاً حجم الإنقسام الطائفي الذي ظهر عبر وسائل الإعلام اللبنانية وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، على خلفيّة القرار القديم ، والأدهى أن الخلاف حول التوقيت  تحوّل إلى خلاف إسلامي ـ مسيحي بعدما تبنّت مرجعيات سياسية ودينية وجهات نظر مُغايرة أو مُخالفة لتلك التي صدرت عن حكومة ميقاتي الذي أجرى إتصالاً بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لشرح ملابسات مذكرة تأخير بدء العمل بالتوقيت الصّيفي، لكن الراعي اعتبر أن لقرار المفاجئ بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر، يحول دون إمكانية البطريركية المارونية والأبرشيات والمؤسسات التابعة لها، الالتزام به؛ وبالتالي تلتزم بتقديم السّاعة ساعة واحدة منتصف (ليلة 26- 27 آذار 2023).

تصرّف طائفي!

من جهة أخرى، وصفت مصادر سياسية قرار الرئيس ميقاتي، على أنه تصرّف كمسؤول عن طائفة وليس مسؤول عن بلد لأنه كان يعلم جيداً أن إصدار قرار بحجم إخراج لبنان عن التوقيت الدولي خدمة لطائفة واحدة سيثير ردود الفعل السياسية أولاً، التي تراقب آداءه وترى فيه خروجاً عن روحيّة الميثاق الوطني، خصوصاً أن ميقاتي كان عقد سابقاً جلسات لمجلس الوزراء رغم معارضة القوى المسيحيّة الوازنة، مما إعتُبر أن قراره الأوّلي بشأن عدم تقديم الساعة كان خطوة ضمن سلسلة خطوات سياسية يعارضها المسيحيّون في لبنان. وأضافت: كما أنه كان سيزيد القرار من حجم الأزمات بالإضافة إلى أنه كان سيُغذّي الانقسامات اليومية في المجتمع اللبناني، لا سيما ان أعدادا كبيرة من المدارس والمؤسسات والمراكز الدينيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة ستتعامل مع التوقيت الدولي لا مع توقيت رئيس حكومة تصريف الاعمال.

العلاج بالمُبادرات

من بعد الأزمة التي فجّرها قرار ميقاتي، دخل الحزب "التقدمي الإشتراكي" على خطّ التهدئة مع مُحاولة لوزير التربيّة عبّاس الحلبي بهدف جعل ميقاتي يتراجع عن قراره وتجنيب البلاد المزيد من الخضّات. كما كشفت التسريبات أن أحد الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، هدّد بتقديم إستقالته من الحكومة في حال لم يُبادر ميقاتي إلى سحب قراره خلال الجلسة الحكومية التي دعا اليها يوم الأثنين الماضي. واللافت أن رئيس "التقدمي" وليد جنبلاط، كان كلّف النائب وائل أبو فاعور البحث مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس ميقاتي لإيجاد حلّ سريع يؤدي إلى العودة عن القرار، وقد أدّت المُشاورات خصوصاً بين أبو فاعور والمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل، إلى إيجاد مخرج يتمّ التعبير عنه خلال الجلسة الحكومية بقرار جماعي يوافق عليه الرئيس ميقاتي.

كما سارع نادي رؤساء الحكومات السابقين ممثلاً بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام لزيارة ميقاتي، في محاولة لإيجاد مخرج ينهي الأزمة التي تسبّب فيها قرار ميقاتي الأخير حول "التوقيت"، لا سيّما مع إداراكهما حجم الخطأ القانوني في قرار ميقاتي. وأوضحت مصادر سياسية أن الخطأ وقع نتيجة عدم صدوره عن مجلس الوزراء لأن أي تعديل لقرار صادر عنه يحتاج إلى قرار جديد صادر عنه وليس عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لذلك سارع الرئيس السنيورة إلى طرح إقتراح على الرئيس ميقاتي حثّه فيه على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة الموضوع بين الوزراء المنقسمين بالرأي حول الموضوع ، لينتهي إلى تمنٍّ بالتراجع عن القرار .

القرار النهائي.. الأربعاء!

بعد الجلسة الحكومية التي كان دعى إليها ميقاتي، أعلن أن مجلس الوزراء قرّر الابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، مشيراً الى انه تقرر اعتماد التوقيت الصيفي ابتداءً من ليل الأربعاء – الخميس. وأوضح   ميقاتي أن القرار كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون ان يسبب ذلك اي ضرر لأي مكوّن لبناني اخر،علما أن هذا القرار إتخذ مرارا في السابق، وفجأة من خارج السياق الطبيعي والاداري البحت، إعتبر البعض القرار تحديا له واعطاه بعدا لم أكن اتصوره يوما، لكني قطعًا لم اتخذ قرارًا ذا بعد طائفي او مذهبي.

أضاف: وما كان قرارٌ كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة والتي دفعتني لأتساءل عن جدوى الاستمرار في تحمل المسؤولية عمن عجز عن تحملها بنفسه،واقصد هنا النخبة االسياسية التي اتفقت على كل رفض وسلبية لهذا المرشح او ذاك لرئاسة الجمهورية، وعجزت حتى عن وضع قائمة اسماء مرشحين للرئاسة للبدء بالعملية الانتخابية.