تفاصيل الخبر

جنبلاط " يدوزن" مواقفه الرئاسية ويبقي باب " التسوية" مفتوحا وينأى بنفسه حكوميا تفاديا للخلافات الدرزية

12/10/2022
جنبلاط " يدوزن" مواقفه الرئاسية ويبقي باب " التسوية" مفتوحا وينأى بنفسه حكوميا تفاديا للخلافات الدرزية

النائب السابق وليد جنبلاط في لقاء سابق مع النائب السابق طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب

        

لا تزال الاوساط السياسية تتابع بدقة الاسباب التي دفعت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى " توصية " نواب " اللقاء الديموقراطي" بالاقتراع لصالح النائب ميشال معوض في الجلسة الاولى التي عقدها مجلس النواب قبل اسبوعين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، وما صدر عن جنبلاط قبل اسبوع من التمسك بالنائب معوض حتى اشعار آخر. ورأت هذه الاوساط في موقف الزعيم الدرزي مرضاة للفريق السيادي الذي تبنى ترشيح نائب زغرتا على رغم انه لم يحصل سوى على 36 صوتا من مجموع المقترعين في تلك الجلسة، واستطرادا تجاوبا مع ما قيل ان السعودية دعمت هذا الترشيح الذي يلقى ايضا دعم سفيرة الولايات المتحدة في بيروت "دوروثي شيا "وفريق " نيو 14 آذار" الذي بدأ يتكون من جديد في ظل التعاون القائم بين رموز " 8 آذار" اي " الثنائي الشيعي" وتيار " المردة" وتكتل نواب " لبنان القوي" الذين صوتوا مع آخرين بورقة بيضاء وجمعوا 63 صوتا. والذين رصدوا مواقف جنبلاط لاحظوا ان سيد المختارة لم يقفل الباب على امكانية تبدل خيار نواب " اللقاء الديموقراطي" رئاسيا  اسفرت الاتصالات الجارية بعيدا عن الاضواء عن تبني اسم مرشح آخر غير معوض يمكن ان تكتب له حظوظ الفوز في حال ضمن هذا المرشح الحصول على 65 صوتا وما فوق. وما عزز هذا الاعتقاد ان جنبلاط اوعز الى نوابه بعدم مقاطعة الجلسات الانتخابية مهما كانت الظروف اي انه لن يشارك عمليا في تعطيل نصاب الجلسات من خلال نوابه الثمانية كي يبقى النصاب مؤمنا بشكل او بآخر خلال الجلسات حتى ولو لم تسفر عن نتيجة عملية في انتخاب الرئيس العتيد. كذلك جاهر جنبلاط بعدم رغبته في وصول الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، وهذا الموقف الواضح نادرا ما اتخذه جنبلاط الذي اشتهر بمناوراته السياسية حتى آخر دقيقة حتى وصف دائما بانه " بيضة القبان" في كل استحقاق انتخابي او في اي عملية تصويت في جلسات مجلس النواب. الا ان المطلعين يتحدثون عن ان الزعيم الدرزي لم يقطع الطريق على المشاركة في " اي تسوية" رئاسية اذا ما اقتضت الحاجة المتمثلة خصوصا بموافقة السعودية على مثل هكذا تسوية.

 

