تفاصيل الخبر

"وسطاء الخير" لم ينجحوا في اعادة وصل ما انقطع بين باسيل وحزب الله " ورسائل جزين" خير دليل!

10/05/2023
"وسطاء الخير" لم ينجحوا في اعادة وصل ما انقطع  بين باسيل وحزب الله " ورسائل جزين" خير دليل!

الرئيس ميشال  عون النائب جبران وباسيل في  جزين

 

على رغم كثرة مشاغل السياسيين في متابعة الاستحقاق الرئاسي المؤجل حتى اشعار آخر بشهادة كثرة تحرك السفراء والموفدين والوسطاء واصحاب المبادرات، فان المواقف التي اعلنها رئيس " التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل خلال زيارته مع الرئيس العماد ميشال عون الى منطقة جزين، لا تزال تتفاعل لاسيما في الشق المتعلق منها بالانتخابات الرئاسية والموقف من ترشيح رئيس تيار " المردة"  سليمان فرنجية المدعوم من الثنائي الشيعي" وعدد من النـــواب المستقلين والذي يلقى معــــارضة قوية من باسيل وتيــــاره، ومن " القوات اللبنانية" وحزب الكتائب وعدد من النواب التغييريين والمستقلين. ذلك ان باسيل رفع منسوب الرسائل التي وجهها الى حزب الله من دون ان يسميه مركزا خصوصا على رفض موضوع توحيد الساحات لمواجهة العدو الاسرائيلي الذي كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اشار اليه في احدى خطبه الاخيرة والتي رفضها باسيل لاعتبارها ضد مصلحة لبنان، وهذه ليست المرة الاولى التي ينتقد فيها باسيل كلاما للسيد نصر الله اذ سبق له ان حكى عن " الوعد غير الصادق" ثم عاد وتراجع مبررا بانه لا يقصد السيد نصرالله شخصيا. وانطلاقا  من هذا الواقع يبدو ان التواصل لم يستأنف بين باسيل والحزب وسعاة الخير لم يوفقوا بعد في جمع الشمل من جديد خصوصا بعدما تناول باسيل بالنقد مواقف لنائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، والسيد هاشم صفي الدين في معرض رفضه لمعادلة " سليمان فرنجية او الفوضى".

وفي المقابل، لا يظهر  حزب الله اي مواقف ضد باسيل، لكنه باق على موقفه من دعم ترشيح فرنجية  وعدم التنازل عنه. وفي هذا السياق، يقول قيادي في " الحزب" ان كلام باسيل لن يغير من قناعة " الحزب" وخياراته في ما خص الاستحقاق الرئاسي، لان " الحزب" لا يعتمد في هذا الموضوع الدقيق المناورة، بل يلتزم ما يصدر عن امينه العام الذي يقيّم الاوضاع والمستجدات ويتخذ القرار المناسب. ويؤكد القيادي بان " الحزب" لن يدفع بباسيل الى الانفصال وسيترك  هذه المسألة لعامل الوقت! لكن في المقابل لا يرى " الحزب" ان باسيل يمكن ان يعلن الغاء" تفاهم مار مخايل" من طرف واحد وان كانت مفاعيل هذا التفاهم مجمدة في الوقت الراهن، ويضيف: اذا كان باسيل يريد من مواقفه المنتقدة لــ " الحزب" وخياراته ان يشد عصب الشارع المسيحي الذي لم يعط " التيار" ما كان يتمناه رئيسه في الانتخابات النيابية، فيمكنه ان يفعل ذلك من دون التعرض للامين العام، علما ان مواقف باسيل ادت الى حصول تباعد بين جمهور " التيار" وجمهور " الحزب" ما انعكس سلبا في وسائل التواصل الاجتماعي على نحو غير مسبوق او مقبول. ويستذكر القيادي ان الوفد الحزبي الذي زار النائب باسيل في ميرنا الشالوحي قبل اشهر طلب منه اسماء يقترحها للرئاسة طالما هو يرفض دعم فرنجية، الا ان باسيل لم يرسل اي اسم حتى الان الى الضاحية لدرسها والمناقشة فيها. وما ينشر في وسائل الاعلام من اسماء يقال ان باسيل ادرجها في لائحة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لا يمكن الاعتداد بها طالما لم تصل بشكل مباشر الى قيادة  الحزب التي لا يمكن التعامل معها عبر وسائل الاعلام.

