تفاصيل الخبر

اجتماع باريس اكتفى بتحديد مواصفات ولوّح بعقوبات وتواصل فرنسي مع ايران لتسهيل " التسوية"

15/02/2023
اجتماع باريس اكتفى بتحديد مواصفات ولوّح بعقوبات وتواصل فرنسي مع ايران لتسهيل " التسوية"

الوفد الديبلوماسي الخماسي عند الرئيس نبيه بري

 

لم ينتظر اللبنانيون طويلا حتى ادركوا ان الامال التي علقوها على مؤتمر باريس الخماسي الذي جمع ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة الاميركية والسعودية وقطر ومصر، خابت او تكاد تخيب في التوصل الى مخرج يؤدي الى انتخاب رئيس جديد للبنان قبل ان ينتهي الشهر الرابع من الشغور الرئاسي، ذلك ان كل المعطيات التي وردت من العاصمة الفرنسية تحدثت عن " استمرار التشاور" حول الاستحقاق الرئاسي نظرا لتعذر الاتفاق على اسم او اكثر يمكن للدول الخمسة ان تسوقه في الداخل اللبناني لتؤمن له اكتمال النصاب اولا، ثم الاكثرية المطلقة اذا تعذرت غالبية الثلثين، والهدف من استمرار التشاور، وفق مصادر ديبلوماسية معنية، تأمين اكثرية للانتخاب من خلال التشاور مع اللاعبين الذين يتمتعون بعلاقات مع الدول المشاركة في مؤتمر باريس لانضاج "تسوية" من اجل مساعدة اللبنانيين على الخروج من الوضع المأزوم راهنا. لكن ما التقى عليه ممثلو الدول المشاركة هو عدم الحلول مكان الطبقة السياسية اللبنانية التي يعود لها انتخاب الرئيس، وما الهدف من اجتماع باريس الا التأكيد على ان لبنان ما زال في دائرة الاهتمام الدولي، من دون ان تكون هناك حاجة لاصدار بيان، علما ان وزارة الخارجية الفرنسية كانت اعلنت بعيد انتهاء الاجتماع ان بيانا سيصدر عن المجتمعين، لكن الايام مرت ولم يصدر البيان الموعود ما افسح في المجال امام الكلام عن " فشل" الاجتماع و"عدم الاتفاق الا على مواصفات الرئيس التي باتت معروفة وابرزها الا يكون الرئيس العتيد " فاسدا" وان يحظى باوسع غالبية تمكنه من العمل مع فريق حكومي ينفذ اصلاحات مطلوبة دوليا، ويحرص على ان يستمر التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، كما اجمع المشاركون على ان ثمة ضرورة لوجود قيادة في لبنان تتخذ الإجراءات الملحّة لتلبية حاجاته وحاجات شعبه، وذكّروا بالتزامهم سيادة لبنان واستقلاله ودعوا القيادات السياسية وأعضاء البرلمان الى اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لاعادة استقرار الوضع في وجه الازمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يواجهها البلد. ولفتوا الى انه بعد ثلاثة اشهر على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون فشلت الطبقة السياسية والمجلس النيابي في انتخاب رئيس جديد. وأعرب المشاركون في الاجتماع عن القلق حيال غياب رئيس للجمهورية وحكومة تمارس صلاحياتها بشكل كامل ما يجعل الإجراءات المنتظرة من صندوق النقد الدولي والاسرة الدولية غير منفّذة. كما ان المجتمعين عبّروا عن قلق بالغ من غياب احترام دولة القانون بما في ذلك التحقيق المرتبط بانفجار المرفأ، وان هناك حاجة ملحّة لاستمرار هذا التحقيق، وذكّروا بتأييدهم للشعب اللبناني، لافتين الى ان هذا التأييد لا يمكن ان يمثل بديلا من عمل الحكومة والبرلمان اللبناني الذي عليه ان يتحمل كل مسؤولياته بوجه المواطنين اللبنانيين. واتفق الجميع على ان الذين يقومون بالتعطيل سيواجهون نتائج سلبية".

