رمى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب فكرة اجراء انتخابات نيابية مبكرة لكون مجلس النواب الحالي غير قادر على انتخاب رئيس جديد للجمهورية رغم مرور حوالي 8 اشهر على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول(أكتوبر) من العام الماضي بسبب غياب الأكثرية النيابية المتجانسة وانقسام النواب الى كتل متنافرة وان تقاطع معظمها حول مرشح رئاسي لكن لا يستطيع أي فريق لوحده ان يؤمن النصاب الدستوري وهو 86 نائيبا او ينجح في إيصال مرشحه الى سدة الرئاسة وبالتالي سيتمادى الشغور أكثر فأكثر اذا لم يحصل توافق ما .
وربط البعض كلام بو صعب برغبة رئيس المجلس نبيه بري لاسيما وان تصريحه بهذا المعنى جاء بعد لقائه بري، الا ان بوز صعب أكّد ان اقتراحه القاضي بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، هو من بنات أفكاره شخصيًّا ونسَبها السّياسي يعود إليه حصرًا ، نافيًا أن يكون طرحه موحى أو موصى به من قِبل الرئيس بري أو "حزب الله"، كما افترضت بعض المخيّلات، وقال في تصريح صحافي ان ما دفعه إلى إطلاق هذا الطّرح، هو حجم الاستعصاء في عمليّة انتخاب رئيس الجمهوريّة ، مشيرًا إلى أنّ كلّ ما أراده أن يرمي حجرًا في المياه الرّاكدة لكسر المراوحة وإنتاج ديناميّة تساهم في إنجاز الاستحقاق الرّئاسي، وبالتّالي هذه هي فقط حدود اقتراحي، ولا يجوز تحميله وزنًا زائدًا من التّأويلات والتّفسيرات الّتي لا علاقة لها بالحقيقة .
ولفت بو صعب إلى أنّ الحوار غبر ممكن حتّى الآن، بسبب رفض البعض له، ولا الانتخاب متيسّر نتيجة التّوازن السّلبي في مجلس النواب، وهناك من يهمس بأنّ المجلس الحالي قد لا يستطيع اختيار الرّئيس حتّى انتهاء ولايته، متسائلًا: هل المطلوب أن نبقى مكتوفي الأيدي، وأن نقف متفرّجين على الشّغور المتمادي وتداعياته من دون أن نحرّك ساكنًا؟، مشدداُ على أنّ الانتخابات المبكرة ليست اختراع البارود، وهناك دول كثيرة تلجأ إلى مثل هذا الخيار عندما تواجه مأزقًا سياسيًّا أو تدور في حلقة مفرغة، وأنا طرحت فكرة للنّقاش ليس إلّا، خصوصًا أنّ من واجب المسؤول محاولة اجتراح حلول .
ولاقى اقتراح بو صعب اعتراضات معظم الكتل حتى من داخل تكتل " لبنان القوي" الذي ينتمي اليه ومن التغييريين على اعتبار ان بو صعب نفسه كان عراب تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لمرتين بسبب الأوضاع السياسية السائدة وعدم وجود تغطية مالية كاملة ، فكيف الحال بإنتخابات نيابية تتطلب أساسا تعديلا دستوريا بحل المجلس واجراء انتخابات جديدة توجب ان توافق عليها أكثرية ثلثي أعضاء المجلس وهم لا يستطعيون التوافق على انتخاب رئيس منذ 8 اشهر رغم 12 دورة انتخابية حتى ان المجلس لا يشرع أساسا بفعل المقاطعة وغياب النصاب المطلوب ولو بـ 65 نائباً لاقرار بنود عادية وغير طارئة على اعتبار ان بعض الكتل تعتبر ان مجلس النواب هيئة ناخبة ولا يجوز له التشريع بل المواظبة على عقد جلسات لانتخاب رئيس الجمهورية ؟
وعلى أي حال فالاقتراح ولد ميتاً وليس في وارد احد ان يتبناه لانه طرح غير منطقي وغير واقعي ، ويعتبر هروباً الى الامام بدل الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها عبر الحوار بين القوى السياسية للوصول الى قاسم مشترك فيما بينها ينهي الازمة الناشبة ويعيد انتاج السلطة ويفعّل عمل المؤسسات بدءاً من انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة لا بل يقول البعض ان أي انتخابات جديدة ستفرز الى حد ما التركيبة المجلسية ذاتها اذا لم يحصل تغيير كبير في التحالفات.
وعلى أي حال فلبنان هو بلد الحوار والتوافق وكل القوى السياسية محكومة بالجلوس الى طاولة الحوار الوطني للخروج بتصور مشترك ينهي الازمة ويساهم في انجاز الاستحقاق الرئاسي بدل اختراع أساليب وأدوات جديدة من المواجهة قد تجر الى ما هو ادهى واخطر.