تفاصيل الخبر

طهران المنزعجة من اتهامها بالتدخل في الانتخابات تحيل سائليها عن رأيها... الى حزب الله

08/02/2023
طهران المنزعجة من اتهامها بالتدخل في الانتخابات  تحيل سائليها عن رأيها... الى حزب الله

الرئيس الفرنسي " ايمانويل ماكرون" مع الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي "

 

في كل ازمة سياسية تواجه لبنان، وفي كل حدث امني او غير امني، ترتفع اصوات سياسيين لبنانيين لتتهم ايران بالوقوف وراء هذه الازمة او تلك، او هذا الحدث او ذاك، الى درجة ان بعض من كانوا في قوى " 14 آذار" شكلوا مجلسا لازالة "  الاحتلال الايراني" للبنان وهم يعقدون الاجتماعات المتتالية ويصدرون بيانات يتهمون فيها الجمهورية الاسلامية الايرانية بالعمل على اسقاط الدولة اللبنانية وتغليب " دويلة" حزب الله على المؤسسات الرسمية اللبنانية وغيرها من الاتهامات التي تطاول تقريب كل شيء.... ولم تكن زيارة وزير خارجية ايران" حسين امير عبد اللهيان" في نظر هؤلاء، الا الدليل الدافع على التدخل الايراني في الاستحقاق الرئاسي اللبناني على رغم ان لقاءات عبد اللهيان شملت رسميين والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فقط، ولم يتم اي لقاء مع اطراف لبنانيين آخرين. وعلى رغم ذلك اصرت هذه القوى على اعتبار ايران طرفا اساسيا في الملف الرئاسي اللبناني وصولا الى حد اتهامها باستخدام هذا الاستحقاق كورقة للتفاوض على اي تسوية اقليمية او كأداة في يدها للمواجهة. ومن الواضح ان تحرك الاطراف المعترضين دائما على دور ايران على الساحة اللبنانية لم يعد تحركهم الاعتراضي يقتصر على الاجتماعات الدورية والبيانات الاسبوعية، بل انهم بدأوا تحركا صوب المراجع الديبلوماسية المناوئة لنهج " الممانعة" في محاولة لتألب هذه المراجع على ايران وتفعيل اتهامها بالتدخل في الشؤون اللبنانية تمهيدا لــ " محاسبتها" على ما تقوم به في لبنان. وتنوي هذه المجموعات القيام بتحرك شعبي واسع خلال الاسابيع المقبلة لشرح مواقفها وتثبيت حقها في الاعتراض على التدخل الايراني وتداعياته. وفي هذا السياق، قالت مصادر متابعة ان وفدا سيشكل قريبا من الجهات المعارضة للسفر الى عدد من الدول الشقيقة والصديقة وصولا الى الامم المتحدة للتأكيد على توجهاتهم ضد الايرانيين.

 

