بقلم علي الحسيني
يبدو أن طبول الحرب بين إسرائيل وإيران قد بدأت تُقرع في المنطقة وسط إجراءات إحترازية يتخذها الطرفان داخل الأراضي الفلسطينية وعند الحدود الجنوبيّة في لبنان، وفيما تشنّ إسرائيل هجوماً عنيفاً مُنذ فترة على الشعب الفلسطيني في غزّة والضفّة ومُخيّم جنين مُتسلّحة بدعم اميركي غير محدود وغضّ طرف دولي، تخوض إيران حرباً نفسيّة على إسرائيل بدأها "حزب الله" بنصب خيمتين بالقرب من الخطّ الأزرق، الأمر الذي إستدعى إستنفاراً إسرائيليّاً وتحذيرات بتحميل لبنان مسؤولية ما يُمكن أن ينتج من ردود فعل على خلفيّة بناء الخيمتين.
المواجهة الإيرانيةّ ـ الإسرائيلية
يبدو أن إيران قد استبقت التهديدات أو المخاوف من شنّ إسرائيل أي عدوان ضدها، بمجموعة إجراءات خارجيّة كان أبرزها بناء "حزب الله" خيمتين في منطقة مُتنازع عليها، وتعتبرها إسرائيل ضُمن الأراضي التابعة لها. ويبدو أن "الحزب" قد نجح إلى حدّ بعيد، بإستفزاز الجهة الإسرائيلية من خلال لجوء الأخيرة إلى تقديم شكوى لدى "اليونيفل" تتعلّق بتوسيع موقع حزب الله إلى الأراضي الإسرائيلية في مزارع شبعا التي تُعرف إسرائيليا بـ"هار دوف" (جبل روس)، على الحدود اللبنانية. وليلة الأحد الماضي نقل موقع إسرائيلي معلومات تتعلّق بنقل "الحزب" إحدى الخيمتين إلى داخل الأراضي اللبناني. وقد استنتجت المؤسسة الأمنية في اسرائيل أن "حزب الله يبحث عن وسيلة لمنع المواجهة ونقل الخيمة الثانية إلى الأراضي اللبنانية كذلك.
وفي السياق، كان أوضح مسؤول أمني إسرائيلي رفيع إنه تم نقل رسالة دبلوماسية وعسكرية مفادها أنه إذا لم يتم إخلاء المواقع التي أقيمت على الحدود، فسيتم تنفيذ عملية لتطهير المنطقة.
"فيلق القدس" عند الحدود
في معلومات أمنية، تُشير مصادر بارزة إلى أنه زار مُنتصف الأسبوع الماضي، جنرالات من "فيلق القدس" يُرافقهم قادة عسكريين من "حزب الله" مُحيط المنطقة التي نصب فيها "الحزب" خيمتين عند الخط الأزرق ـ الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وقد عاين الوفد العسكري المكان لبعض الوقت وبعض المناطق المُحيطة قبل أن إنسحابه، وبحسب المصادر هناك تشديد من "فيلق القدس" لجهة إفتعال التوترات والإستفزازات عند النقطة المذكورة من دون اللجوء الى استخدام القوّة المُباشرة ومُراقبة ردود الفعل الإسرائيلية، وأشارت إلى أن مجموعة من القوّة الخاصة" في "الحزب" لا زالت على تموضعها السابق ضُمن مواقعها تحسّباً لأي طارئ لا سيّما بعد التهديدات الإسرائيلية.
وتُضيف المصادر نفسها: ثمّة مؤشّر أوّلي أن ما يقوم به "حزب الله" عند الحدود هو رسالة إيرانية موجهة لإسرائيل في حال القيام بأي اعتداء من دون إغفال كلام لسفير أميركي سابق لدى إسرائيل أن احتمال الحرب قائم وأن لبنان سيدفع الثمن. وأيضاً ما قاله النائب محمد رعد في موضوع الخيمتين "لقد ولّى زمن فصف مفاعل تموز(يوليو) ". وهذا كلّه يقود أيضاً إلى الخليّة الإيرانية التي أُلقيّ القبض عليها في قبرص والتي كانت تُحاول تنفيذ عملية امنية بحض مواطنين إسرائيليين.
فوض أمنيّة في المنطقة!