وقد توقف المراقبون عند الحديث عن " نتائج سلبية" ستواجه المعطلين وعما اذا كانت تعني فرض عقوبات، خصوصا ان مصادر من المجتمعين اشارت الى ان البحث تناول " كل الاحتمالات" ، لكن تم الاتفاق على استعمال عبارة "نتائج سلبية على المعطلين". مسألة اخرى اتفق عليها المجتمعون في باريس وهي توجيه رسائل الى الاطراف اللبنانيين وهذا ما تم بالفعل من خلال زيارات قام بها سفراء الدول الخمس المشاركة في الاجتماع. وكانت رسائل واضحة- حسب مصدر وزاري لبناني- وخلاصتها ان على الاطراف السياسية اللبنانية الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية والبدء بالاصلاحات لانقاذ لبنان وعندما يبدأ الدعم الحقيقي للبلد لان المجتمع الدولي لا يستطيع اصلاح بلد ما لم يقم قادته بذلك. اما الرسالة الابرز فكانت ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية " سيرتب اعادة النظر بالعلاقات مع لبنان". واضاف المصدر ان ما فهمه المسؤولون في بيروت من الديبلوماسيين الخمسة الذين نقلوا حصيلة اجتماع باريس، ان لا تنازل لدى الاطراف الخمسة عن مواصفات "رئيس سيادي يليق بلبنان ويصلح القائمة ولا يقودها الى المزيد من الانهيار. اما بالنسبة الى التحذيرات فقد المح اليها الديبلوماسيون الخمسة امام محدثيهم الذين فضل بعضهم عدم التركيز عليها في معرض الحديث! والملفت ان اعضاء الوفد الديبلوماسي الذين جالوا على الاطراف اللبنانيين يدركون ان في ساحة الترشيح، رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، الا انهم لم يوحوا بكلامهم ان المجتمعين في باريس، مالوا الى اي من المرشحين الاثنين على رغم انهم اقروا بوجود مرشحين اخرين مقبولين وتتوافر فيهم المواصفات التي تم تحديدها في الاجتماع الخماسي في باريس.

 

تواصل فرنسي مع ايران

وفهم المسؤولون في لبنان من الوفد الديبلوماسي ان عدم اصدار بيان بعد اجتماع باريس هدفه الافساح في المجال امام المزيد من المشاورات مع دول اخرى معنية بالوضع اللبناني من قريب او بعيد، وخصوصا ايران التي تقول المعلومات ان الجانب الفرنسي فضّل التواصل معها والبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي، على ان يصار الى تعميم موقفها على دول الاجتماع الخماسي لتقييمها والتحرك بالاستناد اليها. وثمة معطيات تقول انه خلال الاجتماع في باريس ارتأى اكثر من عضو عدم اصدار بيان مفصل علما ان الصيغة كانت معدة، وذلك لئلا يبدو وكأن الدول المشاركة "تملي" على القيادات السياسية اللبنانية خارطة الطريق الواجب اتباعها ما سيؤدي الى "استفزاز" عدد من الافرقاء اللبنانيين بمن فيهم حزب الله الذي سبق ان اعلن اكثر من نائب ومسؤول فيه انه لا يمكن الالتزام بنتائج اجتماع قوى خارجية. وقالت مصادر متابعة ان من بين الاسباب التي دفعت الى عدم اصدار بيان ايضا، هي التجربة الفرنسية السيئة مع لبنان، منذ المبادرة التي تقدم بها الرئيس الفرنسي" ايمانويل ماكرون" في آب (أغسطس)2020 ولم تصل الى اي نتيجة. وبالتالي لا يريد الفرنسيون ان يلزموا انفسهم بمثلها من دون ضمان تحقيق النتائج. في هذا السياق، تشير المصادر نفسها الى انه قبل جولة السفراء حصل تواصل بين البعض منهم وعدد من الافرقاء اللبنانيين بينهم حزب الله لوضعه في صورة ما جرى بالاجتماع، والبحث معه في امكانية الوصول الى اتفاق، والحاجة الى تسهيل من قبل الجميع.

في اي حال، جولة الديبلوماسيين الخمسة لعرض نتائج اجتماع باريس احدثت حركة سياسية ملحوظة، لكن تبقى دون المأمول في الوقت الراهن ما يعني ان انتظار التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية قد يطول الى ان " يتعب" احد الطرفين الاساسيين في مجلس النواب فيسلم احدهما بالواقع ويسحب المرشح الذي يدعمه ليبدأ البحث عن مرشح ثالث غير المرشحين الاثنين فرنجية وعون وعملية البحث عن هذا المرشح ستأخذ وقتا لان الاتفاق على هذه الشخصية لن يكون سهلا. وعليه كل المعطيات تشير الى ان لا رئيس للجمهورية قبل شهر رمضان المبارك.. وربما يبقى الوضع على حاله بعد انتهاء الشهر الفضيل والى اشعار قد يطول.