تفاصيل الخبر

مجلس النواب قادر على التشريع ومنح الثقة للحكومة حتى 20 تشرين الاول وفي ظل الشغور الرئاسي... اذا حصل

05/10/2022
مجلس النواب قادر على التشريع ومنح الثقة للحكومة  حتى 20 تشرين الاول وفي ظل الشغور الرئاسي... اذا حصل

مجلس النواب مجتمعا في جلسته الأخيرة برئاسة الرئيس نبيه بري

 

مرة جديدة تثبت الاحداث السياسية التي يشهدها لبنان ان في اتفاق الطائف الذي بات دستور الجمهورية اللبنانية، فيه الكثير من الثغرات التي تستوجب التوضيح منعا للاجتهادات والنقاشات العقيمة التي تبقى مادة جدلية اذا لم تحسم بشكل نهائي من خلال ادخال على بعض النصوص الدستورية لتوضيحها، وهو امر لم يبادر مجلس النواب الى مقاربته منذ ان حصر المجلس بنفسه مهمة تفسير الدستور بعدما كان اتفاق الطائف اولاها الى المجلس الدستوري، لكن عند تعديل الدستور بعيد اتفاق الطائف اسقطت هذه المهمة وحصرت بالمجلس النيابي الذي ظل بعيدا عن اي محاولة لتوضيح نصوص الدستور( واستطرادا بنود اتفاق الطائف) تفاديا لاثارة اشكالات اضافية يخشى ان تاخذ طابعا طائفيا او مذهبيا في بلد قائم على التوازنات وواقف على " الشوار" في كل ما يخص تطبيق الدستور ومراعاة قاعدة 6و6 مكرر التي اشتهرت منذ مرحلة ما بعد الاستقلال ولم يتجرأ احد على مواجهتها لاسباب مختلفة.

آخر هذه الاشكالات ما بدأ يتردد من ان مجلس النواب، بات بعد الجلسة الاولى التي عقدها يوم الخميس 29 ايلول ( سبتمبر) الماضي، هيئة ناخبة ليس في استطاعته ان ينعقد بعدها كهيئة تشريعية لسن القوانين او حتى لاعطاء الثقة الى الحكومة الجديدة بعد تشكيلها. في هذا السياق يقول بعض القانونيين واساتذة القانون الدستوري ان رئيس مجلس النواب، بعد جلسة 29 ايلول( سبتمبر) الماضي لم يعد في استطاعته الدعوة الى اي جلسات تشريعية بل عليه الدعوة فقط الى جلسات لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وهو ما نفاه الرئيس نبيه بري الذي يعتبر من ابرز القائلين بان المجلس النيابي يبقى قادرا على الالتئام والتشريع ومنح الثقة للحكومة العتيدة بعد مناقشة بيانها الوزاري حتى الايام العشرية الاخيرة التي تسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية حين يصبح المجلس في حالة انعقاد من دون الحاجة الى دعوة رئيسه الى ذلك، اي ان المجلس، في الحالة الراهنة، يصبح " هيئة ناخبة ابتداء من 20 تشرين الاول( اكتوبر) الحالي لان ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تنتهي في 31 منه- ويضيف الرئيس بري انه حتى العشرين من تشرين الاول ( اكتوبر) يمكنه ان يدعو الى جلسات تشريعية لان المجلس، في هذه الفترة، يكون هيئة ناخبة فقط في الجلسات التي يدعى اليها النواب لانتخاب الرئيس، وعندما تقفل الجلسة ويتلـــــى المحضر العائد لها تنتهي صفة " الهيئة الناخبة" عن النواب ويعود المجلس الى واقعه التشريعي حتى قبل 10 ايام من انتهاء الولاية، وبالتالي فان كل " الفتاوى" التي تقول عكس ذلك، هي ساقطة بحكم وجود النص الدستوري " الواضح"، علما ان كثيرين يقولون ان هذا النص ينقصه الوضوح ويحتاج الى نص تفسيري منعا  لاي التباس.

