تفاصيل الخبر

الباب الفرنسي لم يقفل في وجه فرنجية والمفتاح القطري لم يفتح الباب بعد لقائد الجيش!

06/04/2023
الباب الفرنسي لم يقفل في وجه فرنجية  والمفتاح القطري لم يفتح الباب بعد لقائد الجيش!

الوزير السابق سليمان  فرنجية مع  المستشار الفرنسي  " باتريك دوريل"

 

خلال الايام العشرة الماضية، تنقّل الملف الرئاسي – اللبناني بين باريس  و قطر وانتهى في بيت عنيا في حريصا، من دون ان تتوضح معالمه بصورة  نهائية  او شبه نهائية، فباريس استطلعت من المرشح الابرز رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية مواقفه من المواضيع المفصلية في الحياة السياسية  اللبنانية واعطته " نصائح"، والموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي جال على القيادات الرسمية والسياسية على مختلف انتماءاتها  مستطلعا عن هوية الرئيس العتيد وملمحا الى مواصفات تشبه قائد الجيش العماد جوزف  عون من دون ان يظفر بموقف واضح من كل  القيادات، فيما لقاء النواب المسيحيين في خلوة بيت عنيا التي دعا اليها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كانت روحانية للصلاة والتأمل، ولم تتطرق الى الملف الرئاسي مباشرة، بل بالصلاة ، ذلك ان من بين النواب الـــ 53 الذين حضروا، هناك ثلاثة على الاقل من المسترئسين ولو من دون اعلان مباشر منهم، الا ان كل هذا الحراك في الداخل والخارج لم يحمل عناصر جديدة يمكن التعويل عليها للتفاؤل بامكان انتخاب رئيس للجمهورية خلال الفترة القصيرة المقبلة، وان كان البعض من المطلعين عادة على الحركة السياسية، يتحدث عن ان الرئيس الـــ 14 للجمهورية سيكون في قصر بعبدا قبل نهاية شهر حزيران ( يونيو) المقبل، وفي اقصى اوائل شهر تموز ( يوليو) 2023.

باريس نصحت فرنجية بالانفتاح على المسيحيين

من السابق لاوانه الجزم بتاريخ انتهاء الشغور الرئاسي في قصر بعبدا لان حصيلة اللقاءات سواء في باريس او في بيروت لم تكن حاسمة وابقت الملف الرئاسي اسير معلومات متناقضة كان يتناوب على تسريبها المعنيون مباشرة بالاستحقاق، او الذين شملتهم اللقاءات والتي كان ابرزها زيارة زعيم المردة سليمان فرنجية الى باريس واجتماعه مع مستشار الرئيس الفرنسي "باتريك دوريل" بناء على دعوة من المسؤول الفرنسي الذي تكتمت مصادره في الاعلان عن نتائج هذه الزيارة، كما كان الحال بالنسبة الى فرنجية الذي كان مقترا في الحديث عما دار بينه وبين المسؤولين الفرنسيين الذين التقاهم، الامر الذي جعل المعلومات متضاربة جدا. ذلك ان الفريق القريب من " المردة" تحدث عن نتائج ايجابية عكست ارتياحا لدى الزعيم الزغرتاوي الذي صارح الفرنسيين بكل ما لديه من معلومات ومعطيات سبق ان اظهر الفرنسيون اهتماما بمعرفتها والتي وصفها البعض بــ " ضمانات" طُلِبت من فرنجية واعطاها للفرنسيين ومنهم للسعوديين الذين سبق ان ابلغوا باريس عدم قبولها بترشيح فرنجية مستغربين يومها اسباب دعم الفرنسيين له، معتبرين انه مرشح حزب الله وخط الممانعة. اما " خصوم" زعيم " المردة" فقد تحدثوا عن زيارة " لم تحقق المرجو منها"، وان الفرنسيين اعتذروا بطريقة لائقة على عدم الاستمرار في دعم ترشيح فرنجية لتعذر تأمين موافقة سعودية ودعم من الطرفين الحزبيين، القويين، " التيار الوطني الحر" و" القوات اللبنانية". وفي هذا السياق، التقى اكثر من مصدر على القول ان الجانب الفرنسي " لم يقطع الطريق" على فرنجية بل ابقى له حيزا من التفاؤل حين طلب منه " الانفتاح اكثر على القوتين المسيحيتين لان من الصعب ان ينتخب رئيس الجمهورية الماروني من دون تأييد الفريق السياسي المسيحي فكيف اذا كان عدد نواب " لبنان القوي" و" الجمهورية القوية" يقارب الـــ 40 نائبا مسيحيا من اصل 64 نائبا، وبالتالي فان باريس اعادت الكرة الى الملعب المسيحي وطلبت من فرنجية ان يحدث خرقا في الشباك الصلب الذي نصبه في وجهه رئيس  " التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي رفض دعم ترشيحه، ورئيس " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي اعتبر انتخابه امتدادا لعهد وصاية حزب الله والنهج الممانع.

