تفاصيل الخبر

التقارب " الروحي" الدرزي ينسحب على الثلاثي جنبلاط وارسلان ووهاب من دون تبديل في التحالفات

03/05/2023
التقارب " الروحي" الدرزي ينسحب على الثلاثي  جنبلاط وارسلان ووهاب من دون تبديل في التحالفات

لقاء الشيخ  سامي  ابي المنى مع الشيخ ناصر الدين  الغريب في كفرمتى

 

تسود حالة من الارتياح في الساحة الدرزية بعد التواصل والتلاقي الذي حصل قبل اسبوعين وانعكس ايجابا على الصعيدين السياسي والروحي لدى ابناء طائفة الموحدين الدروز، وخصوصا لدى الهيئة الروحية والمشايخ الامر الذي قد ينعكس ايجابا على صعيد العلاقات بين القيادات السياسية الدرزية لاسيما على الصعيد الشخصي وان لم ينسحب على صعيد التقارب في المواقف نظرا لان كل مكون  من المكونات الدرزية له واقعه السياسي وتحالفاته التي قد لا تلتقي في موقع واحد. لكن الواضح ان معالم هذا التوافق بدأت تظهر من خلال سلسلة محطات ومناسبات سجلت على الخطين السياسي والروحي كان ابرزها الزيارة التي قام بها شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي ابي المنى الى شيخ عقل الطائفة الشيخ ناصر الدين الغريب الاخر    الذي يؤيده الامير طلال أرسلان  في دارته في بلدة كفرمتى في قضاء عاليه. وهذا اللقاء هو الاول من نوعه منذ ما يزيد  عن 15 سنة لان شيخ العقل السابق الشيخ نعيم حسن لم يزر الشيخ الغريب طوال مدة ولايته، علما انهما متجاوران. العالمون بالواقع الدرزي يقولون ان مبادرة الشيخ ابي المنى اتت بدفع من رئيس حزب التوحيد  العربي الوزير السابق وئام وهاب الذي التقى الشيخين وسعى لازالة حالة القطيعة- بين مشيخة العقل  برئاسة الشيخ ابي المنى، والشيخ الغريب تحت  عنوان وحدة الطائفة والخروج من الاصطفافات وطي صفحة الخلافات. ولم يغب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن هذا السعي الذي حظي ايضا بدعمه فكان التلاقي بين الشيخين في حضور كبار مشايخ الطائفة والعلماء فيها، وصدرت مواقف ايجابية لاقت تجاوبا من ابناء طائفة الموحدين الدروز.

 

