اكد تقرير ديبلوماسي ورد الى بيروت انه لن تكون للاتفاق السعودي- الايراني باعادة العلاقات الديبلوماسية الذي تم برعاية صينية، مفاعيل مباشرة او غير مباشرة على الوضع في لبنان، وبالتالي فان المراهنين على ان هذا الاتفاق سوف يسهل تحقيق الاستحقاق الرئاسي خلال " اسابيع قليلة"، لن يكسبوا الرهان، وعليهم بالتالي ان يعملوا لتفاهم داخلي يؤدي الى اتفاق حول الرئيس العتيد نتيجة " صناعة لبنانية" سوف تلقى دعم الخارج في مختلف توجهاته. ويشير التقرير الى ان الاولوية في مفاعيل الاتفاق ستكون لليمن ثم للعراق وربما سوريا، وبالتالي لبنان في آخر الاهتمامات بالنسبة الى الاتفاق الذي يخضع لفترة " تجربة" لمدة شهرين، مرّ منها ثلاثة اسابيع، يفترض ان تتحدد الخطوات التالية بعد ذلك. وفي التقرير الديبلوماسي ايضا، ان الملف اللبناني لم يكن في صلب المحادثات السعودية – الايرانية وان كان تم التطرق اليه في سياق الحديث عن " الازمات الراهنة في المنطقة" وضرورة معالجتها ليتعزز الاستقرار في دولها، وبالتالي فان " الاجندة" السعودية تجاه لبنان مختلفة عن " الاجندة" الايرانية لا بل نقيض لها وما من اشارات الى امكانية الوصول الى تفاهم سريع سعودي- ايراني حول الملف اللبناني الذي يبدو انه خارج اطار الاتفاق، حتى الان على الاقل. ولا يلحظ التقرير اي معطيات تتعلق بالتوجهين الايراني والسعودي حيال الاستحقاق الرئاسي ويكتفي بالاشارة الى ان موقفي الدولتين لم يطرأ عليهما اي تغيير اساسي، لافتا الى ان طهران ليست في وارد تقديم " تنازلات" في الشأن اللبناني خارج اطار رغبة " الثنائي الشيعي" وتحديدا حزب الله خصوصا ان " الثنائي" حصل على 27 نائبا شيعيا من اصل 27 في مجلس النواب، وبالتالي لا وجود لرأي شيعي داخل مجلس النواب يخالف رأي نواب " الثنائي" بدليل عدم وجود اي مرشح لمنصب رئيس مجلس النواب ما عدا الرئيس بري.... ويتحدث التقرير عن " مكاسب" حققها " الثنائي الشيعي" على الساحة السياسية اللبنانية ساهمت ايران في تحقيقها بشكل او بآخر، واستطرادا اي قرار ايراني في الشــــأن اللبناني لا بد ان ينطلــــق من " داتا" يوفــــرها " الثنائي"،وبالتالي لا تراجع ايرانيا في الموقف من الوضع في لبنان الذي سيبقى – حسب التقرير- " ورقة" من الاوراق التي تمسكها ايران في المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول مرجع على صلة بتطورات المحادثات السعودية – الايرانية انه في ما يتعلّق بالاتفاق السعودي- الإيراني ببعده اللبناني فإنّ "الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بدا الأكثر واقعية وانسجاماً مع الطرح العملي للخروج من دوّامة خلوّ سدّة الرئاسة، لجهة اعتباره أنّ لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني – لبناني، وليس إلى تقارب سعودي- إيراني، وعلى قياداته تقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة أو اعتبار آخر، وبالتالي فإنّ الاتفاق الإقليمي بطرفيْه السعودي والإيراني والذي يخضع لمرحلة بناء الثقة، يمكن اعتباره عاملاً مساعداً لإيجاد حل للأزمة السياسية في لبنان كمدخل لحلّ الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وإعادة ترتيب علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة، على أن يبقى القرار الأول والأخير في اختيار الرئيس المناسب لبنانياً بيد الفرقاء اللبنانيين، من دون إغفال وجود شراكة سعودية في القرار كونه سيرتّب مستلزمات لاحقة مع عدم إغفال العامل الإيراني".
