تفاصيل الخبر

رصاص المناسبات وكثافة الطيور يهددان سلامة الطيران ويحركان من جديد ملف مطار رينه معوض في القليعات

11/01/2023
رصاص المناسبات وكثافة الطيور يهددان سلامة الطيران  ويحركان من جديد ملف مطار رينه معوض في القليعات

طائرتا الميدل ايست المصابتان بالرصاص.

 

الرصاص العشوائي الذي اطلق احتفالا بحلول السنة الجديدة ترك كما في كل سنة، مضاعفات سلبية كان اخطرها على مطار رفيق الحريري الدولي حيث اصاب الرصاص الطائش طائرتين لطيران الشرق الاوسط باضرار ووضعتا خارج الخدمة ريثما ينتهي اصلاحهما، اضافة الى الرعب الذي اصاب من كانوا في المطار في تلك الليلة لاسيما وان احد الركاب استقرت رصاصة في هاتفه الخليوي وقد نجا باعجوبة. وهذه الحادثة ليست الاولى من نوعها اذ اصيبت قبل اسابيع طائرة تابعة للميدل ايست ايضا برصاص طائش  لحظة هبوطها على المدرج وكانت آتية من عمان في الاردن. والواقع ان هذه الحوادث التي تتكرر لم تجد حتى الساعة من يعالجها او يضع حدا لها وخطر تكرارها وارد في اي لحظة وسط التفلت الذي يعاني منه لبنان على مختلف المستويات، فضلا عن الاساءة الى سمعة لبنان في ما خص سلامة الطيران المدني في وقت يجهد المسؤولون في وزارتي السياحة والاشغال والنقل على ابراز وجه لبنان الحضاري من خلال المطار، وتوضع الحملات السياحية مثل " اهلا بهالطلة" من اجل انعاش حركة النقل الجوي. الان وقد نجحت الحملة الصيفية في وصول مليون ونصف مليون راكب وهي تتكرر في حملة " عيدا بالشتوية" حيث توقع وزير السياحة وليد نصار اكثر من مليون شخص بدأت طلائعهم في موسم الاعياد واستمرت بعدها. ومن شأن تكرار حوادث اطلاق النار في محيط المطار وسقوط الرصاص على المدرج او على مباني المطار، ان ينعكس سلبا على حركة المطار لاسيما وان شركات الطيران باتت تخشى من تعرضها لاطلاق نار – كما حصل مع " الميدل ايست" ما يؤدي الى رفع شركات التأمين العالمية قيمة التأمين على الطائرات الاتية الى بيروت مما يسبب تراجعا في حركة الطيران.

وسيكون هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء اذا ما قرر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الدعوة الى جلسة للمجلس للبحث في المواضيع الطارئة لاسيما وان رئيس مجلس الادارة المدير العام لطيران الشرق الاوسط محمد الحوت اعتبر ان مسألة الرصاص الطائش تحتاج الى معالجة جذرية وتطبيق القانون على مطلقي النار.

 

