تفاصيل الخبر

تلويح ميقاتي بالاعتكاف لم يكن خيارا محسوما ورفضه لــ " المراسيم الجوالة" يدفع في اتجاه جلسة جديدة

21/12/2022
تلويح ميقاتي بالاعتكاف لم يكن خيارا محسوما  ورفضه لــ " المراسيم الجوالة" يدفع في اتجاه جلسة جديدة

الرئيس نجيب ميقاتي والوزراء في جلسة التشاور

 

اي مسار ستسلك حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الاتي من الايام بعد الضجة التي نشأت  عن انعقــــاد مجلس الوزراء قبل اسبوعين  وردود الفعل التي صدرت لاسيما من رئيس " تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل، الذي استطاع من خلال ثمانية من وزراء الحكومة ينتمون الى فريق الرئيس ميشال عون والنائب باسيل، خلقت حالة من اللاستقرار في العمل الحكومي دفعت الرئيس ميقاتي الى الدعوة الى اجتماعين وزاريين للتشاور اسفرا عن تشكيل لجنة من الوزراء القضاة هنري خوري ومحمد وسام المرتضى وبسام مولوي وعباس الحلبي اجتمعت الاسبوع الماضي في مكتب الاخير في وزارة التربية من دون ان تتمكن من الوصول الى نتيجة لجهة تحديد نوعية المواضيع الملحة التي تستوجب عقد جلسة لمجلس الوزراء  ولا لجهة الالية التي ستعتمد في توقيع المراسيم التي صدرت او التي يمكن ان تصدر عن جلسات مقبلة للحكومة يقول الرئيس ميقاتي انه يمكن ان يدعو الى عقدها اذا ما اقتضت الضرورة ذلك، او حتمتها المصلحة العليا للبلاد. ويقول احد الوزراء القضاة عن جو الاجتماع الرباعي بانه لم يكن جوا صحيا مطلقا لان الوزراء لم يتوصلوا الى اي اتفاق او اي خلاصة يمكن ان تشكل مسارا مقبلا لحكومة تصريف الاعمال، اذ اصرّ الوزير خوري على عدم قانونية ودستورية انعقاد مجلس الوزراء في ظل تصريف الاعمال. مقترحا اعتماد " المراسيم الجوالة" لتسيير شؤون المواطنين على ان يحمل كل مرسوم تواقيع 23 وزيرا الى جانب توقيع رئيس الحكومة. لكن ثلاثة من الوزراء القضاة اعترضوا على مبدأ التوقيع الجماي واشاروا الى ضرورة التقيد بما ينص عليه الدستور لجهة ضرورة توافر الغالبية المطلقة للقرارات العادية وغالبية الثلثين بالنسبة الى المواضيع المهمة الــــ 14 المحددة في الدستور.

لقد بدا واضحا من خلال النقاش بين الوزراء القضاة ان لا امكانية للتوصل الى اي اتفاق في ما خص الالية الواجب اعتمادها وبالتالي لم تعقد اللجنة اجتماعا ثنائيا ما يعني عمليا ان مهمتها انتهت من دون ان تحقق اي تقدم يمكن ان يشكل حلا للعقدة التي " فرملت" اجتماعات مجلس الوزراء التي قال ميقاتي امام وفد نقابة المحررين انه سيدعو الى عقدها عند الضرورة والحاجة وفق الصلاحيات الدستورية المناطة به، مستدركا انه في الوقت الراهن لا شيء طارئا يستدعي عقد جلسة. وفي رد واضح على الوزراء المعترضين قال ميقاتي ان وضع جدول اعمال مجلس الوزراء مناط حصرا برئيس الحكومة ولا شراكة لاحد في هذا الموضوع، وفي حال انعقاد جلسة مجلس الوزراء تتم مناقشة الجدول ويصار الى التفاهم على ما يقر وما لا يقر، وقرارات مجلس الوزراء تؤخذ باكثرية الحاضرين في الامور العادية وباكثرية عدد اعضاء الحكومة في القرارات الاستثنائية. وفي رأي ميقاتي انه بدلا من اعتماد سياسة التعطيل والمجاهرة به، من الاجدى ايجاد حوافز لتحريك عملية البلد لا لتعطيل ما تبقى من مؤسسات، علما ان ما تقوم به الحكومة الحالية هو صيانة الوضع وتسيير شؤون الناس والحفاظ على هيكل بناء الدولة الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ومع اقراره بوجود صعوبات كثيرة، يعتبر ميقاتي ان البلاد تمر في حالة طوارىء ويجب الاتفاق بين الحكومة ومجلس النواب لوضع اسس الحل.

