لبنان سيكون حاضراً بقوة على طاولة الدورة العادية الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي ستعقد في مدينة جدّة في المملكة العربية السعودية في التاسع عشر من الجاري، وبالطبع سيحمل ممثل لبنان في القمة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الهم اللبناني معه ، وبالتالي سيتضمن جدول اعمال القمة وبيانها الختامي قرارات بخصوص لبنان لاسيما ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي من جهة وبالنزوح السوري من جهة ثانية انطلاقا من أهمية هذين الملفين وانعكاسهما على الامن والاستقرار اللبناني.
وكان الرئيس ميقاتي قد بحث مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في السراي الحكومي يوم الثلاثا الماضي التحضيرات لمشاركة لبنان في القمة العربية قبيل مغادة بو حبيب في اليوم نفسه الى المملكة لتمثيل لبنان في اجتماعات وزراء الخارجية العرب قبيل انعقاد القمة على ان يضم الوفد اللبناني الى القمة إضافة الى الرئيس ميقاتي كلا من الوزير بو حبيب، وزير الصناعة جورج بوشيكيان، وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام، وزير السياحة وليد نصار، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، المستشار الديبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر، على ان ينضم الى الوفد سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة وسفير لبنان لدى الجامعة العربية علي الحلبي.
كما عرض ميقاتي مع رئيس المجلس نبيه بري للنقاط التي سيتطرق اليها في القمة ، وقال أنّ اللقاء كان ايجابيًا كالعادة .
ومن المقرر ان يلقي ميقاتي كلمة لبنان التي سيشدد فيها، على مسؤوليته تجاه أشقائه العرب، وحرصه على بناء افضل العلاقات وأرقاها مع الدول العربية الشقيقة، ورفضه لكل ما يمسّ بأمنها وسلامها واستقرارها، وكذلك على مسؤوليتهم تجاه لبنان في مدّ يد العون له في ازمته، التي بلغت حداً فائق الصعوبة، وهو ما يعهده لبنان بكل الاشقاء العرب، كما كشفت مصادر حكومية.
وكان الرئيس ميقاتي قد امل أن تشكل القمة العربية فرصة لطرح وضع النازحين بلبنان والذي بات يشكل تهديدًا للاستقرار فيه ، معتبراً في حديث لصحيفة "الرياض" السعودية قبيل مغادرته بيروت الى جدة للمشاركة في القمة العربية يوم الخميس الماضي ، أنَّ "على الصعيد اللبناني تكتسب القمة أهمية قصوى في هذا التوقيت، أولًا من جهة المساهمة العربية الفاعلة في دفع الحلول المطلوبة لمعالجة الأوضاع الراهنة، عبر ثوابت أساسية كان السعودية دور أساسي في إرسائها، من خلال اتفاق الطائف، الذي لا يزال يشكل الإطار المناسب لإدارة شؤون البلاد، وعمل المؤسسات الدستورية"، وقال:"أننا نتطلع إلى أن تشكل القمة فرصة لطرح الإشكاليات الأساسية المرتبطة بوضع النازحين السوريين في لبنان، والذي بات يشكل ضغطًا كبيرًا على الواقع اللبناني برمته، وتهديدًا جدياً للاستقرار فيه، مما يتطلب تعاونًا عربيًا أولًا، ومع المجتمع الدولي لمعالجة هذه المعضلة، ومما لا شك فيه، أن التفاهمات العربية – العربية التي طرأت أخيرًا تشكل عاملاً مساعداً للإسراع في معالجة هذا الملف الشائك".
وحول لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، شدد ميقاتي على أنّ "اللقاء الذي عقدته مع ولي العهد محمد بن سلمان في السعودية كان قائمًا على الصراحة، حيث عبّر عن دعمه للبنان للخروج من أزمته، ودعم مؤسساته، ولكن شرط تنفيذ الإصلاحات البنيوية المطلوبة، وقيام المؤسسات اللبنانية بدورها الكامل، لا سيما لجهة انتخاب رئيس جديد للبنان. وكان واضحاً في مقاربته، حيث أكد أن الأولوية هي لقيام اللبنانيين بواجباتهم، وبالإصلاحات الأساسية، وبمنع أي تهديد يطال أمن السعودية وسلامتها. وفي هذا الملف، فإن الحكومة اللبنانية تقوم بكل الإجراءات المطلوبة لمنع تكرار أي تهديد تتعرض لها المملكة العربية السعودية، أو أي دولة عربية أخرى، وإرسال أي ممنوعات تهدد سلامة المجتمع السعودي انطلاقاً من لبنان".