المجلس هيئة ناخبة فقط اذا كانت الدعوة لانتخاب الرئيس

الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، يلتقي في قراءته لهذه الاشكالية، مع وجهة نظر الرئيس بري اذ يعود بالذاكرة الى  فترة الفراغ  الدستوري التي حصلت بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. ويوضح أن "مجلس النواب كان يقوم بالتشريع خلال فترة الفراغ الرئاسي، لأن النص الدستوري يقول إنه عندما يدعو رئيس المجلس الى انتخاب رئيس للجمهورية يصبح هيئة انتخابية، ولا يحق له أن ينظر في أي شأن آخر، الا في الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس فقط، ويمكن لرئيس مجلس النواب، الذي يحدد جدول أعمال الجلسة، أن يحدد جلسة لأي أمر تشريعي آخر، مثل جلسة الثقة للحكومة أو لاقرار الموازنة، أو من أجل مشروع معجل مكرر، إلخ...". ويضيف القاضي صادر انه لا يستقيم قانوناً القول إن المجلس يصبح هيئة انتخابية فقط، وهذا الرأي مسند وفقاً للمواد من الدستور، 49 التي تحدد آلية انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية، والمادة 73 التي تنص على أن رئيس المجلس يجب عليه الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية خلال شهرين على الأكثر، وشهر على الأقل، وإن لم يدع، في آخر 10 أيام من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، يلتئم المجلس تلقائياً من دون الحاجة الى رئيس المجلس في حال لم يقم بواجبه، وهذا لم يحصل بل دعا الرئيس بري ضمن المهلة، وأخيراً المادة 75، التي تقول إنه عندما يلتئم المجلس النيابي، لانتخاب رئيس يصبح في هذه الجلسة هيئة ناخبة". ويعتبر القاضي صادر ان  المصيبة الكبرى هي أن كل طرف يقرأ أحكام الدستور حسب مصلحته، علماً أن النص واضح، فالدستور منصوص حتى لا تتوقف السلطات وتتعطل، ويصر على استمرارها، فهل يعقل أنه إذا كان هناك قانون إصلاحي مهم، لا يمكن أن يجتمع المجلس من أجل إقراره لأنه يجب أن يجتمع من أجل انتخاب رئيس للجمهورية فقط؟". ويعرب عن أسفه لأن "المواد الدستورية اغتصبت لدرجة، أنه أصبح صاحب دكان سمانة يريد أن يفتي بالدستور ويعطي رأيه به".

وتقول مصادر من " التيار الوطني الحر" ان موضوع جلسة إعطاء الثقة للحكومة بعد الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية لم يناقش في التيار، "ولكن وفقاً لبعض المشاورات، بالمبدأ لا يوجد مانع من أن يجتمع المجلس النيابي من أجل إعطاء الثقة للحكومة، وتحديداً أنه كانت هناك سابقة في هذا الموضوع بين العامين 2014 و2016، عندما كان الرئيس نبيه بري يدعو الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ومن بعدها يدعو الى جلسة تشريعية". وفي هذا السياق تتسائل مصادر متابعة من يحاول التسويق لفكرة عدم امكان اعطاء الثقة للحكومة بعد اول جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية؟ ولمصلحة من تطيير الحكومة؟ وهل يجوز ان يصبح الدستور فتاوى غب الطلب وفقا لاهواء بعض الجهات؟.

في اي حال، تؤكد مصادر رئيس مجلس النواب انه لن يصغي للاصوات التي تقول بان المجلس اصبح، بعد جلسة الخميس ما قبل الماضي، عاجزا عن التشريع طالما انه يدعي لاول مرة لانتخاب الرئيس العتيد، وبالتالي فان " الاستاذ" في وارد الدعوة الى جلسة نيابية وربما اكثر لدرس واقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين لاسيما منها القوانين الاصلاحية التي التزم الرئيس بري باقرارها امام بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت بيروت مؤخرا وركزت على ضرورة اقرار الاصلاحات قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية لان البلاد سوف " تغرق" بعد الانتخاب بدوامة الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة الاولى في العهد الجديد، ثم مناقشة بيانها الوزاري لنيل الثقة ما سيأخذ وقتا طويلا في ظرف دقيق لا بد من اقرار الاصلاحات فيه كي يتمكن الصندوق من تقديم الدعم المالي اللازم للبنان. اكثر من ذلك، فان مصادر مجلسية تتحدث عن انه في حال تعذر انتخاب  الرئيس الجديد لاي سبب كان، فان المجلس يمكنه ان يشرع في ظل حكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، سواء كانت مكتملة الاوصاف او تتولى تصريف الاعمال استنادا الى مبدأ فصل السلطات الذي تنص عليه مقدمة الدستور. علما ان مثل هذه الحالة قد تصطدم بتعذر رد القوانين الذي يدخل في صلاحية رئيس الجمهورية بعد اطلاع مجلس الوزراء على قراره، فهل ستطرح هذه الاشكالية جدلا دستوريا اضافيا اذا ما تعذر تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد للبلاد على السواء؟.