ويشدّد المرجع على أنّه "أمام العلاقات السعودية - الإيرانية شهران حاسمان ومصيريّان لبناء الثقة والذهاب إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية والمباشرة بتنفيذ اتفاقيات لها طابع سياسي واقتصادي وثقافي، مع الأولوية للملف اليمني، بحيث التركيز على وجوب إنهاء الحرب ومساعدة اليمنيين على خوض المفاوضات الهادفة للوصول إلى اتفاق ينتج عنه تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات تشريعية وإعادة تكوين السلطة بشراكة من كل مكوّنات الطيف اليمني بلا استثناء، على أن تلتزم الرياض بتقديم كل المساعدة المطلوبة للحكومة اليمنية الجديدة لرفع آثار الحرب وبدء إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية وضخ الأموال اللازمة لتحقيق ذلك، واللافت التجاوب الإيراني مع أولوية وقف الحرب، والعمل على إطلاق جميع الأسرى كخطوة أولى أساسية ورفع الحصار المفروض عن اليمن بالتزامن مع انسحاب كل القوات الأجنبية من كل الأراضي اليمنية". ولفت المرجع إلى أنّ "إعلان الاتفاق السعودي الإيراني نابع من حاجة البلدين إليه، لأن الإرادة السعودية هي في إنهاء هذا الملف استجابة لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان بنقل السعودية من مسار قديم إلى مسار جديد في غاية التطوّر، كما أنّ إنجاز مشروع "نيوم"يحتاج إلى توفير كل أسباب الاستقرار الأمني والسلم العام ما يشجّع على المزيد من الاستثمارات التي تتدفّق بكثافة على السعودية، بينما إيران حماستها كبيرة لإنهاء القطيعة مع المملكة ودخولها من ضمن الشراكة في الأمن الإقليمي وهو مطلب إيراني مزمن، ما يوفّر لها المزيد من الثقة والدعم للمضيّ في مفاوضاتها النووية.
خرازي اكد المؤكد في بيروت
في اي حال، يلتقي اكثر من طرف سياسي في لبنان على انتظار تطور مسار الاتفاق السعودي- الايراني مع اليقين بان لبنان باق بعيدا عن مفاعيل الاتفاق الا اذا التزم الطرفان تطبيقه في اليمن والعراق للانتقال الى مرحلة جديدة، علما ان عامل الوقت مهم في هذا الصدد وهو سيستغرق حكما اكثر من شهرين يبقى خلالهما لبنان بعيدا عن انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهذا ما لمسه الذين التقوا رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية الايراني كمال خرازي الذي ردد في كل اجتماعاته انه حضر للاستماع لا اكثر. ولا ربط لزيارته بالملف الرئاسي العالق ولا باي تطور آخر، بحيث لا تسأل مسؤولا ايرانيا في اي موقع يحتله الا يقدم جوابا موحدا: " هذا الامر يتعلق بخيارات كتل مجلس النواب". ولدى تكرار السؤال عليهم يحيلون السائل الى السيد نصر الله، " فلدينا كل الثقة بالخيارات التي يتخذها سماحته". ولم يدخل خرازي في الملف الرئاسي على نحو مباشر، بل جرى التطرق اليه من باب العموميات مع تكراره موقف بلاده بانها مع توافق الافرقاء اللبنانيين في مسألة رئاسة الجمهورية وعدم الاستمرار في تأخير اتمام هذا الاستحقاق، مع ميله الى الاعتراض على تدخل الخارج في استحقاق يخص اللبنانيين. ولم يخف الزائر ارتياحه الى الاتفاق بين دولته والسعودية، مع تشديده على استكمال ما تم التوصل اليه وترجمته على ارض الواقع. وهو اظهر امام مستقبليه وبطريقة غير مباشرة ان الامور غير مقفلة بين طهران وواشنطن، وان كل هذه التطورات ستكون لها جملة من الارتدادات الايجابية على المنطقة اذا احسن استغلال مضمون اتفاق الرياض- طهران.