تقارب سياسي ولا تبديل في التحالفات

وتزامن هذا التقارب " الروحي" مع تقارب على الصعيد السياسي بين جنبلاط ورئيس " الحزب الديمقراطي اللبناني" الامير طلال ارسلان عمل له الوزير السابق وهاب ايضا وحصل اللقاء بين الزعيمين الدرزييين في دارة وجدي ابو حمزة في الرملة البيضاء، وهو اللقاء الاول بعد الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت في شهر ايار ( مايو) 2022 والتي خسر فيها ارسلان مقعده التقليدي في عاليه، ولم يحقق وهاب اي فوز في دائرة الشوف على رغم ان كل الاحصاءات كانت تدل قبل يوم الانتخابات بان وهاب سيدخل الندوة البرلمانية مع اثنين على الاقل من اعضاء اللائحة التي شكلها حيث كان من المتوقع ان يخسر النائب مروان حمادة مقعده ليحل محله وهاب. الا ان الماكينة الاشتراكية، بتوجيه من جنبلاط الاب، صبت كمية كبيرة من الاصوات التفضيلية لصالح حمادة  بعدما وزعتها بينه وبين رئيس كتلة " اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط الذي لم يكن متحمسا كثيرا لعودة حمادة الى ساحة النجمة لولا ان الارقام دلت قبل يوم الاقتراع، الى تقدم وهاب واحتماله خرق اللائحة الجنبلاطية. اما في عاليه درجت العادة ان " يسهل" جنبلاط انتخاب ارسلان حفاظا على العلاقات بين المكونين الجنبلاطي والارسلاني في الجبل، الا ان ذلك لم يحصل في انتخابات ايار ( مايو) الماضي حتي قيل ان اصوات اشتراكية او صديقة حجبت عن ارسلان وصبت لمصلحة النائب " التغييري" مارك ضو الذي شكل فوزه عن المقعد الدرزي مفاجأة سياسية لم تكن متوقعة. وقد سبب سقوط ارسلان في عقر داره في قضاء عاليه تباعدا كبيرا مع جنبلاط، وكذلك الحال بالنسبة الى وهاب الذي كان بعيدا اصلا عن جنبلاط وازداد بعدا. وبدا من خلال المستجدات الاخيرة ان الظروف المستجدة حتمت عودة الحرارة، ولو تدريجيا الى العلاقة بين الاقطاب الدروز الثلاثة جنبلاط وارسلان ووهاب بعدما كاد استمرار الخلافات ان يقود الى تجاذبات في الشارع الدرزي وبين ابناء البيت الواحد. وسرّع في التلاقي تباينات واشكالات حصلت على خط الهيئة الروحية الدرزية بعد الباس مشايخ العمامة المكولسة ( المعروفة بالمدوّرية) التي تمنح عادة لمن يصبحون في عداد الهيئة الروحية، لكن معالجة هذا الامر، كما تقول مصادر درزية معنية، حقق توازنا بين القيادات الدرزية من خلال المشايخ المحسوبين على الاطراف الثلاثة الذين ارتدوا العمامة، وهذا الامر احدث استقرارا على الصعيد الروحي وازال التباينات التي كانت سائدة من خلال بعض المواقف التي كادت تحدث ازمة  على الخط الروحي، لكن حراك المشايخ وسعاة الخير ازال كل هذه الالتباسات.

اما على الخط السياسي، وبمعزل عن التباينات السياسية، فان لكل مكون درزي اكان على صعيد المختارة ام خلدة ام الجاهلية، مواقفه وخصوصيته وثوابته ومسلماته، اذ لا يخفى ان هناك هوة على صعيد التحالفات بين دارة خلدة والمختارة، ولكن ذلك لا يفسد في الود قضية لمصلحة ابناء الطائفة، وعلى المستوى الوطني العام، لتثبيت الاستقرار في الجبل وترسيخ المصالحة، وهذا ما يشدد عليه كل من جنبلاط وارسلان، فيما لوحظ تنامي الحراك الارسلاني من خلال سلسلة تحركات سياسية ونقابية ولقاءات ديبلوماسية، وتحديدا الانفتاح والتواصل خليجيا، وهذا ما تبدى بوضوح من خلال زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي لدارة خلدة، ولقائه بارسلان بحضور الوزير السابق صالح الغريب، ما يعني ان الامور ذاهبة باتجاهات لتفعيل الحضور والدور الارسلاني عبر تطوير وتفعيل التقليد السياسي بانماط جديدة، كما ينقل عن المقربين، وهذا ما ظهرت معالمه ايضا عبر حراك نجل ارسلان المير مجيد، الذي بات يواكب ويتابع كل الملفات. وتتوقع المصادر الدرزية المتابعة ان ينعكس هذا التقارب على اوضاع المؤسسات الدرزية من المجلس المذهبي الى الاوقاف الدرزية والمراكز الصحية لمواجهة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، من دون ان يبدل ذلك حقيقة قائمة مفادها ان لكل مكّون درزي تحالفاته الداخلية والاقليمية، ومن المبكر الحديث عن توافق سياسي بينهم حول الاستحقاق الرئاسي او سواه من الملفات المطروحة، لكن ما جرى من لقاءات وتواصل على الصعيدين السياسي والروحي، شرّع الابواب  امام رفع منسوب اعادة ترتيب البيت الدرزي بعد خلافات وانقسامات لا تصب لمصلحة اي طرف.

 النائبائبان السابقان  وليد جنبلاط وطلال أرسلان والوزير السابق  وئام وهاب في صورة جامعة