تفاصيل الخبر

الخلوة الروحية في حريصا: اكثر من " يوم صلاة" واقل بكثير من " يوم اتفاق" على رئيس!

22/03/2023
الخلوة الروحية في حريصا: اكثر من " يوم صلاة"  واقل بكثير من " يوم اتفاق" على رئيس!

البطريرك بشارة  الراعي في قداس الاحد الماضي

 

من يتمعن بمضمون الدعوة التي وجهها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى النواب المسيحيين من مختلف الكنائس، الى يوم وصفه بـــ " يوم الاختلاء روحي قوامه صوم وصلاة وسماع لكلام الله وتوبــــة استعدادا لعيد الفصح المجيد"، وذلك يـــــوم الاربعاء 5 نيسان ( ابريل) المقبل في بيت عنيا في جوار معبد سيدة لبنان في حريصا بهدف اضفاء جو من الصلاة والتأمل والسجود امام القربان المقدس، من يتمعن بهذه الدعوة يجد ان البطريرك  اخرجها من هدفها السياسي وركز على البعد الروحي بهدف تحقيق مناخ من الصفاء في قلوب المشاركين الذين يفترض ان تبدأ خلوتهم بتأمل روحي في التاسعة صباحا، وتنتهي بعد الغداء،  من دون ان تحدد الدعوة ماذا سيجري بين التأمل الروحي والغداء وان كان حرص البطريرك على وصف هذا اليوم بانه " مخصص للصلاة من اجل لبنان". لكن هل يمكن ان يلتقي النواب المسيحيين الـــ 64 في قاعة واحدة من دون ان تدخل السياسة من الشباك اذا ما اقفل المنظمون الباب امامها؟ وبالتالي كيف يمكن لنواب متجذرين في السياسة ان يتحدثوا فقط بالروحانيات وتعاليم الله وكلام المسيح وغيرها من الصلوات؟ لذلك تقول مصادر متابعة ان " خلوة بيت عنيا" قد تكون اكثر من يوم صلاة واقل بكثير من يوم اتفاق، واستطرادا قد تحمل انجازا اوليا يسجل للبطريرك الماروني وهو وقف الحملات الاعلامية وتبادل الاتهامات، اي بكلام آخر يتمخض اللقاء عن " هدنة" يمكن ان يوافق عليها المشاركون في الخلوة التي سيغيب عنها حتما رئيس حزب " القوات اللبنانية" سمير جعجع لانه ليس نائبا، وكذلك رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية للسبب نفسه، لكن " ملائكتيهما" ستكون حاضرة من خلال نواب " الجمهورية القوية" وكتلة التوافق الوطني. وستكون مشاركة رؤساء الاحزاب المسيحية مقتصرة على رئيس " التيار الوطني الحر"  النائب جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب كميل شمعون. وسيغيب رئيس " حركة الاستقلال" المرشح الوحيد المعلن لرئاسة الجمهورية النائب ميشال معوض لوجوده في الولايات المتحدة الاميركية، فضلا عن مشاركة رؤساء تجمعات سياسية- اجتماعية مثل النائب نعمة افرام وغيره....

 

هل تعثرت مهمة المطران بو نجم

من الواضح ان التجاوب الذي اظهره نواب الكتل الكبيرة وعدد من المستقلين مع دعوة البطريرك من خلال التصريحات التي اطلقوها، لا يعني انه ينسحب على ما يمكن ان يطلبه البطريرك الراعي من الحاضرين من خطوات معينة يمكن ان تشكل " نجاحا" ولو محدودا للخلوة، ذلك ان في مفهوم اركان الكتل النيابية لاسيما الكبيرة منها، ان تلبية الدعوة شيء، والتسليم بما يطلب منهم شيء آخر. لذلك لا تتوقع مصادر ان تكون للخلوة مفاعيل سريعة على الاستحقاق الرئاسي وان كان المأمول ان يحدث اللقاء الجامع جوا من الهدوء وراحة البال بعيدا عن التشنجات والحملات الاعلامية وردود الفعل المتضاربة، علما ان مبادرة البطريرك الروحية اتت بعد تعثر مبادرته السياسية التي تحرك من اجلها راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بو نجم والذي انطلق في البداية من مبادرة شخصية منه، ثم  امن لها البطريرك الراعي غطاء بطريركيا على امل ان تسفر عن نتائج ايجابية تخرج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة الذي بات فيه. لكن اللقاءات المتكررة التي عقدها المطران بو نجم مع القيادات السياسية المسيحية، ولاسيما منها الروحية لم تحقق المرجو منها لان اللائحة التي قيل ان المطران بو نجم حملها الى هذه القيادات وفيها اسماء مرشحين محتملين للرئاسة الاولى، راحت " تكبر" تدريجيا حتى انتقلت من 6 اسماء في البداية الى 12 اسما والحبل على الجرار. ووفق المعلومات المتوافرة فان الالية التي اعتمدت تقوم على ان المطران بو نجم سلم كل قطب زاره لائحة باسماء معينة والى جانب كل اسم مربع  وطلب من هؤلاء الاقطاب ورؤساء الاحزاب وضع اشارة ضمن المربع للاسم الذي يراه مناسبا لتولي رئاسة الجمهورية، وفي الامكان اختيار ثلاثة اسماء فقط. لكن ما جعل هذه اللائحة تفيض بالاسماء هو ان المطران بو نجم ابلغ كل قطب بانه في استطاعته ان يضيف اي اسم آخر يراه مناسبا لتولي هذه المسؤولية، على ان يرسل الاقطاب اللوائح في ظرف مقفل الى البطريرك الراعي شخصيا بحيث لا يعرف اي قطب ماذا اضاف الاخر على اللائحة. وتشير المعلومات الى ان اللوائح لم تصل كلها بعد الى بكركي، وان ثمة اقطاب تريثوا قبل ارسال اجوبتهم لاسباب عدة منها عدم اقتناع بعضهم بان مثل هذا الامر يمكن ان يفضي الى نتيجة عملية، فضلا عن انه بدا في مرحلة ما وكأنه اضاعة للوقت.