طهران: لا دور لنا في الاستحقاق

في المقابل، تنفي طهران اي دور لها في الاستحقاق الرئاسي لا في تحديد اسماء او حتى مواصفات وتؤكد ان هذا الملف هو في يد حليفها حزب الله وان كل من يسأل الايرانيين عن موقفهم من الانتخابات الرئاسية اللبنانية، يأتيهم الجواب فورا: اسألوا حزب الله... هذا الامر ليس من شأننا". وفي هذا السياق ينقل عن مصادر ديبلوماسية على صلة بالايرانيين ان طهران لا تزال ترفض عروض التدخل في الاستحقاق الرئاسي ولا في " البازار" المرتبط به، وهي لا ترى اي موجب لتحضر في تفاصيله، وان حزب الله هو المعني باتخاذ القرار المناسب في هذا المجال، وثقة القيادة الايرانية به وبطبيعة مقاربته للامور لا تراجع فيها. وفي رأي المصادر نفسها ان طهران التي تتابع الاتصالات الخارجية الجارية حول الملف اللبناني، وهي طرف غير مباشر فيها، ان الشغور الرئاسي لن يطول كثيرا هذه المرة، لان الوضع الاقتصادي والاجتماعي تجاوز الخطوط الحمر وهو لم يعد يحتمل فراغا طويل الامد كما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. وتكشف المصادر ان القطريين عرضوا على الإيرانيين المشاركة في اجتماع باريس للتداول في الملف اللبناني. وذلك، إما بالحضور المباشر وإما مداورة بواسطة تبادل الرأي، ولكن موقف إيران يشدد على ان المطلوب بالدرجة الأولى حوار بين اللبنانيين أنفسهم للتفاهم على انتخاب الرئيس المقبل. وتشير إلى أن الايرانيين يعتبرون انّ ترويج بعض الشخصيات السياسية لمقولة "الاحتلال الإيراني" لا يقدّم ولا يؤخر في ثبات موقفهم الداعم للبنان من دون تمييز بين مسلميه ومسيحييه، لافتة إلى أن الرئيس نجيب ميقاتي كان قد تبلّغ من احد ممثلي طهران الاستعداد لمنح الحكومة هبة فيول مجاني كانت ستخصّص لزيادة معدل التغذية الكهربائية في كل المناطق، بمعزل عن انتمائها الطائفي والمذهبي. وتنقل المصادر عن اوساط إيرانية تشديدها على أن طهران يهمّها ان تكون دول الطوق، ومنها لبنان، قوية لكي لا تضعف أمام اميركا وإسرائيل، "وتريد ان توظّف هذه الدول العامل الايراني لتعزيز أوراقها التفاوضية"، وعلى سبيل المثال سبق أن أبلغ الايرانيون الى مصر جهوزيتهم لإقامة افضل العلاقات الدبلوماسية وكذلك لتقديم مساعدة في المجال التطور العلمي النووي، وذلك على رغم ان القاهرة تربطها معاهدة سلام بتل أبيب، والسبب وفق التفسير الإيراني هو الاهتمام بتقوية مصر قدر الإمكان والحؤول دون استفرادها من قبل الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي. وتوضِح المصادر الدبلوماسية ان التواصل الإيراني - السعودي المُتقطّع لم يحقق بعد اختراقات نوعية، مشيرة الى انّ الرياض تريد أن تعالج الملف اليمني مع طهران ولكن أتاها الرد بأنّ هذا الملف خارج التفاوض وبأنّ إيران لا تبيع وتشتري في اليمن، وما هي معنية به البحث في استئناف العلاقات الثنائية وفتح السفارات.وبالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية، تفيد المصادر الدبلوماسية ان إيران كانت ولا تزال تعارض اي تفاوض مباشر مع واشنطن ربطاً بتجربة مريرة معها، "وطهران التي تعرف انّ اولوية الاميركيين هي الكيان الاسرائيلي، ليست مستعدة لعقد اي صفقة او تسوية في خصوص القضية الفلسطينية. فلماذا تجلس وإيّاهم حول طاولة واحدة؟".

 

الا ان كلام المصادر الديبلوماسية القريبة من طهران لا يلغي حقيقة قائمة وهي ان المسؤولين الفرنسين كانوا على تشاور مستمر مع نظرائهم الايرانيين طوال الاشهر الماضية في مواضيع عدة ومن ضمنها الملف اللبناني، الا ان خللا ما اصاب العلاقة الايرانية- الفرنسية بعد الرسوم المسيئة التي نشرتها احدى الصحف الساخرة في فرنسا فصدرت مواقف من هنا، قابلتها ردود فعل من هناك ما ادى الى فتور في العلاقة سرعان ما ارتفعت وتيرته السلبية  فحصل جمود في العلاقة يتوقع الا يطول كثيرا ذلك ان المسؤولين الفرنسيين على قناعة بان ايران قادرة على ان تلعب دورا ايجابيا في الاستحقاق الرئاسي اللبناني من خلال العلاقة المميزة التي تربطها بحزب الله ليس من باب "  الضغط" على الحزب لدعم هذا المرشح او ذاك، بل من باب الطلب من الحزب تسهيل عملية الاتفاق على الرئيس العتيد والتعاون معه بعد انتخابه ذلك ان باريس تعرف مدى تأثير حزب الله على الساحة اللبنانية وعلى القرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية، سواء في مجلس النواب حيث لدى الحزب كتلة نيابية وازنة، او في الحكومة حيث تأثير حزب الله ليس بقليل، وهذا ما ظهر جليا خلال الاسابيع الماضية بعد الدعوة الى عقد جلسة مجلس الوزراء التي ما كانت لتنعقد لولا مشاركة وزيري الحزب.