في هذا السياق، تقول مصادر مطلعة عادة على موقف جنبلاط انه التزم السير بــ " الرغبة السعودية"  في الاستحقاق الرئاسي وهو ابلغ من يعنيهم الامر ان اي " تسوية" ترضي السعوديين فهو " يمشي" بها لانه غير راغب في معاكسة الموقف السني الذي يعمل السفير السعودي وليد البخاري في توحيده بنسبة كبيرة حيال الاستحقاق الرئاسي الراهن لالف سبب وسبب، علما انه لم " يكسر الجرة" مع حزب الله الذي مرر له اشارات ايجابية في ما خص موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بقصد اقامة توازن في مواقفه بين الحزب والسعودية ليبقى محافظا على دوره في المستقبل لانه يعتقد ان " التسوية" الاقليمية الكبرى متى تم تركيبها فانها ستأخذ في الاعتبار دور حزب الله لكونه الطرف اللبناني الاقوى في هذه المرحلة، ولعلمه ان " لا تسوية" ممكنة مستقبلا اذا لم يكن الحزب شريكا اساسيا فيها نظرا لتمثيله الشعبي من جهة ولقدرته على تعطيل اي حل رئاسي من جهة ثانية، وهو الذي كان ابلغ  وفد الحزب الذي زاره في كليمنصو قبييل الدعوة الى الجلسة الانتخابية الاولى بانه لا يريد ان يدعم اي " مرشح تحدي" في هذه المرحلة. وهذا الامر يعزز رأي القائلين بامكانية تغيير الموقف من النائب معوض الذي يكاد ان يصبح " مرشح تحدي" وان كان نائب زغرتا يرفض ان تلصق به هذه التسمية. علما ان جنبلاط كان قال ان معوض ليس " مرشح تحدي" لانه ابن شهيد الطائف الرئيس رينه معوض وانه قادر على معالجة البنود الخلافية بالحوار، ومنها بند السلاح الذي يمكن مقاربته مستقبلا من خلال الاستراتيجية الدفاعية. صحيح ان جنبلاط اقرّ في مجال آخر انه لا يمكنه الطلب ان تنصاع المعارضة لخيار معوض، لكن الصحيح ايضا انه لا يريد ان يصبح معوض " مرشح تحدي"  وان كان بعض حلفاء معوض يقدمونه على انه كذلك. في المقابل يعترف جنبلاط ان لا احد يمتلك الاغلبية في مجلس النواب، وانه تبين له ان ما طرحه مع حزب الله وما يطرحه الرئيس نبيه بري يصب في اتجاه ان يكون الرئيس العتيد رئيسا توافقيا. والواقع ان جنبلاط اوجد مخرجا اذا ما قرر العزوف عن تأييد معوض اذ قال بانه مع بقائه داعما لمعوض، فهو " منفتح" على اسماء اخرى لكن بالتنسيق مع معوض نفسه مشيرا الى وجود كثيرين يتمتعون بالكفاءة ومنهم النائب السابق صلاح حنين والمحامي شبلي الملاط.

رسائل ايجابية الى حزب الله

 ومن الواضح في مواقف جنبلاط الاخيرة استمراره في توجيه رسائل ايجابية الى حزب الله لاسيما قوله بان لبنان بحاجة الى الحزب دفاعيا وان كان المطلوب ان تكون المنظومة الدفاعية واحدة، تحت مظلة الدولة اللبنانية وهذا يترجم لاحقا في الاستراتيجية الدفاعية، والاشارة الايجابية الاخرى تجاه الحزب وردت ايضا في كلامه عن مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية حين قال ان اسرائيل " خضعت" لقوة حزب الله في الترسيم وفي " المسيرات" التي " نفعت" في مسار المفاوضات، وان الحزب " اثبت " انه بارع في الدبلوماسية خلال تجربة الترسيم البحري" وفي هذا السياق نطلب منه التدخل لدى النظام السوري لترسيم الحدود البرية.. والعارفون ببواطن الامور يقولون ان جنبلاط الذي يواجه حزب الله في مواقف سياسية معينة لا يريد في هذه المرحلة ان يرفع  منسوب المواجهة لقناعته بان مثل هذا الامر لا نتيجة منه، و بدل من تصعيد المماحكات التي لا طائل منها قد يكون من الافضل اعتماد مقاربة الحوار مع الحزب من دون تقديم تنازلات اساسية له لكن ايضا وفي الوقت نفسه عدم اللجوء الى مقارعة عبثية لان الواقع الشيعي لا يمكن تغييره في الوقت الحاضر، فضلا عن ان تحالف حزب الله مع الرئيس نبيه بري، صديق جنبلاط، غير قابل للانفصال وان ما يعرف بــ " الثنائي الشيعي" جعل الموقف الشيعي قويا وموحدا وترجم في الانتخابات النيابية فوز جميع النواب الشيعة الـــ 27 من تحالف الحزب والحركة ولم يتمكن لا المجتمع المدني ولا حركة " التغييريين" من تحقيق اي خرق في كافة الدوائر الانتخابية حيث كانت اللحمة متماسكة ولم يرسب اي مرشح شيعي من " الثنائي".