 

البطريرك يرفض تعطيل جلسات الانتخاب

وفي انتظار اكتمال وصول اللوائح الى بكركي قبل حلول اسبوع الالام كأقصى حد، تقول مصادر متابعة ان ثمة ايجابيات ظهرت من تحرك المطران بو نجم ابرزها التقاء القيادات على ضرورة انتخاب رئيس للبلاد في اسرع وقت ممكن وعدم فرض رئيس بل التفاهم عليه او الدخول في مبارزة ديمقراطية تحت قبة البرلمان. لكن ثمة نقطة خلافية واساسية هي عدم الاتفاق على اسم موحد. وقد ابلغ البطريرك الراعي من زاره الاسبوع الماضي بانه يرفض هو ايضا، فرض رئيس على المسيحيين واللبنانيين يدخل البلاد في حالة من اللاستقرار السياسي ويبقيها " محاصرة" ولو من حيث " الشكل، من قبل دول عربية اساسية ودول غربية كبرى. كذلك يرفض البطريرك تحميل المسيحيين مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية خصوصا بعدما انبرى " الثنائي الشيعي" الى ترشيح رئيس " المردة" سليمان فرنجية قبل ان يعلن هو ترشيح نفسه، الامر الذي اثار تساؤلات في  الاوساط السياسية المسيحية والاسلامية على حد سواء. ورفض البطريرك ينسحب ايضا على من يقول بفشل مهمة المطران بو نجم الذي استطاع من خلال اللقاءات التي عقدها مع كافة الاطراف، ان يظهر وجود طرف قادر على التحاور مع جميع المكونات المسيحية التي لا يتحاور بعضها مع البعض الاخر بحيث انقطع الحوار نهائيا وبالتالي فان مهمة بو نجم كانت اكثر من ضرورية وهي سوف تستمر الى ما بعد " خلوة بيت عنيا" في حريصا وقد تؤسس الى لقاء مسيحي- مسيحي دائم قد يتخطى الاستحقاق الرئاسي الى ما بعده، خصوصا ان بكركي تؤدي بامتعاض دور الوسيط بين الجهات المسيحية، ما جعل البطريرك يدعم المطران بو نجم بهذه المهمة، خصوصا بعدما  بدأ الانقسام المسيحي يأخذ طابعا خطيرا والمؤسسات الدستورية عجزت عن ان تقوم بدورها، ما جعل دور بكركي يتعاظم في الاستحقاق الرئاسي كما في كل مرة يواجه لبنان مثل هذا التحدي. وفي هذا السياق ترفض الاوساط القريبة من البطريرك الراعي تعطيل نصاب الجلسات النيابية الانتخابية، اياً يكن مصدره، لافتة إلى انّ «بكركي تعارض قرار بعض الأفرقاء المسيحيين بمقاطعة أي جلسة قد تنتهي وفق حساباتهم إلى فوز مرشح لا يدعمونه»، معتبرة انّ مثل هذا السلوك «يتعارض مع الأصول التي تقتضي من جميع الكتل النيابية المشاركة في جلسات الانتخاب، وخوض المنافسة واحترام النتيجة التي تفرزها صناديق الاقتراع". وتلفت الاوساط إلى انّ «الذين يعارضون على سبيل المثال انتخاب سليمان فرنجية، ينبغي أن يحاولوا تجميع اكبر عدد ممكن من الأصوات تحت قبة المجلس لمنع فوزه ولإيصال مرشح آخر، فإذا نجحوا يكونون قد فازوا بالوسائل الديموقراطية المشروعة، وإذا أخفقوا عليهم تقبّل النتيجة والانتقال إلى صفوف المعارضة.

أما المقاطعة سلفاً لعرقلة وصول هذا المرشح او ذاك فليست مقبولة". وتعتبر الاوساط، انّه وبعد كل هذا الذي يجري «لا بدّ من الترحّم على الديموقراطية".وتشير اوساط الصرح البطريركي، إلى انّه «لا يجب أن تكون هناك "فيتوات" مسبقة على أي اسم، وعلى مجلس النواب ان يستمر منعقداً حتى ينجز واجبه في انتخاب الرئيس".