بقلم علي الحسيني
عكس اللقاء الأخير الذي جمع السفير السعودي في لبنان وليد البُخاري برئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية أحد أبرز المُرشحين لرئاسة الجمهورية والمدعوم من "الثنائي الشيعي" وحُلفائه، إرتياحاً واسعا في صفوف الحلف هذا لا سيّما مع التسريبات التي أكدت عدم مُمانعة السعودية بوصول فرنجية إلى الرئاسة وبأنها تقف خلف أي توافق لبناني شرط إنتخاب رئيس بأسرع وقت، لكن هذا الإرتياح فسّره حلف المُعارضة بأنه أضغاث أحلام يلهث وراءها "الثنائي" وبتأكيد منه على أن هذا المقعد، تُقرره القوى المسيحية داخل البرلمان اللبناني، على غرار القرارات التي تُتخذ بشأن رئاستي الحكومة ومجلس النوّاب.
اللقاء الأبرز!
حصل العديد من التسريبات المُتفائلة والمُتشائمة معاً، غداة اللقاء الذي كان جمع السفير البخاري بفرنجية في منزل الأوّل في االيرزة، ففي حين صبّت التسريبات الأولية لمصلحة فرنجية بوصفه على أنه قطع الشوط الأبرز باتجاه قصر بعبدا في ظّل وجود "قبّة باط" سعودية سمحت بتهيئة الظروف السياسية لانتخابه والتي كان أبرزها الإتفاق السعودي ـ الإيراني الذي أفسح في المجال أمام عودة تعويم أسم فرنجية بعدما كانت تراجعت حظوظه لمصلحة قائد الجيش العماد جوزف عون، ارتفع في المُقابل الصوت المُعارض والمسيحي على وجه التحديد الذي رأى في اللقاء لا يتعدّى في شكله ومضمونه، التواصل أو الإنفتاح السياسي الذي تنتهجه السعودية على جميع الأطراف السياسية المؤثّرة في السياسة اللبنانية وبأنه نوع من أنواع مُحاولات التقريب في وجهات النظر بين اللبنانيين، للوقوف عند رأي موحّد يُمكن أن يُنهي الفراغ الحاصل في الرئاسة الأولى. ولعلّ أبرز ما استند عليه الفريق المسيحي، هو عدم وجود إشارة سعودية واضحة تدلّ على موافقتها ترشيح فرنجية، سواء بشكل مٌباشر أو عبر الرسائل المُشفّرة.
في السياق، تُشير مصادر مُقربة من "الثنائي الشيعي" إلى أن البخاري عاد وأكد لفرنجية خلال لقائهما الاخير بعدم وجود "فيتو" حول أسمه وأن السعودية ترى فيه أحد الشخصيّات القادرة على الوصول إلى كُرسي الرئاسة ولعب دور هام لمصلحة الوضع اللبناني في حال توفّرت الظروف الداخلية وأن الكُرة الأن في ملعب رئيس مجلس النوّاب نبيه بري للدعوة إلى جلسة إنتخاب في أقرب وقت، وبحسب المصادر نفسها، فإن فرنجية أكد للبخاري إستعداده لتقديم طافة الضمانات المطلوبة منه سواء بما يتعلّق بسياسته أو بالملف الحكومي.
إنزعاجات من الدور القطري!
أمّا حول الدور الذي تلعبه قطر في ملف الإستحقاق الرئاسي في لبنان، تُشير مصادر سياسية مُتابعة للدور القطري، إلى ان نقاشاً حاداً كان دار منذ أسبوعين بين مسؤولين في "حزب الله" والوفد القطري الذي كان زار لبنان حيث أعرب "الحزب" إستياءه من طريقة النقاشات التي تقوم بها قطر والإغراءات المُتعددة التي تُقدمها لكُتل نيابية ونوّاب مُنفردين مُقابل حسم تصويتهم لمصلحة قائد الجيش جوزف عون وبأن هذا الأمر يتناقض تماماً مع الإتفاقات مع "الحزب" وبأنها تُمثّل وجهة نظر الأميركيين.
