تفاصيل الخبر

" كتلة الورقة البيضاء" تبقي جلسات الانتخاب.... بلا رئيس واتفاق نوابها على فرنجية رهن بموقف باسيل

24/11/2022
" كتلة الورقة البيضاء" تبقي جلسات الانتخاب.... بلا رئيس  واتفاق نوابها على فرنجية رهن بموقف باسيل

الرئيس نبيه بري يترأس جلسة مجلس النواب يوم الخميس الماضي

 

جلسة نيابية اخرى انعقدت الخميس 24 تشرين الثاني ( نوفمبر) الجاري ولم تنتج رئيسا للجمهورية وتكرر المشهد نفسه الذي يتابعه اللبنانيون والعالم على شاشات التلفزة كل يوم خميس، من خلال اصوات تذهب للنائب ميشال معوض، واخرى اوراق بيضاء، وكذلك اسماء مرشحين بالمفرق او شعارات. والمعطيات تؤكد بان هذا المشهد سوف يتكرر حتى اشعار آخر لان " الطحنة" لم تستو بعد ولان الاتفاق على رئيس جديد للبلاد لا يزال بعيد المنال وكتلة " الورقة البيضاء" قادرة على الحؤول دون وصول اي مرشح لا تريده علما ان لا مرشح معلنا لها بعد، وان كان المرشح غير المعلن لغالبية اعضاء هذه الكتلة، هو رئيس تيار " المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية الذي يواجه معارضة قوية من حليف حليفه رئيس " التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي يعلن بصراحة غير قابلة للنقاش- حتى الان على الاقل- انه لا يرضى بفرنجية رئيسا للجمهورية من دون ان يقدم علنا اسما بديلا، فيما تحدثت مصادر متابعة عن ان باسيل يعمل على تسويق مرشح " تكنوقراط" لا صبغة سياسية معلنة له وان كان قريبا منه نتيجة موقفه الاداري الذي يشغله منذ سنوات واستمر فيه خلال عهد الرئيس ميشال عون. الا ان التسويق الذي يقوم به باسيل لا يقتصر على اسم واحد،  بل يتناول اسما آخر له المواصفات البعيدة عن السياسة نفسها بحجة ان المرحلة المقبلة تحتاج الى رئيس " تقني" ملم بالاقتصاد والمال والادارة لاعادة بناء ما تهدم، ولا يحتاج الى رئيس سياسي له ارتباطات وامتدادات في هذه الدولة او تلك، ومع هذا السفير او ذاك.... الا ان المصادر نفسها جزمت بان باسيل لم يلق اي تجاوب بعد من اي طرف حيال اسماء التي يعمل على " تسويقها"، لاسيما لدى حليفه شبه الوحيد اي حزب الله الذي يتريث في تحديد موقفه وهو لا يزال يسعى الى اقناع باسيل بتبني ترشيح فرنجية الذي يلقى دعما علنيا من الرئيس نبيه بري ومن نواب مستقيلين، ويمكن ان يحظى بدعم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي لن يبتعد عن " صديقه" الرئيس بري في المسار الانتخابي الرئاسي، الا ان عقبة فرنجية هي عدم حصوله على غطاء مسيحي وازن، وماروني خصوصا، مع استمرار معارضة باسيل لترشيحه، وكذلك حزب " القوات اللبنانية" الذي اختار ابن زغرتا النائب ميشال معوض ليكون " حصانه " الانتخابي في ظل عدم قدرة رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع على الترشح لالف سبب وسبب.

تعددت الاسباب والنتيجة واحدة

اذن، لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور ما لم يحسم الفريق المسيحي موقفه، سواء بتأييد فرنجية او الاتفاق على دعم مرشح آخر، قد يكون قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يعارضه باسيل وفرنجية معا، فيما يتفادى جعجع تحديد موقفه بوضوح من ترشح قائد الجيش من خلال الاشارة الى  تبني " القوات" للنائب معوض. وثمة من يرى ان حزب الله، وهو الناخب الاقوى على الساحة الرئاسية لانه يملك حق " الفيتو" على اي مرشح، ومثل هذا الحق ينسحب على موقف الرئيس بري والفريق المؤيد للمقاومة من نواب مستقلين وغير مستقلين، وبالتالي اذا لم يحسم الحزب موقفه سيبقى الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة مهما نشطت الدول الخارجية وتحركت مباشرة او مداورة لدعم هذا المرشح او ذاك، مع التسليم باهمية اللقاءات المرتقبة الشهر المقبل في واشنطن وغيرها، لكن المهم يبقى القرار الداخلي حيث " بيضة القبان" لدى حزب الله " الصابر" على مواقف باسيل من مرشحه غير المعلن رسميا بعد اي فرنجية وان كانت كل الاشارات تدل عليه. وفي هذا السياق يؤكد احد القريبين من الحزب والمطلعين على نقاشاته الداخلية ان معادلة الحزب الرئاسية، وخلافا لاي اجتهادات مغايرة، لم تتغير وهي الاتية: " فرنجية فقط.... وفقط فرنجية". وبهذا المعنى فان الحزب مستمر في خوض معركة حليفه الشمالي، انما على طريقته الخاصة التي تاخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة وخصوصية العلاقة مع كل من " التيار الوطني الحر" وتيار " المردة" اي ان الحزب يحاول في آن واحد ان يربح انتخاب فرنجية من دون ان يخسر الحلف مع باسيل.

