تفاصيل الخبر

زيارة الحريري " الخاطفة" كرست زعامته السنية وجلسة "تشريع الضرورة" امام امتحان جدول الاعمال.... والنصاب

16/02/2023
زيارة الحريري " الخاطفة" كرست زعامته السنية وجلسة "تشريع الضرورة" امام امتحان جدول الاعمال.... والنصاب

الرئيس سعد الحريري  امام ضريح والده

 

لم تحرك زيارة الرئيس سعد الحريري الخاطفة الى بيروت لاحياء ذكرى استشهاد والده الرئيس سعد الحريري بعد مرور 18 عاما على الجريمة- الزلزال، المشهد السياسي في البلاد الذي ظل جامدا في غياب أي تطور جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي. فالرجل الذي اتى لايام قليلة من غربته في دولة الامارات العربية المتحدة، حصر زيارته باحياء ذكرى والده الشهيد وببضعة  لقاءات سياسية وشعبية محدودة كرر فيها عبارات عامة ولم يدخل في صلب الازمة السياسية الراهنة مكررا في كل مرة انه لن يتحدث في السياسة، مؤكدا ان دارته في " بيت الوسط"، لن تقفل في وجه احد وستبقى مفتوحة لمحبي رفيق الحريري ونجله الى ان تتحسن الظروف ويصبح في امكان الرئيس الحريري العودة الى بيروت مستعيدا العمل السياسي الذي علقه قبيل الانتخابات النيابية في ايار (مايو) 2022. واذا كان الرئيس الحريري حصر كلامه السياسي في الجلسات المغلقة البعيدة عن الاعلام،  الا انه نجح في اختبار الصورة التي ارادها في ذكرى والده حيث قدمت الحشود الى الضريح، والتف حوله رفاق اوفياء التزموا خط الحريرية السياسية ولو من خارج السلطة، فيما غاب آخرون واكتفوا  بـــ "تغريدات" عبر " تويتر" استذكروا فيها الرئيس الشهيد ومواقفه وانجازاته. الا ان الحقيقة التي تجاهلها والتي يفترض ان تكون وصلت الى حيث يجب خارج لبنان، فهي ان لا احد قادر على منافسة الرئيس الحريري مراهنا على زعامة الطائفة السنية فالرجل لا يزال قادرا، من دون جهد استثنائي، على جمع الاف اللبنانيين الذين هتفوا بحياته وكرسوا زعامته وردودا عبارات الولاء له وان كان بعض هؤلاء بالغ في التعبير عن دعمه للرئيس الحريري الذي ما كان ليرضى بما قيل عنه وفيه وبعض " الغمز" من دور احدى الدول في ابعاد الحريري عن الساحة اللبنانية.....