وكشف ميقاتي، أنّه "فيما يتعلق بالملف اللبناني، فمن خلال التواصل مع ولي العهد، لمست حرصه على أمن لبنان واستقراره، وعلى استمرار الدعم الإنساني الذي تقدمه السعودية للشعب اللبناني. وإنني على ثقة أن السعودية كانت وستبقى الشقيق الأكبر للبنان، وتسعى في كل المحافل العربية والدولية للمحافظة على أمنه واستقراره، وسلامته، ووحدة أبنائه".
و أشارميقاتي إلى أنّ "ما نقوم به في الحكومة، هو معالجات آنية مطلوبة وأساسية لوقف الانهيار، وتأمين استمرارية عمل الدولة والمؤسسات، وإجراءات موضعية لوقف الانهيار، ولكن هذه الإجراءات ليست الحل النهائي. ولذلك فالمطلوب تعاون المجلس النيابي وكل القيادات السياسية، للإسراع في انتخاب رئيس جديد، مما يتيح للبلد فترة سماح تترافق مع تشكيل حكومة جديدة، واستكمال ورشة الإصلاحات، لولوج باب الحل والتعافي"، وقال: "لا خيار أمامنا إلا القيام بالإصلاحات المطلوبة، والتعاون مع صندوق النقد الدولي، الذي يشكل الباب المتاح للحصول على الدعم الدولي للبنان"، معتبرًا أنّ "هذا الأمر لمسته من كل الاجتماعات واللقاءات التي أعقدها في الخارج، وهناك شبه إجماع، أن لا حل إلا من هذا المدخل، ولا مساعدات للبنان قبل إنجاز الإصلاحات. وهذا أيضا ما لمسته ولي عهد السعودية شخصياً، الذي شدد على أولوية قيام اللبنانيين بواجباتهم، وعدم انتظار الحلول من الخارج"، وقال: "لا بديل عن تعاون المكونات السياسية كافة، على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، لأن البلد من دون رئيس سيظل يعاني من خلل بنيوي أساسي، لا تعوضه الحلول المؤقتة".
وشدد ميقاتي على أنّ "انعقاد القمة العربية في السعودية هذا الأسبوع يكتسب أهمية مزدوجة، فهو من جهة يؤكد دور الرياض البارز والفاعل والريادي في العالم العربي والمنطقة، بتوجيه من الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، الذي يقود عهد النهضة السعودية، بثقة وعزم من خلال تنفيذ "رؤية 2030" التي تحقق للسعودية نهضة تطويرية على المستويات كافة، وهذا ما يترجم من خلال الحركة النشطة لتنمية وتنويع الاقتصاد بكل جوانبه ومرتكزاته، وتطوير التعليم والتنمية البشرية المستدامة".
ولفت ميقاتي، إلى أن "أكثر ما تتميز به خطة ولي العهد، أنها تعرض تحولاً جذرياً في الاقتصاد السعودي، من خلال طرح أفكار جديدة يدفع تنفيذها باقتصاد السعودية أشواطًا سريعة نحو الأمام، إنها بحق خطة تحمل بذور النجاح في التخطيط والتنفيذ، خاصة أنها تطمح إلى بناء قطاعات إنتاجية وصناعية، واستثمارات تخفف من الاعتماد على عائدات النفط".
ورأى أنّ "الأهمية الثانية للقمة في هذا التوقيت، فتتمثل في مواكبة التطورات الكبيرة التي حققتها الرياض، أولاً، على صعيد التفاهمات في المنطقة، إضافة إلى الأحداث المختلفة التي تحصل وينبغي مواكبتها والتفاعل معها، ناهيك عن الملفات الضاغطة والطارئة التي تشهدها المنطقة وتبدّل خارطة التفاهمات والاستراتيجيات".