وحيال الروايات المتناقضة اكدت مصادر " المردة" ان لا صحة لما تردد بعيد لقاءات فرنجية في العاصمة الفرنسية، ان باريس اعتذرت من فرنجية بعد كل الجهود التي بذلتها في تزكية اسمه مع اكثر من دولة خصوصا السعودية التي لم تبدل موقفها منه حتى الان، واعتبرت المصادر ان مثل هذا الكلام هو " حرتقة" و" تضييق على الرجل"، بدليل ان ما طلبه الفرنسيون هو عكس ذلك، فهم ركزوا- وفق المصادر نفسها- على جملة من الضمانات من فرنجية في حال وصوله الى سدة الرئاسة من خلال مقاربته لادارة الحكم وشكل مجلس الوزراء وتعاطيه مع الوزراء وصولا الى كيفية الخروج من الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة، كما كانت هناك جولة من الطرفين في قراءة مستقبل العلاقة مع حزب الله. ودار حديث طويل حول الاستراتيجية الدفاعية وسلاح الحزب، فيما اخذ موضوع العلاقة مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية، حيزا كبيرا من البحث لاسيما لجهة كيفية فتح صفحة جديدة مع المملكة. باختصار، تقول مصادر " المردة" ان الزعيم الزغرتاوي عاد " مرتاحا" من عدم الاعتراض الفرنسي عليه، واستمرار  الدعم له وان كان منسوب هذا الدعم لم يصل بعد الى تحقيق الغاية المرجوة منه، لكنه اضيف الى دعم يقول  " المرديون" انه متوافر من موسكو وطهران ايضا. وقالت مصادر ديبلوماسية ان ما قدمه فرنجية لدوريل والفريق الفرنسي الذي التقاه، ليس " ضمانات" بالمعنى القانوني للكلمة، بل تعهدات بتنفيذ ما وعد به في مواقفه السياسية التي اعلنها والتي اعاد التأكيد عليها مع" دوريل "لاسيما تطبيق اتفاق الطائف وملف النازحين السوريين والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ذلك ان الضمانات تؤمنها عادة جهات قادرة على ان " تمون " على القوى الدول الاقليمية، امر لا يتوافر الا بالدول الفاعلة على الساحة اللبنانية وهي كثيرة، علما ان هذه الدول لا تزال تعتبر- وان بنسب متفاوته- ان فرنجية هو المرشح الاكثر جدية في هذه المعركة التي لا يوجد مرشح جدي في وجهه لاسيما وان القوى المعارضة لم تلتق بعد رسميا على دعم النائب ميشال معوض وان كانت صوتت له خلال الجلسات الانتخابية السابقة واستطاع  فرنجية ان يسمع تأكيدا فرنسيا مباشرا، بدلا من ان يكون ذلك بالواسطة، على ان اسمه يتصدر القائمة الرئاسية لكن في المقابل لا يزال " الفيتو" السعودي قائما،  وهذا ما كان سمعه ايضا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي  وليد جنبلاط خلال زيارته لباريس واجتماعه مع رئيس الاستخبارات الفرنسية "برنار ايميه" ( السفير السابق في بيروت).