الا ان الرصاص الطائش ليس وحده من يهدد سلامة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي، اذ ان هناك مشكلة اخرى تتعلق بالطيور والحمام المحيطة بالمطار والتي تصطدم بمحركات الطائرات وقد حصلت اكثر من حادثة في هذا المجال ولم تنفع المطالبات المتكررة بايجاد حل لهذه " المعضلة" ومنها اقتراح قدمه الحوت باستقدام صيادين يتولون " اصطياد" الطيور والحمام ما يؤدي الى منعها من الاقتراب الى المطار، وتقول مصادر متابعة لهذا الملف ان الخطر الاكبر لا يقتصر على طيور النورس، انما الطيور الصغيرة واليمام المنتشر بكثافة في محيط المطار بسبب قربه من مكب " كوستا برافا" الذي يشكل من خلال النفايات المتراكمة فيه، بؤرة جاذبة للطيور والتي تشكل كثافة وجودها في المنطقة خطرا على سلامة الطيران. وترى هذه المصادر ان استقدام صيادين لاصطياد هذه الطيور هو احد الحلول المطروحة خصوصا ان عدد الحوادث المسجل بسببها ازداد بشكل لافت  مؤخرا، والضرر لا يقتصر على الميدل ايست انما على كل شركات الطيران العالمية التي تحط في عكار، ما يفرض وجود حل جذري، لاسيما وان حادثة اصطدام طائر واحد بمحرك احد الطائرات كفيلة باحداث كارثة جوية تؤدي الى وقوع ضحايا بالمئات. وتخشى مصادر معنية بسلامة المطار ان يستمر تجاهل المسؤولين للوضع الراهن نتيجة الرصاص الطائش من جهة، وكثافة الطيور من جهة اخرى ما يهدد بتراجع حركة الطيران من والى المطار، خصوصا ان شركات طيران عالمية كانت اشارت الى ان الخطر المتزايد  قد يدفعها  الى اعادة النظر باستعمال مطار بيروت او نقل ركاب اليه.

 

مطار رينه معوض في الواجهة من جديد

في اي حال، خطر الطيور والرصاص على مطار بيروت، احيا من جديد الحديث عن ضرورة استعمال مطار رينه معوض في القليعات كمطار آخر باستعمال مطار القليعات كمطار مدني بعد سنوات من الانتظار، علما انه استخدم خلال فترة زمنية محددة وشهد حركة انتقال يومية بمعدل 300 الى 400 راكب في رحلتين لطيران الشرق الاوسط. ومعلوم ان مطار القليعات العسكرية يقع في بلدة القليعات الساحلية وسط سهل عكار على بعد 105 كيلومترات من بيروت و 25 كيلومترا من طرابلس، و7 كيلومترات من الحدود اللبنانية- السورية، وكانت تعود ملكيته في الاصل الى شركة  نفط العراق ( الانكليزية) ثم تسلمته الدولة اللبنانية من الشركة وبدأت تطويره وتأهيله مطارا عسكريا بموجب معاهدة الدفاع العربي المشترك العام 1967، وبعيد حرب حزيران. وقد جرت الافادة من هذا المطار اواخر الثمانينات كمطار مدني بعد ان تعذر التواصل بين العاصمة وشمال لبنان. فتم تجهيزه بما يؤهله لاستقبال المسافرين وبدأ يشهد حركة هبوط واقلاع ناشطة بافتتاح اول خط جوي داخل الاراضي اللبنانية، وكانت الطائرة الاولى التي استخدمت في المرحلة الاولى من نوع " بوينغ 720" تابعة لطيران الشرق الاوسط ناقلة 16 راكبا من الشمال الى العاصمة اللبنانية، ثم سيرت شركة الميدل ايست ثلاث رحلات اسبوعيا وزادتها فيما بعد الى رحلتين  يوميا وحججت سعر التذكرة آنذك ذهابا وايابا  بــــ 28 الف ليرة للدرجة الاولى، و20 الف ليرة للدرجة السياحية، وقدر حينها اعداد المسافرين الذين استخدموا مطار القليعات بنحو 300 راكب يوميا مثبتا نجاحه كمطار مدني. وازدادت اهمية هذا المطار عندما اصبح مسرحا لانتخاب الرئيس رينيه معوض رئيسا للجمهورية اللبنانية في 5 تشرين الثاني 1989 حيث شهد المطار هبوط طائرة " يونيغ 707" مما عزز جدارة هذا المطار في استقباله طائرات ضخمة. وبعد استشهاد الرئيس معوض غداة عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني 1989 قرر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وظلت الرحلات الداخلية سارية حتى اواخر العام 1991، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ هذا المطار تكتنفها السكينة واللامبالاة، ويكاد يطوى الحديث عنه في زاوية النسيان لولا استمرار المطالبات الحثيثة من اجل اعادة تشغيله بعد ان ثبتت صلاحيته وقدرته على استقبال كافة انواع الطائرات المدنية والتجارية المعتادة.

