تفاصيل الخبر

حزب الله لن يرضخ لضغوط باسيل لوقف دعم فرنجية لكنه لن يبادر الى اسقاط " تفاهم مار مخايل"

05/04/2023
حزب الله لن يرضخ لضغوط باسيل لوقف دعم فرنجية  لكنه لن يبادر الى اسقاط " تفاهم مار مخايل"

النائب جبران باسيل مع السيد  حسن نصر الله

 

تدل كل المعطيات المتوافرة ان العلاقة بين " التيار الوطني الحر"  وحزب الله تندرج نحو القطيعة بعدما بات الخلاف بين الطرفين علنيا ولم يعد في الكواليس وبعيدا عن الاضواء كما اراد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان يكون. والذين استمعوا جيدا الى خطاب رئيس " التيار " النائب جبران  باسيل في المؤتمر العام الذي شارك في احدى جلساته الرئيس ميشال عون، ادركوا ان الخلاف وصل بالفعل الى نقطة اللارجوع، لاسيما وان " الحزب" الذي آثر في الاشهر الماضية عدم الرد مباشرة على مواقف باسيل، صار اليوم يرى بلسان كبار قادته وخصوصا نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم ورئيس " كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، مع تمريرات من اشخاص واعلاميين ومعلقين سياسيين على صلة مباشرة بالحزب ويعبرون عادة عن مواقفه. ويبدو ان لا جهود تبذل من قبل اي من الاطراف المعنيين لاعادة وصل ما انقطع ما يعني ان الهوة تزداد اتساعا، والتباين في وجهات النظر، لاسيما في ما خص الاستحقاق الرئاسي يكبر يوما بعد يوم  على خلفية رفض النائب باسيل دعم ترشيح رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وآخر تجليات هذا الرفض كان من خلال رسالة مباشرة وجهها باسيل الى جهة عربية فاعلة بان " التيار" لن يدعم فرنجية مهما كانت الظروف ومهما اشتدت الضغوط، ويبدو ان هذه الرسالة وصلت الى قيادة " الحزب" في اليوم نفسه، وكان صداها سلبيا. وعلى رغم ان ثمة من يتواصل بين الطرفين، الا ان لا حصيلة عملية بل دوران في حلقة مفرغة عكسها باسيل عندما كشف ان " الحزب" قال له انه لن يسير في خيار رئاسي لا يرضى عنه باسيل، لكن هذا الكلام عاجله الشيخ نعيم قاسم بنفي ان يكون " الحزب" قدم لباسيل مثل هذا الالتزام!

وفيما تحدث كثيرون من قياديي " التيار الوطني الحر" مباشرة او مداورة، عن التباعد المستمر بينهم وبين حزب الله، قيادة ونوابا وكوادر، اوعز الى الجيش الالكتروني الا يدخل في اي جدال مع انصار " التيار" لاسيما اولئك الذين وجهوا انتقادات الى " الحزب"، الا اذا تم تجاوز " الخط الاحمر". لكن ذلك لم يلغ تمرير بعض المعطيات حول مواقف الحزب من الخلاف مع باسيل في ما خص دعم " الحزب" لترشيح فرنجية، منها ان " الحزب" كان يعتقد ان باسيل سيكون " متفهما" لالتزامه بدعم فرنجية بعد تأجيل استمر ست سنوات لاسيما وان زعيم " المردة" اعلن بعد انتخاب الرئيس عون من على درج مجلس النواب ان هذا الانتخاب " هو انتصار للخط السياسي الذي ينتمي اليه"، لكن باسيل قرر معاندة حليفه على الرغم من اقتناعه بان فرصة وصول رئيس من " التيار البرتقالي" معدومة. وفي هــــــذا السياق يقول قيادي في " الحزب" مطلع على دقائق الاتصالات مع باسيل، ان الحزب حاول اقناع رئيس " التيار" بان الفرصة اليوم متاحة لوصول فرنجية الى بعبدا وان بامكانه- اي باسيل- ان يكون شريكا في " صنع الرئيس" والاتفاق معه على كل المسائل التي تحقق التعاون بين الرجلين خلال وجود فرنجية في القصر خصوصا ان فرنجية كان ابلغ السيد نصر الله انه جاهز للتفاهم مع باسيل على " كل الامور" على الا تتجاوز مطالب باسيل " المقبول والمعقول" وذلك بعدما  وصلت الى فرنجية مطالب من باسيل وصفت بــ " التعجيزية". ويضيف القيادي في الحزب قوله انه مع آخرين من زملائه، اخفقوا في اقناع باسيل بدعم فرنجية ضمن معادلة مقبولة من الطرفين وذهب رئيس " التيار" الى خطب تكاد تكون نسخة عن خطب خصوم حزب الله ومنها اتهام الحزب بعدم السير في مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد، لانه – اي باسيل- كان يريد ان يدخل الحزب في صدام مباشر مع اقرب حلفائه، اي الرئيس نبيه بري وحركة " امل" من دون الاخذ في الاعتبار تداعيات تلك الخطوة، ويريد استطرادا من الحزب ان يجاهر بتسمية كل من اساء في ادارة البلاد لتصفية حسابات " التيار" مع اكثر من طرف سياسي، علما ان " التيار" كان في المسؤولية الوزارية منذ العام 2008 ولم يعلن في تلك السنة وما بعدها اي حرب على الفساد، وهو لم يفعل الا عندما اصبح العماد عون رئيسا للجمهورية وتحديدا في السنوات الثلاث الاخيرة من عهده بعد ما سمي بــ " انتفاضة 17 تشرين" في العام 2019. ويكشف القيادي نفسه ان " الحزب" رفض تلك المعادلة التي تمسك بها باسيل، وحرص على عدم اثارة الحساسيات، كما ابقى مطالب باسيل بعيدة عن الاعلام واقترح ان يجري البحث في شأنها في غرف مقفلة، من دون ان يعني ذلك ان " الحزب" مع الفساد، بدليل انه كلف النائب حسن فضل الله ملاحقة  قضايا كثيرة فيها فساد ووضع كل المعطيات التي كانت لديه في عهدة القضاء.