اسباب باسيل لاستمرار القطيعة مع حزب الله

في المقابل، تستمر اصداء الانتقادات التي يطلقها النائب باسيل ونواب من التكتل في حق قيادات حزب الله نتيجة مقاربة " الحزب" للاستحقاق الرئاسي. كما ترد الى باسيل ما يقال عنه في اجتماعات حزب الله واللقاءات الحزبية واهل الاعلام القريبين من مواقع القرار. وفي احدى جلسات الحلقة الضيقة نقل احد القريبين من باسيل ان على حزب الله ان يتفهم الاسباب التي تدفع بباسيل الى اتخاذ عدد من المواقف التي لا تؤثر على المسائل الاستراتيجية بل تطاول ما هو غير استراتيجي. ذلك ان رئيس " التيار الوطني الحر يمكنه ان يتحمل هو كل تداعيات التفاهم والتحالف مع حزب الله، من أحداث 17 تشرين، إلى القرار الأميركي – الأوروبي – الخليجي الجازم بإسقاط العهد، إلى العقوبات الأميركية. لكن لا يمكن للتيار أن يتحمل أكثر؛ لا في الخليج ولا في أوروبا والولايات المتحدة وأوستراليا وكندا، حيث للتيار آلاف المنتسبين ومئات المموّلين الذين يخشون على مصالحهم. كذلك يمكن لكل من عون وباسيل أن يفهما حديث الحزب الخاص معهما عن أهمية وحدة الصف الشيعيّ وأزليّة التحالف مع حركة أمل، لكن لا يمكن للتيار الوطني الحر والجمهور القريب منه أن يفهم ولا أن يتفهّم هذه القاعدة، لأن الجمهور تفاعل مع تفاهم مار مخايل كونه تحالفاً مع الحزب لا مع الحركة. فضلا عن انه بعد خطاب الحزب العام عن وحدة الطائفة الشيعية أولاً، والمصلحة الشيعية العليا، لم يعد يمكن اتّهام أيّ من الأفرقاء المسيحيين بالطائفية أو غيره، حيث بات باسيل مطالباً من الأقربين قبل الأبعدين بأن يفعل ما يفعله الحزب على هذا الصعيد، لا أكثر أو أقل. ولا بد من القول هنا إن هناك نواة عونية مهمة تكره الطائفية (لا التديّن) كانت تؤمن جدياً بالقدرة على تشييد بناء مشترك مع حزب الله، لكنها تصطدم منذ أسابيع بخطاب طائفي متفلّت، ممن يعتقدون أن هؤلاء العونيين يكرهون المسيحيين الطائفيين لا الطائفيين المتعصبين باختلاف مذاهبهم، وهم ضد الطائفي أو من يقول «طائفتي أولاً»، سواء كان مارونياً أو أرثوذكسياً أو درزياً أو سنّياً أو شيعياً. كذلك كان يمكن للتيار الوطني الحر عموماً وباسيل خصوصاً أن يتعامل بإيجابية مع ترشيح الحزب لفرنجية لو كان (الترشيح) حلقة في سياق عام يضمن إخراج البلد من أزماته أو نهوضاً اقتصادياً ومعالجة مالية ورفاهية موعودة، لكن الحزب لا يوجّه لباسيل دعوة إلى عرس وإنّما إلى دفن متواصل. وعليه، يفترض بباسيل تأمين تغطية مسيحية لضخّ الأوكسيجين في شرايين المنظومة من جهة، واستمرار الأزمة المالية والاقتصادية من جهة أخرى، مع العلم أن باسيل كان يردّد قبل بضعة أشهر أنه مستعد للبحث في أيّ مرشح يوافق على ورقة التيار الرئاسية، قبل أن يتبيّن أن لا أحد يريد أن يكلّف نفسه قراءة الأوراق أو إعطاء تعهدات بشأنها.

في اي حال، الازمة بين باسيل و" الحزب" باقية على حالها، في وقت يرى كثيرون ان رئيس " التيار" يرغب في ان تتحرك الساحة المسيحية على وقع خياراته ومواقفه، وهو من خلال خطابه في جزين، وخطب اخرى مماثلة واطلالات اعلامية يوحي وكأنه يقدم نفسه مرشحا رئاسيا يلتزم فعليا المبادىء التي لا يبدلها والتي اوردها في جزين في ما يشبه البرنامج الرئاسي، من مثل التمسك بلبنان الموحد ارضا وشعبا، ورفض كل الاشكال التقسيمية من فيديرالية وغيرها، مستعيدا شعار الشهيد بشير الجميل " لبنان بـــ 10452 كلم²"، اضافة الى مناداته  باللامركزية واعتباره اي خيار آخر مدّمر للمسيحيين وللبنان. واللافت ان باسيل في خطابه " الجزيني" لم يذكر اتفاق الطائف بل تحدث عن ثلاث نقاط اساسية واردة فيه  مثل اللامركزية ورفض التوطين والتمسك بالشراكة وحصر الخلاف مع " الاخرين" بموضوع الدولة والنظام والنموذج.  اما في الشق الرئاسي من كلام باسيل، فبرزت " الرسالة" التي وجهها وفيها خيارين، الاول انتخاب رئيس لديه كتلة نيابية مسيحية كبرى. وبما ان الحزب لا يتفق مع القوات اللبنانية فالكتلة المقصودة هي كتلة التيار، والثاني انتخاب رئيس من خارج هذه الكتلة، لكن الكتلة هي التي تسميه.  مضيفا : " نريد رئيس جمهورية يمثل الشراكة الفعلية بالحكم، رئيسا قويا بشخصه، والاهم ان يكون قويا بدعم الناس له ( المسيحيين) والكتل النيابية الممثلة للناس، واذا لم يتوفر هذا الشخص بذاته يمكن الاستعاضة عنه بشرعية نيابية داعمه له".

تجدر الاشارة الى ان تقييم زيارة جزين، التي لن تكون الوحيدة، لان الرئيس عون سيزور قريبا زحلة، ثم المتن وكسروان وصولا الى عكار، جاء متفاوتا فمنهم من اعتبرها " ناجحة بكل المقاييس"، ومنهم من وجد انها لم تحقق ما كان يرنو اليه الرئيس السابق للجمهورية وصهره باسيل بدليل ان الحضور لم يكن كما هو متوقع، ومجموعات من الحضور لم تكن من جزين اصلا!.