وفيما بدا واضحا ان فرنسا لم تقفل الباب بوجه فرنجية كما روج خصومه، اكد فرنجية لمن التقاه بعد عودته من العاصمة الفرنسيـــة، ومنهم قياديــــون في حــــزب الله( وقيل ان السيد حسن نصر الله استقبله لكن لم يتأكد ذلك رسميا)، انه سيمضي في اعلان ترشيحه الذي لم يعلنه رسميا بعد، ويستتبع ذلك بجولة على رؤساء الاحزاب والقيادات السياسية، فيما يترك لفرنسا ان تقوم بما وعدت به لجهة لعب دور الوسيط  مع السعودية علها تحدث خرقا في موقفها الرافض لدعم فرنجية، لاسيما وان باريس تبنّت من خلال دعوتها فرنجية لزيارتها، وضعية زعيم " المردة" كمرشح رئاسي رسميا وبدأت التعامل معه على هذا الاساس ومثلها يتعاطى الجميع سواء داخل لبنان او خارجه. ويتوقع ان يكون للاجتماع الخماسي المقرر عقده بعد عيد الفطر المبارك فرصة لمزيد من التشاور بين باريس والرياض لاستطلاع ما آل اليه وضع فرنجية وحجم الدعم له في لبنان  من القوى المسيحية التي دعت باريس فرنجية الى الانفتاح عليها.

 

الموفد القطري يستطلع... ويوحي!

واذا كان الاجتماع الخماسي المقبل سيستمع الى شروحات فرنسية عن حصيلة الاتصالات التي اجرتها باريس على اكثر من خط، فان المجتمعين سيستمعون ايضا الى تقرير عن الدولة التي قام بها الموفد القطرس وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي قام بمهمة استطلاعية امتدت على مدى يومين التقى خلالها مروحة من الرسميين والقياديين اللبنانيين الذين لمسوا مدى المام المسؤول القطري بالملف اللبناني وخصوصياته، لاسيما وانه يمثل بلاده في اللقاء الخماسي المواكب لازمة الاستحقاق الرئاسي، الى جانب الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية ومصر. ولقد بدا الموفد القطري خلال الاجتماعات ميالا الى الاستماع اكثر منه الى الكلام بهدف تكوين صورة مفصلة عن الاصطفافات الداخلية في الشأن الرئاسي، وكان يسأل خصوصا عن كيفية انجاز عملية الانتخاب، ومدى قدرة الخارج عموما ودولة قطر خصوصا على المساعدة في ذلك.

و ما اجمع عليه الذين شملتهم جولة الزائر القطري هو انّه لم يحمل معه مبادرة واضحة لمعالجة المأزق الرئاسي، ولكن أحد السياسيين استنتج من اجتماعه به، انّه يرمي عبر نقاشاته إلى بلورة شيء ما، «وربما كان يمهّد لطاولة حوار جديدة إذا تبين انّ من الممكن إيجاد أرضية لها».

وبينما تفادى الموفد القطري الخوض في لعبة الأسماء والكشف عن حقيقة عواطف الدوحة في هذا المجال، كان لافتاً انّ أغلب القيادات التي زارها حاولت أن تقنعه بمرشحيها المباشرين او بالمواصفات التي تعطي ضمناً الأفضلية لأسماء على حساب أخرى.وضمن هذا السياق، شرحت إحدى الشخصيات للمبعوث القطري الأسباب الموجبة التي تدفعها إلى دعم ترشيح فرنجية، مشدّدة على انّه الخيار الأنسب للمرحلة المقبلة.وخاطبت تلك الشخصية الخليفي قائلة: «نريد رئيساً بمقدوره الانفتاح على كل العرب، وسليمان فرنجية تحديداً ليست لديه مشكلة مع أحد من العرب، إذ هناك علاقات تاريخية تربط بيته بالمملكة العربية السعودية، وكذلك يستطيع الكلام مع سوريا بفعل الثقة المتبادلة بينه وبين الرئيس بشار الأسد، أما داخلياً فهو منفتح على كل الطوائف والقوى، وبالتالي لا يستفز احداً، كذلك لا يعرف ان يناور بل يشتهر بصدقه ووفائه، فإذا التزم نفّذ، وكلمته تطمئن خصومه قبل الحليف، لأنّهم يعرفون انّه إذا وعد وفى".