 

نأي بالنفس حكوميا حفاظا على وحدة البيت الدرزي

اما في الملف الحكومي، فقد بدا ان جنبلاط غير متحمس لتشكيل حكومة جديدة مع نهاية العهد معتبرا ذلك " غلطة" لاسيما وان حكومة جديدة في الايام القليلة المتبقية من ولاية الرئيس عون لن تستطيع " ان تشيل الزير من البير" وتنقذ البلد من افلاسه وازماته المتناسلة، فضلا عن انه لا يرغب  في اعطاء الرئيس عون " والتيار الوطني الحر" ورئيسه النائب باسيل مكاسب سياسية من خلال وزراء جدد محسوبين على الفريق الرئاسي ويدينون له بالولاء الكامل، ما يعطيه دفعا للامساك بمفاصل الوضع بعد نهاية العهد لاسيما وان الانطباع السائد هو ان الشغور الرئاسي قد يطول. وتقول مصادر على اطلاع على موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي انه بعدم حماسة جنبلاط لتشكيل حكومة جديدة، اضاء على الواقع الدرزي على خلفية التعديل الذي سيحصل مع تبديل وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين فاكد عدم تدخله فيه. وينقل في هذا السياق، انه خلال زيارة جنبلاط الاخيرة للرئيس ميقاتي أبلغه أنه لن يدخل في أي تسمية، على أن يتولى ميقاتي هذه المسألة، ومن الطبيعي ألا يكون الوزير الجديد مستفزّاً لأي مكوّن درزي، على اعتبار أن جنبلاط لا يرغب في أي صراع مع هذا المكوّن الدرزي وذاك، وتحديداً مع النائب السابق طلال إرسلان أو الوزير السابق وئام وهاب، مع رفض جنبلاط، وفق المتابعين، أي تدخل أو تسمية تأتي من قِبل رئيس الجمهورية أو النائب باسيل، بعدما نمي إلى المختارة أن عون يرغب في تسمية الوزير السابق صالح الغريب، والأخير أكد أنه ليس في وارد المشاركة في الحكومة الحالية كما نُقل عنه في مجلس خاص، وبالتالي، فإن الزعيم الجنبلاطي نفسه، لا يرغب في تسمية أي شخصية درزية لتحلّ مكان الوزير شرف الدين، وهذا ما تم إبلاغه أيضاً لميقاتي من خلال وزير التربية عباس الحلبي، وعضو "اللقاء الديموقراطي" النائب وائل أبو فاعور .أما الأبرز الذي أثاره جنبلاط للمرة الأولى، فهو تساؤله عن توزير الساقطين في الإنتخابات النيابية، بمعنى أن الميثاقية الشرعية إنتخابياً هي في المختارة، على اعتبار أن الأكثرية الساحقة من النواب الدروز الذين فازوا في الإنتخابات الأخيرة، هم من مرشحي الحزب التقدمي الإشتراكي و"اللقاء الديموقراطي"، في حين أن الطرف الآخر كالحزب "الديموقراطي اللبناني" يشدّد على أن هناك تاريخا للبيت الإرسلاني، وليس أن يكون مرتبطاً باستحقاق إنتخابي، والأمر عينه لتيار "التوحيد العربي" الذي يرى بدوره أن رئيسه حاز رقما إنتخابيا كبيرا، وله حضوره ودوره على مستوى الجبل والإقليم ومناطق أخرى.