 

وعندما يزور بعض المرشحين المفترضين   حزب الله  ويستفسرون عن موقفه منهم، يسمعون عبارة واحدة، "فيكم الخير والبركة لكن المرشح الذي ندعمه معروف". ولئن كانت بعض شظايا مواقف باسيل من باريس ضد فرنجية قد اصابت " الثنائي عموما" والحليف الشيعي خصوصا، الا ان الحزب تعامل معها على قاعدة ان ضرب الحبيب زبيب". وبالتالي ، هو قرر ان يستمر في اعتماد سياسة الصبر والتحمل التي اصبح خبيرا فيها، مفضلا لو ان باسيل لم يصوب على الرئيس بري وفرنجية في الشكل الذي انطوى عليه تسجيله الصوتي، لان من شأن هذا التصعيد ان ينعكس سلبا على مساعي التوفيق بين الحلفاء في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، بينما كان من الانسب لو ان رئيس " التيار الحر" استكمل منحى التهدئة والانفتاح الذي ابداه مع زيارته الاخيرة لبري وفق المحيطين بالحزب. وعلى رغم من النبرة الحادة لباسيل في الاعتراض على خيار فرنجية، غير ان الحزب لم يقطع الامل بعد في امكان ان يطرأ تعديل على موقف رئيس " التيار" ولو بعد حين، وهو يعتبر انه لا يزال من المبكر الاستنتاج ان باسيل وصل الى نقطة اللارجوع واحرق كل المراكب التي يمكن ان تعيده الى شاطىء التفاهم. ويؤكد القريبون من حزب الله ان الترويج لامكانية التراجع من دعم فرنجية يندرج في اطار التحليلات والاجتهادات التي لا ترتكز على معطيات واقعية، وبالتالي فان الحديث عن " خطة ب" لدى الحزب لا يقع في موقعه الصحيح على الاطلاق.

زيارات في الداخل والخارج لم تبدل شيئا

من هنا، يتحدث المطلعون عن ان الشغور الرئاسي مستمر حتى اشعار آخر، وان كانت اللقاءات السياسية والزيارات في الداخل والخارج  ستكشف خلال الاسابيع المقبلة، سواء تلك التي قام بها مسؤول الامن في حزب الله الحاج وفيق صفا الى اليرزة ولقائه العماد عون، او زيارة باسيل الى قطر ثم الى باريس، وكذلك المحطة الباريسية لفرنجية التي ظلت بعيدة عن الاضواء من ضمن جولة قد تشمل الفاتيكان ودولة خليجية، وكذلك زيارة العماد عون الى الكرسي الرسولي قبل شهرين وزيارة متوقعة الى دولة خليجية كبرى واخرى عربية مؤثرة. ويرى المطلعون ان الرئيس بري يعتزم المضي في المشاورات التي تحدث عنها سابقا مع رؤساء الكتل النيابية اذا ما شعر ان امكانية التوافق على فرنجية واردة، والا فانه لن يدخل في متاهات المشاورات غير المجدية وان كان لا يزال هناك من ينصحه باجراء مثل هذه اللقاءات لملء الوقت الضائع بالتوازي مع " جلسات الخميس" غير المنتجة. لكن احد القريبين من بري يقول ان توالي انعقاد هذه الجلسات في ظل المراوحة المستمرة بات امرا غير مجد لا بل ان اللبنانيين ملوا من مشاهدة  هذه الجلسات المتلفزة التي صارت المواقف فيها مثل " سوق عكاظ"، ويضيف ان لا معطيات جديدة  تؤشر الى امكان انتخاب الرئيس قبل نهاية العام الحالي، مستندا الى عدد من العناصر التي تؤكد هذا التوقع، مستبعدا انقشاع مشهد الاستحقاق الرئاسي قبل مطلع العام الجديد، الذي يعتقد انه سيشهد بداية تحرك جديدة بوتيرة اكثر نشاطا ووضوحا نحو وضع انتخاب رئيس للجمهورية على السكة. اما المعطيات والعناصر التي تعزز الاعتقاد بان لا رئيس جديد للبلاد قبل مطلع العام المقبل فأهمها غياب اي مبادرة داخلية لاحراز تقدم جدي لانتخاب الرئيس خصوصا بعد افشال فكرة الحوار التي طرحها الرئيس بري. ومن الصعب المباشرة باي مبادرة او محاولة للخروج من هذه المراوحة الشهر المقبل وقبل اعياد الميلاد ورأس السنة، وكذلك الانقسام الداخلي الحاد حول الاستحقاق الرئاسي، والخلافات حول مواصفات الرئيس والاسماء المرشحة وتمسك كل طرف بموقفه بانتظار انقشاع المشهد الاقليمي والدولي، اضافة الى مراهنة الثنائي المسيحي القوي " التيار الوطني الحر" و" القوات اللبنانية" على متغيرات وتطورات يمكن المراهنة عليها لهذا الطرف او ذاك، او انها تساعد على التخلص من المرشح الاقوى حاليا سليمان فرنجية، الذي يحظى بتأييد شريحة كبيرة من المجلس النيابي، وابرزها ثنائي " امل " و " حزب الله" وعدد ملحوظ من نواب السنة ومستقلين، لكن المصدر يشير الى ان موقف " القوات" او " التيار الوطني الحر" ليس نهائيا تجاه فرنجية، لان اي عوامل خارجية وداخلية ضاغطة وفاعلة يمكن ان تبدل انشغال الخارج بالاحداث الكبيرة المتسارعة في العالم، وابرزها بطبيعة الحال الحرب في اوكرانيا وتداعياتها، والتطورات في ايران بعد ادخال العامل الكردي على الحدود، وما يحصل ايضا مؤخرا من توسع نطاق الصراع على خلفية ازمة الاكراد مع تركيا.

وعليه، سيكون شهر كانون الاول( ديسمبر) المقبل شهر عطل واعياد واستقبال الوافدين من الخارج لتمضية الميلاد والسنة الجديدة مع الاقرباء، والاصدقاء، وسينسى اللبنانيون ان لا رئيس جمهورية في بلدهم وان الفراغ هو " سيد القصر"!.