تفاصيل الخبر

زيارة الرابية كما لقاء المصارحة مع باسيل لم يحققا تقاربا بين " الحزب" و" التيار" ... بل اقاما، " ربط نزاع"

08/02/2023
زيارة الرابية كما لقاء المصارحة مع باسيل  لم يحققا تقاربا بين " الحزب" و" التيار" ... بل اقاما، " ربط نزاع"

وفد حزب الله برئاسة النائب محمد رعد خلال  زيارة الرئيس ميشال  عون في الرابية

 

قبل اربعة ايام من ذكرى توقيع " تفاهم مار مخايل" بين " التيار الوطني الحر" وحزب الله، زار وفد من الحزب الرئيس العماد ميشال عون في دارته في الرابيه في توقيت له رمزيته من جهة، ومفاعيله من جهة اخرى. فالى التوقيت المرتبط  حتما بـــ" التفاهم " الذي جمع الطرفين على مدى 17 عاما، لا بد من التوقف عند تكوين الوفد الذي رأسه رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد وضم النواب حسن فضل الله وعلي عمار وحسين الحاج حسن وامين شري، وغاب عنه المعاون السياسي للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حسين الخليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، ما يؤشر الى ان اطار الزيارة بروتوكولي مع بعض المناخات السياسية، وان مكان البحث في التوتر السياسي الذي نشأ بين " الحزب" و" التيار" لن يكون في منزل أب " التفاهم" العماد عون الذي وقع مع " السيد" على اوراق التفاهم وبنوده، بل مع رئيس " التيار" الذي آلت اليه المسؤولية السياسية الحزبية، في ما يبقى " الجنرال" هو رمز هذه العلاقة ومؤسسها ومرشدها. من هنا، تقول مصادر متابعة، انه من الخطأ الايحاء بان زيارة الرابية اسست لمرحلة جديدة من العلاقة بين الحزبين تطوي ما حصل من تباينات لا تزال مستمرة حتى الساعة، وتتجدد كلما دعت الحاجة، وبدا ان  ادراج الزيارة في خانة " التهنئة بالاعياد" لم يكن خيارا واقعيا لان اكثر من شهر انقضى على تاريخ الاعياد، واكثر من ثلاثة اشهر انقضت على مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا، لكن هذا الفاصل الزمني ليس مهما في نظر الوفد القادم الى عرين " الجنرال" وذلك في تأكيد على استمرار العلاقة بين الحزبين وللتشديد على ما قاله "  السيد" بان حزب الله ليس في وارد سحب يده من يد حليفه... الا اذا بادر الحليف بسحب يده....

 

ضباب في العلاقة... وربط نزاع

لقد حرص اعضاء الوفد على وضع زيارتهم في الاطار الذي تريده قيادة الحزب في هذه المرحلة على الاقل، وهو متعدد الجوانب، ابرزها  ايصال رسالة تقدير وشكر من سيد الحزب السيد نصر الله ومن الحزب قيادة وقاعدة الى الرئيس عون" على كل مواقفه وجهوده وتضحياته وعلى ما تحمله  ابان سني رئاسته دفاعا عن الوطن والمقاومة، وتأكيدا بان الحزب ليس من النوع الذي ينسى اصحاب الفضل". وبالتالي فان الحزب استتباعا ليس من الصنف الذي " يدير الظهر" لمن "عقد الراية" ومد يد التعاون عن سابق وعي وتصميم ذات مرحلة مثقلة بالصعوبات والخيارات الشاقة وهذا بحد ذاته قرينة على ان الحزب منفتح على اي بحث مستقبلي حول سبل المفضية الى ادامة التعاون والتنسيق. لكن اذا كانت تلك الزيارة موسومة بطابع اخلاقي وتقديري فان ذلك على بلاغته ودلالته لا يعني بالضرورة ان العلاقة التفاهمية التي انطلقت في مراحلها الاولى من التفاهم لتبلغ في بعض مراحلها عقد التحالف بين طرفين، على وشك ان تعود سيرتها اي الى فترتها الذهبية الواعدة، ولا يعني استتباعا انها على وشك ان تنعى وتصير نسيا منسيا في ارشيف التحالفات اللبنانية الحافلة. ففي القراءة المعمقة عند الذين هم على صلة مباشرة بالحزب، ان هذا التفاهم ما انفك ضمن مرحلة " تكتنفها الضبابية والالتباس" اي انها لم تستقر بعد على صورة نهائية يمكن البناء عليها واعتبارها معيارا  لما سيلي ويستجد، اذ لم يعد مفاجئا الكشف عن ان لقاء ميرنا الشالوحي ( المقر العام للتيار) في الاونة الاخيرة، الذي جمع على مدى ثلاث ساعات رئيس التيار النائب جبران باسيل الى الخليل وصفا، لم ينته الى اعادة تركيز العلاقة بينهما على اسس ثابتة وجلية. فوفق ما صار رائجا فان هذا اللقاء افلح في تأدية ثلاثة اهداف اساسية تبقي العلاقة في منطقتها الرمادية وهي:

-       تأكيد الطرفين اقتناعهما بالحاجة الى استمرار التواصل بينهما وضرورة البحث عن السبل الكفيلة بذلك.