 النصاب مؤمن لجلسة جديدة لمجلس الوزراء

لكن السؤال كيف سيترجم ميقاتي عمليا تصحيحه على عقد جلسات لمجلس الوزراء اذا ما استمرت معارضة وزراء فريق عون- باسيل ومقاطعتهم  للجلسة. عن هذا السؤال تجيب مصادر مطلعة ان الرئيس ميقاتي قادر من حيث المبدأ على الاستمرار في تأمين النصاب للجلسات ولديه ما يكفي من الضمانات بحضور 17 وزيرا  الجلسة وربما اكثر، لكنه لن يقدم على هذه الخطوة الا اذا سدت كل السبل امامه خصوصا وان ثمة قرارات لا بد من اتخاذها قبل نهاية السنة مثل ترقية ضباط الاسلاك العسكرية وتمديد الملاكات وغيرها من الاستحقاقات المرتبطة بمهل زمنية لا بد من بتها قبل حلول العام الجديد، وهو سيحاول اقناع المعترضين، او غالبيتهم بالحضور، فان تجاوبوا كان خيرا واذا اصروا على موقفهم الرافض سيدعو الى الجلسة بعد التشاور مع الوزراء الاخرين الذين يمكن ان يؤمنوا النصاب القانوني. وفي هذا السياق تقول المصادر نفسها ان التعاون الذي يلقاه الرئيس ميقاتي من " الثنائي الشيعي" ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتيار " المردة" يساعد في توفير الاجواء المناسبة لانعقاد الجلسة بعد اكتمال نصابها، وهذا الامر صارح به ميقاتي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عندما زاره قبل اسبوعين في بكركي وشرح له موقفه مما يجري حكوميا ردا على الحملات التي قادها الرئيس عون والنائب باسيل ضده. وتقول مصادر عليمة انه في تلك الجلسة في بكركي سأل ميقاتي البطريرك اذا كان المطلوب منه الاعتكاف في ردّه على حملات التحريض التي استهدفته على خلفية دعوته مجلس الوزراء للاجتماع والتي تولاّها جبران باسيل. وقال له إن لا مانع لديه من البقاء في منزله، وإن كان يفضّل الإقامة في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان إذا كانت هناك غرفة شاغرة لاستضافته. وقد ابدى البطريرك تفهُّماً لوجهة نظر ميقاتي، متمنّياً عليه عدم الاعتكاف والاستمرار على رأس الحكومة في تدبير أمور اللبنانيين وشؤونهم من جهة، وفي تأمين استمرارية الدولة في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها لبنان من جهة ثانية، مثنياً على دوره على هذا الصعيد بالتنسيق مع الوزراء وبخلاف ما صدر عن مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري لجهة إنه كان بالإمكان تحاشي السجال لو أن المسؤولين عالجوا الأمر برويّة وتشاور وبالحوار البنّاء في معالجة أمور المواطنين الأساسية من دون انعقاد الحكومة المستقيلة.ورغم أن ميقاتي نأى بنفسه، تقول المصادر نفسها، عن الدخول في سجال مع مجلس المطارنة الموارنة، وأبدى رغبة بفتح الباب أمام توسيع مروحة المشاورات مع الوزراء ، فإن الظروف الكارثية التي تحل بالبلد لا تستدعي رفع منسوب التنسيق فحسب، وإنما تتطلب دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بصورة طارئة، وهذا لن يقوم به على وجه السرعة لقطع الطريق على حملات التحريض التي يراد منها إقحام البلد في صراعات طائفية ومذهبية تحت عنوان أن هناك من يصادر الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية.