بقلم علي الحسيني
يرى الجزء الأبرز والأوسع من السياسيين اللبنانيين، بأن مُفتاح الحل المُتعلّق بالإستحقاق الرئاسي في لبنان، موجود في جيب رئيس مجلس النوّاب نبيه بري إذ بدعوة منه لجلسة إنتخابية، يُمكن أن يُفتح الباب واسعاً على رئيس يملأ الفراغ الحاصل في كُرسي الرئاسة الأولى من هنا. يُحمّل هذا الجزء الرئيس برّي، مسؤولية الفراغ الحاصل نظراً لإصراره على حصول توافق سياسي عريض مُسبق يحظى بتأييد الكُتل النيابيّة، قبل الذهاب إلى جلسة لانتخاب رئيس وذلك بحسب رأيه، من أجل ضمان الإستقرار في البلد وعدم تعطيل دور المؤسّسات وتحديداً الدور الذي يُفترض أن تلعبه الحكومة المُقبلة خصوصاً في الشقّ الإقتصادي.
الحلّ بالإنتخاب بعد التوافق!
تختصر مصادر سياسية لبنانية وضع الاستحقاق الرئاسي، بأن لا رئيس جديداً للبنان في المدى القريب إلا إذا حصل تبدّل نوعي في المواقف المحلية، والإقليمية، والدولية يصبّ في مصلحة تأمين النصاب في مجلس النواب كي يفوز رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جوزف عون. وفي هذا السياق، يرى مُقربون من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن انتخاب الرّئيس سيكون مفتاحاً للحلول، وكلّ الظّروف المحيطة بنا تشجّع على إنهاء حالة الشّغور والبدء في عملية الإصلاح والنّهوض، مُبدية مبدياً اقتناعها بأن الهدوء في المنطقة مطلب دولي وإقليمي، وأن المشكلة كانت وما زالت داخلية والدليل أن جميع الزيارات التي تقوم بها جهات خارجية واللقاءات التي تُجريها الدول المعنية بهذا الإستحقاق، جميعها لم يؤدي إلى حلّ بعد، ما يعني ان التوافق الداخلي هو المطلوب وهو وحده الذي يُحدّد الخيارات الأنسب للبلد وأهله.
والواضح أن الإيرانيين بدأوا برسم ملامح خارطة الطريق لما سيكون عليه وضع حُلفائهم في لبنان ما بعد الإتفاق مع السعودية، وقد أكدت مصادر مُقربة من "حزب الله" ان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان حمل رسالة لقادة "الحزب" تدعوهم إلى التهدئة السياسية خصوصاً عبر الإعلام والتزام مبادئ الإتفاق الإيراني ـ السعودي لجهة تهدئة "الجبهة" اللبنانية، كاشفاً لهم عن اقتراب الحل الرئاسي الذي تقوم به فرنسا ،وأن هناك تقدماً ملموساً في عملية التوافق الخارجي حول الإستحقاق الرئاسي اللبناني. وممّا لفتت إليه المصادر أن عبد اللهيان دعا حلفاء إيران في لبنان الى مواصلة ضغطهم على خصوم الداخل بدعم سليمان فرنجية لكن مع تجنّب إقحام السعوديين في عملية الضغط على ان يؤتي هذا الضغط المفاعيل المطلوبة منه بعد انتهاء القمّة العربيّة.
قبيسي: عودوا إلى التوافق والحوار
بدوره أشار، عضو كتلة "التحريري والتنمية" النائب هاني قبيسي إلى أنه آن الاوان ان يكون للبنان واضح ، فنحن دعاة حوار حيث أن الرئيس نبيه بري طرح في أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية الحوار، وقال تعالوا ايها الكتل النيابية لنتفق على اسم شخص لرئاسة الجمهورية نسعى معه لإنقاذ البلد وطرد المتآمرين وفرض استقرار داخلي، فلا يمكن ان ينتصر لبنان الا بالوحدة الوطنية الداخلية، مُضيفاً: لكن بعض اللبنانيين متزمت متعصب ويستمر بفرض مواقفه ولا يريد التفاوض مع احد ولا التوافق مع احد، بل يزرع دائما الاختلاف وهنا نقول إن كل من يزرع الفتن هو مشبوه بحق الدولة واستقرارها ومؤسساتها وبنيتها التي تتهالك فأغلب مؤسسات الدولة معطلة وودائع الناس مصادرة والفوضى تتفشى، فمتى تتفقون على انتخاب رئيس للحمهورية.
وسأل قبيسي الطرف الأخر: اتنتظرون أوامر خارجية أم حواراً في الخارج؟ تعالوا لنتحاور في بلدنا لنتفاهم على قواسم مشتركة تجمعنا ببعض كلبنانيين ومواطنين وكأحزاب وطنية. نجتمع من خلال حوار سيعود اليه الجميع رغم كل التصعيد الذي نسمعه ، فلا يمكن ان تكون هناك حلول سوى بلغة التوافق، فأختصروا الوقت يا من تتغنون بمواقفكم المتصلبة المتعطشة للغة طائفية مذهبية، ووفروا الوقت على المواطن اللبناني وعودوا الى لغة الحوار والتوافق لنتفاهم على حماية بلدنا والدفاع عنه بوجه كل التحديات.
كيف يُنتخب رئيس الجمهورية في لبنان؟
تنص المادة 73 من الدستور على أنه قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدّة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم مجلس النواب بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس. وبحسب المادة 75، يعتبر مجلس النواب الملتئم لإنتخاب رئيس الجمهورية هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي عمل آخر.
وينتخب رئيس الجمهورية بالإقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. وتدوم رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته. ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح، وذلك، بحسب ما تقول المادة 49 من الدستور.
وإنزالا على واقع الجلسة البرلمانية المنعقدة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإن لم يحصل أي مرشح على الثلثين، أي على 86 صوتاً، فيُكتفى بالأكثرية المطلقة في الدورات التي تلي، أي 65 صوتاً، إلاّ أنّه بحسب مرجع قانوني، وكما جرى عليه العرف منذ العام 1976، والمعروف ان الرئيس نبيه برّي يقوم برفع الجلسة. وهذا يعني، أنّه عند كل دعوة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، فإن نصاب الثلثين كمعيار للنجاح سيتكرّر، بمعنى يتطلّب فوز أيّ مرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية حصوله على 86 صوتاً من أصوات النواب، لينتقل بعدها إلى النصف زائداً واحدا في الجلسات الأخرى التي تلي، اذا أبقى رئيس المجلس على الجلسات مفتوحة.
ويُذكر بأن انتخاب الرئيس ميشال سليمان تطلّب انعقاد 45 جلسة لاعلانه رئيساً. وفي حال الرئيس الأسبق إميل لحود عقدت 22 جلسة قبل انتخابه رئيساً للجمهورية.