وفيما اكد الخليفي لمحدثه، ان بلاده لن تترك  البلد ينهار، ولديها العزم على المساعدة قدر الامكان،  نقلت مصادر اخرى عن شخصية التقت الخليجي  ان الوزير القطري طرح بضعة اسئلة من " استطلاعية" عن شخصيات مرشحة للموقع الرئاسي الاول لاستشراف مدى الدعم الذي تلقاه هذه الشخصيات وبالتالي معرفة حجم حظوظها، ومن بين هذه الشخصيات قائد الجيش العماد جوزف عون التي لا تخفي الدوحة دعمها له وسعيها الى تسويقه. وفي هذا الاطار قال الخليفي ان موقف بلاده منسجم مع الموقف السعودي خلافا لما حاول البعض الترويج له، مركزا على انتخاب رئيس لا يشكل تحديا لاحد ويمكن ان يعيد العلاقات مع الدول الخليجية الى سابق عهدها لان انتخاب رئيس لا يحظى بثقة هؤلاء وتحديدا الرياض  سيعيق وصول الدعم العربي عموما والخليجي خصوصا الى لبنان. كما شدد على ضرورة التوصل الى تفاهم على كثير من العناوين بين اللبنانيين حتى يمكن للدول المانحة تقديم المساعدات. ولاحظ احد الذين زارهم الخليفي انه اوحى بكلامه ان بلاده لا تزال على موقفها لجهة دعم قائد  الجيش باعتباره المرشح الانسب للرئاسة وانه قدر على ان يجمع المسيحيين حوله منعا لحصول أي شرخ. لكن المصدر الذي نقل هذه المعلومات ان الوزير القطري سمع عدم تأييد لترشيح العماد عون من النائب باسيل، وعدم " حماسة " من حزب الله، واثارة لعقد دستورية تحول دون انتخاب قائد الجيش من الرئيس نبيه بري ورئيس الكتائب النائب سامي الجميل. وفي اطار الحديث عن جولة الموفد القطري لا بد من الاشارة الى " انزعاج"  نواب السنة الذين لم يزر الوزير الخليفي ايا منهم في حين زار رؤساء الكتل المسيحية والرئيس بري والزعيمين الدرزيين وليد جنبلاط وطلال ارسلان!.

 

خلوة بيت عنيا: صلاة وتأمل ..... ولا سياسة!

وبعد مغادرة الموفد القطري ومعه حصيلة استطلاعه الرئاسي لاسيما لجهة دعم قائد الجيش، اتجهت الانظار الى حريصا حيث لبى 53 نائبا مسيحيا دعوة البطريرك الراعي الى خلوة صلاة وتأمل غابت عنها السياسة والاستحقاق الرئاسي وفق ما اجمع عليه المشاركون الذين استمعوا ايضا الى " عظة" من البطريرك لم تخلّ من تحميلهم بصورة غير مباشرة مسؤولية المشاركة في تعطيل الاستحقاق الرئاسي . ومما قاله البطريرك في هذا المجال: " ان السياسة التي تمارس التسلط لا الخدمة، غير قادرة على رعاية الاخرين والسياسة التي تمارس السلطة بطريقة خاطئة، تسحق الفقراء وتستغل الارض وتواجه النزاعات، ولا تعرف كيف تحاور. " المحبة تضع السياسي في موقع اقرب من كل انسان، لاسيما من اهم اضعف، ويقول البابا" فرنسيس" ان السياسة التي تسعى لخلق مساحة شخصية وفئوية، هي سياسة سيئة، اما التي تسعى لوضع اسس لمستقبل الاجيال، هي سياسة صالحة". وطلب البطريرك من النواب، انه " ليطرح كل واحد منا وكل سياسي صالح هذه الاسئلة على نفسه بماذا جعلت الشعب يتقدم؟ اي روابط حقيقية بنيت؟ وكم سلام اجتماعي زرعت؟ ماذا انتجت في المسؤولية التي اوكلت الي؟ وماذا فعلت لتسهيل انتخاب رئيس واحياء مؤسسات الدولة"؟.

في اي حال، كل ما تقدم يوحي بان الاستحقاق الرئاسي دخل في اجازتي عيد الفصح المجيد لدى المسيحيين والفطر السعيد لدى المسلمين، وبعد العدين حديث آخر!