ما من احد تصور ان تؤدي زيارة الحريري الى حل العقدة الرئاسية وانتخاب الرئيس، ولا ان تلجم انهيار الليرة، ولا تؤدي الى فك اضراب المصارف، او تدفع "الممانعين"  الى تبديل مواقفهم، ولا ان تحيي "قوى 14 آذار" وهي رميم، لكن الاكيد  ان محطة الحريري في بيروت، على قصرها، انتجت مواقف صدرت عن الزعيم السياسي الابرز اكد فيها انفصاله عن المنظومة الحاكمة على رغم انه كان احد اركانها وقد حملها وزر ما حصل في البلاد على مرّ السنوات، ونجح في استعادة " الصورة الشعبية" التي كان يريدها خصوصا ان قرارا صدر في "بيت الوسط" بعدم الاضاءة الاعلامية الواسعة على زيارات الوفود السياسية خلافا لما كان يحصل في السابق، وذلك في رغبة واضحة في افهام حلفاء الامس بان سعد الحريري في 2023 ليس كمثل سعد الحريري في 2016 وما تلاها حتى تاريخ استقالته في اواخر العام 2019. وكان اللافت في اللقاءات التي عقدها، ذلك اللقاء مع نواب " كتلة الاعتدال" أي النواب  السنة الذين كانوا في الامس القريب " مستقبليين" و"حريريين"، فاختاروا ان يخرجوا  عن قرار زعيمهم وترشحوا الى الانتخابات ففاز منهم من فاز، ورسب من رسب. وفي هذا اللقاء استعاد الحريري " مونته" على هؤلاء النواب والنتائج سوف تظهر الاسبوع المقبل اذا ما قرر الرئيس نبيه بري الدعوة الى عقد جلسة  "تشريع الضرورة"، ذلك ان المعلومات اشارت الى ان الرئيس الحريري " تمنى" على هؤلاء النواب الا " يبتعدوا" عن الرئيس بري ويتعاونون معه في العمل البرلماني الذي يبقي الرئيس بري" المايسترو" من دون منازع. ذلك لان رئيس المجلس سيكون يوم الاثنين المقبل امام اختبار جديد لمدى قدرته على التأثير في ادارة التشريع في البلاد عندما ستلتئم هيئة المجلس مجددا لاتخاذ القرار    المناسب  في شأن جلسات "تشريع الضرورة" بعدما تعذر على الهيئة في جلستها السابقة عن الوصول الى نتيجة عملية تؤدي الى انعقاد المجلس في جلسة تشريعية بعدما عارض " تكتل لبنان القوي" و" القوات اللبنانية" وحزب الكتائب والنواب " التغييريين" وبعض النواب المستقلين، عقد اي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية منطلقين من تفسير خاص بهم للدستور بانه لا يمكن للمجلس ان يشرع قبل انتخاب الرئيس. صحيح ان 46 نائبا وقعوا عريضة نيابية اعلنوا فيها مقاطعتهم لجلسات " تشريع الضرورة".

موقف باسيل بدّل الصورة

الا ان ما جعل الموقف يتبدل كان عودة النائب جبران باسيل عن وعد كان قطعته بحضور الجلسة التشريعية شرط حصر بنودها بـــ " الضروري" فقط، رافضا بذلك توجه الرئيس بري الى وضع اكثر من 80 بندأ على جدول الاعمال، الا ان باسيل وقبل ساعات من انعقاد هيئة مكتب المجلس، " التحق" بالذين اعلنوا عن مقاطعتهم الجلسة، وقيل ان هذا التبدل مرده الى عاملين، الاول العظة التي القاها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يوم الاحد الماضي معلنا معارضته انعقاد هذه الجلسة لان الاولوية هي لانتخاب الرئيس، والثاني الحملة التي شنها رئيس " القوات" سمير جعجع ونوابه على موقف رئيس " التيار"، بالتعاون مع كتلة نواب الكتائب وعدد من المستقلين و" التغييريين واظهرت مداولات هيئة مكتب المجلس عدم وجود توافق عكسته مداخلات النائب الان عون والنائب اغوب بقرادونيان مع العلم ان مشروع قانون " الكابيتال كونترول" الذي طالب باسيل بادراجه على الجلسة، كان موجودا في مقدمة بنود جدول اعمال جلسة " تشريع الضرورة". وهنا وجد الرئيس بري، كالعادة، مخرجا لعدم التوافق فقرر تعليق الاجتماع الى الاثنين المقبل مفسحا في المجال امام المزيد من التداول والتشاور بهدف ضمان انجاح الجلسة التشريعية خصوصا ان  هناك العديد من مشاريع واقتراحات القوانين المهمة والضرورية ومنها الاجازة للحكومة الصرف على اساس القاعدة الاثنين عشرية، فضلا عن ان الدخول في لعبة التعطيل سوف يؤدي الى تداعيات متعددة الابعاد. وبدا واضحا من خلال المواقف التي اعلنت قبل اجتماع مكتب المجلس وبعده ان الخلاف على انعقاد الجلسة التشريعية ليس خلافا دستوريا بقدر ما  هو خلاف سياسي يتقاطع مع اجواء المعركة حول رئاسة الجمهورية، لان المواد الدستورية واضحة ولا تمنع او تحول دون ممارسة المجلس دوره التشريعي خارج التئامه لانتخاب رئيس الجمهورية، اي خارج جلسة الانتخاب، لذلك فان مقاطعة الجلسة التشريعية هي مقاطعة سياسية بامتياز.