 

حكاية هذا المطار

يقول المخضرمون من ابناء منطقة سهل عكار ان نشأة هذا المطار ارتبطت بحادثة وقعت في اثناء الحرب العالمية الثانية عندما اضطرت احدى الطائرات الفرنسية للهبوط في تلك المنطقة، وكان لبنان تحت الانتداب الفرنسي، وقد حدث عطل فني في الطائرة اضطرها الى الهبوط في سهل ساحلي ثم عملت فرقة صيانة عسكرية فرنسية على اصلاحها. ولكي تستطيع الاقلاع مجددا تم استحداث مدرج في مكان هبوطها بعد ان انتزعت العشرات من اشجار الليمون، ونجح الاهالي والعسكر الفرنسي في اقامة مدرج بدائي لتقلع الطائرة من جديد, وقد استخدم هذا المدرج بعيد ذلك في سباقات الخيول التي كانت تجري بين فترة واخرى حتى ستينيات القرن الماضي، حين وقعت الحرب العربية- الاسرائيلية عام 1967، فتقرر ضمن سياسة الدفاع العربي المشترك العمل على تأهيل هذا المدرج وصيانته وتوسيعه وبناء عدة ابنية للمراقبة والمستودعات واقامة الموظفين والاداريين والفنيين، وتم تجهيزه بالمعدات اللازمة لمطار عسكري حمل اسم " قاعدة القليعات الجوية".

وتبلغ مساحة مطار القليعات الذي يبعد 7 كلم عن الحدود السورية اللبنانية شمالا، حوالي 5.5  ملايين متر مربع منها 3.25 مليون م.م للجزء الجنوبي ( المطار)، و2.25 م.م للجزء الشمالي ( المنطقة الاستثمارية) ويرتبط  بشبكة طرق دولية ساحلية وداخلية، ويعتبر متخصصون ان موقعه اهم من موقع مطار بيروت الدولي لعدم تعرضه للعواصف والتقلبات المناخية التي قد تؤثر في حركته، وكذلك لم تشأ في محيطه الابنية التي تعيق حركة الطيران، كما ان الطائرات تستطيع الهبوط والاقلاع من دون الحاجة الى موجه، علما بانه مجهز بمدرج طوله 3200 متر قابل لتطويره الى 4000 متر وعرضه 60 مترا ومجهز بطول 3200 متر مواز للمدرج وتتوافر فيه تجهيزات بنائية ومستودعات للوقود وهنغارات للصيانة، وقطع غيال واجهزة اتصال ورادار.

 

واكدت دراسة وضعتها " المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان ( ايدال) التابعة لرئاسة مجلس الوزراء ان مشروع تطوير مطار القليعات هو من ضمن توجه عام يهدف لتحقيق الانماء المتوازن في المناطق اللبنانية، حيث يشمل المشروع منطقة حرة مساحتها 500 الف م.م ويوفر نموا في مجالات التجارة والزراعة والصناعة والسياحة في لبنان وللشمال وعطار خاصة، كما ان قربه من اماكن سياحية واثرية وطبيعية يحقق فرصة كبرى لانعاش المنطقة على كافة الاصعدة، لاسيما انه يمكن ان يخلق ستة الاف فرصة عمل في السنة الاولى لانطلاقته. وصولا الى 21 الف فرصة عمل في الاعوام اللاحقة. الا ان الدراسة التي اقترحت اعتماد نظام BOT، اي تصميم وبناء وتشغيل المطار ثم اعادته الى الدولة، ظلت حبرا على ورق على رغم اقتناع المسؤولين بفائدته وضرورته لاسيما وانه لا يشكل اي منافسة لمطار بيروت. فهل من قطبة مخفية تبقي مطار رينه معوض فكرة لا يريد اهل الحل والربط جعلها حقيقة؟.