وبحسب المصادر نفسها فإن "حزب الله" سأل القطريين حول حقيقة تحذيرهم للنائب جبران باسيل من منح أصوات نوابه للمرشح فرنجية، لكن الوفد القطري نفى هذا الأمر وأوضح أن باسيل وخلال إحدى زياراته لقطر هو من جزم بعدم التصويت لفرنجية سواء بضغط من "الحزب" أو من سوريا. كما كان ردّ الوفد القطري بأنهم يسعون للتوافق بين اللبنانيين حول مُرشّح لا يُشكل تحدياً لأي فريق وان الفراغ الرئاسي يُشكل أكبر تهديد لأمن واستقرار لبنان واقتصاده.
تمسّك "الثنائي" بفرنجية.. إلى متى؟
حتّى الساعة، لا شيء يدلّ على وجود نيّة لدى "الثنائي الشيعي" بالتخلّي عن مُرشحه سليمان فرنجية على الرغم من الضغوطات الخارجية والداخلية التي تُمارس لهذا الغرض، لكن في الجهة المُقابلة، فإن كلاماً سُمع في أكثر من مرّة نقلاً عن الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله بأنه لن يفرض أي أسم لا يحظى بتأييد مسيحي أقله "حلفاء" الحزب في "التيّار الوطني الحر"، ممّا يفتح الباب أمام فرضيات كثيرة قد تحصل في المُستقبل، من ضمنها تراجع "الثنائي" عن حملات الدفع بفرنجية في حال ظلّ الموقف المسيحي على حاله لجهة التشدد لمنع وصول فرنجية أو أي أسم أخر، لا يحظى بتوافق "أهل البيت".
في السياق، ترى مصادر سياسية، أن "الثنائي" لن يتراجع عن تأييده لفرنجية إلّا في حالة واحدة، هي إنسحاب فرنجية نفسه من السباق الرئاسي بعد شعوره بانعدام حظوظه في الرئاسة وعدم وجود ما يُشبه الإجماع حوله، وفي هذه الحالة فقط قد يتراجع فرنجية عن ترشّحه منعاً لإحراج حُلفائه وأبرزهم "حزب الله" والرئيس برّي. ويبدو أن قطر تلعب بهذا الإتجاه من خلال دفعها باتجاه إنعدام حظوظ فرنجية مُقابل رفع اسهم قائد الجيش جوزف عون الذي عاد أسمه ليُطرح بقوّة على منصّة التداول بأسم المُرشحين للرئاسة، وسط إستعدادات قطرية لتقديم ضمانات سياسية لـ"الثنائي" على وجه الخصوص، لا تسمح تكرار التجربة التي حصلت يوم انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان.
في الموازاة، تبرز واضحاً عودة التهديدات التي سبق أن أطلقتها مجموعة من الوسطاء الأوروبيين والعرب ولعلّ أبرزهم مجموعة سفراء "لقاء باريس الخماسي" من خلال حثّهم جميع الفرقاء اللبنانيين للإسراع بإنجاز الإستحقاق الرئاسي قبل أن تتحوّل التهديدات هذه إلى عقوبات فعليّة. وهنا ينقل مُتابعون للملف اللبناني، بأن السلطات الفرنسية هي اليوم أكثر جديّة باتجاه فرض عقوبات على شخصيّات نيابية لها دور بارز في تعطيل الإستحقاق الرئاسي خصوصاً وأن وزارة الخارجية الفرنسية، كانت أعلنت سابقاً أنها تبحث مع الحلفاء ما إذا كان الوقت قد حان لفرض عقوبات على من يعرقلون الجهود الرامية للخروج من المأزق الدستوري في لبنان ومن الوضع الإقتصادي الذي بات يحتاج إلى جهود لا يبدو أنها تتوافر في كُل الطاقم السياسي الحالي.