تفاصيل الخبر

هل يكون قرار محكمة العدل العليا البريطانية مدخلا لتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في انفجار المرفأ؟

08/03/2023
هل يكون قرار محكمة العدل العليا البريطانية  مدخلا لتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في انفجار المرفأ؟

مشهد من انفجار المرفأ

 

        في الوقت الذي يبقى فيه التحقيق الداخلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت  مجمدا نتيجة الاشكالات التي رافقت ولا تزال وضع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، برزت بارقة امل بامكان احداث خرق في هذا الملف، وان كان اتى من الخارج وتمثل بالقرار القضائي الذي صدر عن محكمة العدل العليا البريطانية لمصلحة ضحايا جريمـــــة التفجير ضد الشركــــة الانكليزية "” SAVARO LTD   في الدعوى المدنية التي اقيمت ضدها من مكتب الادعاء في نقابة المحامين ممثلا بالمحاميين نصري دياب وكميل ابو سليمان، باعتبار ان الشركة وكيلة الباخرة التي حملت اطنان من "نيترات الامونيوم" الى مرفأ بيروت.  واذا كان قرار المحكمة البريطانية فتح كوة في جدار التحقيق اللبناني المسدود، فان مصادر متابعة اعتبرته اول الخيط في ملف انفجار المرفأ الذي ذهب ضحيته اكثر من 220 قتيلا واكثر من 6 الآف جريح ودمر احياء نصف العاصمة، الا انه اعطى ايضا املا لاهالي ضحايا المرفأ بامكانية تحريك هذا الملف المجمد منذ ما يقارب الثلاث سنوات شهد خلالها تنحي المحقق العدلي الاول الذي تولى التحقيق القاضي فادي صوان، وتكبيل يد القاضي الذي خلفه طارق البيطار بالتزامن مع سلسلة قرارات متناقضة صدرت عن جهات قضائية معنية وغير معنية  كان آخرها قرار المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات باطلاق سراح جميع الموقوفين والادعاء على القاضي البيطار بجرم اغتصاب سلطة، ناهيك  عن عشرات دعاوى الرد التي قدمت بحق البيطار من مدعى عليهم بينهم وزراء سابقين ونواب حاليين وقضاة وكبار الموظفين.

وترى مصادر متابعة لهذا الملف، ان للقرار البريطاني اهمية كبيرة لاعتبارات عدة ابرزها انه اول قرار قضائي يصدر في جريمة تفجير المرفأ يرتكز على القانون اللبناني وان كان صدر في بريطانيا، وبالتالي يمكن ان يستتبع بخطوات قضائية لاحقة سواء في لبنان او في الخارج، ما يعني انه لن يكون خطوة انتهت مفاعيلها بمجرد صدور القرار. فضلا عن ذلك حوى القرار معلومات مهمة سوف تفيد القضاء اللبناني ما يمكن اعتباره اول الخيوط التي يمكن ان تكشف المزيد من المعلومات لتحديد المسؤوليات.

كذلك فان في القرار اول تحديد لمسؤولية طرف معني بالانفجار، اي شركة "SAVARO LTD " وهو امر بالغ الاهمية لاسيما عندما سيعاود القاضي البيطار عمله لانه سوف يطلب من دون شك ضم المعلومات الواردة في القرار البريطاني الى ملف التحقيق في لبنان. وتضيف هذه المصادر انه والى جانب أهمية القرار من الناحية القضائية – القانونية، فإن الحكم حمّل الشركة مسؤولية مدنية بالعطل والضرر، الذي لحق بالضحايا، وبالتالي يمكن أن يُستتبع بالمطالبة بالتعويضات. لكن حتى اللحظة، لا تعويضات، بمعنى أن القرار الذي صدر لا علاقة له بالتعويضات، لكن يمكن أن يُستتبع بدعوى أخرى، بمعنى أن يرفع مكتب الادعاء نفسه دعوى ثانية، بعدما حدّد القرار المسؤولية على الشركة، فيطالبها بقيمة التعويضات".كل ذلك يؤكد أن القرار الصادر هو حلقة من سلسلة خطوات، في مسار قضائي مترابط، محلياً وخارجياً. وبالتأكيد، كل ذلك يعزز أهمية القرار ويمكن أن ينصف الأهالي الذين يعتبرون ان الاولوية هي لاستكمال التحقيق للوصول الى الحقيقة وتحديد المسؤوليات التي توصل بدورها الى المحاسبة الفعلية. لا تعويضات ولا أي مبالغ تبلسم وجعهم والأهم الاحتكام الى التحقيق والقضاء، وكشف المسؤولين عن الانفجار".

نحو لجنة دولية لتقصي الحقائق؟

وفي تقييم المصادر نفسها ان قرار المحكمة البريطانية حرك التوجه الذي يلقى صدى واسعا لجهة انشاء لجنة تقصي حقائق دولية في قضية المرفأ، ومثل هذه اللجنة باتت مطروحة بقوة ويجري البحث فيها على مستويات عالية خارج قصر العدل وقد دخلت في مرحلة جديدة علما ان لجنة تقصي الحقائق تختلف في طبيعة عملها عن المحكمة الدولية في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فضلا عن ان من شأن انشائها اضفاء طابع الثقة في نفوس ذوي الضحايا، علما ان السعي الجاري لتشكيل هذه اللجنة يندرج في اطار اتفاقات دولية لحقوق الانسان. صحيح فكرة تسليم التحقيق في جريمة المرفأ تلاقي معارضة داخلية، الا ان المعلومات المتوافرة تشير الى ان استمرار عرقلة التحقيق الداخلي سوف يدفع بجهات دولية فاعلة الى وضع مسألة تشكيل لجنة تقصي دولية على السكة ولن يكون في مقدور لبنان رفض هذه اللجنة خصوصا اذا ما كانت تحت مظلة الامم المتحدة وربما تحت شروط  الفصل السابع، وقرار المحكمة البريطانية سوف يكون جسر عبور مقل هذا الاقتراح خصوصا اذا ما توافرت له تغطية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن سوف تأخذ في الاعتبار تقاعس  الدولة اللبنانية والقضاء فيها عن القيام بالواجب الوطني المنوط بهما. ويتحدث اهالي الضحايا عن وعود تلقوها من البطريرك الماروني  مار بشارة بطرس الراعي بتأمين لقاء لهم مع البابا" فرنسيس "ما سوف يشكل خطوة مهمة واساسية على طريق تدويل ملف التحقيق، كما وعدهم عدد من النواب" التغييريين" و" المستقلين" بتوقيع عريضة تنقل قضيتهم الى الامم المتحدة وجمعيات مناصرة حقوق الانسان، اي عمليا الى التدويل. كل ذلك، ولا يزال مجلس القضاء الاعلى غير قادر على اتخاذ اي قرار يعيد الحياة الى  التحقيق الداخلي في الجريمة سواء من خلال بث التناقضات بين  اعضاء مجلس القضاء الاعلى حول مصير المحقق العدلي القاضي البيطار، او لجهة تعيين محقق عدلي جديد علما ان العشاء الذي اقامه البطريرك الراعي في بكركي وجمع القاضيين سهيل عبود وغسان عويدات بهدف الاتفاق على ايجاد حلول فاعلة يضع حدا للتعطيل القضائي، لم يصل الى نتيجة عملية بعد.