تفاصيل الخبر

ماكرون المنادي بتغيير الطبقة السياسية يتحدث عن مبادرات غالبيتها انسانية واجتماعية!

29/12/2022
ماكرون المنادي بتغيير الطبقة السياسية يتحدث عن مبادرات غالبيتها انسانية واجتماعية!

الرئيس الفرنسي  " ايمانويل  ماكرون "في مؤتمر بغداد

 

ما اعلنه الرئيس الفرنسي" ايمانويل ماكرون "وهو في الطريق من عمان حيث حضر مؤتمر " بغداد2" الى باريس، عن ضرورة تغيير الطبقة السياسية في لبنان، ليس بجديد اذ سبق للرئيس الفرنسي ان قال كلاما مماثلا امام شخصيات سياسية زارته في باريس. الا ان اهمية هذا الكلام تكمن في التوقيت لانه يتزامن مع تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يفترض ان يتم على ايدي اركان هذه الطبقة وعبر ممثليهم في مجلس النواب، واللافت ان "ماكرون" لم يشر في حديثه الى اي موعد لتحقيق الاستحقاق الرئاسي متحدثا عن اتخاذ مبادرات في الاسابيع المقبلة ناف امكانية جمع مؤتمر دولي للبنان ولكنه قال " سنعمل على مشاريع ملموسة فقد تطرقت مع العاهل الاردني الى مشروع في قطاع الكهرباء للبنان"، وقال: " ما يهمني هو اللبنانيين واللبنانيات لان الطبقة السياسية التي تعيش على حساب البلد ليس لها الشجاعة للتغيير". واعرب عن استيائه من تصرف هذه الطبقة وعن شكوكه بطاقة الشعب اللبناني لدفعها الى التغيير لذا يريد المساهمة في ايجاد حل سياسي بديل عبر اقامة مشاريع ملموسة وبنفس الوقت عدم التساهل مع الطبقة السياسية. وقال ردا على سؤال اذا كان يؤيد قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة ان فرنسا لن تدخل في لعبة الاسماء للرئاسة لانها سبق وتدخلت مرات كثيرة في الماضي وقد فشلت مرة على اثنين. فقال ان لبنان يحتاج الى رئيس ورئيس حكومة نزيهين وقال انه يريد مساعدة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يبذل جهودا للقيام بما يتمكن ولا يتنازل  للذين اغتنوا ويريدون البقاء والابتزاز . وقال عن " حزب الله" انه موجود في لبنان على الصعيد الامني والمتستر وايضا موجود على الصعيد الرسمي ومنتخب ويستفيد  من نظام وآلية سياسية لحل مشاكل الناس. لذا رأى الرئيس الفرنسي ان مشكلة لبنان في حل مشاكل الناس واعادة هيكلة النظام المالي ثم وضع خطة مع رئيسين للجمهورية والحكومة نزيهين.

ورأت مصادر متابعة في كلام" ماكرون "حول الازمة الرئاسية ان باريس لا ترى ان ثمة حلا لبنانيا صرفا بمعزل عن ازمات الاقليم، ذلك ان الارتباط اللبناني وثيق، وبالتالي ربط" ماكرون "الحل اللبناني بحلول في العراق وسوريا، وانطلاقا من ازمات الدول الثلاث تتطلب لحلها اجندة تعاون صادق بين الدول المعنية". على ما جاء على لسانه في مؤتمر "عمان- 2 "نجح هناك في ان يدرج البند اللبناني طارئا على جدول اعمال المؤتمرين، وان من باب العامل الاجتماعي. في الموازاة، لا يفوته تكرار المحاولة مع الرياض من اجل انخراط سياسي اكبر واشمل واعم، لكن اليد تبقى قصيرة طالما الاولويات السعودية في مكان آخر تماما، بعدما سلمت بعقم وفشل من سلمتهم سابقا كلمة سرها. ويستعيد "ماكرون "مجددا خطاب سنة 2020، بعدما سئم من مهادنة المسؤولين اللبنانيين عامين كاملين. يتحدث مجددا في وجوب تغيير الطبقة السياسية، وفي لزوم " تغيير القيادة" عبر نشوء حل سياسي بديل بمشاريع ملموسة من دون اي تساهل مع القوى السياسية. هو الكلام نفسه مستعاد منذ ان جاهر قبل سنتين ونيف باهمية ايجاد عقد سياسي- اجتماعي جديد للبنان، فتجند لافشاله كل متضرر من تغيير جذري. وهؤلاء المتضررون لا يجدهم الا في صلب منظومة الدولة العميقة التي يريد "ماكرون "نسفها وان كان لا يزال على تواصل دائم مع العديد من رموزها.