 

كان اللقاء مناسبة لكي يعرض كل طرف سرديته وروايته لمسار العلاقة مذ بدأت في كنيسة مار مخايل وصولا الى الامس القريب، وقد كان واضحا افتراق الرؤى وتباين التقييم، وهو ما اوحى بأن الامور لم تعد الى مرتعها الآمن.

-       ثمة في كنف الحزب من يؤثر ان يدخل نتائج هذا اللقاء من مدخل مختلف، اذ يتبنى استنتاجا فحواه ان اللقاء انتج معيارا جديدا لمستقبل التعاطي بين الطرفين، اذ لم يعد هناك ضوابط محددة وملزمة للتفاهم فصار الطرفان بعدها مطلقي السراح سياسيا يتبنى كل منهما الخيار الذي يراه مناسبا وخصوصا في موضوعي الرئاسة الاولى ومسار العمل الحكومي. اما ما يبقى في دائرة الثبات والرسوخ فهو التوافق على الخطوط العامة المتصلة بوحدة البلاد وبدور المقاومة الى ترسيم الحدود والعمل الدائم لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم.

ثمة ولا ريب من يدرج الصيغة المنقحة التي انتجها اللقاء تفاهما بانها تعزيز لمنطق " التفاهم على القطعة" وتسويغ للتباين وتحرير لكل طرف من اسار مقاربة الملفات الساخنة وهي بالاجمال تطبيق لنظرية معمول بها قديما وتقوم على قاعدة: فلنعمل بما نتفق عليه وليعذر احدنا الاخر في المواضيع المختلف عليها. وثمة ولا شك من يسمي هذه الصيغة " ربط النزاع" فيما آخرون يرون انها صيغة المنطقة الوسطى التي قد تفتح الابواب لاحقا امام الخروج النهائي من اطار التفاهم عندما يريد احدهما او الاثنان معا، لكنه من ناحية ثانية لا يوصد الباب باحكام امام احتمالات العودة الى صيغة اكثر تطورا.

 

عتب على شعار " لوحدنا" ظهر خلف باسيل

الى ذلك لا تخفي مصادر " التيار الوطني الحر" ان لقاء ميرنا الشالوحي لم يحقق تقدما يمكن التأسيس عليه، وكذلك لقاء الرابيه الذي غاب عنه الكلام في الاستحقاق الرئاسي غيابا مطلقا، كما انه لم يكن لقاء " معاتبة" لان الرئيس عون حرص على ابقاء الحديث في اطار العموميات مع " تمرير" بعض الرسائل والملاحظات بهدوء بعيدا عن الانفعال. وبدا واضحا من اجواء لقاءي ميرنا الشالوحي والرابية ان " التيار" ابتعد مسافة طويلة عن الحزب وقد يستمر في الابتعاد كلما مرّ الطرفان في " التجربة" سواء حكوميا او رئاسيا، وهو امر لا يريده حزب الله لكنه لن يضغط على حليفه بل سيترك له حرية الخيار، علما ان مصادر في " الحزب" قالت ان باسيل كرر بعد لقاء ميرنا الشالوحي الخطأ نفسه الذي وقع فيه حين كشف عن بعض ما دار بينه وبين السيد نصر الله ما اظهر تعارضا في المواقف تجاوز فيه قاعدة" المجالس بالامانات" لاسيما في ما خص خيارات " الحزب" الرئاسية قاطعا يومها الطريق على استئناف البحث في الموضوع الذي تمنى السيد نصر الله ان يظل النقاش حوله مفتوحا وان يكون للبحث صلة. من هنا كان عتب" الحزب" بعد مؤتمر باسيل الاخير ان رئيس "التيار" تعمد مرة اخرى اظهار التباينات ما وضع " التفاهم" على المحك، مع  علمه بان حزب الله يتبع عادة خيار ابقاء النقاش حيال القضايا الخلافية في اطار الغرف الموصدة من دون اخراجها الى الضوء واستخدامها مادة استعراضية. وقال مسؤول في حزب الله ان شعار " لوحدنا" الذي وضعه باسيل في خلفية اطلالته التلفزيونية وكرره مرارا خلال حديثه، ليس في محله لان الاساس هو الانفتاح والتفاهم وليس " التقوقع" الذي لا يعتبر خيارا بطوليا!.