في اقل من اسبوعين لاحظت اوساط سياسية ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عقد لقاءين مع " حليفين" خسرا الانتخابات النيابية، الاول رئيس " الحزب الديموقراطي اللبناني" النائب والوزير السابق طلال ارسلان، والثاني رئيس حزب " التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب. واتى اللقاءان بعــــد " عتب" معلن من ارسلان ووهــــاب على ان " حليفهما"- والمقصود حزب الله – خذلهما في الانتخابات النيابية الاخيرة ولم يضع " ثقله" لتأمين فوزهما، الاول في قضاء عاليه، والثاني في قضاء الشوف، علما ان وهاب عانى من الخسارة للمرة الثانية ذلك ان " حظه" من " حليفه" لم يكن كما اشتهى في دورة 2018 النيابية. وقبل اللقاء مع ارسلان ووهاب، كان لقاء آخر مع الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي علي حجازي الذي " استبعد" في اللحظة الاخيرة عن لائحة " الثنائي الشيعي" في دائرة بعلبك- الهرمل لمصلحة النائب اللواء جميل السيد، وقيل ان الرئيس السوري بشار الاسد لعب دورا في هذا المجال. لقد بدا واضحا ان اللقاء بين السيد نصر الله وارسلان الذي استمر 7 ساعات على التوالي كانت له رسالة خاصة في اتجاه الزعيم الدرزي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي " احتكر" المقاعد الدرزية في مجلس النواب باستثناء مقعد واحد احتله احد النواب " التغييريين" فراس حمدان في دائرة حاصبيا. كذلك كان اللقاء مع وهاب للدلالة ان " السيد لا يقر بــ " الثنائية الدرزية" من جهة، ولاعادة تثبيت تحالف الحزب مع ارسلان ووهاب، علما ان ثمة حليف آخر هو النائب السابق فيصل الداوود الذي غاب مع نجله طارق الداود عن مثل هذه اللقاءات علما ان الداود سجل " عتبا" على حزب الله لاستبعاده عن لقاءات " الترضية" التي خصها السيد نصر الله لحلفائه، ومنهم من غير الزعماء الدروز مثل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة والحليف التاريخي للحزب في صيدا الشيخ ماهر حمود.
وفي الوقت الذي اشارت فيه مصادر في حزب الله الى ان " اجندة السيد" حافلة بلقاءات مماثلة قريبة مع قيادات اخرى لتنظيمات واطر سياسية تصنف في " محور الممانعة"، ثمة من يرى، داخل الحزب، ان لا داعي لاعطاء هذه اللقاءات تفسيرات سياسية، بل هي من باب الحرص الذي يبديه سيد المقاومة في ابقاء التواصل مع " الحلفاء" قائما من باب التشاور واستطلاع الاراء والتداول في شؤون الساعة. لكن المصادر المطلعة في الحزب تتحدث عن ان المرحلة الراهنة هي مرحلة استحقاقات سياسية دقيقة ومن الافضل المحافظة على هؤلاء " الحلفاء" بصرف النظر عن حجم ما يمثلونه في بيئتهم السياسية والطائفية على حد سواء، فضلا عن ان مثل هذه اللقاءات فرصة مناسبة لتوجيه رسائل الى اكثر من طرف، ناهيك بان الذين خسروا الانتخابات مثل ارسلان ووهاب، او منعوا من خوضها مثل حجازي وغيره، يحتاجون الى " تعويضات معنوية" تشكل اللقاءات مع " السيد" احد ابرز مظاهرها خصوصا ان مثل هذه اللقاءات تحظى بتغطية اعلامية من وسائل اعلام الحزب وغيره وهذا كاف في نظر قيادة المقاومة لاسترضاء الخاسرين الذين يترددوا في تحميل اداء الماكينة الحزبية التابعة لحزب الله الكثير من المسؤولية في اسباب رسوبهم او ابعادهم عن الندوة البرلمانية لان التحالف مع الحزب، في اعتقادهم، يوصلهم بسهولة الى ساحة النجمة، وكانت احتجاجاتهم علنية ووصلت الى مسامع السيد نصر الله والقيادة الحزبية ما يحتم استرضاءهم للتخفيف من " المرارة" التي شعروا بها لتخلي الحزب عنهم.
اسباب اللقاءات من منظور الحزب
وفي هذا السياق تورد مصادر حزب الله ان لهذه اللقاءات ابعادا اخرى لعل ابرزها الاتي:
اولا : انها عملية اعادة لم الشمل واعادة الاعتبار الى قوى وشخصيات لديها قواسم مشتركة وقد بذلت جهودا وتعرضت لضغوط وتحملت اعباء انحيازها للمحور ولم تغادر قناعاتها .
ثانيا: ان "حزب الله" يريد ايضا عبر هذه اللقاءات ان يبعث برسالة الى الخصوم مؤداها تظهير الحضور من جهة والتاكيد على امتلاك اوراق قوة عابرة للمناطق والملل والنحل وهي رد فعل غير مباشر على "الاقتحام المفاجىء لجهات معينة ميدان الفعل وتثبيت الحضور بعد فترة من الانكفاء والاحتجاب ، ورد مباشر على اقاويل واستنتاجات سرت اخيرا فحواها ان الحزب يعاني عزلة وغربة في بيئات اجتماعية وطائفية معينة .
ثالثا: ان لهذه اللقاءات بطبيعة الحال خاصيات اخرى ابرزها احاطة المشمولين باللقاءات المباشرة مع سيد الحزب بجوهر توجهات المرحلة المقبلة والكيفية التي سيتعاطى بها الحزب والمحور عموما مع استحقاقات مصيرية مثل استيلاد الحكومة المنتظرة الى مال الترسيم البحري على نحو ينهي خلافات مستمرة منذ سنوات الى ملء الشغولر الرئاسي الحاصل حتما بعيد اسابيع .خصوصا انه ترافق مع الكلام الساري عن ان الترسيم البحري قد صار في حكم المنجز تقريبا كلام عن ان الحزب يعد العدة لتسيلم سلاحه وطي صفحة دوره المقاوم وهو عبارة عن سجال مفتوح في اوساط المحور اياه ومكوناته .
في المحصلة لم تكن هذه اللقاءات السابقة والمنتظرة مع مكونات لبنانية وقبلها لقاءات شملت غالبية الفصائل الفلسطينية – وفق المصادر نفسها - الا اثبات عملاني على ان الحزب ما انفك قابضا بقوة على زمام الحركة السياسية في الداخل والاقليم على حد سواء وانه استطرادا ما زال مقيما على هذه الفرادة رغم ان النتائج التي افرزتها صناديق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة اظهرت تراجعا لحضور القوى الحليفة للحزب او الموالية له سياسيا ما اتاح للخصوم الاحتفاء علانية بهذه " الهزيمة المدوية " للحزب والمتمثلة بخسرانه المبين لاكثرية نيابية حصل عليه سابقا ووعد نفسه بحصدها مجددا .