ثمّة مؤشّرات عديدة تُفيد بأن الأمور ذاهبة نحو الأسوأ بما يتعلّق بالصراع بين إسرائيل و"حزب الله"، فبعد إعلان للجيش الإسرائيلي عن قصفه أهدافًا في مدينة جنين بالضفّة الغربيّة في إطار "عمليّة واسعة لمكافحة الإرهاب"، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن نشر القبة الحديدية تأهبا لأي رد من غزة ولبنان. كما أعلنت الإستخبارات التركية، القبض على 7 جواسيس يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي، من بينهم أتراك وعرب، يحملون الجنسيات السورية واللبنانية. وقد أوكل الموساد لجواسيسه، مهام: التجسس على الصناعات الدفاعية التركية، والتجسس على المعارضين العرب في تركيا.
وبحسب السلطات التركية فقد تمكنت الاستخبارات التركية من كشف الخلية، من خلال تتبع أحد الجواسيس، وهو يتعقب معارضين مصريين في منطقة الفاتح بإسطنبول، موضحة أن الجواسيس قد حصلوا على تدريبات مكثفة ومتقدمة خارج تركيا، وكانوا على درجة عالية من الاحترافية، من أجل عدم الوقوع في قبضة الاستخبارات التركية، التي كانت تتعقب جميع تحركاتهم منذ فترة طويلة.
إسرائيل ولعبة زمام الأمور
تُشير مصادر عسكرية إلى أن إسرائيل تحرص دائماً على أن تكون الجهة التي تُحدد توقيت المواجهات العسكرية المُترتبة عليها، أبرزها تلك المُتعلقة بمواجهة "حزب الله" ومن دون السماح لأي جهة باستدراجها إلى "حلبة" الصراع العسكري خصوصاً في توقيت لا تُريده أو ترتاح له، وذلك بهدف أن تضمن نتائج المواجهة وقطف ثمارها على النحو الذي تُخطّط له. لذلك فإن الوضع الإسرائيلي الداخلي، لا يسمح في هذه المرحلة بحدوث مواجهات عسكرية هم في غنى عنه خصوصاً مع ما يُمثله "حزب الله" من تهديد بالنسبة إلى أمنها، وربما أيضاً بالنسبة إلى وجودها ذاته، وهي تتصرف دائماً على أساس أن المواجهة مع هذا الحزب حتمية ولا يمكن تجنّبها، فهي قادمة لا محالة آجلاً أو عاجلاً.
ومنذ أيّام قليلة، كشفت صحيفة "هآرتس"، عن وجود تقديرات داخل إسرائيل تفيد بأن إحتمالات الحرب أمام "حزب الله" منخفضة، موضحةً أنه رغم وجود هذه التقديرات داخل البلاد، فإن الجيش الإسرائيلي يجري إستعدادته لأي سيناريو محتمل.
بدوره كان قائد سلاح البحرية الإسرائيلي، اللواء" إيلي شربيت " أقرّ، بأن حزب الله عمل على بناء منظومة صاروخية هجومية، وهي ترسانة صواريخ الأفضل في العالم، مشيراً إلى " مروحة قدرات" حزب الله "على ضرب المنشآت الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر، ما يعني ضرورة العمل على بناء منظومة اعتراض صاروخية، رغم الإدراك المسبق أنها لا تشكل حلاً جذرياً" للتهديدات. وعلى هذه الخلفية، تابع يقول إن سلاح البحر عمد إلى تنصيب منظومة القبة الحديدية على سفينة" ساعر 5 "لحماية منصات الغاز.
أمّأ لجهة مروحة الوسائل القتالية المتصلة بتهديدات "حزب الله "البحرية، أوضح قائد قاعدة اشدود العقيد "يوفال ايلون"، أن قوس الوسائل والقدرات واسع ومتنوع، بدءاً من غطاسين انتحاريين، مروراً باستخدام زوارق متفجرة، وحتى غطاسين متمرسين في أعماق البحار، بما في ذلك استخدام غواصات صغيرة ومنظومات زرع ألغام وتفجير من إنتاج ذاتي. وشدد" ايلون" على أنه انطلاقاً من هذه المعطيات الموجودة لدى إسرائيل يمكن الافتراض أنه في المواجهات المقبلة سيُهدّد المجال البحري بشكل جوهري عبر جهات معنية بضرب مناعة إسرائيل.