 

حسابات بري والتمديد لابراهيم

وفي هذا السياق، تقول مصادر مجلسية انه في حساب  الرئيس بري لا تكمن المعضلة في جدول  اعمال فضفاض او مختصر، بل في المسألة الجوهرية التي يدور من حولها تناقض المواقف والتفسيرات والاجتهادات، وهي دستورية الالتئام ام لا؟ الى ما تنص عليه المادة 75 القائلة بتحوّل البرلمان هيئة ناخبة في الجلسة الملتئمة لانتخاب رئيس الجمهورية، لرئيس المجلس وجهة نظر قالت بها اجتهادات القضاء الاداري، وهي ان لا فراغ في السلطات الدستورية العليا يتسبب في تعطيلها وشلّ دورها  ما ينطبق على مجلس الوزراء وكالة في نص دستوري توليه في غياب رئيس الجمهورية صلاحياته، يصحّ على مجلس النواب في نص مكمّل ان يكون في انعقاد دائم في خلال استقالة حكومة وتصريفها الاعمال، كذلك في استمراره تأديته صلاحياته الاشتراعية.

 وكان البعض ربط انعقاد جلسة البرلمان او عدم انعقادها بأحد البنود الحتمية في جدول اعمالها، وهو تمديد ولاية المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد في 3 آذار(مارس) المقبل. ذلك ما فسّر التجاذب من حول هذا البند بأن راح "يُمغَّط" بأسباب مختلفة ومختلقة، تارة بإلحاق مَن لا يُستحق في الوقت الحاضر الحاقه به وتمديد ولايته كالمدير العام لقوى الامن الداخلي المحال الى التقاعد بعد سنة وثلاثة اشهر، وطوراً بضم مديرين عامين مدنيين لا يمتون الى الاسلاك العسكرية والامنية بصلة اليه وبينهم مَن اضحى في تقاعده. لم يعد التهويل بالتغيب عن الجلسة يقتصر على فريق، ما ان أُدمج التسعير المذهبي به: نواب سنّة لا يحضرون ما لم يُمدد للمدير العام لقوى الامن الداخلي، وآخرون مسيحيون لا يحضرون ما لم يُمدد للمديرين العامين المدنيين.اما ما يتعدى الدوافع التي املت على رئيس البرلمان تأخير بت دعوته الى انعقاد الجلسة دونما ان يفوت الاوان قبل 3 آذار(مارس) - اذا كان لا بد من الاخذ في الاعتبار ان تمديد ولاية اللواء ابراهيم احد المبررات الجوهرية لانعقادها والاصرار عليها في معزل عن احتمال تكبد "أثقال" القبول بمقايضته بمطالب اخرى - فيُعزى الى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بالذات، ليس خلافه المتواصل مع حزب الله وتفكك تحالفهما سوى احد اصول تهديده بتغيب كتلته عن الجلسة المفترضة، بَانَ نائب البترون انه العقبة والحل في آن: حضوره وكتلته بنوابها الـ21 ينقذ الانعقاد ويضمن نصاب الاجتماع والتصويت في آن. العكس كذلك. لقد شاء باسيل بتصعيده الاخير توجيه رسالة صريحة الى حزب الله، مفادها انه لا يزال يملك المقدرة على رد التحية بمثلها، لأن وزيري الحزب اتاحا ولا يزالان عددياً وسياسياً لحكومة الشغور الالتئام واتخاذ القرارات وإن في غياب وزراء كتلته، يملك التيار الوطني الحر سلاحاً مماثلاً بعرقلة انعقاد مجلس النواب وانضمام كتلته تالياً الى النواب الـ46 المقاطعين اي جلسة للمجلس تسبق انتخاب رئيس للجمهورية. لم يوصد الابواب نهائيا دون حضوره ونوابه جلسة للمجلس، بيد انه اقرن جدول اعمالها بطابع العجلة. وعليه، فان ثمة من يرى ان الرئيس بري يمكنه ان ينزع فتيل الجلسة من خلال خفض عدد بنود جدول الاعمال وحصرها  بعشرة او اقل من البنود " الضرورية" وهو امر قد يعتمده الرئيس بري لانقاذ الجلسة وكذلك التمديد للواء ابراهيم الذي يلقى التمديد له شبه اجماع بين الكتل المعارضة والموالية في آن. وعليه فان الاثنين المنتظر قريب!.