بقلم علي الحسيني
أمران هامّان، ميّزا الأسبوع الماضي عن بقيّة الأيّام والمراحل لجهة الآمال المُعلّقة لجهة إحداث مُتغيّرات لإخراج لبنان من محنته السياسية المُرتبطة بشكل مُباشر، بالأزمات الإقتصادية والإجتماعية والمالية التي تعصف بالبلاد منذ نحو سنتين. ففي الشقّ الأوّل، ترك إعتذار رئيس مجلس النوّاب نبيه بري عن عدم مُتابعة الحوار الذي كان دعا إليه من اجل إنتخاب رئيس للجمهورية، أثاره السلبيّة على الوضع العام برمّته نظراً لأهميّة أي حوار يجمع في الوقت الراهن، من شأنه يوحّد الرؤية حول مُستقبل السياسة في لبنان، أمّا في الشق الثاني، فإن إنعقاد "مُنتدى الطائف" برعاية المملكة العربية السعودية، جاء ليؤكد على أهمية الإستقرار في لبنان وعدم السماح لأي جهة حزبيّة كانت أم سياسية، بأخذه إلى أي مكان خارج عن إرادة اللبنانيين.
برّي يٌقرّر ويعتذر!
منذ اسبوعين تقريباً، أعلن الرئيس بري أنه لن يقف مكتوف اليدين إزاء استمرار تعثّر جلسات انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون، في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية، وبانه سيسعى، بعد انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس في 31 (تشرين الأول) الماضي، إلى استمزاج آراء الكتل النيابية وقادة الأحزاب حول الدعوة إلى حوار مفتوح يراد منه تمهيد الطريق لتكون سالكة أمام انتخاب الرئيس، وقطع الطريق على تمديد مفتوح للشغور الرئاسي، لكن المُفاجئة أن بري عاد وسحب اقتراحه منذ أيّام حول الحوار عبر بيان أصدره مكتبه الإعلامي عازياً السبب إلى أنه "بعد استمزاج الآراء حول الدعوة للحوار بين الكتل النيابية للوصول لرئيس توافقي، يعتذر الرئيس نبيه بري عن عدم السير قدماً بهذا التوجه نتيجة الاعتراض والتحفظ، ولا سيما من كتلتي "القوّات اللبنانية" و"التيّار الوطني الحر".
من حهته، عبّر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن عدم ارتياحه تجاه دعوة الرئيس بري لحوار بين الكتل لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد اقترح أن يدعو بري وبأسرع وقت ممكن كما قال، إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية لا تكون صورية وتكون مفتوحة حيث يتم خلالها الحوار بين الكتل وتنتهي بانتخاب رئيس، مُضيفاً: كنت تمنيت على بري بدلًا من توجيه دعوة للحوار في انتخاب رئيس للجمهورية أن يوجّه دعوة الى النواب الذين يعطلون الجلسة ليحثّهم على عدم تعطيلها لأن لا شيء يدلّ أن الفريق الآخر لديه نية بالحوار".
أمّا رئيس "التيّار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، اعتبر أن أي دعوة لاحقة للحوار من الخارج أم الداخل نتعاطى معها بالمبدأ بايجابية لأنّنا مقتنعون أنّنا لن نصل الى نتيجة إلا بتأمين الأغلبية المطلقة بحسب الدستور، لكنني لا أستطيع الذهاب إلى أحد يشتمني، والموضوع يجب ان يعالج، وبرّي هزم اللبنانيين ولم يهزمنا، معتبراً أن مبادرة بري "مثالثة" ومرفوضة وأن المناصفة الفعلية تكمن في منح كل من المسيحيين والمسلمين الحق في تعيين 12 وزيراً.
موسى: الأمور ستُكمل مسارها الطبيعي
بدوره أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى أن الكتلة ستحافظ على الورقة البيضاء في ظل عدم الإتفاق على إسم مرشح وبالتالي فإن والمرحلة الراهنة مخصصة للتواصل مع الأفرقاء لتسمية رئيس للجمهورية، علماً أن الأمور ستكمل في مسارها الطبيعي بعد اعتذار الرئيس بري عن السير بدعوة الحوار وستكون هناك دعوات لعقد جلسات لانتخاب رئيس بشكل دوري إلا إذا وجدت صيغة تشاورية جديدة لحث عملية الإنتخاب، ماذا وإلا ستستمر فأن الأمور الحالية ستبقى على ما هي عليه.
وحول إمكانية طرح قد يتقدم به نائب رئيس المجلس الياس بو صعب لعقد طاولة تشاور تكون بديلا عن دعوة الحوار، اعتبر موسى أن المسألة لا تتوقف على المفردات وفكرة طاولة تشاور تحتاج إلى توضيح وبلورة فعندما طرح الرئيس بري فكرة الحوار بين الكتل كان الهدف تحريك المياه الراكدة وإزالة بعض الهواجس للتوصل إلى تفاهم.
واعتبر موسى: أن ما بعد سحب دعوة الحوار سيكون كما قبلها اي الدعوة لعقد جلسات لانتخاب رئيس بشكل دوري وأي شيء يساعد في هذا الإتجاه لن يتردد الرئيس بري في المساهمة به. ولعل الأيام المقبلة تحمل بعض الإيجابيات بعدما تبين أن لا فريق قادر أن يفي وحده بالمطلوب إن لجهة عقد جلسة وتأمين النصاب أو إلغائه. وبالتالي التواصل مطلوب لتشكيل هذه الكتلة لتأمين النصاب وانتخاب رئيس” يختم موسى.
"إتفاق الطائف" ثابت ولن يتزحزح
جاءت احتفالية "منتدى الطائف" التي نظمتها سفارة السعودية في لبنان بعد مرور 33 عاماً على توقيع اتفاق الطائفة بمثابة مؤشر على عودة الدور السعودي الى لبنان من بوابة التذكير باتفاق الطائف الذي انهى حقبة الحرب اللبنانية بموجب تفاهم سعودي - سوري آنذاك. وكان لافتاًن حضور كُل من مُمثل عن الرئيس بري ورئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية، بالإضافة إلى عدد من حلفاء "حزب الله"، الأمر الذي فسّره البعض على أنه تمايز في المواقف بين "الحزب" وحلفائه لجهة العلاقة مع المملكة العربيّة السعودية، على الرغم من أن البعض الأخر فسّر تغييب "حزب الله" عن المُنتدى، أفقده تمثيلاً هاماً بالنسبة إلى ما يُمثله على الصعيدين السياسي والطائفي.
في السياق، توضح مصادر سياسية أن انعقاد المنتدى وما سبقه من حركة للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري يعتبر بمثابة دخول جدي الى الساحة اللبنانية، والمنتدى يأتي كبادرة خير خصوصاً وأن ان لبنان في حاجة ماسّة الى السعودية ودول الخليج العربي، في ظل الأوضاع المزرية التي وصل اليها الشعب اللبناني المحب للحياة، ولذلك لا بديل للبنان عن اتفاق الطائف الذي وضع أُسس الدولة بعد أن انهى سنوات طويلة من الحرب أتت على الحجر والبشر.
وأكدت المصادر أن مُجرّد انعقاد المُنتدى في الذكرى 33 لتوقيع الإتفاق، فإن هذا يعني التمسك بوثيقة الدستور الذي يضمن بقاء لبنان، وفي الوقت نفسه رسالة سياسية بمنع المس بهذا الاتفاق والعمل من أجل تطبيق بنوده الذي تحفظ العيش المشترك على الرغم من أن غياب الرئيس سعد الحريري، خلق نوعاً ما فراغ على مستوى التمثيل وعلى مستوى لبنان ككل.