 

لا حلول سريعة ولا اسم متفق عليه

وقرأت المصادر المتابعة في كلام "ماكرون "معطيات عدة لعل ابرزها:

  • اولا: لا مؤشرات بامكانية الوصول الى حلول سريعة في مسألة الاستحقاق الرئاسي طالما ان الامر مرتبط بشكل او بآخر بالتطورات الاقليمية في المنطقة والازمات التي لم تجد حلولا عملية بعد. لذلك كان تركيز "ماكرون " على اثارة الملف اللبناني في كل لقاء اقليمي على امل ان يتمكن من تحريك المياه الراكدة في الملف اللبناني. والذين تابعوا مداولات مؤتمر " بغداد 2" خرجوا بانطباعات مفادها ان لبنان لم يكن في صلب اولويات المجتمعين المنهمكين في ما هو اهم من الملف اللبناني الرئاسي من صراعات اقليمية ودولية. ونقل عن احد الوزراء العرب الذين شاركوا في المؤتمر ان اي كلام عن الوضع اللبناني ينحو في اتجاه الازمات الانسانية والاجتماعية التي تواجه اللبنانيين، ولا يركز على الشق السياسي وتحديدا الرئاسي.
  • ثانيا: لا صحة لكل ما قيل عن اتفاق فرنسي مع اطراف لبنانيين اساسيين على اسم مرشح معين لرئاسة الجمهورية هو قائد الجيش العماد جوزف عون بدليل ان" ماكرون" حرص على عدم الخوض في مسألة الاشخاص والاسماء مكتفيا بالقول بضرورة ان يكون الرئيس العتيد من النزهاء المستعدين للقول ان الطبقة السياسية غير مهتمة بهم وان عليهم ان يتوقفوا عن العيش على حساب الناس.
  • ثالثا: حرص" ماكرون "على القول بان الحديث مع القادة السعوديين في الشأن اللبناني يركز على النواحي الانسانية والاجتماعية من خلال تفعيل التعاون الفرنسي- السعودي في هذا الاتجاه، نافيا بذلك بطريقة غير مباشرة ما يتردد عن لقاءات سياسية سعودية- فرنسية للبحث في الاستحقاق الرئاسي في الوقت الراهن، ما يدل على ان الضوء الاخضر للخوض مع السعوديين في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية لم يعط بعد، وان " الطبخة" ليست على نار حامية....
  • رابعا: كان لافتا تأكيد "ماكرون "عن الضمانات التي اعطيت خلال المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعدم حصول اي تصعيد مشيرا الى ان هذه الضمانات اعطيت للمفاوضين الاميركيين ايضا.

ورأت المصادر نفسها ان نوعية المبادرات التي تحدث" ماكرون "عن اطلاقها خلال الاسابيع المقبلة ستركز خصوصا على النواحي الانسانية والاجتماعية والصحية والتربوية، على ان تأتي اي مبادرة سياسية بعد تبلور الموقف الداخلي اللبناني لاسيما وان "ماكرون " تلوع" من فشل مبادرته في الاول من ايلول( سبتمبر) 2020 والتي حملت تسمية " ورقة الطريق" التي طرحها خلال الاجتماع مع القيادات السياسية اللبنانية التي " نكثت" في ما بعد بوعودها بالتعاون لايجاد مخرج للازمة اللبنانية على حد ما قاله "ماكرون" نفسه.