من استمع الى رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية وهو يصرح بعد انتهاء اجتماعه بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الاسبوع الماضي، ادرك بما لا يقبل الشك ان الزعيم الزغرتاوي كان يعلن عمليا استمراره في معركته الرئاسية لاسيما وانه تطرق الى العديد من المواضيع الحساسة التي كانت الاوساط السياسية تنتظر سماع مواقفه منها، والخلاصة التي خرج بها المستمعون ان فرنجية ماض في ترشيح نفسه غير آبه بردود الفعل الرافضة لدعمه والصادرة عن الاحزاب المسيحية لاسيما " القوات اللبنانية" و" التيار الوطني الحر" والكتائب، قبل غيرها من الكتل الاخرى غير المسيحية وعدد من النواب المستقلين ونواب " التغيير". وهذا يعني عمليا ان هذه القوى التي لم تلتق بعد على مرشح واحد تضمن به مواجهة حقيقية مع فرنجية، امام خيار واحد اذا قررت مواجهة ترشيح فرنجية هو الاتفاق على مرشح والنزول الى ساحة النجمة لممارسة الاختبار الديموقراطي الابرز في الحياة الديموقراطية اللبنانية. والدافع الى ضرورة الاتفاق هو عدم تمكن معارضي فرنجية من الالتقاء حول المرشح النائب ميشال معوض الذي تراجع عدد الاصوات التي نالها من 45 في اولى جلسات الانتخاب الى 37 في آخر جلسة عقدت قبل اشهر. حيال هذا المشهد الذي لا يحتاج الى مزيد من التوضيح بدأت الاتصالات خلال عطلتي عيدي الفصح والفطر ويفترض ان تستمر بعد العطلتين بهدف توحيد الموقف حيال الاستحقاق الرئاسي وسط معطيات تفيد بان الرئيس نبيه بري ينوي اعادة تحريك عجلة عملية الجلسات الانتخابية او عقد حوار للوصول الى قاسم مشترك بين الكتل النيابية على امل الوصول الى تفاهم يحمل تصورا لمتابعة استكمال الجلسات الانتخابية.
وسط هذه الاجواء يحرك نائب البقاع الغربي الدكتور غسان سكاف في محاولة منه لاطلاق مبادرة جديدة بدأ تسويقها لدى الاحزاب والكتل الوازنة في البرلمان، اضافة الى كتلة " النواب التغييريين" تهدف الى الاتفاق على اسم مرشح واحد تواجه به هذه القوى تيار " المردة" الذي يحظى بدعم " الثنائي الشيعي" الذي يرفض البحث باي اسم آخر. واولى لقاءات سكاف كانت مع رئيس " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في معراب وهو يستكملها مع نهاية عطلة عيد الفطر المبارك بهدف الاسراع في انهاء الشغور الرئاسي من خلال اطلاق العملية الانتخابية كي يحدد المترددون خيارهم ويقرروا توجههم، لاسيما وان 11 جولة انتخابية لم تسفر عن اي نتيجة وبات من المفروض- حسب سكاف- الانتقال الى الفصل الثاني والاخير حيث لا مكان للاوراق البيضاء والشعارات وكذلك لاسقاط النصاب. وتقول مصادر معنية ان سكاف انطلق بمبادرته من حيثيته الجامعة لاطراف المعارضة التي صوتت له يوم انتخاب نائب رئيس مجلس النواب حين نال 62 صوتا بفارق صوتين اثنين عن النائب الياس بو صعب الذي فاز بالمنصب. وتضيف المصادر نفسها ان سكاف يعتبر ان قوة الفريق المؤيد لفرنجية لا تكمن بقوة مرشحه بل بضعف المعارضة وعدم توحيد مواقفها وتقديم مرشح واحد يجذب اصوات النواب المعارضين لفرنجية . فالمعارضة تملك 45 صوتا، والفريق الاخر يملك عددا مماثلا نسبيا، فيبقى نحو 30 نائبا مترددين في خياراتهم، فاذا اتفقت المعارضة على مرشح واحد مقبول قد تتم استمالة المترددين بالجملة او بالمفرق، وعند ذاك فلتأخذ اللعبة الديمقراطية دورها ويفوز من ينال 65 صوتا لان من الصعب، لا بل من المستحيل حصول اي من الطرفين على اكثر، هذا اذا تأمن نصاب الـــ 86 نائبا. وفي برنامج سكاف لقاءات مع احزاب المعارضة، ومع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي اعلن معارضته لفرنجية وذلك بهدف اقناعه بالتصويت للمرشح الي تتفق عليه المعارضة.
اسماء يحملها سكاف بينها اسم من لائحة جنبلاط
وتقول المعلومات ان في جعبة سكاف، الذي اطلق هذه المبادرة وهي الثالثة من نوعها بعد مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومبادرة " النواب التغييريين"، ثلاثة اسماء وضعها قيد النقاش للوصول الى اسم واحد، ومن بين الاسماء الثلاثة اسم ورد في مبادرة جنبلاط التي جمدها رئيس الاشتراكي لانه لم يلمس اي تجاوب في شأنها. ويقر سكاف بانه اذا لم تتفق المعارضة على اسم واحد فلن يكون امامها سوى الاتفاق مع الاطراف الاخرى وهو امر غير متاح راهنا لان الفريق المؤيد لزعيم " المردة " متمسك به ويطلب التحاور معه على هذا الاسم فقط. ولا يستبعد سكاف ان يكون للتقارب السعودي- الايراني اهمية لجهة التمكن من انضاج تسوية داخلية تنهي ازمة الشغور الرئاسي وشلل المؤسسات.
ولعل ما يساعد سكاف في مهمته، هو شخصيته الهادئة وغير المستفزة وانفتاحه على جميع الاطراف ما يمكن ان يشكل قبولا لدى القوى السيادية التي تعلن رفضها الخضوع لشروط حزب الله في هذا الاستحقاق. وسجل اول ترحيب بتحرك سكاف من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يدعم – كما تقول مصادره- اي مبادرة من شأنها الوصول الى انجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال الوصول الى مرشح توافقي يلقى قبولا في الداخل ويعيد فتح العلاقات اللبنانية مع الدول العربية عموما ودول الخليج خصوصا، ودول العالم. وهذا ما اكده النائب جنبلاط في آخر تصريح ادلى به قبل ايام من خلال اشارته الى عدم التمسك باي اسم قدمه في مبادرته لان المهم الاتفاق على اسم قادر على جمع اللبنانيين والانطلاق بورشة اصلاح حقيقية تخرج لبنان من المستنقع الراهن. من جهتهم لوح نواب " التغيير" بايجابية في مقاربة مبادرة سكاف شرط ان تصب في سياق انتظام الحياة العامة واطلاق عجلة المؤسسات. ويشير احد هؤلاء النواب " التغييريين" الى ان مبادرتهم موجودة على الطاولة من خلال ثلاثة اسماء هم الوزيران السابقان زياد بارود وناصيف حتي والنائب السابق صلاح حنين، وهم منفتحون على اسماء أخرى،لكن من الصعب التكهن بما ستكون عليه حاليا ردود فعل القوى السياسية الاخرى حيال مبادرة سكاف التي قد تحتاج وقتا لتتبلور على امل الا تسبقها التطورات السياسية المتلاحقة خصوصا في الخارج.