يقول عائدون من سوريا ان الملف اللبناني عاد الى اولويات المسؤولين السوريين على رغم انشغالهم بما يجري داخل الاراضي السورية من مواجهات مسلحة ومن " عرض عضلات" من الدول التي تنتشر على الاراضي السورية منذ بدء الحرب في سوريا العام 2011. ويلاحظ زوار العاصمة السورية الدائمين ان " العناية " السورية بالوضع في لبنان باتت مركزة اكثر من السابق لاسيما بعد القرار الذي اتخذه الرئيس بشار الاسد بتعيين السفير السوري السابق في لبنان علي عبد الكريم علي، مسؤولا عن الملف اللبناني في فريق العمل القريب من الرئيس الاسد، ومباشرة السفيرة علي عمله على الفور ولاسيما مشاركته في الاجتماعات التي يعقدها الرئيس الاسد مع زوار من لبنان تكاثر عددهم في الاونة الاخيرة وصار علنيا في مرحلة ما بعد الهزات الارضية التي شهدتها مناطق سورية اوقعت قتلى وجرحى ومعوقين ودمرت الالاف من المنازل والشقق السكنية. ويتوقع العائدون من دمشق ان تعود الحركة على خط بيروت- دمشق الى الزخم الذي كانت عليه في السابق بالنظر الى التطورات المستجدة على خط العلاقات بين دول خليجية وسوريا وآخرها اعادة فتح سفارات وقناصل عربية وخليجية في العاصمة السورية وان كان السبب المعلن هو تسهيل شؤون المواطنين ومواكبة موسم الحج. وتشير المعلومات الى ان التمثيل الديبلوماسي لعدد من دول الخليج والدول العربية سيشهد بدوره عودة الى مستوى ارفع مما كان عليه في السنوات الاخيرة وكذلك عودة لاستئناف هذه العلاقات بعدما كانت علقت بعد الحرب. وتأتي هذه الخطوات وسط معطيات تشير الى ان عودة سوريا الى جامعة الدول العربية باتت قاب قوسين او ادنى، وان القمة العربية التي ستستضيفها السعودية في الشهر المقبل قد تشهد صدور مثل هذ القرار عن قادة الدول العربية بدعم من المملكة وعدد من دول الخليج.
وينقل عن ديبلوماسي عربي قوله في احد مجالسه الخاصة ان التطور الملاحظ في العلاقات بين سوريا وعدد من الدول العربية، يؤشر الى وجود مسار سياسي جديد له " ضوابطه" ولم يصل بعد الى مرحلة بالغة التقدم، لكنه مسار قد يبدو بطيئا بعض الشيء، لكنه سيصل في النهاية الى خواتيم معينة يجري التمهيد كي تكون ايجابية لاسيما بعد قرار فتح القنصليات والذي جاء بعد سلسلة اجتماعات حصلت بين مسؤولين سوريين وسعوديين في الفترة الاخيرة وسط معلومات لم تتأكد من اي من الجانبين عن مشاركة ايرانية في جزء منها، في حين ان المؤكد هو اطلاع طهران عليها مسبقا، ولعل ما يدفع الى التفاؤل بامكانية الوصول الى نتائج اولية ايجابية، هو ابلاغ القيادة السورية لــ " وسطاء الخير" بين دمشق والرياض وغيرها من دول الخليج، التزامها العمل على منع تهريب المخدرات الى الاردن ومنه الى الدول العربية والخليجية وفي مقدمها السعودية، لا بل اكثر من ذلك " القضاء" على الجهات التي تتولى التهريب او تصنيع المخدرات ولاسيما حبوب " الكبتاغون" الرائجة في عالم التهريب. ويشير الديبلوماسي نفسه انه اذا تحققت فعليا الوعود التي اعطتها السلطات السورية، فان ذلك يمكن ان يهيء الاجواء لعودة " مبدئية" لنوع من العلاقات السياسية غير المكتملة لان مثل هذه العودة تتطلب اتفاقا على الحل السياسي للوضع السوري والذي لا يزال متعذرا، وهذا ما لمسه اكثر من ديبلوماسي يتابع عن قرب مسار علاقات سوريا مع الدول العربية عموما والخليجية خصوصا. وكانت معلومات ذكرت انه خلال زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى دولة الامارات العربية المتحدة، تبلغ بضرورة الاسراع في تسهيل الحل السياسي الذي يعمل له، ومعالجة ملف النازحين السوريين في عدد من الدول العربية وفي مقدمها لبنان، مع مراعاة ما كان صدر عن اجتماع مجلس التعاون الخليجي الذي نادى بالحل السياسي وفق القرارات الدولية.
في ضوء ما تقدم، يلاحظ العائدون من دمشق ان المسؤولين السوريين باتوا يلتقون بزوار لبنانيين يسمعون كلاما جديدا حول العلاقة مع لبنان، لكن الموقف السوري من الملف الرئاسي لا يزال على حاله لجهة عدم رغبة دمشق في الدخول بعمق الى هذا الملف، في الوقت الراهن على الاقل، واحالة السائلين عن الموقف السوري من الاستحقاق الرئاسي اللبناني الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يقول المطلعون في دمشق، ان الرئيس الاسد يثق به وبخياراته التي لن تصب في اي شكل من الاشكال ضد المصالح السورية، وان كانت دمشق تتعاطف تلقائيا مع ترشيح زعيم تيار " المردة" سليمان فرنجية الى المنصب الاول في الدولة، خصوصا ان " الثنائي الشيعي" اعلن عن تأييده للزعيم الزغرتاوي قبل ان يعلن هو ترشحه رسميا الى الرئاسة. وقد ابلغ موقف " الثنائي" الى السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي زار الرئيس نبيه بري اكثر من مرة وتداول معه في هذا الملف وهذا الخيار، مع تأكيد من الرئيس بري للسفير البخاري انه لا يرضى بتسوية من دون موافقة سعودية. كذلك موقف حزب الله غير القابل للتبدل في الوقت الراهن على الاقل. وما فهمه زوار دمشق خلال الاسبوعين الماضيين ان الرئيس الاسد " يتمنى" ان يكون فرنجية الرئيس العتيد للدولة اللبنانية، ولعل الاشارات التي صدرت عن الفريق السوري الممسك بالملف اللبناني، اي السفير علي، واللواء علي مملوك والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان، ما يؤشر لحقيقة الموقف السوري الذي لن يعلن رسميا، وعلى " اللبيب من الاشارة ان يفهم"