 

لا خطوات انفصالية ولا تخلي عن فرنجية

في اي حال، يقول القيادي نفسه ان " الحزب" لن يكون السباق في اي خطوة  انفصالية مع " التيار" وانه سيتحمل الى حدود معينة، حملات باسيل ومواقفه لانه " يتفهم" اسبابها والاعتبارات التي تدفع رئيس " التيار" الى الاستمرار فيها. لكن ذلك لن يغير موقف " الحزب" من الاستحقاق الرئاسي لجهة دعم ترشيح رئيس " المردة" وان كان الفريق الاخر سعى من خلال سيطرته على الفضاء الاعلامي  المكتوب والمرئي ان يوحي بان " المعركة  حسمت" وان فرنجية اصبح خارجها وان البحث جار عن " المرشح الثالث" كبديل توافقي. ويضيف ان خصوم " الحزب" يبذلون جهودا استثنائية كي يضعوه في موضع " الاسر" بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، ولذلك صعدوا الحملة على الحزب بانه يعرقل انجاز الاستحقاق لانه يتمسك بالمرشح الذي يدعمه.  ويعلق القيادي على هذه الحملة بان مثل هذا التوجه الاعلامي، هو توجه " متهور" لانه يروّج لسيناريوهات تنطوي على قدر كبير من المغالطات والمعلومات الخاطئة كما انه يسوق لمؤتمر يقول انه سيعقد في القاهرة على شاكلة مؤتمر الدوحة في العام 2008 تنضم اليه طهران للخروج بــ " تسوية"، الا ان مثل هذه المعلومات لا اساس لها وموضوع المؤتمر في القاهرة غير وارد ولم يفاتح احد " الحزب" به. ويؤكد القيادي انه من المبكر تقبل ما يروج له بان " التسوية" الرئاسية على وشك ان تحسم، لان المعطيات المتوافرة تشير الى ان الامور تحتاج الى شهرين كحد ادنى كي يقال ان المسألة الرئاسية اخذت طريقها الى الحسم، وهذه المهلة ضرورية لاستشراف مرحلة ما بعد المصالحة السعودية- الايرانية وما يمكن ان تحققه من نتائج ومستجدات وطريقة التكيف معها، اضافة الى ضرورة رصد الموقف الاميركي الذي لا يزال في مرحلة " المترقب".

وفيما يتصرف المحيطون بفرنجية على أساس أن الأمر محسوم له في نهاية المطاف وإن طال الوقت وأن المسافة بينه وبين بعبدا تقصر يوماً بعد يوم فإن "حزب الله" يتصرف على أساس أن معركة الاستحقاق ومنازلاتها ما زالت في مطالعها وتحتاج الى رويّة وحكمة في إدارتها لأن الآخرين يمارسون "لعبة استعجال وتهويل" بعد اتفاق بكين لأنه جعلهم في وضع ضبابي أو في حال من اللايقين. وفي هذا الإطار أتى حديث أدلى به أخيرا نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وتحدث فيه صراحة عن أن الحزب قطع مرحلتين في مقاربة هذا الاستحقاق وأنه صار في المرحلة الثالثة والأخيرة. أما المرحلة الاولى فهي مرحلة لم يكن الحزب فيها منخرطاً مباشرة في الملف إذ أخذ وقتاً كافياً وهو يطلق خطاباً عاماً فحواه أن تعالوا الى كلمة سواء أي التحاور حول مرشح توافقي ما دمنا كلنا لا نملك أكثرية الحسم والترجيح. وفي المرحلة الثانية انتقل الحزب الى الحديث عن المواصفات التي يرى ضرورة توفرها في الذي سيسكن قصر بعبدا لست سنوات مقبلة ومنها أن يكون توافقياً وأن "لا يطعن الحزب في ظهره".

أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي الانخراط التام في المعركة على أساس تسمية المرشح الذي يطمئن إليه الحزب ويثق به مستقبلاً وهو فرنجية.وبناءً على ذلك فإن الاستنتاج النهائي لدى الحزب أنه خلافاً لكل ما أشيع فإن المعركة عند الحزب ما زالت في ذروتها وتحتاج الى وقت لكي يتبيّن فيها الرابح من الخاسر.